الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ شُرُوطِ مَنْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ
وَهِىَ سِتَّةٌ؛ أَحَدُهَا، الْبُلُوغُ، فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الصِّبْيَانِ. وَعَنْهُ، تُقْبَلُ مِمَّن هُوَ فِى حَالِ الْعَدَالَةِ. وَعَنْهُ، لَا تُقْبَلُ إلَّا فِى الْجِرَاحِ، إذَا شَهِدُوا قَبْلَ الافْتِرَاقِ عَنِ الْحَالِ الَّتِى تَجَارَحُوا عَلَيْهَا.
ــ
بَابُ شُرُوطِ مَنْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ
(وهى سِتَّةٌ؛ أحدُها، البُلوغُ، فلا تُقْبَلُ شَهادةُ الصِّبْيانِ. وعنه، تقْبَلُ ممَّن هو في حالِ العَدالَةِ. وعنه، لا تُقْبَلُ إلَّا في الجِراحِ، إذا شَهِدُوا قبلَ الافْتِراقِ عن الحالِ التى تَجارَحوا عليها) اخْتلفَتِ الرِّواية عن أحمدَ، رحمه الله، في ذلك، فالمشْهورُ عنه، أنَّها لا تُقْبَلُ شَهادةُ الصَّبِىِّ ما لم يَبْلُغْ. رُوِىَ هذا عن ابنِ عبَّاسٍ. وبه قال القاسِمُ، وسالمٌ، وعَطاءٌ، ومَكْحُولٌ، وابن أبي ليلَى، والأوْزَاعِىُّ، والثَّوْرِىُّ، والشافعىُّ، وإسْحاقُ، وأبو عُبَيْدٍ، وأبو ثَوْرٍ، وأبو حنيفةَ، وأصْحابُه. وعن أحمدَ رِوايةٌ ثانِيَةٌ، أنَّ شَهادَتَه تُقْبَلُ إذا كان ابنَ عشرٍ. قال ابن حامدٍ: فعلَى هذه الرِّوايةِ، تُقْبَلُ شَهادَتُهم في غيرِ الحُدودِ والقِصاصِ، كالعَبِيدِ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ورُوِىَ عن علىِّ، رَضِىَ اللهُ عنه، أنَّ شَهادةَ بعْضِهم تُقْبَلُ على بعْضٍ (1). ورُوِىَ ذلك عن شُرَيْحٍ (1)، والحسنِ، والنَّخَعِىِّ. قال إبْراهيمُ: كانوا يُجِيزُون شَهادةَ بعْضِهم على بعض فيما كان بينَهم. قال المُغِيرَة: وكان أصْحابُنا لا يُجِيزون شَهادَتَهم على رجلٍ، ولا على عبدٍ. ورَوَى الإِمامُ أحمدُ (2) بإسْنادِه عن مَسْروقٍ، قال: كُنَّا عندَ علىٍّ، فجاءَه خَمْسةُ غِلْمَةٍ، فقالوا: إنَّا كُنَّا سِتَّةَ غِلْمَةٍ نَتَغاطُّ، فغَرِقَ منّا غُلامٌ، فشهِدَ الثلاثةُ على الاثْنَيْن أنَّهما غَرَّقاه، وشهِدَ الاثْنان على الثلاثةِ أنّهم غَرَّقُوه، فجعَلَ على الاثْنَيْن ثلاثةَ أخْماسِ الدِّيَةِ، وجعلَ على الثَّلاثةِ خُمْسَيْهَا. وقَضَى بنَحْوِ هذا مَسْرُوقٌ (3). وعنه رِوايةٌ ثالِثَةٌ، أنَّ شَهادَتَهم لا تُقْبَلُ إلَّا في الجِراحِ، إذا شَهِدُوا قبلَ الافْتِراقِ عن الحالِ التى تَجارَحُوا عليها، فإنْ تَفَرَّقُوا لم تُقْبَلْ شَهادَتُهم. وهو قولُ مالِكٍ؛ لأنَّ الظَّاهِرَ صِدْقُهم وضَبْطُهم، ولا تُقَبْلُ بعدَ الافْتِراقِ؛ لأنَّه يَحْتَمِلُ أن يُلَقَّنُوا. قال ابنُ الزُّبَيْرِ: إن أُخِذُوا عندَ مُصابِ ذلك، فبالحَرِىِّ أن يَعْقِلُوا (4)
(1) أخرجه عبد الرزاق، في: باب شهادة الصبيان، من كتاب الشهادات. المصنف 8/ 350، 351.
