الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلَوْ مَاتَتِ امْرأَةٌ وَابْنُهَا، فَقَالَ زَوْجُهَا:[343 و] مَاتَتْ فَوَرِثْنَاهَا، ثُمَّ مَاتَ ابْنِى فَوَرِثْتُهُ. وَقَالَ أَخوهَا: مَاتَ ابْنُهَا. فَوَرِثَتْهُ، ثُمَّ مَاتَتْ فَوَرِثْنَاهَا. وَلَا بَيِّنَةَ، حَلَفَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى إِبْطَالِ دَعْوَى صَاحِبِهِ، وَكَانَ مِيرَاثُ الابْنِ لِأَبِيهِ، وَمِيرَاثُ الْمَرأَة لأَخِيهَا
ــ
كما لو شَهِدَ بأحدِهما شاهِدان، وبالآخَرِ شاهِدٌ واحدٌ.
5001 - مسألة: (ولو ماتَتِ امْرَأةٌ وابْنُها، فقال زوجُها: ماتَت فوَرِثْناها، ثم مات ابْنِى فوَرِثْتُه. وقال أخوها: بل مات ابْنُهَا فَوَرِثَتْه، ثم ماتَتْ فوَرِثْناها. حَلَف كلُّ واحِدٍ منهما على إبْطالِ دَعْوى صاحِبِه، وكان مِيرَاثُ الابْنِ لأبِيهِ، وَمِيرَاثُ المَرْأةِ لأخِيهَا وَزوْجِهَا نِصْفَيْنِ. وإن
وَزَوْجِهَا نِصْفَيْنِ. وَإنْ أَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيِّنَةً بِدَعْوَاهُ، تَعَارَضَتَا، وَسَقَطَتَا. وَقِيَاسُ مَسَائِلِ الْغَرْقَى، أَنْ يُجْعَلَ لِلْأَخِ سُدْسُ مَالِ الابْنِ، وَالبَاقِى لِلزَّوْجِ.
ــ
أقامَ كلُّ واحِدٍ منهما بَيِّنَةً بدَعْواه، تَعارَضَتا، وسَقَطَتا أيْضًا. وَقِيَاسُ مَسائِلِ الغَرْقَى، أن يُجْعَلَ للأخِ سُدْسُ مالِ الابْنِ، والباقِى للزَّوْجِ) وجملةُ ذلك، أنَّه إذا مات جَماعَةٌ يَرِثُ بعْضُهم بعْضًا، واخْتَلَفَ الأحْياءُ مِن وَرَثَتِهم في السَّابِقِ بالموتِ في المسْألَةِ المذْكورَةِ، فقال الزَّوجُ: ماتتِ المرأةُ أوَّلًا، فصارَ مِيراثُها كلُّه لى ولابْنِى، ثمَّ مات ابْنِى فصارَ مِيراثُه لى. وقال أخُوها: مات ابْنُها أوَّلًا، فوَرِثَتْ ثُلُثَ مالِه، ثم ماتَتْ فكانَ مِيراثُها بَيْنِى وبَيْنَك نِصْفَيْن. حَلَف كلُّ واحدٍ منهما على إبْطالِ دَعْوى صاحِبِه، وجَعَلْنا
مِيراثَ كلِّ واحدٍ منهما للأحْياءِ مِن وَرَثَتِه، دُونَ مَن مات معه؛ لأنَّ سَبَبَ اسْتِحْقاقِ الحَىِّ مِن مَوْرُوثِه مَوْجُودٌ، وإنَّما يَمْتَنِعُ لبقاءِ مَوْرُوثِ الآخَرِ بعدَه، وهذا الأمْرُ مَشْكُوكٌ فيه، فلا نَزُولُ عن اليَقِينِ بالشَّكِّ، فيكونُ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
مِيراثُ الابْنِ لأبِيه، لا مُشارِكَ له فيه، ومِيراثُ المرْأةِ بينَ أخيها وزَوْجِها نِصْفَيْن. وهذا مذهبُ الشافعىِّ. فإنْ قِيلَ: فقد أعْطَيْتُم الزَّوجَ النِّصْفَ، وهو لا يَدَّعِى إلَّا الرُّبْعَ. قُلْنا: بل هو مُدَّعٍ لجَمِيعِه؛ رُبْعُه [بمِيراثِه منها](1)، وثلاثةُ أرْباعِه بإرثِه (2) مِن ابنِه (3) قال أبو بَكْرٍ: قد ثَبَتَتِ البُنُوَّةُ بيَقِينٍ، فلا يُقْطَعُ ميراثُ الأبِ فيه إلَّا بِبَيِّنَةٍ تَقُومُ للأخِ. وهذا تَعْلِيلٌ لقَوْلِ الخِرَقِىِّ في هذه المسْألَة. وذكَرَ قَوْلًا آخَرَ يَحْتَمِلُ أنَّ المِيراثَ بينَهما نِصْفَيْن، [قال: وهذا اخْتِيارى أنَّ كلَّ رجلين ادَّعَيا ما لا يُمْكِنُ
صِدْقهما فيه، فهو بينَهما نصفين] (4). قال شيْخنا (5): وهذا لا (6) يُدْرَى ما أرادَ به؛ إن أرادَ أنَّ مالَ المرْأةِ بينَهما نِصْفَيْن، [فهو قولُ الخِرَقِىِّ، وليس بقولٍ آخرَ، وإن أرإدَ أنَّ مالَها ومالَ الابْنِ بينَهما نِصْفَيْن](4)، لم يَصِحَّ؛
(1) في م: «بميراثها منه» .
