الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإِنِ ادَّعَاهَا صَاحِبُ الْيَدِ لِنَفْسِهِ، فَقَالَ القَاضِى: يَحْلِفُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَهِىَ لَهُ. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: بَلْ يُقْرَعُ بَيْنَ المُدَّعِيَيْنِ، فَتَكُونُ لِمَنْ تَخْرُجُ لَهُ الْقُرْعَةُ.
ــ
قُبِلَ إقْرارُه. فأمَّا إنْ أقَرَّ بها في الاْبتِدَاءِ لأحَدِهما، صارَ المُقَرُّ له صاحِبَ اليَدِ؛ لأنَّ مَن هى في يَدِه مُقِرٌّ بأنَّ يدَه نائِبَةٌ عن يَدِه. وإن أقَرَّ لهما جميعًا، فاليَدُ لكلِّ واحدٍ منهما في الجُزْءِ الذى أقَرَّ له به؛ لذلك.
4993 - مسألة: (وإنِ ادَّعاها صاحِبُ اليَدِ لنَفْسِه)
وقُلْنا بسُقُوطِ البَيِّنَتَيْن (حَلَف لكلِّ واحِدٍ منهما، وهى له) وهو قَوْلُ القاضى؛ لأنَّه صاحِبُ اليَدِ، وهو مُنْكِرٌ، فلَزِمَتْه اليَمِينُ؛ لقَوْلِ النبىِّ صلى الله عليه وسلم:«اليَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ» (1)(وقال أبو بكرٍ: بل يُقْرَعُ بينَ المُدَّعِيَيْنِ، فتكونُ لمَن تخْرُجُ له القُرْعَةُ) وهذا يَنْبَنِى على أنَّ البَيِّنَتَيْن إذا تَعارَضَتا لا يَسْقُطان،
(1) تقدم تخريجه في 16/ 252.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فرَجُحَتْ إحْدَى البَيِّنَتَيْن بالقُرْعَةِ، كما لو أقَرَّ صاحِبُ اليَدِ أنَّها لأحَدِهما لا يَعْلَمُه بِعَيْنِه.
فصل: إذا تَداعَيا عيْنًا في يَدِ غيرِهما، فقال: هى لأحدِ كما لا أعْرِفُه عيْنًا. أو قال: لا أعْرِفُ صاحِبَها، أهو (1) أحدُكما أو غيرُكما. أو قال: أوْدَعَنِيها أحدُكما. أو: رَجُلٌ لا أعْرِفُه عيْنًا. فادَّعَى كلُّ واحِدٍ منهما أنَّك تَعْلَمُ أنِّى صاحِبُها، أو أنِّى أنا (2) الذى أوْدَعْتُكَها، وطَلَبَ يَمِينَه، لَزِمَه أن يَحْلِفَ له؛ لأنَّه لو أقَرَّ له، لَزِمَه تَسْلِيمُها إليه، ومَن لَزِمَه الحَقُّ مع الإِقْرارِ، لَزِمَتْه اليَمِينُ مع الإِنْكارِ، ويحْلِفُ على ما ادَّعاه مِن نَفْىِ العلمِ.
وإن صَدَّقاهُ، فلا يَمِينَ عليه. وإن صَدَّقَه أحَدُهما، حَلَفَ للآخَرِ (3).
وإن أقَرَّ بها لأحَدِهما أو لغيرِهما، صار المُقَرُّ له صَاحِبَ اليَدِ. فإن قال غيرُ المُقَرِّ له: احْلِفْ لى أنَّ العَيْنَ ليستْ مِلْكِى. أو (4): أنِّى لستُ الذى أوْدَعْتُكَها. لَزِمَتْه اليَمِينُ على ما ادَّعاهُ مِن ذلك؛ لِما ذَكَرْنا. وإن نَكَل عن اليَمِينِ، قُضِىَ عليه بِقِيمَتِها. وإنِ اعْتَرَفَ بها (5) لهما، كان الحُكْمُ
(1) في م: «أو هو» .
(2)
سقط من: الأصل.
(3)
في ق، م:«الآخر» .
(4)
في الأصل: «و» .
