الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وإنْ تَنَازَعَا مُسَنَّاةً بَيْنَ نَهْرِ أحَدِهِمَا وَأرْضِ الْآخَرِ، [341 و] تَحَالَفَا، وَهِيَ بَيْنَهُمَا. وإنْ تَنَازَعَا صَبِيًّا في يَدَيْهِمَا، فَكَذَلِكَ.
ــ
4979 - مسألة: (وَإن تَنازَعا مُسَنَّاةً
(1) بينَ نهْرِ أحَدِهما وأرْضِ الآخَرِ، تَحالَفا، وهي بينَهما) لأنَّها حاجِز بينَ مِلْكَيْهِما، فكانتْ يَدُهما عليه، كما لو تَنازَعا حائطًا بينَ دَارَيْهما. وفي كلِّ مَوْضِعٍ قُلْنا: هو بَيْنَهما نِصْفَيْن. إنَّما يَحْلِفُ كلُّ واحدٍ منهما على النِّصْفِ الذي يجْعَلُه له دونَ ما لا يحْصُلُ له.
4980 - مسألة: (وإن تَنازَعا صَبِيًّا في يَدَيْهِما، فكذلك)
لأنَّ
(1) المُسَنَّاة: سد يبني لحجز ماء السيل أو النهر، به مفاتيح للماء تفتح على قدر الحاجة.
وَإِنْ كَانَ مُمَيِّزًا، فَقَالَ: إنِّي حُرُّ. فَهُوَ حُرُّ، إلَّا أَنْ تَقُومَ بَيِّنَة بِرِقِّهِ.
وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ كَالطِّفْلِ.
ــ
يَدَيْهما عليه، واليَدُ دَلِيلُ المِلْكِ، والطِّفْلُ لا يُعَبِّرُ عن نفْسِه، فهو كالبَهِيمَةِ والمتاعِ، إلَّا أن يُعْرَفَ (1) أنَّ سَبَبَ يَدِه غيرُ المِلْكِ، مثلَ أن يَلْتَقِطَه، فلا تُقْبَلُ دَعْواه لرِقِّه؛ لأنَّ اللَّقِيطَ مَحْكُومٌ بحُرِّيته، فأمَّا غيرُه فقد وُجِدَ فيه دليلُ المِلْكِ مِن غيرِ مُعارِض، فيُحْكَمُ برِقه. فعلى هذا، إذا بَلَغ، فادَّعَى الحُرِّيَّةَ، لم تُسمَعْ دَعْواهُ؛ لأنَّه مَحْكُومٌ برِقِّه قبلَ دَعْواهُ (فأمَّا إن كان مُمَيِّزًا، فقال: إنِّي حُرٌّ) مُنِعا منه (إلَّا أن تَقُومَ بَيِّنَةٌ برِقِّه) لأنَّ الظَّاهِرَ الحُرِّيّةُ، وهي الأصْلُ في بَنِي آدَمَ، والرِّق طارِئٌ عليها، فإن كان له بَيِّنَةٌ، قُدِّمتِ البَيِّنَةُ؛ لأنّها تُقَدّمُ على الأصْلِ؛ لأنَّها تَشْهَدُ بزِيادَةٍ (ويَحْتَمِلُ أن يكونَ كالطِّفْلِ) فيكونُ بينَهما؛ لأنَّه غيرُ مُكَلَّفٍ، أشْبَهَ الطِّفْلَ. والأوَّلُ
أوْلَى؛ لأنَّ المُمَيِّزَ يَصِحُّ تَصَرُّفُه بالوَصِيَّةِ، ويلْزَمُ بالصّلاةِ، أشْبَهَ البَالِغَ،
(1) في ق، م:«يعترف» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ولأنَّه يُعْرِبُ عن نَفْسِه في دَعْوَى الحُرِّيَّةِ، أشْبَهَ البَالِغَ. فأمَّا البالِغُ إذا ادَّعَى رِقَّه فأنْكَرَ، لم يَثْبُتْ رِقُّه إلَّا ببَيِّنَةٍ. وإن لم تكُنْ له بَيِّنَة، فالقَوْلُ قَوْلُه مع يَمِينِه في الحُرِّيةِ؛ لأنَّها الأصْلُ. وهذا مذهبُ الشافعىِّ، وأبي ثَوْرٍ، وأصحابِ الرأىِ. فإنِ ادَّعَى رِقَّه اثْنَانِ، فأقرَّ لهما بالرِّقِّ، ثَبَتَ رِقُّه.
فإنِ ادَّعاه كلُّ واحدٍ منهما لِنَفْسِه، فاعْتَرَفَ لأحَدِهما، فهو لمَن اعْتَرَفَ له. وبه قال الشافعي. وقال أبو حنيفةَ: يكونُ بينَهما نِصْفَيْن؛ لأنَّ يَدَهما عليه، فأشْبَهَ الطِّفْلَ والثَّوْبَ. ولَنا، أنَّه إنَّما ثَبَتَ رِقُّه باعْتِرافِه، فكان مَمْلُوكًا لمَن اعْتَرَفَ له، كما لو لم تكُنْ يَدُه عليه. ويُخالِفُ الثوْبَ والطِّفْلَ؛ فإنَّ المِلْكَ حَصَلَ فيهما باليَدِ، وقد تَساوَيا فيها، وَها هُنا حصَلَ بالاعْتِرَافِ، وقد اخْتَصَّ به أحَدُهما، فكان مُخْتَصًّا به. فإن أقامَ كُلُّ واحِدٍ منهما (1) بَيِّنَةً أنَّه مَمْلُوكُه، تعارَضَتا، وسَقَطَتا، ويُقْرَعُ بينَهما، أو يُقْسَمُ بينَهما، على ما مَرَّ مِن التفْصِيل. فإن قُلْنا بسُقُوطِهما، ولِم يَعْتَرِفْ لهما بالرِّقِّ، فهو حُرٌّ، وإنِ اعْتَرَفَ لأحَدِهما، فهو لمن اعْتَرَف له، وإن أقَرَّ لهما معًا، فهو بينَهما؛ لأن البَيِّنَتَيْن سَقَطَتا، فصارَتَا كالمعْدُومَتَيْن. وإن قُلْنا بالقُرْعَةِ أو بالقِسْمَةِ، فأنْكَرَهما، لم يُلْتَفَتْ إلى إنْكارِه، وإنِ اعْتَرَفَ لأحَدِهما، لم يُلْتَفَتْ إلى اعْتِرافِه؛ لأنَّ رِقَّه ثابِتٌ بالبَيِّنَةِ، فلم يبْقَ له يَدٌ على نَفْسِه، كما قُلْنا فيما إذا ادَّعَى رَجُلان دارًا في يَدِ ثَالثٍ، وأقامَ كُلُّ واحدٍ
(1) سقط من: م.