الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ الأخِ لِأَخِيهِ، وَسَائِرِ الْأَقَارِبِ، وَالصَّدِيقِ لِصَدِيقِهِ، وَالْمَوْلَى لِعَتِيقِهِ.
ــ
5060 - مسألة: (وتُقْبَلُ شَهادةُ الأخِ لأخِيهِ، وسائِرِ الْأقارِبِ، والصَّدِيقِ لصَدِيقِه، والمَوْلَى لِعَتِيقِه)
قال ابنُ المُنْذِرِ (1): أجْمَعَ أهلُ العلمِ على أنَّ شهادةَ الأخِ لأخِيه جائِزةٌ. رُوِىَ ذلك عن ابنِ الزُّبَيْرِ. وبه قال شُرَيْحٌ، وعمرُ بنُ عبدِ العزيزِ، والشَّعْبِيُّ، والنَّخَعِيُّ، والثَّوْرِىُّ، ومالكٌ، والشافعيُّ، وأبو عُبَيْدٍ، وإسْحاقُ، وأبو ثَوْرٍ، وأصْحابُ الرَّأْىِ. وحَكَى ابنُ المُنْذِرِ عن الثَّوْرِىِّ، أنَّه لا تُقْبَلُ شَهادةُ كُلِّ ذِى رَحِمٍ مَحْرَمٍ. وعن مالكٍ، أنَّه لا تُقْبَلُ شَهادتُه لأخِيه إذا كان مُنْقَطِعًا إليه في صِلَتِه وبِرِّه؛ لأنَّه مُتَّهَمٌ في حقِّه. وقال ابنُ المُنْذِرِ: قال مالكٌ: لا تجوزُ شَهادةُ الأخِ لأخِيه في النَّسَبِ، وتجوزُ في الحُقوقِ. ولَنا، عُمومُ الآياتِ، ولأنَّه عَدْلٌ غيرُ مُتَّهَمٍ، فتُقْبَلُ شَهادتُه له، كالأجْنَبِيِّ، ولا يَصِحُّ القياسُ على الوالدِ والولدِ؛ لأنَّ بينَهما بَعْضِيَّةً وقَرابةً قَوِيَّةً (2)، بخِلافِ الأخِ.
(1) انظر: الإجماع 30.
(2)
سقط من: ق، م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: وشَهادةُ العمِّ وابْنِه، والخالِ وابنِه، وسائرِ الأقارِبِ، أَوْلَى بالجَوازِ؛ فإنَّ شَهادةَ الأخِ إذا أُجيزَتْ مع قُرْبِه، كان تَنْبِيهًا على قَبُولِ شَهادةِ مَن هو أبْعَدُ منه بطرِيقِ الأَوْلَى.
وتُقْبَلُ شهادةُ أحَدِ الصَّدِيقَيْن للآخَرِ، في قَوْل عامَّةِ العُلَماءِ، إلَّا مالِكًا قال: لا تُقْبَلُ شهادةُ الصَّدِيقِ المُلاطِفِ؛ لأنَّه يَجُرُّ إلى نَفْسِه نَفْعًا بها، فهو مُتَّهَمٌ، فلم تُقْبَلْ شَهادتُه، كشَهادَةِ العَدُوِّ على عَدُوِّه. ولَنا، عُمومُ أدِلَّةِ الشَّهادةِ، وما قالَه يَبْطُلُ بشَهادةِ الغَرِيمِ للمَدِينِ قبلَ الحَجْرِ، وإن كان رُبَّما قَضاه دَيْنَه منه (1)، فَجَرَّ إلى نَفْسِه نَفْعًا أعْظمَ مِمَّا يُرْجَى ههُنا مِن الصَّديقَيْن. وأمَّا العَداوَةُ، فسَبَبُها محْصُورٌ (2)، وفي الشَّهادةِ عليه شِفاءُ غَيْظِه منه، فخالَفَ الصَّداقةَ.
(1) سقط من: الأصل.
(2)
في الأصل: «محظور» .
فَصْلٌ: الثَّانِي، أَنْ يَجُرَّ إِلَى نَفْسِهِ نَفْعًا بِشَهَادَتِهِ، كَشَهَادَةِ السَّيِّدِ لِمُكَاتَبِهِ، وَالْوَارِثِ لِمَوْرُوثِهِ بِالْجُرْحِ قَبْلَ الانْدِمَالِ.
ــ
وتجوزُ شهادةُ الموْلَى المُعْتِق لِعَتِيقِه؛ لأنَّه لا تُهْمَةَ فيه، أشْبَهَ الأجْنَبِيَّ، ولأنَّه بمَنْزِلةِ الأخِ، وشَهادةُ الأخِ لأخِيه مَقْبُولَةٌ [على ما](1) ذكَرْنا.
فصل: قال الشَّيْخُ، رحمه الله:(الثانى، أن يَجُرَّ إلى نَفْسِه نَفْعًا بشَهادَتِه، كشَهادةِ السَّيِّدِ لمُكاتَبِه، والوارِثِ لمَوْرُوثِه)[الجَارُّ إلى نَفْسِه، هو الذى يَنْتَفِعُ بشَهادتِه، ويَجُرُّ بها إليه نَفْعًا، كشهادةِ السَّيِّدِ لمُكاتَبِه](2)، أو العَبْدِ المَأْذُونِ له في التِّجارةِ؛ [لأنَّه عبدُه، بدليلِ قَوْلِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم: «المُكَاتَبُ عَبْدٌ مَا بَقِىَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ» (3). وقد ذكرْناه](2). (و) كذلك لا تُقْبَل شَهادةُ (الوارثِ لمَوْرُوثِه بالجُرْحِ قبلَ الانْدِمالِ)
(1) في م: «كما» .