(2)
أخرجه الإمام أحمد عن إبراهيم النخعى عن على. انظر: مسائل الإمام أحمد برواية ابنه عبد الله 3/ 1306. وعن مسروق أخرجه ابن أبي شيبة، في: المصنف 9/ 400، 401. وابن حزم، في: المحلى 10/ 614.
(3)
انظر ما أخرجه ابن أبي شيبة، في: المصنف 9/ 401. وابن حزم، في: المحلى 10/ 614.
(4)
في الأصل: «يفعلوا» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ويَحْفَظُوا. وعن الزُّهْرِىِّ أنَّ شَهادَتَهم جائِزَةٌ، ويُسْتَحْلَفُ أوْلِياءُ المَشْجُوجِ (1). وذكَرَه عن مَرْوانَ (2). والمذهبُ أنَّ شَهادتَهم لا تُقْبَلُ في شئٍ؛ لقولِ الله تِعالى:{وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ} (3). وقال: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} (4). وقال سبحانه: {مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} (5). والصَّبِىُّ ممَّن (6) لا يُرْضَى. وقال جلَّ وعزَّ: {وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ} (7). فأخْبرَ أنَّ الشاهِدَ الكاتِمَ لشَهادَتِه آثِمٌ، والصَّبِىُّ لا يَأْثَمُ، فيَدُلُّ على أنّه ليس بشاهِدٍ،
(1) أخرجه عبد الرزاق، في: المصنف 8/ 348، 349. وابن أبي شيبة، في: المصنف 6/ 280، 281. والبيهقى، في: السنن الكبرى 10/ 161، 162.
(2)
انظر: مصنف عبد الرزاق 8/ 351. وابن حزم، في: المحلى 10/ 616.
(3)
سورة البقرة 182.
(4)
سورة الطلاق 2.
(5)
سورة البقرة 182.
(6)
سقط من: م.
(7)
سورة البقرة 283.
الثَّانِي، الْعَقْلُ، فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ مَعْتُوهٍ وَلَا مَجْنُونٍ، إِلَّا مَنْ يُخْنَقُ فِى الأَحْيَانِ، إذَا شَهِدَ فِى إِفَاقَتِهِ.
ــ
ولأنَّ الصَّبِىَّ لا يَخافُ مِن مَأْثمِ الكَذِبِ (1)، فيَزَعُه عنه، ويَمْنَعُه منه، فلا تحْضل الثِّقَة بقولِه، ولأنَّ مَن لا يُقْبَلُ قوْلُه على نَفْسِه في الإقْرارِ، لا تُقْبَل شَهادته على غيرِه، كالمجْنرنِ، يُحَقِّق هذا أنَّ الإقْرارَ أوْسَعُ؛ لأنَّه ئقْبَل مِن الكافرِ والفاسِقِ والمرأةِ، ولا تَصِحُّ الشَّهادةُ منهم، ولأنَّ مَن لا تقْبَل شَهادته في المالِ، لا تُقْبَل في الجراحِ، كالفاسقِ.
(الثاني، العَقْلُ، فلا تقْبَلُ شَهادةَ مَعْتوهٍ ولا مَجْنونٍ، إلَّا مَن يُخْنَقُ في الأحْيانِ، إذا شهِدَ في) حالِ (إفاقَتِه) لا تقْبَل شَهادةُ مَن ليس بعاقِلٍ،
(1) في الأصل: «والكذب» .
الثالثُ، الْكَلَامُ، فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْأَخْرَسِ.
ــ
إجْماعًا. قاله ابنُ المُنْذِرِ (1). وسواءٌ ذهبَ عقْلُه بجُنونٍ أو سُكْرٍ أو صِغَرٍ؛ لأنَّه ليس بمُحَصِّلٍ، ولا تَحْصُلُ الثِّقَةُ بقوْلِه. فأمَّا مَن يُخْنَقُ في الأحْيانِ إذا شَهِدَ في حالِ إفاقَتِه، فتُقْبَلُ شَهادتُه؛ لأنَّها شَهادة مِن عاقلٍ، أشْبَهَ مَن لم (2) يُخْنَقْ.
(الثالثُ، الكَلامُ، فلا تُقْبَلُ شَهادةُ الأخْرَسِ) نَصَّ عليه أحمدُ، قيل له: وإن كَتَبَها؟ قال: لا أدْرِى. وهو قولُ أصْحابِ الرَّأْىِ. وقال مالِكٌ، والشافعىُّ، وابنُ المُنْذِرِ: تُقْبَلُ إذا فُهِمَتْ إشارَتُه؛ لقيامِها مَقامَ نُطْقِه في (3) أحْكامِه، مِن طلاقِه (4)، ونِكاحِه، وغيرِ ذلك، فكذلك في
(1) انظر: الإجماع 30.
