الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يُقْبَلُ كِتَابُ القَاضِى إلَى القَاضِى فِى المَالِ، وَمَا يُقْصَدُ بِهِ
ــ
كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ} الآيَة (1). ورَوى الضَّحّاكُ بنُ سُفْيانَ، قال: كَتَب إلَىَّ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أن أُوَرِّثَ امْرَأةَ أَشْيَمَ الضِّبَابِىِّ مِن دِيةِ زَوْجِها (2). وأجْمَعَتِ الأُمَّةُ على كتابِ القاضى إلى القاضى. ولأنَّ الحاجَةَ إلى قَبُولِه داعِيَةٌ، فإنَّ مَن له حقٌّ في بلَدٍ غيرِ بلدِه، لا يُمْكِنُه إثْباتُه والمُطالَبَةُ به إلَّا بكتابِ القاضى، فوَجَبَ قَبُولُه.
4928 - مسألة: (يُقْبَلُ كِتابُ القاضى إلى القاضى في المالِ، وما
(1) سقط من: م. والآية من سورة آل عمران 64.
أما الحديث فأخرجه البخارى، في: باب كيف كان بدء الوحى، وفى: باب حدثنا إبراهيم بن حمزة، من كتاب الإيمان، وفى: باب من أمر بإنجاز الوعد. . . .، من كتاب الشهادات، وفى: باب قول الله تعالى: {هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ} . . . .، وباب دعاء النبي صلى الله عليه وسلم إلى الإسلام. . . .، من كتاب الجهاد والسير، وفى: باب فضل الوفاء بالعهد، من كتاب الجزية، وفى: باب: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا. . . .} في تفسير سورة آل عمران، من كتاب التفسير، وفى: باب صلة المرأة أمها ولها زوج، من كتاب الأدب، وفى: باب كيف يكتب الكتاب الى أهل الكتاب، من كتاب الاستئذان، وفى: باب إذا قال: والله لا أتكلم اليوم. . . .، من كتاب الأيمان والنذور (معلقا)، وفى: باب ترجمة الحكام، من كتاب الأحكام. صحيح البخارى 1/ 5 - 7، 20، 3/ 236، 4/ 23، 54 - 57، 123، 6/ 42 - 45، 8/ 5، 72، 173، 9/ 94. ومسلم، في: باب كتاب النبى صلى الله عليه وسلم إلى هرقل يدعوه إلى الإسلام، من كتاب الجهاد. صحيح مسلم 3/ 1393 - 1397. وأبو داود، في: باب كيف يكتب إلى الذمى، من كتاب الأدب. سنن أبى داود 2/ 628. والترمذى، في: باب ما جاء كيف يكتب إلى أهل الشرك، من أبواب الاستئذان. عارضة الأحوذى 6/ 183، 184. والإمام أحمد، في: المسند 1/ 263.
(2)
أخرجه أبو داود، في: باب في المرأة ترث من دية زوجها، من كتاب الفرائض. سنن أبى داود 2/ 117.
والترمذى، في: باب ما جاء في ميراث المرأة من دية زوجها، من أبواب الفرائض. عارضة الأحوذى 8/ 260.
وابن ماجه، في: باب الميراث من الدية، من كتاب الديات. سنن ابن ماجه 2/ 883. والإمام مالك، في: باب ما جاء في ميراث العقل والتغليظ فيه، من كتاب العقول. الموطأ 2/ 866. والإمام أحمد، في: المسند 3/ 452.
