الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَيَجُوزُ أنْ يَكْتُبَ إلَى قَاضٍ مُعَيَّنٍ، وَإلَى مَنْ يَصِلُ إلَيْهِ كِتَابِى هَذَا مِنْ قُضَاةِ المُسْلِمِينَ وَحُكَّامِهِمْ.
وَلَا يُقْبَلُ الْكِتَابُ إلَّا أَنْ يَشْهَدَ بِهِ شَاهِدَانِ، يُحْضِرُهُمَا القَاضِى الكَاتِبُ فَيَقْرَؤُهُ عَلَيْهِمَا، ثُمَّ يَقُولُ: أُشْهِدُكُمَا أن هَذَا كِتَابِى إِلَى
ــ
4930 - مسألة: (ويجوزُ أن يَكْتُبَ إلى قاضٍ مُعَيَّنٍ، وإلى مَن يَصِلُ إليه كِتابى هذا مِن قُضاةِ المسلمين وحكّامِهم)
مِن غيْرِ تَعْيِينٍ، ويَلْزَمُ مَن وَصَلَه قَبُولُه. وبهذا قال أبو ثَوْرٍ. واسْتَحْسَنَه أبو يُوسُفَ. وقال أبو حنيفةَ: لا يجوزُ أن يَكْتُبَ إلى غيرِ مُعَيَّنٍ. ولَنا، أنَّه كتابُ حاكمٍ مِن وِلايتِه، وَصَل إلى حاكمٍ، فلَزِمَه قَبُولُه، كما لو كان الكتابُ إليه بعَيْنِه.
4931 - مسألة: (ولا يُقْبَلُ الكِتابُ إلَّا أن يَشْهَدَ به شاهِدانِ، يُحْضِرُهما القاضى الكاتبُ، فيَقْرَؤُه عليهما، ثم يقولُ: اشْهِدُ كما أنَّ هذا
فُلانِ بْنِ فُلانٍ. وَيَدْفَعُهُ [334 و] إلَيْهِمَا، فَإذَا وَصَلَا إلَى المَكْتُوبِ إلَيْهِ، دَفَعَا إِلَيْهِ الكِتَابَ وَقَالَا: نَشْهَدُ أنَّ هَذَا كِتَابُ فُلَانٍ إلَيْكَ، كَتَبَهُ مِنْ عَمَلِهِ، وَأشْهَدَنَا عَلَيْهِ. وَالاحْتِيَاطُ أَنْ يَشْهَدَا عَلَيْهِ بِمَا فِيهِ، وَيَخْتِمَهُ. وَلَا يُشْتَرَطُ خَتْمُهُ.
ــ
كتابى إلى فُلانِ بنِ فُلانٍ. ويَدْفَغه إليهما، فإذا وَصَلا إلى المكْتُوبِ إليه، دَفَعا إليه الكتابَ وقالا: نَشْهَدُ أنَّ هذا كِتابُ فُلانٍ إليك، كَتَبَه مِن عَمَلِه، وأشْهَدَنا عليه. والاحْتِياطُ أن يَشْهَدا عليه بما فيه، ويَخْتِمَه. ولا
وَإِنْ كَتَبَ كِتَابًا وَأَدْرَجَهُ وَخَتَمَهُ، وَقَالَ: هَذَا كِتَابِى إِلَى
ــ
يُشْتَرَطُ خَتْمُه. وإن كَتَب كِتابًا وأدْرَجَه وخَتَمَه، وقال: هذا كِتابى إلى
فُلَانٍ، اشْهَدَا عَلَىَّ بِمَا فِيهِ. لَمْ يَصِحَّ؛ لِأنَّ أحْمَدَ قَالَ فِى مَنْ كَتَبَ وَصِيَّةً وَخَتَمَهَا، ثُمَّ أَشْهَدَ عَلَى مَا فِيهَا: فَلَا، حَتَّى يُعْلِمَهُ مَا فِيهَا.
وَيَتَخَرَّجُ الْجَوَازُ لِقَوْلِهِ: اذَا وُجِدَتْ وَصِيَّةُ الرَّجُلِ مَكْتُوبَةً عِنْدَ رَأْسِهِ، مِنْ غَيْرِ أنْ يَكُونَ أشْهَدَ، أوْ أعْلَمَ بِهَا أحَدًا عِنْدَ مَوْتِهِ، وَعُرِفَ خَطُّهُ وَكَانَ مَشْهورًا، فَإنَّهُ يَنْفُذُ مَا فِيهَا. وَعَلَى هَذَا، إذَا عَرَفَ المَكْتُوبُ الَيْهِ أَنَّهُ خَطُّ القَاضِى الكَاتِبِ وَخَتْمُهُ، جَازَ قَبُولُهُ.
وَالعَمَلُ عَلَى الأَوَّلِ.
