الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ فَاسِقٍ،
ــ
5042 - مسألة: (ولا تُقْبَلُ شهادَةُ فاسِقٍ)
لقوْلِه سبحانه وتعالى: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} (1). وقال سبحانه: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا} الآية (2). والشَّهادَةُ نَبَأٌ، فيَجِبُ التَّوَقُّفُ عنه. وقد رُوِىَ في الحديثِ: «لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ خَائِنٍ
(1) سورة الطلاق 2.
(2)
سورة الحجرات 6.
سَوَاءٌ كَانَ فِسْقُهُ مِنْ جِهَةِ الأفْعَالِ، أَوْ الِاعْتِقَادِ.
ــ
وَلَا خَائِنَةٍ، وَلَا مَحْدُودٍ فِى الإسْلامِ، وَلَا ذِى غِمْرٍ عَلَى أَخِيهِ». رواه أبو عُبَيْدٍ (1). وكان أبو عُبَيْدٍ لا يَرَىَ الخائِنَ والخائِنَةَ مُخْتَصًّا بأمانَاتِ الناسِ، بل جَميعَ ما فَرَضَ اللهُ تعالى على العِبَادِ القيامَ به، واجْتِنابَه، مِن كبيرِ ذلك وصغيرِه، قال اللهُ تعالى:{إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا} الَاية (2). ورُوِىَ عن عمرَ، أنَّه قال: لا يُؤْسَرُ (3) رَجلٌ بغيرِ العُدولِ (4). ولأنَّ دِينَ الفاسِقِ لا يَزَعُه عن ارْتِكابِ مَحْظُوراتِ الدِّينِ، فلا يُؤْمَنُ أنْ لا (5) يَزَعَه عن الكَذِبِ، فلا تحْصُلُ الثِّقَةُ بخَبَرِه. إذا تَقَرَّرَ هذا، فالفِسْقُ نَوْعان؛ أحدُهما، مِن جِهَةِ الأفْعالِ، فلا خِلافَ في رَدِّ شَهادَتِه. الثانى، مِن جِهَةِ الاعْتِقادِ، وهو اعْتِقادُ البِدْعَةِ، فيُوجِبُ رَدَّ الشَّهادَةِ أيضًا. وبه قال مالكٌ، وشَرِيكٌ، وإسْحاقُ، وأبوعُبَيْدٍ، وأبو ثَوْرٍ. قال شَرِيكٌ: أرْبعةٌ لا تجوزُ شَهادتهم؛ رَافِضِىٌّ يَزْعُمُ أنَّ (6) له إمامًا مُفْتَرَضَةٌ طاعَتُه، وخارِجِىٌّ يَزْعُمُ أنَّ الدُّنْيا دارُ
(1) في: غريب الحديث 2/ 153.
(2)
سورة الأحزاب 72.
(3)
أى: لا يحبس.
(4)
أخرجه الإمام مالك، في: باب ما جاء في الشهادات، من كتاب الأقضية. الموطأ 2/ 720. والبيهقى، في: باب لا يجوز شهادة غير عدل، من كتاب الشهادات. السنن الكبرى 10/ 166. وابن أبى شيبة، في: باب ما ذكر في شهادة الزور، من كتاب الأقضية. المصنف 7/ 258.
(5)
سقط من: الأصل.
(6)
في م: «أنه» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
حَرْبٍ، وقَدَرِىٌّ يَزْعُمُ أنَّ المَشِيئَةَ إليه، ومُرْجئٌ. ورَدَّ شَهادةَ يعْقوبَ (1)، وقال: ألا أردُّ شَهادةَ قومٍ يَزْعُمونَ أنًّ الصَّلاةَ ليستْ مِن الإيمانِ؟ وقال أبو حامدٍ، مِن أصْحابِ الشافعىِّ: المُخْتَلِفُون على ثلاثةِ أضْرُبٍ؛ ضَرْبٌ اخْتلَفُوا في الفُرُوعِ، فهؤلاء لا يُفَسَّقُون بذلك (2)، ولا تُرَدُّ شَهادَتُهم، وقد اخْتَلَفَ الصحابةُ في الفُرُوعِ ومَن بعدَهم مِن التّابِعينَ. الثانى، مَن نُفَسِّقُه ولا نُكَفِّرُه، وهو مَن يسبَّ الْقَرابَةَ، كالخَوَارِجِ، أو مَن يسبَّ الصَّحابةَ، كالرَّوافِضِ، فلا تُقْبَلُ لهم شَهادَة لذلك. الثالثُ، مَن نُكَفِّرُه، وهو مَن قال بخَلْقِ القُرْآنِ، ونَفْىِ الرُّؤْيَةِ، وأضافَ المَشِيئَةَ إلى نَفْسِه، فلا تُقْبَلُ له شَهادةٌ. وذكرَ القاضى أبو يَعْلَى مِثْلَ هذا سواءً. قال: وقال أحمدُ: ما تُعْجِبُنى شَهادةُ الجَهْمِيَّةِ، والرّافِضَةِ، والقَدَرِيَّةِ المُغْلِيَةِ (3). وظاهرُ قولِ الشافعىِّ، وابنِ أبى ليلَى، والثَّوْرِىِّ، وأبى حنيفةَ، وأصحابِه، قَبولُ شَهادةِ أهلِ الأهْواءِ. وأجازَ سَوَّارٌ شَهادةَ ناس مِن بنى العَنْبَرِ، ممَّن يَرَى الاعْتِزَالَ. قال الشافعىُّ: إلَّا أن يكونَ ممَّن يَرَى الشَّهادةَ بالكَذِبِ، [بعضُهم لبعض](4)، كالخَطَّابِيَّةِ، وهم أصْحابُ أبى الخَطَّابِ (5)، يَشْهَدُ بعْضُهم
(1) هو القاضى أبو يوسف، يعقوب بن إبراهيم، صاحب أبى حنيفة.
(2)
سقط من: م.
(3)
في م: «المعلنة» .
(4)
سقط من: ق، م.
(5)
محمد بن أبى زينب الأسدى الأجدع أبو الخطاب، مولى بنى أسد، من الغالين، زعم أن الأئمة أنبياء =.