الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلَا يُعْتَبَرُ إصْلَاحُ الْعَمَلِ. وَعَنْهُ، يُعْتَبَرُ فِى التَّائِبِ إصْلَاحُ العَمَلِ سَنَةً.
ــ
وَرَدَ الشَّرْعُ بالسَّتْرِ، والاسْتِتارِ، والتَّعْرِيضِ للمُقِر بالرُّجوعِ عن الإقْرارِ. وقال لهَزَّالٍ، وهو الذى أمرَ ماعِزًا بالإقْرارِ:«يَا هَزَّالُ، لَوْ سَتَرْتَه بِثَوْبِكَ، كَانَ خَيْرًا لَكَ» (1). وقال أصْحابُ الشافعىِّ: تَوْبةُ هذا إقْرارُه ليُقامَ عليه الحدُّ. وليس بصَحِيحٍ؛ لِما ذكَرْنا، ولأنَّ التَّوْبةَ تُوجَدُ حَقِيقَتُها بدونِ الإقْرارِ، وهى تَجُبُّ ما قبلَها، وَرَدَ في الأخْبارِ، مع ما دَلَّتَ عليه الَاياتُ في مَغْفِرَةِ الذُّنوبِ بالاسْتِغْفارِ، وتَرْكِ الإصرارِ (2). وأمَّا البِدْعَةُ، فالتَّوْبَةُ (3) منها بالاعْتِرافِ بها، والرُّجُوعِ عنها (4)، واعْتِقادِ ضِدِّ ماكان يَعْتَقِدُ منها.
5047 - مسألة: (ولا يُعْتَبَرُ إصْلَاحُ العَمَلِ. وعنه، يُعْتَبَرُ في التَّائِبِ إصْلَاحُ العَمَلِ سَنَةً)
ظاهِرُ كلامِ أحمدَ والخِرَقِىِّ، أنَّه لا يُعْتَبَرُ في ثُبُوتِ أحْكامِ التَّوْبَةِ، مِن قَبولِ الشَّهادةِ، وصِحَّةِ الوِلَايةِ في النِّكاحِ،
(1) تقدم تخريجه في 26/ 344.
(2)
في الأصل: «الإضرار» .
(3)
سقط من: الأصل.
(4)
سقط من: ق، م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
إصْلاح العَمَلِ. وهو أحد القَوْلَيْن للشافعىِّ. وفى القَوْلِ الآخَرِ، يُعْتَبَرُ إصْلاح العَمَلِ، إلَّا أن يكونَ ذَنْبُه الشَّهادةَ بالزِّنَى، ولم يَكْفلْ عدَدُ الشُّهودِ، فإنَّه يَكْفِى مجَرَّدُ التَّوْبَةِ مِن غيرِ اعْتِبارِ إصْلاحٍ، وما عَداه فلا تَكْفِى التَّوْبَة (1) حتى تَمْضِىَ عليه سنَةٌ، تَظْهَر فيها تَوْبَته، ويَبِينُ فيها صَلاحُه. وهذا رِوايةٌ عن أحمدَ، حَكاها أبو الخَطّابِ؛ لأنَّ اللهَ تعالى قال:{إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا} (2). وهذا نَصٌّ، فإنَّه نَهَى عن قَبولِ شَهادَتِهم، ثم اسْتَثْنَى التَّائِبَ المُصْلِحَ، ولأنَّ عمرَ، رَضِىَ اللهُ عنه، لَمَّا ضَرَبَ صَبِيغًا أمرَ بهِجْرَانِه، حتى بَلَغَتْه تَوْبتُه، فأمرَ أن لا يُكلَّمَ إلَّا بعدَ سنَةٍ (3). ولَنا، قوْلُه عليه السلام:«التَّوْبَةُ تَجُبُّ مَا قَبْلَها» (4). وقَوْلُه: «التَّائِبُ مِنَ الذَّنْبِ كَمَنْ لَا ذَنْبَ لَهُ» (5). ولأنَّ المغْفِرَةَ تحْصُلُ
(1) سقط من: الأصل.
(2)
سورة النور 5.
