الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَإنْ كَانَ الضَّرَرُ عَلَى أَحَدِهِمَا دُونَ الآخَرِ، كَرَجُلَيْنِ لِأحَدِهِمَا الثُّلُثَانِ، وَلِلآخَرِ الثُّلُثُ، يَنْتَفِعُ صَاحِبُ الثُّلُثَيْنِ
ــ
وسَواءٌ انْتَفَعُوا به مَقْسُومًا أو لم يَنْتَفِعُوا. قال القاضي: هذا ظاهرُ كلامِ أحمدَ؛ لأنَّه قال في رِوايَةِ المَيْمُونِىِّ: إذا قال بعضُهم: يَقْسِمُ. وقال (1) بعضُهم: لا يَقْسِمُ. فإن كان فيه نُقْصانٌ عن (2) ثَمنِه، بِيعَ، وأُعْطِىَ الثَّمَنَ. فاعْتَبَرَ نُقْصانَ الثَّمَنِ. وهذا ظاهِرُ (3) كلامِ الشافعىِّ؛ لأنَّ نَقْصَ قِيمتِه ضَرَرٌ، والضَّرَرُ مَنْفِىٌّ شَرْعًا. وقال مالكٌ: يُجْبَرُ المُمْتَنِعُ وإن اسْتَضَرَّ، قياسًا على ما لا ضَرَرَ فيه. ولا يَصِحُّ؛ لقولِه عليه السلام:«لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ (4)» . مِن «المُسْنَدِ» . ولأنَّ في قِسْمَتِه ضَرَرًا، فلم يُجْبَرْ عليه، كقِسْمَةِ الجَوهَرَةِ بكَسْرِها، ولأنَّ في قِسْمَتِه إضاعَةَ المالِ، وقد نَهَى النبىُّ صلى الله عليه وسلم عن إضَاعةِ المالِ (5). ولا يَصِحُّ القِياسُ على ما لاضَرَرَ فيه؛ لِما بينَهما مِن الفَرْقِ.
4941 - مسألة: (فَإنْ كَانَ الضَّرَرُ عَلَى أحَدِهِمَا دُونَ الآخَرِ، كَرَجُلَيْنِ لِأحَدِهِمَا الثُّلُثَانِ، وَلِلآخَرِ الثُّلُثُ، يَنْتَفِعُ صَاحِبُ الثُّلُثَيْنِ
(1) سقط من: م.
(2)
في م: «من» .
(3)
في م: «الظاهر من» .
(4)
في الأصل، ق:«إضرار» .
(5)
أخرجه البخاري، في: باب لا صدقة إلا عن ظهر غنى. . . .، من كتاب الزكاة، وفى: باب ما ينهى =
بِقَسْمِهَا، وَيَتَضَرَّرُ الآخَرُ، فَطَلَبَ مَنْ لا يَتَضَرَّرُ الْقَسْمَ، لَمْ يُجْبَرْ عَلَيْهِ الْآخَرُ، وَإِنْ طَلَبَهُ الْآخَرُ، أُجْبِرَ الأوَّلُ. وَقَالَ القَاضِى: إنْ طَلَبَهُ الْأَوَّلُ أُجْبِرَ الْآخَرُ، وَإِنْ طَلَبَهُ المَضْرُورُ لَمْ يُجْبَرِ الْآخَرُ.
ــ
بِقَسْمِهَا، وَيَتَضَرَّرُ الآخَرُ، فَطَلَبَ مَنْ لا يَتَضَرَّرُ الْقَسْمَ، لَمْ يُجْبَرْ الْآخَرُ عَلَيْهِ، وَإِنْ طَلَبَهُ الْآخَرُ، أُجْبِرَ الأوَّلُ. وَقَالَ القَاضِى: إنْ طَلَبَهُ الْأَوَّلُ أُجْبِرَ الْآخَرُ، وَإن طَلَبَهُ المَضْرُورُ لَمْ يُجْبَرِ الْآخَرُ) أمَّا إذا طَلَب القِسْمَةَ مَن لا يَتَضَرَّرُ، لم يُجْبَرِ الآخَرُ. ذَكَرَه أبو الخطَّابِ. وهو ظاهِرُ كَلامِ أحمدَ في رِوايَةِ حَنْبَلٍ، قال: كلُّ قِسْمَةٍ فيها ضَرَرٌ، لا أرَى قَسْمَها. وهذا قولُ ابنِ أبى لَيْلَى. وأبى ثَوْرٍ. وقال القاضي: يُجْبَرُ الآخَرُ عليها. وهو قولُ الشافعىِّ، وأهلِ العراقِ؛ لأنَّه طَلَب إفْرادَ نصيبِه الَّذي لا يَسْتَضِرُّ بتَمْييزِه، فوَجَبَ إجابتُه إليه، كما لو كانا لا يَسْتَضِرّانِ بالقِسْمَةِ. ولَنا، قولُ النبىِّ صلى الله عليه وسلم:«لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ (1)» . ولأنَّها قِسْمَةٌ يَضُرُّ بها
= عن إضاعة المال. . . .، من كتاب الاستقراض، وفى: باب من رد أمر السفيه. . . .، من كتاب الخصومات، وفى: باب ما يكره من قيل وقال، من كتاب الرقاق. صحيح البخاري 2/ 139، 3/ 157، 159، 8/ 124. ومسلم، في: باب النهى عن كثرة المسائل. . . .، من كتاب الأقضية. صحيح مسلم 3/ 1340، 1341. والدارمى، في: باب إن الله كره لكم قيل وقال، من كتاب الرقاق. سنن الدارمي 2/ 311.
