الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم كَتَب كِتابًا إلى قَيْصَرَ، ولم يَخْتِمْه، فقيل له: إنَّه لا يَقْرأُ كتابًا غيرَ مَخْتُومٍ. فاتَّخَذَ الخاتَمَ (1). واقْتِصارُه على الكتابِ دُونَ الخَتْمِ، دليلٌ على أنَّ الخَتْمَ ليس بشَرْطٍ في القَبولِ، وإنَّما فَعَلَه النبىُّ صلى الله عليه وسلم ليَقْرَءُوا كِتابَه. ولأنَّهما (2) شَهِدَا بما في الكتابِ، وعَرَفا ما فيه، فوَجَبَ قَبولُه، كما لو وَصَل مَخْتُومًا وشَهِدا بالخَتْمِ. إذا ثَبَت هذا، فإنَّه إنَّما يُعْتَبَرُ (3) ضَبْطُهما لمعنَى الكتابِ وما يتَعَلَّقُ به الحكمُ. قال الأثْرَمُ: سَمِعْت أبا عبدِ اللهِ يُسْألُ عن قومٍ شَهِدُوا على صحيفةٍ، وبعضُهم يَنْظُرُ فيها، وبعضُهم لا يَنْظُرُ؛ قال: إذا حَفِظَ فلْيَشْهَدْ. قيل: كيف، وهو كلامٌ كثيرٌ! قال: يَحْفَظُ ما كان عليه الكلامُ والوَضْعُ. قلتُ: يَحْفَظُ المعنَى؟ قال: نعم. قيل له: والحدودَ والثَّمَنَ وأشْباهَ ذلك؟ قال: نعم.
4932 - مسألة: (ولو أدْرَجَ الكِتابَ وخَتَمَه، وقال: هذا خَطِّى، اشْهَدا علىَّ بما فيه)
أو: قد أشْهَدْتُكما على نفسِى بما فيه (لم يَصِحَّ)
(1) أخرجه البخارى، في: باب دعوة اليهودى والنصرانى، من كتاب الجهاد، وفى: باب نقش الخاتم، وباب اتخاذ الخاتم، من كتاب اللباس. صحيح البخارى 4/ 54، 7/ 202، 203. ومسلم، في: باب في اتخاذ النبى صلى الله عليه وسلم خاتما. . . .، من كتاب اللباس والزينة. صحيح مسلم 3/ 1657. وأبو داود، في: باب ما جاء في اتخاذ الخاتم، من كتاب الخاتم. سنن أبى داود 2/ 405. والترمذى، في: باب في مكاتبة المشركين، وباب ما جاء في ختم الكتاب، من أبواب الاستئذان. عارضة الأحوذى 6/ 183، 185. والإمام أحمد، في: المسند 3/ 169، 170، 181، 198، 275.
(2)
بعده في م: «لو» .
(3)
سقط من: الأصل.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
هذا التَّحَمُّلُ. وبه قال أبو حنيفةَ، والشافعىُّ. وقال أبو يُوسفَ: إذا خَتَمَه بخَتْمِه وعَنْوَنَه، جاز أن يتَحَمَّلا الشَّهادةَ عليه مُدْرَجًا، فإذا وَصَل الكتابُ شَهِدا عندَه أنَّه كتابُ فُلانٍ. ويَتَخَرَّجُ لَنا مثلُ هذا؛ فإنَّهما شَهِدا بما في الكتابِ، فجاز وإن لم يَعْلَما تَفْصِيلَه، كما لو شَهِدا بما في هذا الكِيسِ مِن الدَّراهِمِ، جازَتْ شَهادَتُهما وإن لم يَعْرِفا قَدْرَها. ولَنا، أنَّهما شَهِدا بمَجْهُولٍ لا يَعْلَمانِه، فلم تَصِحَّ شَهادَتُهما، كما لو شَهِدا أنَّ لفُلانٍ على فُلانٍ مالًا. وفارَقَ ما ذَكَرَه، فإنَّ تَعْيينَه الدَّراهِمَ التى في الكِيسَ أغْنَى عن معرفةِ قَدْرِها، وههُنا الشهادةُ على ما في الكتابِ دُونَ الكتابِ، وهما لا يَعْرِفانِه.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الشَّرْطُ الثانى، أن يَكْتُبَه القاضى مِن مَوْضِعِ عَمَلِه ووِلَاِيَتِه، فإن كَتَبَه مِن غيرِ وِلاِيَتِه، لم [يَسُغْ قَبولُه](1)، لأنَّه لا يَسُوغُ له في غيرِ وِلاِيَتِه حُكمٌ، فهو فيه كالعامِّىِّ.
(1) في الأصل، ق:«يسمع قوله» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الشَّرْطُ الثالثُ، أن يَصِلَ الكتابُ إلى المكتوبِ إليه في مَوْضِعِ وِلايَتِه، فإن وَصَله في غيرِه، لم يكنْ له قبولُه حتى يصيرَ إلى مَوْضِعِ وِلايَتِه. ولو تَرافَعَ إليه خَصْمانِ في غيرِ محَلِّ وِلايَتِه، لم يكنْ له الحُكْمُ بينَهما بحُكْمِ وِلايَتِه، إلَّا أن يتَراضَيا به (1)، فيكون حُكْمُه حكْمَ غيرِ القاضى إذا تَراضَيا به. وسواء كان الخَصْمان مِن أهلِ عَمَلِه أو لم يكونا. ولو تَرافَعَ إليه خَصْمان، وهو في مَوْضِعِ وِلايَتِه، مِن غيرِ أهلِ وِلايَتِه، كان له الحُكْمُ بينَهما؛ لأنَّ الاعْتِبارَ بمَوْضِعِهما، إلَّا أن يَأْذَنَ الإِمامُ لقاضٍ أن يَحْكُمَ بينَ أهلِ وِلايَتِه حيثُ كانوا، ويَمْنَعَه مِن الحكمِ بينَ غيرِ أهلِ وِلايَتِه حيثُما كان، فيكونَ الأمرُ على ما أذِنَ فيه ومَنع منه؛ لأنَّ الوِلايَةَ بتَوْلِيَتِه، فيكونُ الحُكْمُ على وَفْقِها.
(1) في م: «عليه» .