الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلَا تُرَجَّحُ الدَّعْوَى بِوَضْعِ خَشَبِ أحَدِهِمَا عَلَيْهِ، وَلَا بِوُجُوهِ الآجُرِّ، وَالتَّزْوِيقِ، وَالتَّجْصِيصِ، وَمَعَاقِدِ الْقِمْطِ في الخُصِّ.
ــ
فإن كان لأحَدِهما عليه بِنَاءٌ، كحَائِطٍ مَبْنِي عليه، أو عَقْدٍ مُعْتَمِدٍ عليه، أو قبَّةٍ، ونحو هذا، فهو له. وبهذا قال الشافعيُّ؛ لأنَّ وَضْعَ بِنَائِه عليه بمَنْزِلَةِ اليَدِ الثابِتَةِ عليه (1)، لكَوْنِه مُنتفِعًا به، فجَرَى مَجْرَى كَوْنِ (2) حِمْلِه على البَهِيمَةِ وزَرْعِه في الأرْضِ، وِلأن الظاهِرَ أنَّ الإنسانَ لا يَتْرُكُ غيرَه يبني على حائِطِه (3). وكذلك إن كانَت له (2) عليه سُتْرَة، أو كان في أصْلِ الحائِطِ خَشَبَةٌ، أو طَرَفُها بجَنْبِ حائِطٍ يَنْفَردُ به أحَدُهما، أو له عليه أزَجٌ مَعْقُودٌ، فالحائِطُ المُخْتَلَفُ فيه له؛ لأنَّ الظَّاهِرَ [أنَّ الخَشَبَةَ](4) لمَن يَنْفَرِدُ بوَضْعِ بِنَائِه عليها، فيكونُ الظَّاهِرُ أنَّ ما عليها مِن البِناءِ له.
4969 - مسألة: (ولَا تُرَجَّحُ الدَّعْوَى بِوَضْعِ خَشَبِ أحَدِهِمَا عليه، وَلَا بوُجُوهِ الآجُرِّ، والتزْوِيقِ، والتجْصِيصِ، ومَعاقِدِ القِمْطِ
(5) فِي الخُصِّ) قال أصْحابُنا: لا تُرَجَّحُ دَعْوَى أحدِهما بوَضْعِ خَشَبِهِ على
(1) سقط من: ق، م.
(2)
سقط من: م.
(3)
في م: «حائط» .
(4)
في م: «في الخشبة أنها» .
(5)
حبل من ليف أو خوص تشد به الأخصاص.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الحائِطِ. وهو قولُ الشافعىِّ؛ لأنَّ هذا ممَّا (1) يَسْمَحُ به الجارُ. وقد وَرَد [الخَبَرُ بالنَّهْىِ](2) عن المَنْعِ منه (3). وهو عندَنا حَقٌّ يَجِبُ التَّمْكِينُ منه، فلا تُرَجَّحُ به الدَّعْوَى، كإسْنادِ مَتاعِه إليه، وتَجْصِيصِه وتَزْوِيقِه.
ويَحْتَمِلُ أن تُرَجَّحَ به الدَّعْوَى. وهو قولُ مالكٍ؛ لأنَّه يَنْتَفِعُ به بوَضْعِ ماله عليه، فأشْبَهَ البَانِيَ عليه والزَّارِعَ في الأرْضِ. وَوُرُودُ الشَّرْعِ بالنَّهْىِ عن المَنْعِ منه لا يَمنَعُ كَوْنَه دَلِيلًا على الاسْتِحْقاقِ، بدَلِيلِ أنَّنا اسْتَدْلَلْنَا بوَضْعِه على كَوْنِ الوَضْعِ مُسْتَحَقًّا على الدَّوام، حتى متى زالَ، جازَتْ إعادَتُه، ولأنَّ كَوْنَه مُسْتَحَقًّا تُشْتَرَطُ له الحاجَةُ إلى وَضْعِه، ففيما لا حاجَةَ إليه له مَنْعُهُ مِن وَضْعِه (4)، وأمَّا السَّماحُ به، فإنَّ أكْثَرَ النَّاسِ لا يَتَسامَحُونَ (5) به، ولهذا لَمَّا رَوَى أبو هُرَيْرَةَ الحَدِيثَ عن النبىِّ صلى الله عليه وسلم، طَأطَئُوا رُءُوسَهُم، كَرَاهَةً لذلك، فقال: مَالِى أرَاكُم عنها مُعْرِضِين؟
(1) سقط من: الأصل.
(2)
في ق، م:«في الخبر النهي» .
(3)
انظر ما تقدم تخريجه في 7/ 199.
(4)
في الأصل: «موضعه» .
