الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإنْ كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيَنةٌ، حُكِمَ بِهَا لِلْمُدَّعِى، في ظَاهِرِ المَذْهَبِ. وَعَنْهُ، إِنْ شَهِدَتْ بَيَنةُ المُدَّعَى عَلَيْهِ أنَهَا لَه، نُتِجَتْ
ــ
لأَّنا إن قُلْنَا بتَقْدِيمِها مع التَّعَارُضِ، وأنَّه لا يَحْلِفُ معها، فمَع انفِرادِها أوْلَى، وإن قُلْنَا بتَقْدِيمِ بَيِّنةِ المُدَّعَى عليه، فيَجِبُ أن يُكْتَفَى بها عن اليَمِينِ؛ لأنَّها أقْوَى مِن اليَمِينِ، فإذا اكْتُفِىَ باليَمِينِ، فبما (1) هو أقْوَى منها أوْلَى. ويَحْتَمِلُ أن تُشْرَعَ أيضًا؛ لأنَّ البَيِّنةَ ها هُنا يَحْتَمِلُ أن يكُونَ مُسْتَنَدُها اليَدَ والتَّصَرُّفَ، فلا تُفِيدُ (2) إلَّا ما أفادَتْه اليَدُ والتَّصرُّفُ، [وذلك](3) لا يُغْنِي عن اليَمِينِ، فكذلك ما قام مَقامَه.
4977 - مسألة: (وإن كان لكلِّ واحدٍ منهما بَيِّنَةٌ، حُكِمَ بها للمُدَّعِى، في ظَاهِرِ المذهبِ. وعنه، إن شَهدَتْ بَيِّنةُ المُدَّعَى عليه أنَّها
(1) في الأصل: «فيما» .
(2)
في الأصل: «تقبل» .
(3)
سقط من: م.
في مِلْكِهِ، أوْ قَطِيعَة مِنَ الإمَامِ، قُدِّمَتْ بَيِّنَتُهُ، وإلَّا فَهِىَ لِلْمُدَّعِى بِبَينتِهِ. وقَالَ الْقَاضِى فِيهِمَا: إذَا لَمْ يَكُنْ مَعَ بَيِّنةِ الدَّاخِلِ تَرْجِيحٌ،
لَمْ يُحْكَمْ بِهَا، رِوَايَةً وَاحِدَةً. وَقَالَ أبُو الخَطَّابِ: فِيهِ رِوَايَةٌ أخْرَى، أنَهَا مُقَدَّمَة بِكُلِّ حَالٍ.
ــ
له، نُتِجَتْ في مِلْكِهِ، أو قَطِيعَةٌ مِن الإمَام، قُدِّمَتْ بَينتُه، وإلَاّ فهي للمُدَّعِى بِبَيِّنتِهِ. وقَالَ القَاضِى فيهما: إذا لم يكُنْ مع بَيِّنَةِ الدَّاخل تَرْجِيحٌ، لم يُحْكَم بها، رِوايَةً واحدَةً. وقال أبو الخَطَّابِ: فيه رِوايَة أخرَى، أنَّها مُقَدِّمَة بكلِّ حالٍ) وجملةُ ذلك، أنَّ مَن ادَّعى عَيْنًا في يَدِ غيرِه، فأنْكَرَه، وأقامَ كل واحدٍ منهما بَيِّنَةً، [حُكِمَ بها](1) للمُدَّعِى ببَينتِه، وتُسَمَّى بَيِّنةَ الخَارِجِ، وبَينةُ المُدَّعَى عليه تُسَمَّى بَيِّنَةَ الدَّاخِلِ، وقد اخْتلَفَتِ الرِّوَايةُ عن أحمدَ، رحمه الله، فيما إذا تَعارَضَتا، فالمشْهُورُ عنه تَقْدِيمُ بَيِّنَةِ المُدَّعِى، ولا تُسْمَعُ بَيِّنَةُ المُدَّعَى عليه بحالٍ. وهذا اختِيارُ الخِرَقِىِّ. وهو قولُ إسحاقَ. وعنه، رِوَايَةٌ ثانِيَةٌ، إن شَهِدَت بَيِّنَةُ الدَّاخِلِ بسَبَبِ المِلْكِ، فقالت: نُتِجَتْ في مِلْكِه. أو: اشتَرَاها. أو: نَسَجَها.