(2)
سقط من: م.
(3)
بعده في م: «كل» .
(4)
في ق، م:«كلامه» .
[347 ظ] وَيَحْتَمِلُ أنْ تُقْبَلَ فِيمَا طَرِيقُهُ الرُّؤْيَةُ، إذَا فُهِمَتْ إشَارَتُهُ.
ــ
شَهادَتِه. واسْتَدَلَّ ابنُ المُنْذِرِ بأنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم أشارَ وهو جالِسٌ (1) إلى الناسِ وهم قيامٌ: «أنِ اجْلِسُوا» . فَجَلَسُوا (2). ولَنا، أنَّها شهَادةٌ بالإشارَةِ، فلم تَجُزْ، كإشارَةِ النّاطقِ؛ لأنَّ الشهادةَ يُعْتَبَرُ فيها اليَقِينُ، ولذلك لا يُكْتَفَى بإيماءِ النّاطِقِ، ولا يَحْصُلُ اليَقِينُ بالإشارةِ، وإنَّما اكْتُفِىَ بإشارَته في أحْكامِه المُخْتَصَّةِ به للضَّرُورَةِ، ولا ضَرُورةَ ههُنا. وما اسْتَدَلَّ به ابنُ المُنْذِرِ لا يَصِحُّ؛ فإنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم كان قادِرًا على الكَلامَ، وعُمِلَ بإشارَتِه في (3) الصلاةِ. ولو شهِدَ النَّاطِقُ بالإشارةِ والإيماءِ، لم تَصِحَّ شَهادَتُه (4) إجْماعًا، فعُلِمَ أنَّ الشهادةَ تُفارِقُ غيرَها مِنَ الأحْكامِ (ويَحْتَمِلُ أنْ تُقْبَلَ فيما طَرِيقُه الرُّؤْيَةُ، إذا فُهِمَت إشَارتُه) لأنَّ إشارَتَه بمَنْزِلَةِ نُطْقِه، كما في سائرِ أحْكامِه. والأوَّلُ أوْلَى؛ لأنَّا إنَّما قَبِلْنا إشارَتَه فيما يَخْتَصُّ به للضَّرُورَةِ، ولا ضَرُورةَ ههُنا.
(1) أى في الصلاة.
(2)
تقدم تخريجه في 3/ 416.
(3)
في م: «إلى» .
(4)
في الأصل: «إشارته» .
الرَّابعُ، الإِسْلَامُ، فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ كَافِرٍ، إِلَّا أَهْلَ الْكِتَابِ فِى الْوَصِيَّةِ فِى السَّفَرِ، إِذَا لَمْ يُوجَدْ غَيْرُهُمْ، وَحَضَرَ الْمُوصِىَ الْمَوْتُ، فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ، وَيُحَلِّفُهُمُ الْحَاكِمُ بَعْدَ العَصْرِ: لَا نَشْتَرِى بِهِ ثَمَنًا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى، وَلَا نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللهِ، وَإِنَّهَا
ــ
(الرابعُ، الإسلامُ، فلا تُقْبَلُ شَهادةُ كافرٍ، إلَّا أهلَ الكتابِ في الوَصِيَّةِ في السَّفَرِ، إذا لم يُوجَدْ غيرُهم، وحضَرَ المُوصِىَ الموْتُ، فتُقْبَلُ شهادَتُهم، ويُحَلِّفُهم الحاكمُ بعدَ العَصْر: لا نَشْتَرِى به ثَمَنًا ولو كانَ ذا قُرْبَى، ولا نَكْتُمُ شَهادةَ اللهِ، وإنَّها لَوَصِيَّةُ الرجلِ) بَعْييهِ (فإن عُثِرَ على
لَوَصِيَّةُ الرَّجُلِ. فَإِنْ عُثِرَ عَلَى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْمًا، قَامَ آخَرَانِ مِنْ أَوْلِيَاءِ الْمُوصِى فَحَلَفَا بِاللهِ: لَشَهَادَتُنَا أَحَقُّ مِنْ شَهَادَتِهِمَا، وَلَقَدْ خَانَا وَكَتَمَا. وَيَقْضِى لَهُمْ. وَعَنْهُ، أَنَّ شَهَادَةَ بَعْضِ أَهْلِ الذِّمَّةِ تُقْبَلُ عَلَى بَعْضٍ. وَالْأَوَّلُ الْمَذْهَبُ.