المَالُ؛ كَالْقَرْضِ، وَالْغَصْبِ، وَالْبَيْعِ، وَالإِجَارَةِ، وَالرَّهْنِ، وَالصُّلْحِ، وَالوَصِيَّةِ لَهُ، وَالجِنَايَةِ المُوجِبَةِ لِلْمَالِ، وَلَا يُقْبَلُ فِى حَدٍّ للهِ تَعَالَى. وَهَلْ يُقْبَلُ فِيمَا عَدَا ذَلِكَ؛ مِثْلَ القِصَاصِ، وَالنِّكَاحِ، وَالطَّلَاقِ، وَالخُلْعِ، وَالعِتْقِ، وَالنَّسَبِ، وَالكِتَابَةِ، وَالتَّوْكِيلِ، وَالوَصِيَّةِ إلَيْهِ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ. فَأَمّا حَدُّ القَذْفِ، فَان قُلْنَا: هُوَ لِلهِ تَعَالَى. فَلَا يُقْبَلُ فِيهِ. وَإنْ قُلْنَا: لِلْآدَمِىِّ. فَهُوَ كَالْقِصَاصَ.
ــ
يُقْصَدُ به المالُ؛ كالقَرْضِ، والغَصْبِ، والإِجارةِ، والبَيْعِ، والرَّهْنِ، والصُّلْحِ، والوصيةِ له، والجِنايَةِ المُوجِبَةِ للمالِ، ولا يُقْبَلُ فِى حَدٍّ للهِ تعالى. وهل يُقْبَلُ فيما عدا ذاك؛ مِثْل القِصاصِ، والنِّكاحِ، والطَّلاقِ، والخُلْعِ، والعِتْقِ، والنَّسَبِ، والكِتابةِ،: والتَّوْكِيلِ، والوصيةِ إليه؟ على رِوايَتَيْن. فأمَّا حَدُّ القَذْفِ، فإن قُلْنا: هُو) حَقٌّ (1)(للهِ تعالى. فلا يُقْبَلُ فيه. وإن قُلْنْا): هو حَقٌّ (لآدَمِىِّ. فهو كالقِصاصِ) وجملةُ ذلك، أنَّ كتابَ القاضى إلى القاضى يُقْبَلُ في المالِ،
(1) في الأصل: «حد» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
بغيرِ خلافٍ عَلِمْناه، ولا يُقْبَلُ في الحُدُودِ لحَقِّ (1) اللهِ تعالى. وهل يُقْبَلُ فيما عدا هذا؟ على وَجْهَيْن. وبهذا قال أصْحابُ الرَّأْىِ. وقال أصْحَابُ (2) الشافعىِّ: يُقْبَلُ في (3) كلِّ حَق لآدَمِىِّ، مِن الجِراحِ وغيرِها، وهل يُقْبَلُ في الحُدودِ التى للهِ تعالى؟ على قَوْلَيْن؛ أحَدُهما، يُقْبَلُ. وهو قولُ مالكٍ، وأبى ثَوْرٍ. وحَدُّ القَذْفِ يَنْبَنِى على الخِلافِ فيه، على ما ذَكَرْنا. ولَنا، على أنَّها لا تُقْبَلُ في الحُدُودِ، أنَّها (4) مَبْنِيَّةٌ على السَّتْرِ، والدَّرْءِ بالشُّبُهاتِ، والإِسْقاطِ بالرُّجوعِ عن الإِقْرارِ، وكتابُ القاضى [شهادةٌ على شهادةٍ](5)، وفيها (6) شُبْهَةٌ، فإنَّه يَتَطَرَّقُ إليها (7) احْتِمالُ الغَلَطِ و (8) السَّهْوِ في شُهودِ الفَرْعِ (9)، مع احْتمالِ ذلك في شُهودِ الأصْلِ، وهذا احْتمالٌ زائدٌ، لا يُوجَدُ في شَهادةِ الأصْلِ، وهو مُعْتَبَرٌ،
(1) في م: «كحق» .
(2)
سقط من: م.
(3)
سقط من: ق، م.
(4)
في الأصل: «لأنها» .
(5)
في ق، م:«إلى القاضى شهادة» .
(6)
في ق، م:«فيه» .
(7)
في م: «إليه» .
(8)
في م: «أو» .
