الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ القِسْمَةِ
وَقِسْمَةُ الأَمْلَاكِ جَائِزَةٌ. وَهِىَ نَوْعَانِ؛ قِسْمَةُ تَرَاضٍ
ــ
بابُ القِسْمَةِ
(وَقِسْمَةُ الأَمْلَاكِ جَائِزَةٌ) الأصْلُ في القِسمةِ قولُ اللهِ تعالى: {وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ الْمَاءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ كُلُّ شِرْبٍ مُحْتَضَرٌ} (1). وقولُه تعالى: {وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُوْلُواْ الْقُرْبَى} (2) الآية. وقولُ النبىِّ صلى الله عليه وسلم: «الشُّفْعَةُ فِيمَا لَمْ يُقْسَمْ، فَإذَا وَقَعَتِ الحُدُودُ، وَصُرِّفَتِ الطُّرُقُ، فَلَا شُفْعَةَ» (3). وقَسَم النبىُّ صلى الله عليه وسلم خَيْبَرَ (4)، وكان يَقْسِمُ الغَنائِمَ. وأجْمَعَتِ
الُأمَّةُ على جَوازِ القِسْمةِ، ولأنَّ بالنَّاسِ حاجَةً إلى القِسْمَةِ؛ ليَتَمَكَّنَ كلُّ واحدٍ مِن الشُّركاءِ مِن التَّصَرُّفِ على إيثارِه، ويَتَخَلَّصَ مِن سُوءِ (5) المُشارَكَةِ وكَثْرةِ الأيدِى.
4938 - مسألة: (وَهِىَ نَوْعَانِ؛ قِسْمَةُ تَرَاضٍ
(1) سورة القمر 28.
(2)
سورة النساء 8.
(3)
تقدم تخريجه في 15/ 357.
(4)
تقدم تخريجه في 10/ 255.
(5)
سقط من: الأصل.
وَهِىَ نَوْعَانِ؛ قِسْمَةُ تَرَاضٍ، وَهِىَ مَا فِيهَا ضَرَرٌ، أَوْ رَدُّ عِوَضٍ مِنْ أحَدِهِمَا؛ كَالدُّورِ الصِّغَارِ، وَالحَمَّامِ، والعَضَائِدِ المُتَلَاصِقَةِ اللَّاتِى لَا يُمْكِنُ قِسْمَةُ كُلِّ عَيْنٍ مُفْرَدَةٍ، والأرْضِ الَّتِى في بَعْضِهَا بِئْرٌ أَوْ بِنَاءٌ وَنَحْوُهُ، لَا يُمْكِنُ قِسْمَتُهُ بِالأَجْزَاءِ وَالتَّعْدِيلِ، إِذَا رَضُوا
بِقِسْمَتِها أَعْيَانًا بِالْقِيمَةِ، جَازَ. وَهَذِهِ جَارِيَةٌ مَجْرَى البَيْعِ، فِي أَنَّهُ لَا يُجْبَرُ عَلَيْهَا المُمْتَنِعُ مِنْهَا، وَلَا يَجُوزُ فِيهَا إلَّا مَا يَجُوزُ فِي البَيْعِ.
ــ
وهي ما فيها ضَرَرٌ، أو رَدُّ عِوَضٍ مِن أحدِهما؛ كالدُّورِ الصِّغارِ، والحَمّامِ، والعَضائِد (1) المُتَلاصقةِ اللاتى لا يُمْكِنُ قِسْمَةُ كلِّ عَيْنٍ مُنْفَرِدَةٍ، والأرْضِ التي في بعضِها بِئْرٌ أو بِناءٌ ونحْوُه، لا يُمْكِنُ قِسْمَتُه بالأجْزاءِ والتَّعْدِيلِ، إذا رَضُوا بقِسْمَتِها أعْيَانًا بالقِيمَةِ، جاز) لأنَّ الحَقَّ لهم، لا يَخْرُجُ عنهم، وقد رَضُوا بقِسْمَتِه (وهذه جارِيَةٌ مَجْرَى البَيْعِ، لا يُجْبَرُ عليها المُمْتَنِعُ منها، [ولا] (2) يَجُوزُ فيها إلَّا ما يَجُوزُ في البَيْعِ)
(1) العضائد: واحدتها عضادة، وهي ما يصنع لجريان الماء فيه من السواقى وذوات الكتفين، ومنه عضادتا الباب، وهما جنبتاه من جانبيه.
(2)
في النسخ: «لا» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وجملةُ ذلك، أنَّ الشَّريكَيْن والشُّركاءَ في شيءٍ، رَبْعًا كان أو غيرَه - والرَّبْعُ هو العَقارُ مِن الدُّورِ ونحوِها - إذا طَلَبَا مِن الحاكمِ أن يَقسِمَه بينَهما، أجابَهما إليه وإن لم يَثْبُتْ عندَه مِلْكُهما. وبهذا قال أبو يُوسُفَ، ومحمدٌ.
وقال أبو حنيفةَ: إن كان عَقارًا نَسَبُوه إلى ميراثٍ، لم يَقْسِمْه حتَّى يَثْبُتَ الموتُ والوَرَثَةُ؛ لأنَّ المِيراثَ باقٍ على حُكْمِ مِلْكِ الميِّتِ، فلا يَقْسِمُه احْتِياطًا للمَيِّتِ، وماعَدا العَقارَ يَقْسِمُه وإن كانَ مِيراثًا؛ لأنَّه يَثْوِى ويَهْلِكُ، وقِسْمَتُه تَحْفَظُه، وكذلك العقارُ الَّذي لا يُنْسَبُ إلى الميراثِ.
وظاهِرُ قولِ الشافعىِّ، أنَّه لا يُقْسَمُ، عقارًا كان أو غيرَه، ما لم يَثْبُتْ مِلْكُهما؛ لأنَّ قَسْمَه بقولِهم لو رُفِع (1) بعدَ ذلك إلى حاكمٍ آخرَ سَهُل (2) أن يَجْعَلَه حُكْمًا لهم، ولعلَّه أن يكونَ لغيرِهم. ولَنا، أنَّ اليَدَ تَدُلُّ على الملكِ، ولا مُنازِعَ لهم، فيَثْبُتُ لهم من طريقِ الظاهرِ، ولهذا يجوزُ لهم التَّصَرُّفُ فيه، ويجوزُ شِراؤُه منهم، واتِّهابُه، واسْتِئْجارُه. وما ذَكَرَه الشافعىُّ يَنْدَفِعُ إذا أثْبَتَ في القضيةِ (3): إنِّى قَسَمْتُه بينَهم بإقْرارِهم، لا
(1) في م: «دفع» .
(2)
في الأصل: «سببها» .
(3)
في م: «القصة» .