ــ
أنَّهما اسْتَحَقّا إثْمًا، قام آخَران مِن أوْلِياءِ الموصِى فحَلَفَا باللهِ: لَشَهادَتُنا أحَقُّ مِن شَهادَتِهما، ولقد خانَا وكَتَما. ويَقْضِى لهم. وعنه، أنَّ شَهادةَ بعضِ أهلِ الذِّمَّةِ تُقْبَلُ على بَعْضٍ. والأوَّلُ المذهبُ) وجملةُ ذلك، أنَّ شهادةَ أهلِ الكتابِ لا تُقْبَلُ في شئٍ على مسلمٍ ولا كافرٍ، إلَّا في الوَصِيَّةِ في السَّفَرِ، على ما نَذْكُرُه. ذكَرَه الخِرَقِىُّ. ورَوَى ذلك عن أحمدَ نحوٌ مِن عِشرين نَفْسًا. وممَّن قال: لا تُقْبَلُ شهادتُهم؛ الحسنُ، وابنُ أبي ليلَى، والأوْزاعِىُّ، ومالكٌ، وأبو ثَوْرٍ. ونقَلَ حَنْبَلٌ عن أحمدَ أنَّ شَهادةَ بعْضِهم تُقْبَلُ على بعضٍ. وخَطَّأه الخَلَّالُ في نَقْلِه هذا. وقال صاحِبُه أبو بكرٍ: هذا غَلَطٌ لا شكَّ فيه. وقال ابنُ حامدٍ: بل المَسْأَلَةُ على رِوايَتَيْن. قال أبو حَفْصٍ البَرْمَكِىُّ: تُقْبَلُ شَهادةُ السَّبْىِ بعْضِهم على بعضٍ في النَّسَبِ، إذا ادَّعَى أحدُهم أنَّ الآخَرَ أخُوه. والمذْهب الأوَّلُ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
والظَّاهِرُ غَلَطُ مَن رَوَى خِلافَ ذلك. وذهَبَت طائفةٌ مِن أهلِ العلمِ إلى أنَّ شَهادةَ بعْضِهم على بعض تُقْبَلُ، ثم اخْتلَفوا؛ فمنهم مَن قال: الكُفْرُ مِلَّة واحدة، فتُقْبَلُ شَهادَةُ اليَهُودِىِّ على النَّصْرانِىِّ، والنَّصْرانِىِّ على اليَهُودِىِّ. هذا قولُ حَمَّادٍ، وسَوَّارٍ، والثَّوْرِىِّ، وأبي حنيفةَ، وأصْحابِه. وعن قَتادَةَ.، والحَكَمِ، وأبى عُبَيْدٍ، وإسْحاقَ: تُقْبَلُ شَهادةُ كُلِّ مِلَّةٍ بَعْضِها على بعضٍ، ولا تُقْبَلُ شَهادةُ يَهُودِيٍّ على نَصْرَانِىٍّ، ولا نَصْرانِىٍّ على يَهُودِيٍّ. ويُرْوَى عن الزُّهْرِىِّ، والشَّعْبِىِّ، كقَوْلِنا وقَوْلِهم. واحْتَجُّوا بما رُوِىَ عن جابِرٍ، أنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم أجازَ شَهادةَ أهلِ الذِّمَّةِ بعْضِهم على بعضٍ. روَاه ابنُ ماجَه (1). ولأنَّ بعْضَهم يَلِى على بعْضٍ، فتُقْبَلُ شَهادةُ بعْضِهم على بعضٍ،. كالمسلمِين. ولَنا، قولُ اللهِ تعالى:{وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} (2). وقال تعالى: {وَاسْتَشْهِدُوا
(1) في: باب شهادة أهل الكتاب بعضهم على بعض، من كتاب الأحكام. سنن ابن ماجه 2/ 794. والبيهقى، في: السنن الكبرى 10/ 165. وضعفه في: الإرواء 8/ 283.
(2)
سورة الطلاق 2.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ}. إلى قَوْلِه: {مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} (1).
والكافِرُ ليس بذِى عَدْلٍ، ولا هو مِنَّا، ولا مِن رِجالِنا، ولا ممَّن نَرْضاه، ولأنَّه لا تُقْبَلُ شَهادتُه على غيرِ أهلِ دِينِه، فلا تُقْبَلُ على أهلِ دِينِه، كالحَرْبِىِّ. والخبَرُ يَرْوِيه مُجالِدٌ، وهو ضَعِيفٌ، وإن ثبَتَ فيَحْتَمِلُ أنَّه أرادَ اليَمِينَ، فإنَّها تُسَمَّى شَهادةً، قال اللهُ تعالى في اللِّعانِ:{فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ} (2). وأمَّا الوَلايةُ فمُتعلَّقُها القَرابةُ والشَّفَقَةُ، وقَرَابَتُهم ثابِتَةٌ، وشَفَقَتُهم كشَفَقةِ المُسلمِين، وجازَتْ لمَوْضِعِ الحاجَةِ، فإنَّ غيرَ أهلِ دِينِهم لا يَلى عليهم، والحاكمُ يَتعَذَّرُ عليه ذلك؛ لكَثْرَتِهِم، بخِلافِ الشَّهادةِ، فإنَّها مُمْكِنَة مِن المُسلمين، وقد رُوِىَ عن مُعاذٍ، رَضِىَ اللهُ عنه، أنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم قال:«لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ أهْلِ دِينٍ، إلَّا المُسْلِمِينَ؛ فإئهم عُدُولٌ على أنْفُسِهم، وعلى غيرِهم» (3).
