الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإنْ تَغَيَّرَتْ حَالُ القَاضِى الكَاتِبِ بِعَزْلٍ، أوْ مَوْتٍ، لَمْ يَقْدَحْ في كِتَابِهِ، وَإنْ تَغَيَّرَتْ بِفِسْقٍ، لَمْ يَقْدَحْ فِيمَا حَكَمَ بِهِ، وَبَطَلَ فِيمَا ثَبَتَ عِنْدَهُ لِيَحْكُمَ بهِ، وَإنْ تَغَيَّرَتْ حَالُ المَكْتُوبِ إلَيْهِ، فَلِمَنْ قَامَ مَقَامَهُ قَبُولُ اَلكِتَابِ، وَالعَمَلُ بِهِ.
ــ
له أجْرٌ مِن يومِ أخَذَه، إلى أن يَصِلَ إلى صاحِبِه؛ لأنَّه أخَذَه مِن صاحِبِه قَهْرًا بغيرِ حَقٍّ.
4934 - مسألة: (وإن تَغَيَّرَتْ حالُ القاضى الكاتِبِ بعَزْلٍ أو مَوْتٍ، لم يَقْدَحْ في كتابه، وإن تَغَيَّرَتْ بفِسْقٍ، لم يَقدَحْ فيما حَكَم به، وبَطَلَ فيما ثَبَت عندَه ليَحْكُمَ به، وإن تَغَيَّرَتْ حالُ المكتوبِ إليه، فلمَن قامَ مَقامَه قَبولُ الكتاب والعملُ به)
وجملةُ ذلك، أنَّه لا يَخْلُو مِن أن تَتَغَيَّرَ حالُ القاضى الكاتبِ أَو المكتوب إليه، أو حالُهما معًا، فإن تَغيَّرت حالُ الكاتبِ بموتٍ أو عَزْلٍ، بعدَ أن كَتَب الكِتابَ، وأشْهَدَ على نفسِه، لم يَقْدَحْ في كِتابِه، وكان على مَن وَصَلَه الكتابُ قبولُه، والعملُ به، سَواءٌ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
تَغَيَّرَتْ حالُه قبلَ خُروجِ الكِتابِ من يدِه (1) أو بعدَه. وبهذا قال الشافعىُّ. وقال أبو حنيفةَ: لا يُعْمَلُ به في الحالَيْن. وقال أبو يُوسُفَ: إن مات قبلَ خُروجِه مِن يَدِه، لم يُعْمَلْ به، وإن مات بعدَ خُروجِه مِن يَدِه، عُمِل به؛ لأنَّ كِتابَ الحاكمِ بمنزلةِ الشَّهادةِ على الشَّهادةِ، لأنَّه يَنْقُلُ شَهادةَ شاهِدَىِ الأصْلِ، فإذا مات قبلَ وُصولِ الكِتابِ، صار بمنزلةِ موتِ شاهِدَىِ الفَرْعِ قبلَ أداءِ شَهادَتِهما. ولَنا، أنَّ المُعَوَّلَ في الكِتابِ على الشَّاهِدَين اللَّذَيْن يَشْهَدان على الحاكمِ، وهما حَيّانِ، فيجبُ أن يُقْبَلَ (2) كِتابُه، كما لو لم يَمُتْ، ولأنَّ كِتابَه إن كان فيما حَكَمَ به، فحُكْمُه لا يَبْطُلُ بموتِه وعَزْلِه، وإن كان فيما ثَبَت عندَه بشَهادةٍ، فهو أصْل، واللَّذان شَهِدا عليه فَرْعٌ، ولا تَبْطُلُ شَهادَةُ الفَرْعِ بموتِ شاهِدَىِ الأصْلِ، وما ذَكَرُوه حُجَّةٌ عليهم؛ لأنَّ الحاكمَ قد أشْهَدَ على نفسِه، وإنَّما يَشْهَدُ عندَ المكتوبِ إليه شاهِدَان عليه، وهما حَيّان، وهما شاهِدا الفَرْعِ، وليس (3) موتُه مانِعًا مِن شَهادَتِهما، فلا يَمْنَعُ قَبولَها، كموتِ شاهِدَىِ الأصْلِ. وإن تَغَيَّرَتْ بفِسْقٍ قبلَ الحُكْمِ بكِتابِه، لم يُحْكَمْ به، لأنَّ حُكْمَه [به بعدَ فسقِه](4) لا يَصِحُّ، فكذلك لا يجوزُ الحكمُ بكتابِه، ولأنَّ بقاءَ
(1) في م: «بلده» .
(2)
في م: «ينقل» .
(3)
في الأصل: «لأن» .