ــ
فُلانٍ، اشْهَدَا عَلَىَّ بما فيه. لم يَصِحَّ؛ لأنَّ أحمدَ قال في مَن كَتَب وصيةً وخَتَمَها، ثم أشْهَدَ على ما فيها: فلا حتى يُعْلِمَه ما فيها. ويَتَخَرَّجُ الجَوازُ لقولِه: إذا وُجِدَتْ وصيةُ الرجلِ مَكْتُوبَةً عندَ رَأْسِه، مِن غيرِ أن يكونَ أشْهَدَ، أو أعْلَمَ أحَدًا بها عندَ مَوْتِه، وعُرِف خَطُّه وكان مشْهُورًا، فإنَّه يَنْفُذُ ما فيها. فعلى هذا، إذا عَرَف المكْتُوبُ إليه أنَّه خَطُّ القاضى الكَاتِبِ وخَتْمُه، جاز قَبُولُه. والعَمَلُ على الأوَّلِ) وجملةُ ذلك، أنَّه يُشْتَرَطُ لقبولِ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
كتابِ القاضى شُرُوطٌ ثَلَاثَةٌ؛ أحدُها، أن يَشْهَدَ به شاهِدان عَدْلان، ولا يَكْفى مَعْرفةُ المكتوبِ إليه خَطَّ الكاتِبِ وخَتْمَه، ولا يجوزُ له قَبولُه بذلك، في قولِ الجُمْهورِ. وحُكِىَ عن الحسنِ، وسَوّارٍ، والعَنْبَرِىِّ، أنَّهم قالوا: إذا كان يَعْرِفُ خَطَّه وخَتْمَه، قَبِلَه. وهو قولُ أبى ثَوْرٍ، والإِصْطَخْرِىِّ. ويتَخَرَّجُ لَنا مِثْلُ ذلك؛ لأنَّه تحْصلُ به غَلَبَةُ الظَّنِّ، فأشْبَهَ شَهادةَ الشّاهِدَيْن. ولَنا، أنَّ ما أمْكَنَ إثْباتُه بالشَّهادةِ، لم يَجُزْ الاقْتصارُ فيه (1) على الظَّاهِرِ، كإثْباتِ العُقودِ، ولأنَّ الخَطَّ يُشْبِهُ الخَطَّ، والخَتْمَ يُمْكِنُ التَّزْويرُ عليه، ويُمْكِنُ الرُّجوعُ إلى الشهادةِ، فلم يُعَوَّلْ على الخَطِّ، كالشّاهِدِ لا يُعَوِّلُ في الشَّهادةِ على الخَطِّ، وفى هذا انْفِصال عمّا ذَكَرُوه.
إذا ثَبَت هذا، فإنَّ القاضىَ إذا كَتَب الكتابَ، دَعا رَجُلَيْن يَخْرُجان إلى البَلَدِ الذى فيه القاضى المكتوبُ إليه، فيَقْرأْ عليهما الكتابَ، أو يَقْرَؤُه غيرُه عليهما، والأحْوَطُ أن يَنْظُرا (2) معه فيما يَقْرَؤُه، فإن لم يَنْظُرا (2)، جاز؛ لأنَّه لا يُسْتَقْرأً إلَّا ثِقَةٌ، فإذا قَرَأَ عليهما، قال: اشْهَدا علىَّ أنَّ هذا كتابى إلى فُلانٍ. وإن قال: اشْهَدا علىَّ بما فيه. كان أوْلَى، فإنِ اقْتَصَرَ على قولِه: هذا كتابى إلى فُلانٍ. فظاهِرُ كلامِ الخِرَقِىِّ أنَّه لا يُجْزِئُ؛ لأنَّه يُحَمِّلُهما
(1) تكملة من المغنى 14/ 80.
(2)
في الأصل: «ينظر» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الشَّهادةَ، فاعْتُبِرَ أن يقولَ: اشْهَدا علىَّ. كالشَّهادةِ على الشَّهادةِ. وقال القاضى: يُجْزِئُ. وهو مذهبُ الشافعىِّ. ثم إن كان ما في الكتاب قليلًا، اعْتَمَدا على حِفْظِه، وإن كَثُرَ (1) فلم يَقْدِرا على حِفْظِه، كَتَب كلُّ واحدٍ منهما مَضْمُونَه، وقابَلَ بها لتكونَ معه، يَذْكُرُ بها ما يَشْهَدُ به، ويَقْبِضان الكِتابَ قبلَ أن يَغِيبا؛ لئلَّا يَدْفَعَ إليهما غيرَه، فإذا وَصَل الكِتابُ معهما إليه، قرَأه الحاكمُ أو غيرُه عليهما، فإذا سَمِعاه، قالا: نَشْهَدُ أنَّ هذا كتابُ فُلانٍ [القاضى إليك، أشْهَدَنا على نفسِه بما فيه؛ لأنَّه قد يكونُ كتابُه غيرَ الذى أشْهَدَهما عليه. قال أبو الخَطَّاب: ولا يُقْبَلُ إلَّا (2) أن يقولا: نَشْهَدُ أنَّ هذا كتابُ فُلانٍ](3)؛ لأنَّها أداءُ شَهادةٍ، فلا بُدَّ فيها مِن لَفْظِ الشَّهادةِ. ويجبُ أن يقولا: مِن عَمَلِهْ؛ لأنَّ الكتابَ لا يُقْبَلُ إلَّا إذا وَصَل مِن مَجْلِسِ عَمَلِه. وسواءٌ وَصَل الكتابُ مَخْتُومًا أو غيرَ مَخْتُومٍ، مَقبولًا أو غيرَ مَقْبُولٍ؛ لأنَّ الاعْتِمادَ على شَهادَتِهما، لا على الخَطِّ والخَتْمِ.
فإنِ امْتَحَى الكتابُ، وكانا يَحْفَظان ما فيه، جاز لهما أن يَشْهَدا بذلك، وإن لم [يَحْفَظا ما فيه](4)، لم يُمْكِنْهما الشَّهادةُ. وقال أبو حنيفةَ، وأبو ثَوْرٍ: لا يُقْبلُ الكتابُ (5) حتى يَشْهَدَ شاهِدَان على خَتْمِ القاضى. ولَنا،
(1) في م: «كان كثيرا» .
(2)
زيادة لازمة من المغنى 14/ 80.
(3)
سقط من: م.
(4)
في م: «يحفظاه» .
(5)
سقط من: الأصل.