(1) سورة البقرة 282.
(2)
سورة النور 6.
(3)
انظر ما أخرجه البيهقى عن أبي هريرة، في: باب من رد شهادة أهل الذمة، من كتاب الشهادات. السنن الكبرى 10/ 163. والعقيلى، في: الضعفاء الكبير 3/ 158. وعبد الرزاق عن أبي سلمة ابن عبد الرحمن، في: باب شهادة أهل الملل بعضهم عل بعض. . . .، من كتاب الشهادات. المصنف 8/ 356، 357.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: فأمَّا شَهادةُ أهلِ الكِتابِ بوَصِيَّةِ المُسافِرِ الذى ماتَ في سَفَرِه، إذا شَهِدَ بها شاهِدَان مِن أهلِ الذِّمَّةِ، قُبِلَتْ شَهادَتُهما (1)، إذا لم يُوجَدْ غيرُهما مِن المُسلمين، ويُسْتَحْلَفان بعدَ العَصْرِ على ما ذَكَرْنا في صَدْرِ المسألَةِ. قال ابنُ المُنْذِرِ: وبهذا قال أكابِرُ الماضِين. يَعنى الآيةَ التى في سُورَةِ المائدةِ. ومِمَّن قالَه؛ شُرَيْحٌ، والنَّخَعِىُّ، والأوْزاعِىُّ، ويحيى ابنُ حَمْزَةَ (2). وقَضَى بذلك عبدُ اللهِ بنُ مسعودٍ، وأبو موسى، رَضِىَ اللهُ عنهما. وقال أبو حنيفةَ، ومالكٌ، والشافعىُّ: لا تُقْبَلُ؛ لأنَّ مَن لا تُقْبَلُ شَهادَتُه في غيرِ الوَصِيَّةِ، لا تُقْبَلُ في الوَصِيَّةِ، كالفاسِقِ، ولأنَّ الفاسقَ لا تُقْبَلُ شَهادَتُه، فالكافِرُ أَوْلَى. واخْتلَفوا في تَأْوِيلِ الآيةِ؛ فمنهم مَن حَمَلَها على التَّحَمُّلِ دونَ الأداءِ، ومِنهم مَن (3) قال: المُرادُ بقَوْلِه:
(1) في ق، م:«شهادتهم» .
(2)
يحيى بن حمزة بن واقد، قاضى دمشق، ثقة، كثير الحديث، توفى سنة ثلاث وثمانين ومائة. سير أعلام النبلاء 8/ 314، 315.
(3)
سقط من: م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
{مِنْ غَيْرِكُمْ} (1). أى: مِن غيرِ (2) عَشِيرَتِكم. ومنهم مَن قال: المُرادُ بالشَّهادةِ اليَمِينُ. ولَنا، قولُ اللهِ تعالى:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَأَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ} الآية (1). وهذا نَصُّ الكتابِ، وقد قَضَى به رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وأصْحابُه، فرَوَى ابنُ عبَّاسٍ، قالِ: خرجَ رجُلٌ مِن بَنِى [سَهْمٍ مع](3) تَمِيمٍ الدَّارِىِّ، وعَدِىِّ بنِ زَيْدٍ، فماتَ السَّهْمِىُّ بأرضٍ ليس بها مُسْلِمٌ، فلَمَّا قَدِما (4) بتَرِكَتِه فَقَدُوا جَامَ فِضَّةٍ مُخَوَّصًا (5) بالذَّهبِ، فأحْلَفَهما رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، ثم وجَدُوا الجَامَ بمَكَّةَ، فقالوا: اشْتَرَيْناه مِن تَمِيمٍ وعَدِىٍّ، فقامَ رجلان مِن أوْلِياءِ السَّهْمِىِّ، فحلَفا باللهِ: لَشَهادَتُنا
(1) سورة المائدة 106.
(2)
سقط من: ق، م.
(3)
سقط من: ق، م.
(4)
في الأصل: «قدمنا» .