(3)
أخرجه الدارمى، في: باب من هاب الفتيا، وكره التنطع والتبدع، من المقدمة. سنن الدارمى 1/ 54 - 56. وليس فيه ذكر السنة. وانظر: الإصابة 3/ 458، 459. ولم نجده في كناب الورع.
(4)
لم نجد هذا اللفظ.
(5)
تقدم تخريجه في 20/ 338.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
بمُجَرَّدِ التَّوْبةِ، فكذلك الأحْكامُ، ولأنَّ التَّوْبةَ مِن الشِّرْكِ بالِإسْلامِ، لا تحْتاجُ إلى اعْتِبارِ ما بعدَه، وهو أعْظمُ الذنَّوبِ، فما دونَه أَوْلَى. وَأمَّا الآيةُ (1)، فيَحْتَمِلُ أن يكونَ الإصْلاحُ مِن التَّوْبَةِ، وعَطْفُه عليها لاخْتِلافِ اللَّفْظَيْنِ، ودليلُ ذلك، قولُ عُمرَ لأبى بَكْرَةَ: تُبْ، أقْبَلْ شَهادَتَكَ (2). ولم يَعْتَبِرْ أمرًا آخَرَ، ولأن مَن كان غاصِبًا، فرَدَّ ما في يَدَيْه، أو مانِعًا للزَّكاةِ (3)، فأدَّاها وتابَ إلى اللهِ عز وجل، قد حصَلَ منه الإصْلاحُ، وعُلِمَ نُزوعُه (4) عن مَعْصِيَتِه [بأداءِ ما](5) عليه، فإنَّه لولم يُرِدِ التَّوْبةَ، لَما أدَّى ما في يَدَيْه، ولأنَّ تَقْدِيرَه بسَنَةٍ تَحَكُّمٌ لم يَرِدْ به الشَّرْعُ، والتَّقْديرُ إنَّما يَثْبُتُ بالتَّوْقِيفِ، وما وَرَد عن عمرَ في حقِّ صَبيغٍ إنَّما كان لأنَّه تائبٌ مِن بِدْعَةٍ، وكانت تَوْبَتُه بسبَبِ الضَّرْبِ والهِجْرانِ، فيَحْتَمِلُ أنَّه أظْهَرَ التَّوْبَةَ تَسَتُّرًا، بخِلافِ مَسْألَتِنا. وقد ذكرَ القاضى، أنَّ التَّائِبَ مِن البِدْعَةِ
(1) في الأصل: «الولاية» .
(2)
أخرجه البيهقى، في: باب شهادة القاذف، من كتاب الشهادات. السنن الكبرى 10/ 152. وعبد الرزاق، في: باب شهادة القاذف، من كتاب الشهادات. المصنف 8/ 362.
(3)
في م: «للذكاة» .
(4)
في م: «نزوله» .
(5)
في م: «نادما» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
يُعْتَبَرُ له مُضِىُّ (1) سَنَةٍ؛ لحديثِ صَبِيغٍ. رَواه أحمدُ في «الوَرَعِ» ، قال: ومِن عَلامَةِ تَوْبَتِه، أنْ يَجْتَنِبَ مَن كان يُوالِيه مِن أهلِ البِدَعِ، ويُوالِى مَن كان يُعادِيه مِن أهلِ السُّنَّةِ. والصَّحيحُ أنَّ التَّوْبَةَ مِن البِدْعَةِ كغيرِها، إلَّا أن تكونَ التَّوْبةُ [بِفِعْلٍ يُشْبِهُ](2) الإكْرَاهَ، كَتَوْبَةِ صَبِيغٍ، فيُعْتَبَرُ له مُدَّةٌ يُظْهِرُ أنَّ تَوْبَتَه عن إخْلاصٍ، لا عن إكْراهٍ. وللحاكمِ أن يَقولَ للمُتَظاهِرِ بالمَعْصِيَةِ: تُبْ أقْبَلْ شَهادتَكَ. وقال
(1) سقط من: م.
(2)
في ق: «تفعل نسبة» . وفى م: «تفعل بسبب» .