الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثاني في طَبِيعَتِه وأَفْعَاِلهِ علَى الإطْلَاقِ
أنَّا نتكلم أولاً فى ثمرة هذا النبات، ثم نتكلم فى أجزائها. وثمرة هذا النبات أجزاؤها (1) مختلفةُ الطبائع، وذلك لأجل اختلاف تلك الأجزاء فى جواهرها كما بيَّنَّاه أولاً. وأما قشر هذه الثمرة، فإنه حارُّ يابسٌ، وذلك لأجل ما فيه من النارية التى ذكرناها. ومع ذلك، فإنه بسيط الجرم، لأجل ما فيه من الأرضية ولهذه الأرضية، هو زائدُ اليبوسة.
وأما لحم هذه الثمرة، فإنه فى نفسه شديدُ البرد، لأجل ما فيه من المائية الجامدة، ولما فيه من الفجاجة. ومع ذلك، فهو - أيضاً - فى نفسه، رطبٌ لكن رطوبته قليلة لأجل ما فيه من يبوسة الأرضية.
وأما تبريده لبدن الإنسان، فقليلٌ؛ لأنه - لغلظه - لايسرع نفوذه إلى حيث يبرِّد (2) ، بل يتأخَّر ذلك إلى أن ينهضم وتضعف قوته.
وأما الحمض الذى فى داخل هذه الثمرة، فإنه باردٌ يابسٌ. وذلك لأن الحامض من شأنه أن يكون كذلك، لما بيَّنَّاه فى كلامنا الكُلِّى (3) . وبردُه فى نفسه ليس بشديد، وذلك لأن حدوثه إنما هو بالغليان اللازم للحرارة؛ وذلك مما لايكون معه البردُ قوياً. فلذلك، هو فى نفسه أقل برداً من اللحم بكثير. وأما
(1) :. اجزاها.
(2)
:. برد.
(3)
يقصد؛ الكلام الكلى في الأدوية، وهو موضوع الجزء الأول من الفن الثالث من الشامل.
تبريده لبدن الإنسان، فهو أكثر وأشد من تبريد اللحم، وذلك لأجل لطافة الحمض، وقوة غَوْصه، فيسهل نفوذه إلى حيث يبرِّد. وهذا كالثمار التى تكون أولاً عفصة، ثم تصير حامضة؛ فإنها فى حال عفوصتها، يكون بردها فى نفسها أشد برداً - لامحالة - من بردها فى حال الحموضة، وأما تبريدها لبدن الإنسان فهو - لامحالة - أقل من تبريدها فى (1) الحموضة.
وكذلك نقولُ فى يبوسة هذا الحمض، فإنها وإن لم تكن فى نفسها شديدة جداً (2) ، فإنَّ فِعْلها فى بدن الإنسان قوىٌّ، وذلك لأجل لطافة الحمض وقوَّةِ نفوذه.
وأما ورقُ هذا النبات، فإنه حارٌّ يابسٌ، وذلك لأجل ما فيه من النارية. ولابد وأن يكون إلى غِلَظٍ، لأجل ما فيه من الأرضية.
وأما زهرُ هذا النبات، فلابد أيضاً أن يكون حارّاً، وإلا لم يكن حادَّ الرائحة. ولابد وأن يكون لطيفُ الجوهر، لأن مادته - كما بيَّنَّاه أولاً - هى الأجزاء المتصعِّدة عن مادة الثمرة. ولابد وأن يكون إلى يبوسة، لأن هذا المتصعِّد أكثره دُخَّانىٌّ؛ لأن تصعُّده من المادة التى يتكوَّن منها هذا النبات، وتلك أرضيةٌ لامحالة، وإن كان لابد فيها من مائيةٍ كثيرة. فلذلك، هذا الزهر لابد وأن يكون محلِّلاً، لأجل حرارته، ولكنه لغلظه ليس بمفتِّح.
وأما حَبُّ ثمرة هذا النبات، فإنه محلِّلٌ بدهنيته، مقوٍّ للأعضاء لأجل عِطريَّته.
أما حِمْضُ ثمرة هذا النبات، فإنه مبرِّدٌ، قامعٌ، ملطِّفٌ، شديدُ الجلاء والغوص ولأجل ذلك هو ملطفٌ. وأما تلطيفه مع (3) تقطيعه فلأنه (4) - على ما
(1) :. من.
(2)
مطموسة في ن.
(3)
لم ترد الكلمة في المخطوطتي، وفي موضعها بياضٌ في كلتيهما.
(4)
:. لها (وغير ذات معنى) .
ستعرفه بعد - قابضٌ شديد التقطيع. وأما قمعه، فلأجل برده. وأما شِدَّة جلائه (1) ، فإنه مع حموضته، لطيفٌ نفَّاذٌ، فيسهل نفوذه بين العضو وما التصق به بسرعة (2) ، ولذلك (3) هو يقلع الآثار والدبوغ التى تكون فى الثياب. وأما قبضه لأجل يبوسته. وأما تقطيعه، فلأجل شدة نفوذه بين أجزاء المادة، فيردُّ (4) بعضها من بعض، فتصغر لذلك أجزاؤها (5) .
وأما قشر ثمرة هذا النبات، فإنه هاضمٌ؛ لأنه مع حرارته عَطِرٌ، مقوٍّ للمعدة، وفيه تحليل وترياقية (6) . وكذلك فى جميع أجزاء هذه الشجرة، وذلك لأجل ما فيها من العطرية الدالة، المناسبة لطبيعة بدن الإنسان.
(1) :. جلاه.
(2)
غير واضحة في المخطوطتين.
(3)
:. عنه ولك!
(4)
غير واضحة في المخطوطتين.
(5)
:. أجزاءها.
(6)
الترياق: هو دواء السموم. والترياقية هنا تعنى: تطهير آلات الغذاء من المواد السَّامَّة والمضِرَّة.