(5)
مُخَوَّص: مُزَيَّن.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أحَقُّ مِن شَهادَتِهما، وإنَّ الجامَ لصاحبِهم. فنزلَتْ فيهم:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ} الآية. وعن الشَّعْبِىِّ، أنَّ رجلًا مِن المُسلمين حضَرَتْه الوَفَاةُ بِدَقُوقَا (1)، ولم يَجِدْ أحدًا مِنَ المُسلمين يُشْهِدُه على وَصِيَّتِه، فأشْهَدَ رجُلَيْن مِن أهلِ الكِتابِ، فقَدِما الكُوفَةَ، فأَتَيا الأشْعَرِىَّ، فأخْبَراه، وقَدِمَا بتَرِكَتِه ووَصِيَّتِه، فقال الأشْعَرِىُّ: هذا أمرٌ لم يكُنْ بعدَ الذى كان في عَهْدِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فأحْلَفَهما بعدَ العَصْرِ، ما خَانا، ولا كَذَبا، ولا بَدَّلا، ولا كَتَما، ولا غَيَّرَا، وإنَّها لَوَصِيَّةُ الرَّجُلِ، وتَرِكَتُه، فأمْضَى شَهادتَهما. رَواهما (2) أبو داودَ (3). ورَوَى
(1) دقوقا: مدينة بين إربل وبغداد. معجم البلدان 2/ 581.
(2)
في م: «رواه» .
(3)
في: باب شهادة أهل الذمة. . . .، من كتاب الأقضية. سنن أبى داود 2/ 276.
كماأخرج الأول البخارى، في: باب قول الله تعالى: (ياآيها الذين آمنوا شهادة بينكم. . . .) من كتاب الوصايا. صحيح البخارى 4/ 16. والترمذى، في: باب تفسر سورة المائدة، من أبواب التفسير. عارضة الأحوذى 11/ 182 - 184.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الخَلَّالُ (1) حديثَ أبى موسى بإسْنادِه. وحَمْلُ الآيةِ على أنَّه أرادَ مِن غيرِ عَشِيرَتِكم، لا يَصِحُّ؛ لأنَّ الَايةَ نزَلَتْ في قِصَّةِ عَدِىٍّ وتَمِيمٍ، بلا خِلافٍ بين المُفَسِّرينَ، وقد فَسَّرَه بما قُلْنا سَعيدُ بنُ المُسَيَّبِ، والحسنُ، وابنُ سِيرِينَ، وعَبِيدَةُ، وسَعِيدُ بنُ جُبَيْرٍ، وسُلَيمانُ التَّيمِىُّ، وغيرُهم، ودلَّتْ عليه الأحاديثُ التى رَوَيْناها. ولأنَّه لو صَحَّ ما ذكَرُوه، لم تَجِبِ الأيْمانُ؛ لأنَّ الشَّاهِدَيْن مِن المسلِمينَ لا قَسَامَةَ عليهم. وحَمْلُها على التَّحَمُّلِ لا يَصِحُّ؛ لأنَّه أمرَبإحْلافِهم، ولا أيْمانَ في التَّحَمُّلِ. وحَمْلُها على اليَمِينِ لا يَصِحُّ؛ لقولِه:{فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ لَا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَنًا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَلَا نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللَّهِ} (2). ولأنَّه عَطَفَها على ذَوَىِ العَدْلِ مِن
(1) في: أحكام أهل الملل 63، في حاشية مسائل الإمام أحمد برواية ابنه عبد الله 3/ 1305.
كما أخرجه الأمام أحمد، في: باب شهادة أهل الذمة، من كتاب الشهادات. مساثل الإمام أحمد برواية ابنه عبد الله 3/ 1304. وعبد الرزاق، في: المصنف 8/ 360. وابن أبى شيبة، في: المصنف 7/ 91.
(2)
سورة المائدة 106.
الْخَامِسُ، أنْ يَكُونَ مِمَّنْ يَحْفَظُ، فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ مُغَفَّلٍ، وَلَا مَعْرُوفٍ بِكَثْرَةِ الْغَلَطِ وَالنِّسْيَانِ.
