الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الخامس في فِعْلِهِ في الأمْرَاضِ الَّتِي لا اختِصَاصَ لهَا بعُضْوٍ
لما كان هذا الدواء يابساً مجفِّفاً منفِّساً، وجب أن يكون نافعاً فى القروح والجراحات - الطرية منها وغير الطرية - لكنه لأجل حِدَّته وقوة حرارته وإلهابه صار يضرُّ الجراحات لأنه يَلْحَفُهَا (1) .
وأما القروح، فما (2) كان منها كثيرَ الرطوبة جداً، فإنه ينفع منها، لأجل قوة تجفيفه - لأجل شدة يبوسته مع إفراط حرارته - مع أن هذه القروح، لأجل كثرة وَضَرِها (3) ورطوبتها، لا تتأثرَّ بلذعه (4) وحِدَّتِه كثيراً. فلذلك، كان هذا الدواء، مع إضراره بالجراحات وبالقروح النقية، وهو شديد النفع من (5) القروح العفنة والرديئة والعتيقة والوسخة، وكذلك القروح المسودَّة، وكذلك القروح
(1) :. يلحقها. والمقصود بقوله: يلحفها.. هو أنه يزيد سخونتها، فاللفح هو الحر والوهج. وفي اللغة يقال: لفحته النار تلفحه لفحاً، أى أصابت وجهه (لسان العرب 380/3) وقد أشار المؤلِّف قبلها إلى حرارة هذا الدواء وإلهابه.
(2)
ن: لما.
(3)
ن: مضرها. والوضر في اللغة: الدرن والدسم. وهو أيضاً: الوسخ. يُقال وَضَرَ الإناءُ إذا أتّسَخَ (لسان العرب 941/3) .
(4)
:. بلدعه.
(5)
ن: عن.
التى مضى عليها زمانٌ طويلٌ جداً. لأن جميع هذه القروح، لابد وأن تكون كثيرة الوسخ والرطوبة، فيكون فيها ما يكسر حِدَّة هذا الدواء (1) ، فلا تنفعل عن لذعه، ويكون هو شديد التنقية لها، خاصةً إذا كان مخلوطاً بالعسل، لأن العسل يعينه على ذلك، بجلائه (2) ، وبأن يسيل فيستصحب معه هذا الدواء ويوصله إلى جميع أجزاء هذه القروح.
وكذلك، هو نافعٌ جداً فى تنقية سواد الجلد وأوساخه التى تكثر لأجل كثرة فضول البدن، وذلك لأجل حِدَّة - شدة - جلاء هذا الدواء. وكذلك، يبلغ من جلائه، أن يقشِّر خشكريشة الحمرة (3) ونحوها (4) .
والمسحوق من هذا الدواء، مع الخلِّ إذا طُلى به دَاءُ الثعلب (5) أبرأه وذلك، لم فيه من الجلاء والتجفيف. والخلُّ يعينه على ذلك بتقطيعه وتلطيفه.
ونقول: إن هذا الدواء حارٌّ لطيفٌ، ولذلك صار يوضع فى الأدهان الحارَّة
(1) هـ.
(2)
:. بجلاه.
(3)
الحمرة: ورمٌ في ظاهر الجلد، يجلب الحمى، ويحرق البشرة فيصير ما يسمَّى حمرة (القانون في الطب 116/3) وقوله هنا خشكريشة الحمرة يقصد به الطبقة اليابسة التي تعلو هذا الورم. وكثيراً ما يستخدم العلاءُ لفظة خشكريشة وهي كلمة عامية، لا توجد في (لسان العرب!) وإنما اشتُقَّت - عامياً - من كلمة خشكار التي شرحها القوصوني بقوله: هو الدقيق الذي لم يُنزع لُبُّه ولا نُخَالته ثم يضيف: ولم أر مَنْ ذكر هذا اللفظ من أئمة اللغة، وإنما ذكره الأطباء (قاموس الأطباء وناموس الألباء 163/1) . وعلى ذلك، تكون كلمة خشكريشة دالة تَيُّبسِ البشرة، فيصير لها ملمس الخبز الخشكار، وذلك عند جفاف القروح أو تجلُّط الدم، ونحو ذلك.
(4)
العبارة عند الرازي (الحاوي 21/20) بلفظ: يقشِّر خشكريشة الجمرة.
(5)
داءُ الثلق عِلَّةٌ يتناثر منها الشَّعْرُ. وإنما سُمِّيت بذلك، لعروضها للثعلب (قاموس الأطباء وناموس الألباء 21/1) .
كدهن عقيد العنب وكذلك يوضع فى المعاجين الحارة ونحوها. وإذا سُحقت أُوقيةٌ من ثمرة هذا الدواء، مع أُوقيةٍ من السَّمْن، ولُعق ذلك، نفع جداً من الربو لأجل تلطيفه المادة السَّادَّة لمجارى النَّفَس، مع تفتيحه المهيئ لهذه المادة للخروج بالنَّفَثِ.