(9)
في الأصل: «الفروع» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
بدليلِ أنَّها لا تُقْبَلُ مع القُدْرَةِ على شُهودِ الأصْلِ، فوَجَبَ أن لا تُقْبَلَ فيما يَنْدَرِئُ بالشُّبُهاتِ، ولأنَّ كتابَ القاضى إلى القاضى إنَّما يُقْبَلُ للحاجَةِ، ولا حاجةَ إلى ذلك في الحَدِّ؛ لأنَّ سَتْرَ صاحِبِه أوْلَى مِن الشَّهادةِ عليه، ولأنَّه لا نَصَّ في ذلك، ولا يَصحُّ قِياسُه على الأمْوالِ؛ لِما بينَهما مِن الفَرْقِ [في الحاجةِ والتَّساهُلِ فيها](1). وظاهِرُ كلامِ أحمدَ، رحمه الله، أنَّ كتابَ القاضى إلى القاضى لا يُقْبَلُ في القِصاصِ أيضًا، ولا حَدِّ القَذْفِ؛ لأنَّه قال: إنَّما يجوزُ في الحُقوقِ، أمَّا الدِّماءُ والحَدُّ فلا. وهذا قولُ أبى
حنيفةَ (2). وظاهِرُ كلام الخِرَقِىِّ، أنَّه يُقْبَلُ. وهو قولُ مالكٍ، والشافعىِّ، وأبى ثَوْرٍ. ولَأنَّه حَقُّ آدمىِّ، لا يَسْقُطُ بالرُّجوعِ عن الإقْرارِ به، أشْبَهَ الأمْوالَ. وذَكَر أصْحابُنا هذا عن أحمدَ رِوايَة؛ [لأنَّ سُفْيانَ] (3) قال: شَهادةُ رجل (4) في الطَّلاقِ جائِزَةٌ. قال أحمدُ: ما أحْسَنَ ما قال.
(1) في م: «والتساهل» .
(2)
بعده في الأصل: «وظاهر قول أبى حنيفة» .
(3)
في م: «لأنه» .
(4)
بعده في المغنى 14/ 200: «مكان رجل» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فجعَلَه أصْحابُنا رِوايَةً في القِصاصِ. قال شيْخُنا (1): وليس هذا برِوايَةٍ؛ فإنَّ الطَّلاقَ لا يُشْبِهُ القِصاصَ، والمذهبُ أنَّها لا تُقْبَلُ فيه؛ لأنَّه (2) عُقُوبَةٌ بَدَنِيَّةٌ، تُدْرَأُ بالشُّبُهاتِ، وتُبْنَى على الإِسْقاطِ، فأشْبَهَتِ (3) الحُدودَ (4).
فأمَّا ما عَدا الحُدودَ [والقِصاصَ](5) والأمْوالَ؛ كالنِّكاحِ والطَّلاقِ، وسائرِ ما لا يَثْبُتُ إلَّا بشاهِدَيْن، فنَصَّ أحمدُ على قَبُولِها في الطَّلاقِ والحُقُوقِ، فدَلَّ على [قَبُولِها في جَميعِ هذه الحُقوقِ] (6). وهو قولُ الخِرَقِىِّ. وقال ابنُ حامدٍ: لا تُقْبَلُ في النِّكاحِ. ونحوُه قولُ أبى بكرٍ.
فعلَى قولِهما، لا تُقْبَلُ الشَّهادَةُ على الشهادةِ إلَّا في المالِ، وما يُقْصَدُ به. وهو قولُ أبى عُبَيْدٍ؛ لأنَّه حَقٌّ لا يَثْبُتُ إلَّا بشاهِدَيْن، فأشْبَهَ حَدَّ القَذْفِ. ووَجْهُ الأوَّلِ، أنَّه حَقُّ لا يُدْرَأُ بالشُّبُهاتِ، فيَثْبُتُ بالشَّهادةِ على الشَّهادةِ، كالمالِ، وبهذا فارقَ الحُدُودَ. وكتابُ القاضى إلى القاضى
(1) في: المغنى 14/ 200.
(2)
في الأصل: «لا» .
(3)
في الأصل، ق:«فأشبه» .
(4)
في م: «الحد» .
(5)
سقط من: ق، م.
(6)
في النسخ: «جميعها في قبول هذه الحقوق» . وانظر المغنى الموضع السابق.