ــ
المُؤْمِنين، وهما شَاهِدان. ورَوَى أبو عُبَيْدٍ في «النَّاسِخِ والمَنْسُوخِ» (1) أنَّ ابنَ مَسعودٍ قَضَى بذلك في زَمَنِ عُثمانَ. قال أحمدُ: أهلُ المَدينةِ ليس عندَهم حديثُ أبى موسى، مِن أينَ يَعْرِفُونَه؟ فقد ثَبَت هذا الحُكْمُ بكتابِ اللهِ، وقَضاءِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وقَضاءِأصْحابِه به (2) وعَملِهم بما ثِبَت في الكِتابِ والسُّنَّةِ، فتَعَيَّنَ المصِيرُ إليه، والعَملُ به، سواءٌ وَافقَ القِياسَ أو خالَفَه. (الخامسُ، أن يكونَ مِمَّن يحْفَظُ، فلا تُقْبَلُ شَهادةُ مُغَفَّلٍ، ولا مَعْروفٍ بكَثْرَةِ الغَلَطِ والنِّسْيانِ) لأنَّ الثِّقَةَ لا تحْصُلُ بقَوْلِه؛ لاحْتِمالِ أن يكونَ مِن غَلَطِه، وتُقْبَلُ شَهادةُ مَن يَقِلٌّ ذلك منه؛ لأنَّ أحدًا لا يَسْلَمُ مِن الغَلَطِ.
(1) الناسخ والمنسوخ 213 - 215.
(2)
زيادة من: ق.
فَصْلٌ: السَّادِسُ، الْعَدَالَةُ، وَهِىَ اسْتِوَاءُ أحْوَالِهِ فِى دِيِنهِ، وَاعْتِدَالُ أقْوَالِهِ وَأَفْعَالِهِ. وَقِيلَ: الْعَدْلُ مَنْ لَمْ تَظْهَرْ مِنْهُ رِيبَةٌ. وَيُعْتَبَرُ لَهَا شَيْئَانِ؛ الصَّلَاحُ فِى الدِّينِ، وَهُوَ أدَاءُ الفَرَائِضِ، وَاجْتِنَابُ الْمَحَارِمِ، وَهُوَ أَنْ لَا يَرْتَكِبَ كَبِيرَةً، وَلَا يُدْمِنَ عَلَى صَغِيرَةٍ.
ــ
فصل: قال الشَّيْخُ، رحمه الله:(السادسُ، العَدالَةُ، وهى اسْتِواءُ أحْوالِه في دِينِه، واعْتِدالُ أقْوالِه وأفْعالِه. وقيل: العَدْلُ مَن لم تَظْهَرْ منه رِيبَةٌ. ويُعْتَبَرُ لها شَيْئان؛ الصَّلاحُ في الدِّينِ، وهو أداءُ الفَرائِضِ، واجْتِنابُ المَحارِمِ، وهو أن لا يَرْتَكِبَ كبيرةً، ولا يُدْمِنَ على صَغِيرةٍ) فإنَّ اللهَ تعالى نَهَى أن تُقْبَلَ شَهادةُ القاذِفِ، فيُقاسُ عليه كُلُّ مُرْتَكِبِ كبيرةٍ، ولا يُخْرِجُه عن العَدالةِ فِعْلُ صَغِيرةٍ؛ لقولِ اللهِ تعالى:{الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إلَّا اللَّمَمَ} (1). قيل: اللَّمَمُ صِغارُ الذُّنوبِ. ولأنَّ التَّحَرُّزَ منها غيرُ مُمْكِنٍ، وجاءَ عنِ النَّبِى صلى الله عليه وسلم،
(1) سورة النجم 32.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أنَّه قال:
إنْ تَغْفرِ اللَّهُمَّ تَغْفِرْ جَمَّا
وأىُّ عَبْدٍ لَكَ لَا أَلَمَّا (1)
أىْ: لم يُلمَّ. فإنَّ «لا» مع الماضِى بمَنْزِلةِ «لم» مع المُسْتَقْبَلِ. وقيل: اللَّمَمُ أن يُلمَّ بالذَّنْبِ، ولا يَعُودَ فيه. والكَبائِرُ كلُّ ذَنْبٍ فيه حَدٌّ، والإِشْراكُ باللهِ، وقَتْلُ النًّفْسِ التى حَرَّمَ اللهُ، [وشهادَةُ الزُّورِ](2)، وعُقُوقُ الوَالِدَيْن. وقد رَوَى أبو بَكْرَةَ (3) أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال: «ألَا أُنَبَّئُكُمْ بِأكْبَرِ الكَبائِرِ؟ الإشْرَاكُ بِاللهِ، وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِى حَرَّمَ اللهُ، وعُقُوقُ
(1) أخرجه الترمذى، في: باب نفسير سورة النجم، من أبواب التفسر. عارضة الأحوذى 12/ 173. والحاكم، في: باب تفسر سورة النجم، من كتاب التفسر. المستدرك 2/ 469. والطبرى، في: تفسير سورة النجم 32. تفسير الطبرى 17/ 66.
والرجز من الشواهد النحوية. انظر: معجم شواهد العربية 2/ 530.