(2)
سقط من: ق، م.
(3)
تقدم تخريجه في 6/ 300.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
لأنَّه قد يَسْرِى الجَرْحُ إلى نَفْسِه، فتَجِبُ الدِّيَةُ لهم بشهادتِه (1). ولا تُقْبَلُ شهادةُ الشَّفيعِ بِبَيْعِ الشِّقْصِ الذى له فيه الشُّفْعَةُ؛ لأنَّه يَجُرُّ إلى نَفْسِه نَفْعًا. ولا تُقْبَلُ شَهادَةُ الغُرَماءِ بدَيْنٍ للمُفْلِسِ أو بعَيْنٍ، ولا شَهادَتُهم للمَيِّتِ بدَيْنٍ أو مالٍ؛ فإنَّه لو ثبَت للمُفْلِسِ أو للمَيِّتِ دَيْنٌ أو مالٌ، تعَلَّقَتْ حُقوقُهم به، ويُفارِق ما لو شَهِدَ الغُرَماءُ لِحَىٍّ لا حَجْرَ عليه بمالٍ، فإنَّ شَهادَتَهم تُقْبَلُ؛ لأنَّ حَقَّهم لا يتعَلَّقُ بمالِه، وإنَّما يتَعَلَّقُ بذِمَّتِه. فإن قيل: إذا كان مُعْسِرًا سقَطَتْ عنه المُطالَبَةُ، فإذا شَهِدَا له بمالٍ، مَلَكا (2) مُطالَبَتَه، فجرُّوا إلى أنْفُسِهم نَفْعًا. قُلْنا: لم تَثْبُتِ المُطالَبَةُ بشَهادَتِهِم، إنَّما ثَبَتتْ بيَسارِه وإقْرارِه؛ لدَعْواه الحقَّ الذى شَهِدُوِا به. قال القاضي: ولا تُقْبَلُ شهادةُ الأجِيرِ لمَن اسْتَأْجَرَه. [وقال](3): نصَّ عليه أحمدُ. فإن قيل: فَلِمَ قَبِلْتُم شَهادةَ الوارثِ لمَوْرُوثِه، مع أنَّه إذا ماتَ وَرِثَه، فقد جَرَّ إلى نَفْسِه نَفْعًا بشَهادتِه؟ قُلْنا: لا حَقَّ له في مالِه حينَ الشَّهادةِ، وإنَّما يَحْتَمِلُ أن يتَجَدَّدَ له حَقٌّ، وهذا لا يَمْنَعُ قَبولَ الشَّهادةِ، كما لو شَهِدَ لامْرأةٍ يَحْتَمِلُ أن يتَزَوَّجَها، أو لِغَريمٍ له بمالٍ يَحْتَمِلُ أن يُوفِّيَه منه (4) أو يُفْلِسَ، فيَتعلَّقُ
(1) سقط من: ق، م.
(2)
في ق، م:«ملك» .
(3)
سقط من: ق، م.
(4)
سقط من: ق، م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
حقُّه به، وإنَّما المانِعُ ما يحْصُلُ به نَفْعٌ حالَ الشَّهادةِ. فإن قيل: فقد مَنَعْتُم قَبُولَ (1) شَهادتِه لمَوْرُوثِه بالجُرْحِ قبلَ الانْدِمالِ؛ لجوازِ أن يتَجَدَّدَ له حَقٌّ، وإن لم يَكُنْ له حَقٌّ في الحالِ، فإن قُلْتُم: قد انْعَقَدَ سبَبُ حقِّه. قُلْنا: [يَبْطُلُ بالشَّاهدِ](2) لمَوْرُوثِه المريضِ بحَقٍّ (3)، فإنَّ شَهادتَه تُقْبَلُ مع انْعِقادِ سبَبِ اسْتِحْقاتِه، بدَليلِ أنَّ عَطِيَّتَه له لا تَنْفُذُ، وعَطِيَّتَهَ لغيرِه تَقِفُ على الخُرُوجِ مِن الثُّلُثِ. قُلْنا: إنَّما منَعْنا الشَّهادةَ لمَوْرُوثِه بالجُرْحِ؛ لأنَّه ربَّما أفْضَى إلى الموْتِ به، فتَجِبُ الدِّيَةُ للوَارثِ الشاهدِ به ابْتِداءً، فيكونُ شاهدًا لنَفْسِه، مُوجِبًا [له بها](4) حقًّا ابْتِدَاءً، بخِلافِ الشَّاهدِ للمَرِيضِ أو المَجْرُوحِ بمالٍ، فإنَّه إنَّما يَجبُ للمَشْهُودِ له، ثم يجوزُ أن يَنْتَقِلَ، ويجوزُ أن لا يَنْتَقِلَ، فلم يَمْنَعِ الشَّهادةَ له، كالشَّهادةِ لغَرِيمِه. فإن قيل: فقد أجَزْتُم شَهادةَ الغَرِيمِ لِغَرِيمِه بالجُرْعِ قبلَ الانْدِمالِ، كما أجَزْتُمْ شَهادتَه له بالمالِ. قُلْنا: إنَّما أَجَزْناها؛ لأنَّ الدِّيَةَ لا
(1) سقط من: الأصل، ق.
(2)
في الأصل، ق:«فالشاهد» .
(3)
سقط من: ق، م.
(4)
سقط من: الأصل.