(5)
في م: «يسامحون» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
واللهِ لأرْمِيَنَّ بها بينَ أكْتافِكُمْ (1). وأكْثَرُ الفُقَهاءِ لا يُوجِبُونَ التَّمْكِينَ مِن هذا، ويَحْمِلُونَ الحديثَ على كَرَاهَةِ المَنْعِ لا على تَحْرِيمِه. ولأنَّ الحائِط يُبْنَى لذلك، فيُرَجَّحُ به، كالأزَجِ. وقال أصْحابُ أبي حنيفةَ: لا تُرَجَّحُ الدَّعْوَى بالجِذْعِ الواحدِ؛ لأنَّ الحائِطَ لا يُبْنَى له، وتُرَجَّحُ بالجِذْعَيْن؛ لأنَّ الحائِطَ يُبْنَى لهما. ولَنا، أنَّه مَوْضُوعٌ على الحائِطِ، فاسْتَوَى في (2) تَرْجِيحِ الدَّعْوَى قَلِيلُه وكثيرُه، كالبِنَاءِ.
فصل: ولا تُرَجَّحُ الدَّعْوَى بكَوْنِ الدَّواخِلِ إلى أحَدِهما، والخَوَارِجِ ووُجُوْهِ الآجُرِّ والحِجَارَةِ، ولا كَوْنِ الآجُرَّةِ الصَّحِيحَةِ ممَّا يَلي أحدَهما، وقِطَعِ الآجُرِّ ممَّا يَلي مِلْكَ الآخَرِ، ولا بمَعَاقِدِ القِمْطِ في الخُصِّ، يَعْنى عَقْدَ الخُيوطِ التي يُشَدُّ بها الخُصُّ (3). وبهذا قال أبو حنيفةَ، والشافعيُّ.
وقال أبو يوسفَ، ومحمدٌ: يُحْكَمُ به لمن إليه وَجْهُ الحائِطِ ومَعاقِدُ القِمْطِ؛ لِما رَوَى نِمْرَانُ بنُ جاريةً (4) التَّمِيمِىُّ، عن أبِيه، أنَّ قَوْمًا اخْتَصَمُوا إلى النَّبىِّ صلى الله عليه وسلم في خُصٍّ، فبَعَثَ حُذَيْفَةَ بنَ اليَمَانِ يَحكُمُ بينَهم، فحَكَمَ لمَن تَلِيه مَعاقِدُ القِمْطِ، ثم رَجَع إلى النبىِّ صلى الله عليه وسلم، فأخْبَرَه، فقال:
(1) تقدم تخريجه في 13/ 199.
(2)
في الأصل: «فيه» .
(3)
سقط من: الأصل.
(4)
في النسخ: «حارثة» . وانظر: ترجمته في: تهذب التهذيب 10/ 475.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
«أصَبْتَ وأحْسَنْتَ» . روَاه ابنُ ماجَه (1). ورُوِىَ نحوُه عن عليٍّ. ولأنَّ العُرْفَ جارٍ بأنَّ مَن بَنَى حائِطًا جَعَلَ وَجْهَ الحائِطِ إليه. ولَنا، عُمومُ قولِه عليه الصلاة والسلام:«الْبَيِّنَةُ عَلَى المُدَّعِى، واليَمِينُ عَلَى مَنْ أنْكَرَ» (2). ولأنَّ وَجْهَ الحائِطِ ومَعاقِدَ القِمْطِ إذا كانا شَرِيكَيْن فيه، لا بُدَّ مِن (3) أن يكونَ إلى أحَدِهما، إذ لا يُمْكِنُ كونُه إليهما جَمِيعًا، فبَطَلَتْ دَلالتُه، كالتَّزْوِيقِ، ولأنَّه يُرادُ للزِّينَةِ، فهو كالتَّزْويقِ. وحَدِيثُهم لا يُثْبِتُه أهْلُ النَّقْلِ، وإسْنادُه مَجْهولٌ. قالَه ابنُ المُنْذِرِ. قال الشَّالَنْجِيُّ: ذَكَرْتُ هذا الحديثَ لأحمدَ، فلم يُقنِعْه، وذَكَرْتُه لإسْحاقَ بنِ رَاهُويَه، فقال: ليس هذا حَدِيثًا. ولم يُصَحِّحْه. وحَدِيثُ علىٍّ فيه مَقالٌ. وما ذَكَرُوه مِن
العُرفِ ليس بصَحِيحٍ، فإنَّ العادَةَ جَعْلُ وَجْهِ الحائِطِ إلى خارِجٍ ليَرَاهُ الناسُ، كما يَلْبَسُ الرَّجُلُ أحْسَنَ ثِيابِه، أعْلاها الظَّاهِرُ للناسِ، ليَرَوْه، فيَتَزَيَّنُ به، فلا دَلِيلَ فيه.
فصل: ولا تُرَجَّحُ الدَّعْوَى بالتَّزْوِيقِ والتَّحْسِينِ، ولا بكَوْنِ أحدِهما له [على الآجُرِّ سُتْرَةٌ](4) غيرُ مَبْنِيَّةٍ عليه؛ لأنّه ممَّا يُتَسامَحُ به، ويُمْكِنُ إحْداثه.
(1) في: باب الرجلان يدعيان في خص، من كتاب الأحكام. سنن ابن ماجه 2/ 785.
كما أخرجه الدارقطني، في: سننه 4/ 229. وقال: لم يروه غير دَهْثَم بن قُرّان، وهو ضعيف، وقد اختلف في إسناده.
(2)
تقدم تخريجه في 16/ 252.
(3)
سقط من: الأصل.
(4)
في م: «الآجر وسترة» .