(1) في الأصل: «فهي» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أو كانت بَيِّنَتُه أقْدَمَ تارِيخًا، قُدِّمَتْ، وإلَّا قُدِّمَتْ بَيِّنةُ المُدَّعِىِ. وهو قولُ أبي حنيفةَ، وأبي ثَوْرٍ، في النِّتاجِ والنِّساجِ، فيما لا يتَكَرَّرُ نسْجُه، وأمَّا ما يتَكَرَّرُ نَسْجُه، كالخَزِّ والصوفِ، فلا تُسْمَعُ بَيِّنَتُه؛ لأنَّها إذا شَهِدَتْ بالسَّبَب، فقد أفادَت ما لا تُفِيدُه اليَدُ، وقد رَوَى جابِرُ بنُ عبدِ اللهِ، أنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم اخْتَصَمَ إليه رَجُلان في دَابَّةٍ أو بَعيرٍ، فأقَامَ كُلُّ واحدٍ منهما البَيِّنةَ [أنَّها له](1)، أنْتَجَها، فقَضَى رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم للذي هى في يَدِه (2).
وذكرَ أبو الخَطَّابِ رِوايَةً ثالثةً، أنَّ بَيِّنةَ المُدَّعَى عليه تُقَدَّمُ بكُلِّ حالٍ.
وهو قولُ شُرَيْح، والشَّعْبِى، والحَكَمِ، والشافعىِّ، وأبي عُبَيْدٍ، وقال: هو قولُ أهْلِ المدينةِ، وأهْلِ الشَّامِ. ورُوِىَ ذلك عن طاوُسٍ.
وأنْكَرَ القاضى كَوْنَ هذا رِوايةً عن أحمدَ، وقال: لا تُقَدَّمُ بَمنةُ الدَّاخِلِ إذا لم تُفِدْ إلَّا ما أفادَتْه يدُه، رِوَايةً واحدةً. واحْتَجَّ مَن ذَهَب إلى تقْدِيم بَيِّنةِ المُدَّعَى عليه بأنَّ جَنَبَتَهُ أقْوَى؛ لأنَّ الأصْلَ معه، ويَمينُه تُقَدَّمُ على
(1) في ق، م:«أنه» .
(2)
أخرجه البيهقى، في: باب المتداعيين يتنازعان. . . .، من كتاب الدعاوى والبينات. السنن الكبرى 10/ 256. والدارقطني، في: كتاب في الأقضية والأحكام وغير ذلك. سنن الدارقطني 4/ 209. والإمام الشافعي، انظر كتاب الأحكام والأقضية، من ترتيب المسند 2/ 180. وضعف إسناده في: تلخيص الحبير 4/ 210.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
يَمِينِ المُدَّعِى، فإذا تَعارَضَتِ البَيِّنَتانِ، وَجَب إبْقاءُ يَدِه على ما فيها، وتَقْدِيمُه، كما لو لم تكُنْ بَيِّنَة لواحِدٍ منهما، وحديثُ جابرٍ يدُلُّ على هذا، فإنَّه إنَّما قَدَّمَ بَيِّنتَه ليَدِه. ولَنا، قولُ النبىِّ صلى الله عليه وسلم:«البَيِّنَةُ عَلَى المُدَّعِى والْيَمِينُ عَلَى المُدَّعَى عَلَيْهِ» (1). فجعَلَ جنْسَ البَيِّنةِ في (2) جَنَبَة المُدَّعِى، فلا يَبْقَى (3) في جَنَبةِ المُدَّعَى عليه بَيِّنَةٌ، ولأنَّ بَيِّنَةَ المُدَّعِى أكْثَرُ
فائِدَةً، فوَجَب تَقْدِيمُها، كتقْدِيمِ بَيِّنَةِ الجَرْحِ على (4) التَّعْدِيلِ. ودليلُ كثْرَةِ فائِدَتِها، أنَّها تُثْبِتُ شيئًا لم يكُنْ، وبيِّنةُ المُنْكِرِ إنَّما تُثْبتُ ظاهرًا تدُلُّ اليدُ عليه، فلم تكُنْ مُفِيدَةً، ولأنَّ الشَّهادةَ بالملْكِ يجُوزُ أنْ يَكونَ مُسْتَنَدُها رُؤيَةَ اليَدِ والتَّصَرُّفَ، فإنَّ ذلك جائِز عندَ كَثيرٍ مِن أهْلِ العلمِ، فصارَتِ
(1) تقدم تخريجه في 16/ 252.
(2)
في م: «من» .
(3)
سقط من: الأصل.
(4)
في م: «و» .