والإمام أحمد، في: المسند 4/ 250 - 251، 255.
(1)
في الأصل: «إضرار» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
صاحِبَه، فلم يُجْبَرْ عليها، كا لو اسْتَضَرَّا معًا، ولأنَّ فيه إضاعةَ المالِ، وقد نَهَى النبيُّ صلى الله عليه وسلم عن إضاعَتِه، وإذا حَرُم عليه إضاعَةُ مالِه، فإضاعَةُ مالِ غيرِه أَوْلَى. وقد رَوَى عَمْرُو بنُ جُمَيْعٍ (1)، عن النبىِّ صلى الله عليه وسلم، أنَّه
قال: «لَا تَعْضِيةَ (2) عَلَى أهْلِ الميراثِ، إلَّا مَا حَصَلَ القَسْمُ» . قال أبو عُبَيْدٍ (3): هو أنْ يُخَلِّفَ شيئًا، إذا قُسِمَ كان فيه (4) ضَرَرٌ على بعضِهم، أو [عليهم جميعًا](5). ولأنَّنا اتَّفَقْنا على أنَّ الضَّرَرَ مانِعٌ مِن القِسْمَةِ، وأنَّ الضَّرَرَ في حَقِّ أحدِهما مانِعٌ، فلا يجوزُ أن يكونَ المانِعُ هو ضررَ الطالبِ؛ لأنَّه مَرْضِىٌّ به من جِهَتِه، فلا يجوزُ كونُه مانِعًا، كما لو تَراضَيا عليها مع ضَرَرِهما أو ضرَرِ أحدِهما، فَتَعَيَّنَ الضَّرَرُ (6) المانِعُ في جِهَةِ المطْلوبِ، ولأنَّه ضَرَرٌ غيرُ مَرْضِيٍّ به مِن جِهَةِ صاحِبِه، فمَنَع القِسْمَةَ،
(1) قال عنه ابن معين: كذاب خبيث. تاريخ ابن معين 2/ 441. وانظر لسان الميزان 4/ 358، 359.
والحديث أخرجه من طريق محمد بن أبى بكر بن حزم، الدارقطني في سننه 4/ 219. والبيهقى، في: السنن الكبرى 10/ 133. وهو في: غريب الحديث 2/ 7، والفائق 2/ 444، والنهاية لابن الأثير 3/ 256.
(2)
في ق، م:«تعصبة» . والإعجام غير واضح في الأصل.
والتعصية: التفريق. غريب الحديث، الموضع السابق.
(3)
في م: «عبيدة» .
(4)
سقط من: الأصل.
(5)
في م: «على جميعهم» .
(6)
بعده في م: «من» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
كما لو اسْتَضَرّا معًا. وأمَّا إذا طَلَب القِسْمَةَ المُسْتضِرُّ بها، كصاحبِ الثُّلُثِ في المسألةِ المفْروضَةِ، أُجْبِرَ الآخَرُ عليها. هذا مَذْهَبُ أبى حنيفةَ، ومالكٍ، لأنَّه طَلَب دَفْعَ ضَرَرِ الشَّرِكةِ عنه بأمرٍ لا ضررَ على صاحِبِه فيه، فأُجْبِرَ عليه، كما لا ضَرَرِ فيه. يُحَقِّقُه أنَّ ضَرَرَ الطالِبِ مَرْضِىٌّ به مِن جِهَتِه، فسَقَطَ حُكْمُه، والآخرُ لا ضررَ عليه، فصارَتْ؛ لا ضَرَرَ فيه. وذَكَر أصْحابُنا أنَّ المذهبَ، أنَّه لا يُجْبَرُ المُمْتَنِعُ عن القِسْمَةِ؛ لنَهْىِ النبىِّ صلى الله عليه وسلم عن إضاعَةِ المالِ، ولأنَّ طَلَبَ القِسْمَةِ مِن المُسْتَضِرِّ سَفَهٌ، فلا تجِبُ إجابَتُه إلى السَّفَهِ. قال الشَّرِيفُ: متى كان أحدُهما يَسْتَضِرُّ، [لم يُجَبْ إلى] (1) القِسْمَةِ. وقال أبو حنيفةَ: متى كان أحدُهما يَنْتَفِعُ بها، وَجَبَت. [وقال الشافعىُّ: إنِ انْتَفَعَ بها الطالِبُ، وَجَبَتْ] (2)، وإنِ اسْتَضَرَّ بها الطالِبُ،
فعلى وَجْهَيْن. وقال مالكٌ: تجبُ على كلِّ حالٍ.
(1) في ق، م:«تجب» .
(2)
تكملة من المغنى 14/ 105.