(4)
سقط من: م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
عدالَةِ شاهِدَىِ الأصْلِ شَرْطٌ في الحُكْمِ بشاهِدَىِ الفَرْعِ، فكذلك بَقاءُ عَدالةِ الحاكمِ؛ لأنَّه بمَنزلةِ شاهِدَىِ الأصْلِ. وإن فسَق بعدَ الحُكْمِ بكتابه لم يَتَغَيَّرْ، كما لو حَكَم بشئ ثمِ بان فِسْقُه، فإنَّه لا يُنْقضُ ما مَضَى مِن أَحْكامِه، كذا ههُنا. وأمَّا إن تغَيَّرَتْ حالُ المكتوبِ إليه بأىِّ حالٍ كان؛ مِن مَوْتٍ، أو عَزْلٍ، أو فِسْقٍ، فلمَن وَصَل إليه الكتابُ ممّن قام مَقامَه، قَبولُ الكتابِ، والعملُ به. وبه قال الحسنُ. وحُكِىَ عنه أنَّ قاضِىَ الكوفةِ كَتَب إلى إيَاسِ بنِ مُعاويةَ قاضى البصرةِ كتابًا، فوصَلَ وقد عُزِل، ووَلِىَ الحسنُ، فعَمِلَ به (1). وبهذا قال الشافعىُّ.
وقال أبو حنيفةَ: لا يَعْمَلُ به؛ لأنَّ كتابَ القاضى بمنزلةِ الشَّهادةِ على الشَّهادةِ عندَ المكتوبِ إليه، وإذا شَهِد شاهِدان عندَ قاضٍ، لم يَحْكُمْ بشَهادَتِهما غيرُه. ولَنا، أنَّ المُعَوَّلَ على شَهادةِ الشَّاهِدَيْن بحُكْمِ الأوَّلِ (2)، أو ثُبُوتِ الشَّهادةِ عندَه، وقد شَهِدا عندَ الثانى، فوَجَبَ أن يقْبَلَ كالأوَّلِ. وقولُهم: إنَّها شَهادَة عندَ الذى مات. ليس بصحيحٍ؛ فإنَّ الحاكمَ الكاتِبَ ليس بفَرْعٍ، [ولو كان فرعًا، لم يُقْبَلْ وَحْدَه، وإنَّما الفَرْعُ الشَّاهِدان اللَّذان شَهِدا عليه](3)، وقد أدَّيا الشَّهادةَ عندَ المجددِ (4)، ولو ضاع الكِتابُ، فشَهِدَا بذلك عندَ الحاكمِ المكتوبِ إليه،
(1) الخبر في: أخبار القضاة، لوكيع 2/ 8.
(2)
في م: «الأصل» .
(3)
سقط من: م.
(4)
في م: «المحدود» .
فَصْلٌ: وَإذَا حَكَمَ عَلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ: اكْتُبْ إلَى الحَاكِمِ
ــ
قَبِلَ، فدَلَّ (1) ذلك على أنَّ الاعْتِبارَ بشَهادَتِهما دُونَ الكتابِ. وقياسُ ما ذَكَرْنا، أنَّ الشاهِدَيْن إذا حَمَلا الكتابَ إلى غيرِ المكتوبِ إليه في حالِ حَياتِه، وشَهِدا عندَه، عَمِل به؛ لِما بَيَّنَّاه. فإن كان المكْتوبُ إليه خليفةً للكاتبِ، فمات الكاتِبُ أو عُزِل، انْعَزَلَ المكتوبُ إليه؛ لأنَّه نائبٌ عنه، فيُعْزَلُ بعَزْلِه ومَوْتِه، كَوُكَلائِه. وقال بعضُ أصْحابِ الشافعىِّ: لا يَنْعَزِلُ خليفتُه، كما لا يَنْعَزِلُ القاضي الأصْلى بموتِ الإِمامَ ولا عَزْلِه. ولَنا، ما ذَكَرْناه، ويُفارِقُ الإِمامَ؛ لأنَّ الإِمامَ يَعْقِدُ القَضاءَ والإِمارةَ للمسلمين، فلم يَبْطُلْ ما عَقَدَه لغيرِه، كوِلَايةِ النِّكاحِ، [فإنَّه إذا](2) مات الولِىُّ، لم يَبْطُل النِّكاحُ، بخِلافِ نائبِ الحكمِ، فإنَّه تَنْعَقِدُ وِلايتُه لنفسِه نائِبًا عنه، فيَمْلِكُ عَزْلَه، ولأنَّ القاضىَ لو انْعَزَلَ بموتِ الإِمامِ، لدَخَلَ الضَّرَرُ على المسلمين؛ لأنَّه يُفْضِى إلى عَزْل (3) القُضاةِ في جميعِ بلادِ الإِسْلامِ، وتَتَعَطَّلُ الأحْكامُ. فإذا ثَبَت أنَّه يَنْعَزِلُ، فليس له قَبولُ الكتابِ؛ لأنَّه حِينَئِذٍ ليس بقاضٍ.
فصل: قال الشيخُ، رحمه الله: (وإذا حَكَم عليه، فقال له: اكْتُبْ
(1) في الأصل: «قول» .
(2)
في م: «فإذا» .
(3)
بعده في ق: «الإمام» .