الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَالرُّويَةُ تَخْتَصُّ بِالأفْعَالِ؛ كَالْقَتْلِ، وَالْغصبِ، وَالسَّرِقَةِ، وَشربِ الْخَمرِ، وَالرضَاعِ، وَالْوِلَادَةِ، وَغَيْرِها.
وَالسمَاعُ عَلَى ضَربَيْنِ؛ سَمَاع مِنَ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ، نحوَ الإقْرَارِ، وَالْعُقُودِ، وَالطَلاقِ، وَالعَتَاقِ.
ــ
5018 - مسألة: (والرُّؤْيَةُ تَخْتص بالأفْعالِ؛ كالقَتْلِ، والغَصبِ، والسَّرِقَةِ، وشُربِ الخَمرِ، والرضاعِ، والوِلادَةِ، وغَيْرِها)
فهذا لا تُتَحَمَّلُ الشَّهادةُ فيه (1) إلَّا بالرويَة؛ لأنَّه لا (1) يُمكِنُ الشهادةُ عليه قطعًا، ومِن ذلك الصِّفاتُ المَرئِيَّةُ (2)؛ كالعيوبِ (3) في المبيعِ، ونحوِها، فلا يُرجَعُ إلى غيرِ ذلك.
5019 - مسألة: (والسَّماع على ضربَيْن؛ سَماعٌ مِن المَشْهُودِ عليه، نحوَ الإقْرارِ، والعُقُودِ، والطَّلاقِ)
ونحو ذلك، فيُحتاجُ أن يُسْمَعَ كلامُ المُتَعاقِدَيْن يَقِينًا، ولا تُعتَبَرُ رُويَةُ المُتَعاقِدَيْن إذا عرَفَهما، وتَيَقَّنَ أنَّه
(1) سقط من: ق، م.
(2)
في الأصل، في:«المرتبة» .
(3)
زيادة من المغنى 14/ 139.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
كلامُهما. وبهذا قال ابنُ عباس، والزُّهْرى، ورَبِيعَةُ، واللَّيْثُ، وشُرَيْحٌ، وعَطاءٌ، وابنُ أبى ليلَى، ومالكٌ. وذهبَ أبو حنيفةَ، والشافعيُّ، إلى أنَّ الشَّهادةَ (1) لا تجوزُ حتى يُشاهِدَ القائِلُ المَشْهودَ عليه؛ لأنَّ الأصواتَ تَشْتَبِهُ، فلا يَجوزُ أنْ يَشْهدَ عليها مِن غيرِ زُؤيَةٍ، كالخَطِّ. ولَنا، أنَّه عرَفَ المشْهودَ عليه يَقِينًا، فجازَتْ شَهادَتُه عليه، كما لو رآه. وجوازُ اشْتِباهِ الأصواتِ، كجَوازِ اشْتِباهِ الصُّوَرِ، وإنَّما تَجوزُ الشَّهادةُ لمَن عرَفَ المشْهودَ عليه يَقِينًا، وقد يحصُلُ العِلمُ بالسَّماعِ يَقِينًا، وقد اعتبرَه الشَّرْعُ بتَجْوِيزِه الرِّوايةَ مِن غيرِ رُؤْيَةٍ، ولهذا قُبِلَتْ رِوايَةُ الأعْمَى، ورِوايةُ مَن رَوَى عن أزْواجِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِن غيرِ مَحارِمِهنَّ.
فصل: إذا عرَفَ المَشْهودَ عليه باسْمِه وعَيْنِه ونَسَبِه، جازَ أن يَشْهدَ عليه، حاضِرًا كان أو غائِبًا، وإنْ لم يَعرِفْ ذلك، لم يَجُزْ أن يَشْهدَ عليه مع غَيْبَتِه، وجازَ أنْ يَشْهدَ عليه حاضِرًا بمَعرفةِ عَيْنه. نصَّ عليه أحمدُ. قال مُهنَّا: سألتُ أحمدَ عن رجل يَشْهدُ لرَجُل بحقٍّ له على آخَرَ، وهو لا يعرِف اسْمَ هذا، ولا اسْمَ هذا، إلَّا أنَّه يَشْهدُ له، فقال: إذا قال: أشهدُ أنَّ لهذا على هذا كذا (2). وهما شاهِدَانِ جميعًا، فلا بأسَ، وإذا كان
(1) سقط من: الأصل.
(2)
سقط من: م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
غائبًا، فلا يَشْهدُ حتى يَعْرِفَ اسْمَه.