(2)
في م: «بميراثه» .
(3)
في ق، م:«أبيه» .
(4)
سقط من: ق، م.
(5)
في: المغنى 14/ 327.
(6)
في ق، م:«ما» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
لأنَّه يُفْضِى إلى إعْطاءِ الأخِ ما لا يَدَّعِيه، ولا يَسْتَحِقُّه يَقِينًا؛ لأنَّه لا يَدَّعِى مِن مالِ الابْنِ أكثرَ مِن سُدْسِه، ولا يُمْكِنُ أن يَسْتَحِقَّ أكثرَ منه، وإن أرادَ أنَّ ثُلُثَ مالِ الابنِ يُضَمُّ إلى مالِ المرْأةِ، فيَقْسِمانِه نِصْفَيْن، لم يَصحَّ؛ لأنَّ نِصْفَ ذلك إلى الزَّوْجِ باتِّفاقٍ منهما، لا يُنازِعُه الأخُ فيه، وإنَّما النِّزاعُ بينَهما في نِصفِه. ويَحْتَمِلُ أن يكونَ هذا مُرادَه، كما لو تَنازَعَ رجلان دارًا في أيْدِيهما، فادَّعاها أحدُهما كُلَّها، وادَّعَى الآخَرُ نِصْفَها، فإنَّها تُقْسَمُ بينَهما نِصْفَيْن، وتكونُ اليَمِينُ على مُدَّعِى النِّصْفِ، إلَّا أنَّ الفَرْقَ بينَ هذه المسْألةِ وتلك، أنَّ الدَّارَ في أيْدِيهما، فكلُّ واحدٍ منهما في يَدِه نِصْفُها، فمُدَّعِى النِّصْفِ يدَّعِيه وهو في يَدِه، فقُبِلَ قَوْلُه فيه مع يَمِينِه، وفى مسْألَتِنا يَعْتَرِفان أنَّ هذا مِيراثٌ عن المَيِّتَيْن (1)، فلا يَدَ لأحدِهما عليه؛ لاعْتِرافِهما
(1) في ق، م:«البنين» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
بأنَّه لم يَكنْ لهما، وإنَّما هو مِيراثٌ يَدَّعِيانِه مِن غيرِهما. وإِن أرادَ أنَّ سُدْسَ مالِ الابْنِ يُضَمُّ إلى نِصْفِ مالِ المرْأةِ، فيُقْسَمُ بينَهما نِصْفيْن، فله وَجْهٌ؛ لأنَّهما تَساوَيا في دَعْواه، فيُقْسَمُ بينَهما، كما لو تَنازَعا دابَّةً في أيْدِيهما، وعلى كلِّ واحدٍ منهما اليَمِينُ فيما حُكِمَ له به. والذى يَقْتَضِيه قَوْلُ أصْحابِنا في الغَرْقَى والهَدْمَى، أنْ يكونَ سُدْسُ الابْنِ للأخِ، وباقى مِيراثِهما للزَّوْجِ؛ لأنَّا نُقَدِّرُ أنَّ المرأةَ ماتَتْ أوَّلًا، فيَكونُ مِيراثها لابْنها وزَوْجِها، ثم مات الابْنُ، فوَرِثَه أبُوه، وهو الزَّوْجُ، فصار مِيراثُها كلُّه لزوجِها، ثم نُقَدِّرُ أنَّ الابْنَ مات أوَّلًا، فوَرِثَه أبَواه؛ لأُمِّه الثُّلُثُ، ثمَّ ماتَتْ، فصار الثُّلُثُ بينَ أخِيها وزَوْجِها نِصْفَيْن، لِكُلِّ واحدٍ منهما السُّدْسُ، فلم يَرِثِ
الأخُ إلَّا سُدْسَ مالِ الابْنِ، كما ذَكَرْنا. قال شيْخُنا (1): ولَعل هذا القَوْلَ يَخْتَصُّ بمَن جُهِلَ مَوْتُهما، واتَّفَقَ وُرَّاثُهما (2) على الجَهْلِ به. والقَوْلانِ
(1) في: المغنى 14/ 328.