(2)
سقط من: ق، م.
(3)
في الأصل: «بكر» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الوَالِدَيْن». وكان مُتَّكِئًا فَجَلَس، فقال:«ألَاوَقَوْلُ الزُّورِ، وشَهَادَةُ الزُّورِ» . فما زَالَ يُكَرِّرُهَا حتى قُلْنا: لَيْتَه سَكَت. مُتَّفَقٌ عليه (1). قال أحمدُ: لا تجوزُ شَهادَةُ آكلِ الرِّبَا، والعَاقِّ، وقَاطِعِ الرَّحِمِ، [ولا مَنْ](2) لا يُؤدِّى زَكاةَ مالِه، وإذا أخْرجَ في طريقِ المُسلمينَ الأُصْطُوانةَ (3) والكَنِيفَ لا يكونُ عَدْلًا، ولا يكونُ ابْنُه عَدْلًا إذا وَرِثَ أباه، حتى يَرُدَّ ما أخَذَ مِن طريقِ المسلمين، ولا يكونُ عَدْلًا إذا كذَبَ الكَذِبَ الشَّديدَ؛
(1) أخرجه البخارى، في: باب ما قيل في شهادة الزور، من كتاب الشهادات، وفى: باب عقوق الوالدين من الكبر، من كتاب الأدب، وفى: باب من اتكأ بين يدى أصحابه، من كتاب الاستئذان. صحيع البخارى 3/ 225، 8/ 4، 76. ومسلم، في: باب بيان الكبائر وأكبرها، من كتاب الإيمان. صحيع مسلم 1/ 91.
كما أخرجه الترمذى، في: باب ما جاء في عقوق الوالدين. من أبواب البر والصلة، وفى: باب ما جاء في شهادة الزور، من أبواب الشهادات، وفى: باب تفسير سورة النساء، من أبواب التفسير. عارضة الأحوذى 8/ 97، 9/ 175، 11/ 150، 151. والإمام أحمد، في: المسند 5/ 36 - 38.
(2)
في م: «ومن لا» .
(3)
في الأصل، م:«الأسطوانة» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
لأنَّ النَبِىَّ صلى الله عليه وسلم رَدَّ شَهادةَ رجلٍ في كِذْبَةٍ (1). وقال: عن الزُّهْرِىِّ، عن عُرْوةَ، عن عائِشَةَ، عن النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم:«لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ خَائِنٍ، ولَا خَائِنَةٍ، وَلَا مَجْلُودٍ فِى حَدٍّ، وَلَا ذِى غِمْرٍ (2) عَلَى أخِيه في عَدَاوَةٍ، ولَا القَانِعِ (3) لأهْلِ البَيْتِ، وَلَا مُجَرَّبٍ عَلَيْهِ شَهَادَةُ زُورٍ، ولَا ظَنِينٍ (4) في قَرَابَةٍ وَلَا وَلَاءٍ» (5). وقد روَاه أبو داود (6)، وفيه (7):«لا تَجُوزُ شَهَادَةُ خَائِن وَلَا خَائِنَةٍ، ولَا زَانٍ وَلَا زَانِيَةٍ، ولَا ذِى غِمْرٍ عَلَى أخِيهِ» . فأمَّا
(1) لم نهتد إليه.
(2)
الغمر: الحقد والغل.
(3)
في ق، م:«القاطع» .
والقانع: هو الذى ينفق عليه أهل البيت.
(4)
في الأصل، م:«ضنين» .
(5)
أخرجه الترمذى، في: باب ما جاء في من لا تجوز شهادته، من أبواب الشهادات. عارضة الأحوذى 9/ 171. والبيهقى، في: السنن الكبرى 10/ 155.
ومن حديث عمرو بن شعيب أخرجه ابن ماجه، في: باب من لا تجوز شهادته، من كتاب الأحكام. سنن ابن ماجه 2/ 792. والإمام أحمد، في: المسند 2/ 181، 204، 208، 225، 226.
(6)
في: باب من ترد شهادته، من كتاب الأقضية. سنن أبى داود 2/ 275.
(7)
سقط من: ق، م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الصَّغائِرُ، فإن كان مُصِرًّا عليها، رُدَّتْ شَهادتُه، وإن كان الغالِبُ مِن أمْرِه
وَقِيلَ: أنْ لَا يَظْهَرَ مِنْهُ إِلَّا الْخَيْرُ.
ــ
الطَّاعاتِ، لم تُرَدَّ؛ لِما ذكَرْنا مِن عَدَمِ إمْكانِ التَّحَرُّزِ منه (وقيل): هو (أن لا يَظْهَرَ منه إلَّا الخيرُ).