(5)
سقط من: ق، م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فيها كما لو كانتْ في أيْدِيهما ابْتِدَاءً، وعليه اليَمِينُ لكُلِّ وَاحِدٍ منهما في النِّصْفِ المَحْكُومِ به لصاحِبِه، وعلى كلِّ وَاحِدٍ منهما اليَمِينُ لصَاحِبِه في النِّصْفِ المَحْكُومَ له به.
فصل: إذا كان في يَدِ رَجُلٍ دارٌ، فادَّعاها نَفْسان، فقال أحدُهما: أجَرْتُكَها. وقال الآخَرُ: هى دارِى أعَرْتُكَها. أو قال: هى دارِى وَرِثْتُها مِن أبى. أو قال: هى دَارِى. ولم يذْكُرْ شيئًا آخَرَ، فأنْكَرَهما صَاحِبُ اليَدِ، فالقَوْلُ قوْلُه مع يَمِينِه. وإن كان لأحَدِهما بَيِّنَةٌ، حُكِمَ له بها. فإن أقامَ كلُّ واحِدٍ منهما بَيِّنَةً بما ادَّعاه، تَعارَضَتا، وكان الحُكْمُ على ما ذَكَرْنا فيما مَضَى، إلَّا على الرِّوايَةِ التى تُقَدَّمُ فيها البَيِّنَةُ الشَّاهِدَةُ بالسَّبَبِ، فإنَّ بَيِّنَةَ مَن ادَّعَى أنَّه وَرِثَها مُقَدَّمَةٌ؛ لشهادَتِها بالسَّبَبِ. وإن أقامَ أحدُهما بَيِّنَةً أنَّه غَصَبَه إيّاهَا، وأقامَ الآخَرُ بَيِّنَةً أنَّه أقَر له بها، فهى للمَغْصُوبِ منه، ولا تَعارُضَ بينَهما؛ لأنَّ الجَمْعَ بينَهما مُمْكِنٌ، بأن يكونَ غَصَبَها مِن
هذا وأقَرَّ بها لغيرِه، وإقْرَارُ الغاصِبِ باطِلٌ. وهذا مذهبُ الشافعىِّ. فتُدْفَعُ إلى المغْصُوبِ منه.
فصل: نقَل ابنُ منصورٍ عن أحمدَ، في رَجُلٍ أخذَ مِن رَجُلَيْن ثَوْبَيْن، أحدَهما بعشَرَةٍ والآخَرَ بعشْرِين، ثم لم يَدْرِ أيُّهما ثَوْبُ هذا [مِن ثوبِ هذا](1)، فادَّعَى أحدُهما ثوْبًا مِن هذَيْن الثَّوْبَيْن، وادَّعاه الآخَرُ: يُقْرَعُ
(1) سقط من: الأصل، وفى م:«من هذا» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
بينَهما، فأيُّهما أصابَتْه القُرْعَةُ، حَلَف وأخذَ الثَّوْبَ الجيِّدَ (1)، والآخَرُ للآخَرِ. وإنَّما قال ذلك؛ لأنَّهما تَنازَعا عَيْنًا في يَدِ غيرِهما.
فصل: إذا تَداعَيَا عَيْنًا، فقال كلُّ واحدٍ منهما: هذه العَيْنُ لى، اشْتَريْتُها (2) مِن زيدٍ بمِائةٍ، ونَقَدْتُه إيَّاها. ولا بَيِّنَةَ لواحِدٍ منهما، فإن أنْكَرَهما (3) زيدٌ، فهى له مع يَمِينِه، وإن أقَرَّ بها لأحَدِهما، سَلَّمَها إليه، وحَلَف للآخَرِ. وإن أقَرَّ لكُلِّ واحدٍ منهما بنِصْفِها، سُلِّمَتْ إليهما، وحَلَف لكلِّ واحدٍ منهما على نِصْفِها (4). وإن قال: لا أعْلَمُ لمَن هى.