(2)
في الأصل: «وارثهما» .
فَصْلٌ: إِذَا شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى مَيِّتٍ أَنَّهُ وَصَّى بِعِتْقِ سَالِمٍ، وَهُوَ ثُلُثُ مَالِهِ، وَشَهِدَتْ أُخْرَى أَنَّهُ وَصَّى بِعِتْقِ غَانِمٍ، وَهُوَ ثُلُثُ
مَالِهِ، أُقْرِعَ بَيْنَهُمَا، فَمَنْ تَقَعُ لَهُ الْقُرْعَةُ، عَتَقَ دُونَ صَاحِبِهِ، إِلَّا أَنْ يُجِيزَ الْوَرَثَةُ.
ــ
المُتَقَدِّمان؛ قولُ الخِرَقِىِّ، وقَوْلُ أبى بكر، فيما إذا ادَّعَى وَرَثَةُ كلِّ مَيِّتٍ أنَّه مات أخِيرًا، وأنَّ الآخرَ مات قَبْلَه، فإن كان لأحَدِهما بَيِّنَة بما ادَّعاهُ، حُكِمَ له بها، وإن أقاما بَيِّنَتَيْن، تَعارَضَتا، وهل يَسْقُطان، أو يُقْرَعُ بينَهما، أو يَقْتَسمان ما اخْتَلَفا فيه؟ يُخَرجُ على الرِّواياتِ الثَّلاثِ. واللهُ أعلمُ.
فصل: قال الشَّيْخُ، رحمه الله:(إذا شَهِدَت بَيِّنَةٌ على مَيِّتٍ أنَّه وَصَّى بعِتْقِ سالمٍ، وهو ثُلُثُ مالِه، وشَهِدَت) بَيِّنَةٌ (أُخْرى أنَّه وَصَّى بعِتْقِ غانمٍ، وهو ثُلُثُ مالِه، أُقْرِعَ بينَهما، فمَن تَقَعُ له القُرْعَةُ، عَتَق دُونَ صاحِبِه، إلَّا أن يُجِيزَ الوَرَثَةُ) لأنَّ الوَصِيتَّيْن ثَبتتا بشَهادَةِ العُدُولِ، فهما سَواءٌ، فيُقْرَعُ بينَهما، سَواءٌ اتَّفَقَ تارِيخُهما أو اخْتَلَفَ؛ لأنَّ الوَصِيَّةَ يَسْتَوِى فيها المُتَقَدِّمُ والمُتَأَخِّرُ، فمَن خرَجَت له القُرْعَةُ، عَتَق
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ، وَابْنُ أَبِى مُوسَى: يَعْتِقُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفُهُ بِغَيْرِ قُرْعَةٍ.
ــ
جَمِيعُه (وقال أبو بكرٍ، وابنُ أبى موسى: يَعْتِقُ نِصْفُ كلِّ واحدٍ منهما بغيرِ قُرْعَةٍ) لأنَّ القُرْعَةَ إنَّما تَجِبُ إذا كان أحدُهما عبْدًا والآخَرُ حُرًّا، ولا كذلك ههُنا، فيجبُ أن يُقْسَمَ بينَهما، ويَدْخُلُ النَّقْصُ على كلِّ واحدٍ منهما بقَدْرِ وَصِيِّتِه، كما لو أوْصَى لاثْنَيْن بمالٍ. والأوَّلُ قِياسُ المذهبِ؛ لأنَّ الإِعْتاقَ بعدَ الموْتِ كالإِعْتاقِ في مَرَضِ الموْتِ، وقد ثَبَت في الإِعتاقِ في مَرَضِ الموْتِ أنَّه يُقْرَعُ بينَهما؛ لحدِيثِ عِمْرانَ بنِ حُصَيْنٍ (1)، كذلك بعدَ الموْتِ، ولأنَّ المَعْنَى المُقْتَضِىَ في أحَدِهما في الحياةِ مَوْجُودٌ بعدَ المَماتِ، فيَثْبُتُ. فأمَّا إن صَرحَّ فقال: إذا مِتُّ، فنِصْفُ كلِّ واحدٍ مِن سالمٍ وغانم حُرٌّ. أو كان في لَفظِه ما يَقْتَضِيه، أو دَلَّت عليه قَرِينَةٌ، ثَبَت ما اقْتَضاهُ. وان أجازَ الوَرَثَةُ عِتْقَهُما عَتَقا؛ لأنَّ الحَقَّ لهم، فأشْبَهَ ما لو أعْتَقُوهُما بعدَ مَوْتِه.
(1) تقدَّم تخريجه في 17/ 124، 19/ 110.