الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الَّا النِّكَاحَ، إِذَا شَهِدَ أحَدُهُمَا أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا أمْسِ، وَشَهِدَ الآخَرُ أَنَّهُ تزَوَّجَهَا اليَوْمَ، لَمْ تَكمُلِ الْبَيِّنَةَ. وَكذلِكَ الْقَذْفُ.
ــ
الحُكْمُ في كلِّ شَهادةٍ على قولٍ، فالحكمُ فيه كالحُكْمِ في البَيْعِ (إلَّا النِّكاحَ) فإنَّه كالفِعْلِ، (إذا شَهِدَ أحدُهما أنَّه تزَوَّجَها أمْسِ، وشهِدَ الآخَرُ أنَّه تزَوَّجَها اليومَ، لم تَكْمُلِ) الشَّهادةُ، في قولِهم جميعًا؛ لأنَّ النِّكاحَ أمْسِ غيرُ النِّكاحِ اليومَ، فلم يَشْهَدْ بكلِّ واحدٍ مِن العَقْدَيْنِ إلَّا شاهِدٌ واحِدٌ، فلم يثْبُتْ، كما لو كانتِ الشَّهادةُ على فعلٍ.
5036 - مسألة: (وكذلك القَذْفُ)
إذا شَهِدَ أحدُهما أنَّه قَذَفَه غُدْوَةً، وشَهِدَ الآخَرُ أنَّه قَذَفَه عَشِيَّةً، أو شَهِدَ أحَدُهُما أنَّه قَذَفَه بالعَرَبِيَّةِ، وشَهِدَ الآخَرُ أنَّه قَذَفَه بالعَجَمِيَّةِ، أو اخْتَلَفا في المَكانِ، لم يَثْبُتِ القَذْفُ؛ لأنَّ القَذْفَ في مَكانٍ غيرُ القَذْفِ في المكانِ الآخَرِ، وكذلك الاخْتِلافُ
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَثْبُتُ الْقَذْفُ.
ــ
في الزَّمانِ (وقال أبو بكرٍ: يَثْبُتُ القَذْفُ) لأنَّ المَشْهودَ به واحدٌ، وإنِ اخْتَلَفَتِ العِبارَةُ، واخْتَلَفَ الزَّمانُ. والأوَّلُ المذهبُ.
فَصْلٌ في الشَّهادةِ على الإقْرارِ بالفِعْلِ: مثل أن يَشْهَدَ أحدُهما أنَّه أقَرَّ عندِى يومَ الخميسِ بدمشقَ أنَّه قَتَلَه، أو قَذَفَه، أو غَصَبَه كذا، أو أنَّ له في ذِمَّتِه كذا، ويَشْهَدَ الآخَرُ أنَّه أقَرَّ عندِى بهذا يومَ السبتِ بحِمْصَ، كَمَلَتْ شَهادَتُهما. وبهذا قال أبو حنيفةَ، والشافعىُّ. وقال زُفَرُ: لا تَكْمُلُ شَهادَتُهما؛ لأنَّ كلَّ إقْرارٍ لم يَشْهَدْ به إلَّا واحدٌ، فلم تكْمُل الشَّهادةُ، كالشَّهادةِ على الفِعْلِ. ولَنا، أنَّ المُقَرَّ به واحدٌ، وقد شَهِدَ اثْنان بالإقْرارِ به، فكَمَلَتْ شَهادَتُهما، كما لو كان الإقْرارُ بهما واحدًا، وفارَقَ الشَّهادةَ على الفِعْلِ؛ فإنَّ الشَّهادةَ فيها (1) على فِعْلَيْنِ مُخْتَلِفَيْن، فنَظِيرُه مِن الِإقْرارِ أن يَشْهَدَ أحدُهما أنَّه أقَرَّ عندِى أنَّه قتَلَه يومَ الخميسِ، وشهِدَ الآخَرُ أنَّه أقَرَّ أنَّه قتَلَه يومَ الجمعةِ، فإنَّ شَهادَتَهما لا تُقْبَلُ ههُنا.
