الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تَحَمُّلُ الشَّهادَةِ وَأدَاؤها فرض عَلَى الْكِفَايَةِ، إذَا قَامَ بِها مَن يَكْفِىِ، سَقَطَ عَنِ الْبَاقِينَ، وإنْ لَمْ يَقُف بِها مَنْ يَكْفِى، تَعَيَّنَتْ عَلى مَنْ وُجِدَ.
ــ
وقِيل: لأنَّ الشّاهِدَ يُخْبِرٌ، ويَجْعَلُ الحاكِمَ كالمشاهِدِ (1) للمَشْهودِ عليه. وتُسَمَّى بَيِّنَةً؛ لأنَّها تُبَيِّنُ ما الْتَبَسَ (2)، وتَكْشِفُ الحقَّ في المُخْتَلَفِ فيه.
5012 - مسألة: (تَحَمُّلُ الشَّهادَةِ وأداؤُها فَرضٌ على الكِفايَةِ، إذا قام بها مَن يَكْفِى، سَقَطَتْ عن الباقِين، وإن لم يَقُف بها)
أحَدٌ (تَعَيَّنَتْ على مَن وُجدَ) لقولِ الله تِعالى: {وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا} (3). وقال: {وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ} (4). وإنَّما
(1) في ق، م:«كالشاهد» .
(2)
في ق: «البينتين» .
(3)
سورة البقرة 282.
(4)
سورة البقرة 283.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
خَصَّ القلبَ بالإثْمِ؛ لأنَّه مَوْضِعُ العِلْمِ بها، ولأنَّ الشَّهادةَ أمانَةٌ، فلزِمَ أداؤها، كسائرِ الأماناتِ. وقال الله تعالى:{إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} (1). إذا ثَبَتَ هذا، فإذا دُعِىَ إلى تَحَمُّلِ شَهادةٍ في نِكاحٍ أو دَيْن أو عِدَّةٍ، لَزِمَتْه الإجابَةُ، قال اللهُ تعالى:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ} (2). فإنْ قام بالفرضِ في التَّحَمُّلِ والأداءِ اثنان، سَقَط عن الجميعِ، وإنِ امتَنَعَ الكُلُّ أثِمُوا، وإنَّما يأثَمُ الممتَنِعُ إذا لم يكُنْ عليه ضَرَرٌ، وكانت شَهادَتُه تنْفَعُ، فإن كان عليه ضَرَر في التَّحَمُّلِ أو الأداءِ، أو كان ممَّن لا تُقْبَلُ شهادَتُه، أو يَحْتاجُ إلى التَّبَذُّلِ في التَّزْكِيَةِ، لم تَلْزَمه؛ لقول اللهِ تعالى:{وَلَا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلَا شَهِيدٌ} (3). وقولِ النبىّ صلى الله عليه وسلم: «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ (4)» . ولأنَّه لا يَلْزَمُه أنْ يَضُرَّ نَفْسَه لنَفْعِ غيرِه. وإذا كان ممَّن لا تُقْبَلِ شهادَتُه، لم تجِبْ عليه؛ لأنَّ مقْصُودَ الشَّهادَةِ لا يحصُلُ منه. وهل يَأثَمُ بالامتِناعِ
(1) سورة النساء 58.
(2)
سورة النساء 135.
(3)
سورة البقرة 282.
(4)
في الأصل، في:«إضرار» .
والحديث تقدم تخريجه في 6/ 368.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
إذا وُجِدَ غيره ممَّن يقوم مَقامَه؟ فيه وَجهان؛ أحدهما، يأْثَمُ؛ لأنَّه قد تَعَيَّنَ بدُعائِه، ولأنَّه مَنْهِىٌّ عن الامتِناعِ بقولِه تعالى:{وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا} . والثاني، لا يَأْثَمُ؛ لأنَّ غيرَه يقوم مَقامَه، فلم تَتَعَيَّنْ في حَقِّه، كما لو لم يُدْعَ إليها. فأمّا قولُ اللهِ تعالى:{وَلَا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلَا شَهِيدٌ} . فقد قُرِئ بالفَتْحِ والرَّفْعِ، فمَن رفَعَ فهو خَبَرٌ معناه النَّهْىُ، ويَحتَمِلُ معنَيَيْن؛ أحدهما، أن يكونَ الكاتِبُ فاعلاً؛ أى لا يَضُرَّ الكاتِبُ؛ والشَّهِيد مَن يَدعوه، بأن لا يجِيبَ، أو يَكْتبَ ما لم يسْتَكْتَبْ، أو يَشْهدَ بما لم يُسْتَشْهد به (1). والثاني، أنْ يكونَ {يضارّ} فِعْلَ ما لم يُسَمَّ فاعِلُه، فيكون مَعْناه ومَغنَى الفَتْحِ واحدًا؛ أى لا يضَرُّ الكاتِبُ والشَّهِيدُ بأن يَقْطَعَهما (2) عن شُغْلِهما بالكِتابةِ والشَّهادَةِ، ويُمْنَعا حاجَتَهما.
(1) سقط من: م.
(2)
في ق: «بقطعها» ، وفى م:«بقطعهما» .