أُقْرِعَ بينَهما، فمَن خَرَجَتْ له القُرْعَةُ، حَلَف وأخَذَها. وإن حَلَف البائِعُ له، ثم أقَرَّ بها لأحَدِهما، سُلِّمَتْ إليه، ثم (5) إن أقَرَّ بها للآخَرِ، لَزِمَتْه غَرامَتُهِا له. وإن أقامَ كُلُّ واحدٍ منهما بَيِّنَةً بما ادَّعاه، وكانَتا مُؤَرَّخَتَيْن بتارِيخيْن مُخْتَلِفَيْن، مثلَ أن يَدَّعِىَ أحدُهما أنَّه اشْتَراها في المُحَرَّمِ، وادَّعَى الآخَرُ أنَّه اشْتَراها في صَفَر، وشَهِدَتْ بَيِّنَةُ كُلِّ واحدٍ منهما للآخَرِ بدَعْواه، فهى للأوَّلِ؛ لتَقَدُّمِ بَيِّنَتِه بأنَّه باعَها منه أوَّلًا، وزَالَ مِلْكُه عنها، فيكونُ
(1) في ق، م:«الجديد» .
(2)
في ق، م:«استدنتها» .
(3)
في الأصل: «أنكرها» .
(4)
في الأصل: «نفسه» .
(5)
في ق، م:«و» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
بَيْعُ الثانِى باطِلًا، لكَوْنِه باعَ ما لا يَمْلِكُه، ويُطالَبُ برَدِّ الثَّمَنِ. وإنِ اتَّفَقَ تارِيخُهما، أو كانَتا مُطْلَقَتَيْن، أو أحَدُهما مُطْلَقَةً وِالأُخْرَى مُؤَرَّخَةً، تَعارَضَتا؛ لتَعَذُّر الجَمْعِ، فيُنْظَرُ في العَيْنِ؛ فإنْ كانتْ في يَدِ أحَدِهما، انْبَنَى ذلك على بَيِّنَةِ الدَّاخِلِ والخارِجِ، فمن قَدَّمَ بَيِّنَةَ الدَّاخِلٍ، جعَلَها لمن هى في يَدِه، ومَن قَدَّمَ بَيِّنَةَ الخارِجِ، جَعَلَها له. وإن كانتْ في يَدِ البَائِعِ، وقُلْنا: تَسْقُطُ البَيِّنَتان. رُجِعَ إلى البَائِعِ، فإن أنْكَرَهما، حَلَف لهما، وكانت له، وإن أقَرَّ لأحَدِهما، سُلِّمَتْ إليه، وحَلَف للآخَرِ، وإن أقَرَّ لهما، فهى بينَهما، ويَحْلِفُ لكلِّ واحِدٍ منهما على نِصْفِها، كما لو لم يكُنْ لهما بَيِّنَة. وإن قُلْنا: لا تَسْقُطُ البَيِّنَتان. لم يُلْتَفَتْ إلى إنْكارِه ولا
اعْتِرَافِه. وهذا قَوْلُ القاضِى، واكثرِ أصْحابِ الشافعىِّ؛ لأنَّه قد ثَبَت زَوالُ مِلْكِه، وأنَّ يَدَه لا حُكْمَ لها، فلا حُكْمَ لقَوْلِه، فمن قال: يُقْرَعُ بينَهما.
أُقْرِعَ بينَهما، فمَن خَرَجَت له القُرْعَةُ، فهى له مع يَمِينِه. وهذا قَوْلُ القاضِى، لم يَذْكُرْ غيرَه. وقال أبو الخَطَّابِ: تُقْسَمُ بينَهما. وقد نَصَّ عليه أحمدُ في رِوايَةِ الكَوْسَجِ، في رَجُلٍ أقامَ بَيِّنَةً أنَّه اشْتَرَى سِلْعَةً بمِائةٍ، وأقامَ الآخَرُ بَيِّنَةً أنَّه اشْتَرَاها بمائَتَيْن: فكلُّ واحدٍ منهما يَسْتَحِقُّ نِصْفَ السِّلْعَةِ بنِصْفِ الثَّمَنِ، ويكُونان شَرِيكَيْن. وحملَ القاضِى هذه الرِّوايَةَ على أنَّ العَيْنَ في أْيدِيهما، أو على أنَّ البَائِعَ أقَرَّ لهما جيعًا. وإطْلاقُ الرِّوايَةِ يدُلُّ على صِحَّةِ قَوْلِ أبى الخَطَّابِ. فعلى هذا، إن كان المَبِيعُ ممّا لا يدْخُلُ
في ضَمانِ المُشْتَرِى إلَّا بقَبْضِه، فلكلِّ واحدٍ منهما الخِيارُ؛ لأنَّ الصَّفْقَةَ