والمرأةُ كالرَّجُلِ، في أنَّه إذا عرَفَ اسْمَها ونَسَبَها (1)، جازَ أنْ يشْهدَ عليها مع غَيْبَتِها. وإنْ لم يعرِفْها، لم يَشهد عليها إلَّا في حالِ حُضُورِها. قال أحمدُ في رِوايةِ الجَماعةِ: لا يَشْهدُ إلَّا لمَن يعرِفُ، وعلى مَن يَعرِفُ، ولا يَشْهدُ إلَّا على امرأةٍ قد عرَفَها، وإن كانتْ ممَّن عرَفَ اسْمَها، ودُعِيَتْ، وذَهبَتْ، في جاءتْ، فَلْيَشْهد، وإلَّا فلا يَشْهَدْ، فأمَّا إنْ لم يَعْرِفْها، فلا يجوزُ أن يشهدَ مع غَيْبَتِها. ويجوزُ أن يَشْهدَ على عَينها إذا عرَفَ عَيْنَها، ونظَرَ إلى وَجْهها. قال أحمدُ: ولا يَشْهَدُ على امرأةٍ، حتى ينْظُرَ إلي وَجْهِها. وهذا محمولٌ على الشَّهادةِ على مَن لم يتَيقَّنْ مَعرفَتَها. فأمَّا مَن يَتَيَقنُ معرِفَتَها، ويَعرِفُ صَوْتَها (2) يَقِينًا، فيجوزُ أن يشْهدَ عليها إذا تيقَّنَ صَوْتَها، على ما قَدَّمناه في المسألةِ قبلَها. فإن لم يعرِفِ المشْهودَ عليه، فعرَّفَه عندَه مَن يَعرِفُه، فقد رُوِىَ عن أحمدَ أنَّه قال: لا يَشْهدُ على شَهادَةِ غيرِه إلَّا بمعرِفَتِه لها. وقال: لا يَجوزُ للرَّجلِ أن يقولَ للرَّجلِ: أشْهدُ أنَّ هذه فلانةُ. ويَشْهدَ على شهادَتِه. وهذا صريحٌ في المَنْعِ مِن الشَّهادةِ على مَن لا يعرِفُه بتَعرِيفِ غيرِه. وقال القاضى: يجوزُ أن يُحْمَلَ هذا على الاسْتحبابِ، لتَجْوِيزِه الشَّهادةَ بالاسْتِفاضَةِ. وظاهرُ قولِه المنعُ منه. وقال أحمدُ: لا يَشْهدُ على امرأةٍ إلَّا بإذْنِ زَوْجِها. وهذا يَحتَمِلُ أنَّه
(1) سقط من: ق، م.
(2)
في الأصل: «صورتها» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
لا يَدخُلُ عليها بَيْتَها إلَّا بإذْنِ زَوْجِها؛ لِما رَوَى عمرُو بنُ العاصِ، قال: نَهى رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أنْ يُسْتأذَنَ على النِّساءِ إلَّا بإذْنِ أزْواجِهنَّ. رواه أحمدُ في «مُسْنَدِه» (1). فأمَّا الشَّهادةُ عليها في غيرِ بييها فجائزَة؛ لأنَّ إقْرارَها صحيح، وتَصَرُّفَها إذا كانتْ رَشِيدَةً صحيحٌ، فجازَ أن يَشْهدَ عليها به.
فصل: وإذا عَرَفَ الشّاهدُ خطَّه، ولم يذْكُرِ الشَّهادَةَ، فهل يجوزُ أنْ يَشْهدَ بذلك؟ على رِوايَتَيْن؛ إحداهما، لا يجوزُ. قال أحمدُ في رِوايةِ حربٍ، في مَن يَرَى خَطَّه وخاتَمَه ولا يذْكرُ الشهادةَ: لا يَشْهدُ إلَّا بما يَغلَمُ. وقال في رِوايةٍ: يَشْهدُ إذا عرَفَ خَطَّه، وكيفَ تكونُ الشَّهادةُ إلَّا هكذا؟. وقال في موضع آخَرَ: إذا عَرَفَ خَطَّه، ولم يحْفَظْ، فلا يَشْهدُ، إلَّا أنْ يكونَ مَنْسوخًا عندَه، مَوْضوعًا تحتَ خَتْمِه وحرزِه، فيَشْهدُ وإن لم يَحفَظْ. وقال أيضًا: إذا كان رَدِئَ الحِفْظِ (2)، فيَشْهَدُ ويَكتُبُها عندَه. وهذه رِوايةٌ ثالثةٌ، وهو أنْ يَشْهدَ إذا كانت مَكْتوبةٌ عندَه بخَطِّه في حِرزِه، ولا يَشْهدُ إذا لم تَكُنْ كذلك، [بمَنْزِلةِ القاضى، في إحدَى الرِّوايتَيْنِ، إذا وجدَ حُكْمَه بخَطِّه تحت خَتْمِه أمضاه](3)(4)، ولا يُمضِيه إذا لم يكُنْ كذلك (3).
(1) 4/ 203.
(2)
في ق: «الخط» .
(3)
سقط من: الأصل.
(4)
تكملة من المغنى 14/ 141.