(1) سقط من: الأصل.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ويُحَقِّقُ ما ذكَرْناه، أنَّه لا يُمْكِنُ جَمْعُ الشُّهودِ لسَماعِ الشَّهادةِ في حَقِّ كلِّ واحدٍ، والعادةُ جارِيةٌ بطَلَبِ الشُّهودِ في أماكِنِهم، لا في جَمْعِهم إلى المشْهودِ له، فيَمْضِى إليهم في أَوْقاتٍ مُتَفَرِّقَةٍ (1)، وأماكنَ مُخْتَلِفَةٍ، فيُشْهِدُهم على إقْرارِه. فإن كان الإقْرارُ بفِعْلَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ، مثلَ أن يقولَ أحدُهما: أشْهَدُ أنَّه أقَرَّ عندِى أئه قتَلَه يومَ الخميسِ. وقال الآخَرُ: أشْهَدُ أنَّه أقَرَّ عندِى [أنَّه قَتَلَه يومَ الجُمُعَةِ. أو قال أحدُهما: أشْهَدُ أنَّه أقَر عندِى أنَّه قَذَفَه بالعَرَبيَّةِ. وقال الآخَرُ. أشْهَدُ أنَّه أقَرَّ عندى](2) أنَّه قَذَفَه بالعَجَمِيَّةِ. لم تَكْمُلِ الشَّهادةُ؛ لأنَّ الذى شَهِدَ به أحدُهما غيرُ الذى شهِدَ به صاحِبُه، فلم تَكْمُلِ الشَّهادةُ، كما لو شهِدَ أحدُهما أنَّه أقَرَّ أنَّه غصَبَه دَنانِيرَ، وشهِدَ الآخَرُ أنَّه غصَبَه دَراهِمَ، لم تَكْمُلْ. وعلى قولِ أبي بكرٍ، تَكْمُلُ الشهادةُ في القَتْلِ والقَذْفِ؛ لأنَّ القَذْفَ بالعربيَّةِ أو العَجَمِيَّةِ، والقَتْلَ بالبَصْرةِ أو الكُوفِة، ليس مِن المُقْتَضِى، فلا يُعْتَبَرُ في الشَّهادةِ. والأوَّلُ أصَحُّ.
(1) في م: «منفردة» .
(2)
سقط من: م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: فإن شَهِدَ أحدُهما أنَّه غَصَبَه هذا العبدَ، وشهِدَ الآخَرُ أنَّه أقَرَّ بغَصْبِه منه، كَمَلَتِ الشَّهادةُ، [وقُبِلَتْ](1)، وحُكِمَ بها؛ لأنَّه يجوزُ أن يكونَ الغَصْبُ الذى أقَرَّ به هو الذى شهِدَ الشَّاهِدُ به، فلم يخْتَلِفِ الفِعْلُ، وكَمَلَتِ الشَّهادةُ، كما لو شهِدَا في وَقْتَيْنِ على إقْرارِه بالغَصْبِ. وقال القاضى: لا تَكْمُلُ الشَّهادةُ، ولا يُحْكَمُ بها. وهو تولُ الشافعىِّ؛ لأنَّه يجوزُ أن يكونَ ما أقَرَّ به غيرَ ما شهِدَ به الشَّاهِدُ. وهذا يَبْطُلُ بالشَّهادةِ على إقْرارَيْنِ، فإنَّه يجوزُ أن يكونَ ما أقَرَّ به عندَ أحدِ الشَّاهِدَيْن غيرَ ما أقَرَّ به عندَ الآخَرِ، إذا كانا في وَقْتَيْن مُخْتَلِفَيْن، ولأنَّه إذا أمْكَنَ جَعْلُ الشَّهادةِ على فِعْلٍ واحدٍ، لم تُحْمَلْ على اثْنَيْن (2)، كالإقْرارَيْن، وكما لو شهِدَ بالغَصْبِ اثْنان، وشهِدَ على الإقْرارِ به اثْنان. فإن شهِدَ أحدُهما أنَّه غَصَب هذا العبدَ مِن زيدٍ، أو أنَّه (3) أقَر بغَصْبِه منه، وشهِدَ الآخَرُ أنَّه مِلْكُ زَيْدٍ، لم تَكْمُلْ شَهادَتُهما (4)؛ لأنَّهما لم يَشْهَدا على شئٍ واحدٍ. وإن شَهِدَا (5) أنَّه أخذَه من يَدَيْه، ألْزمَه الحاكمُ رَدَّه إلى يَدَيْه؛ لأنَّ اليدَ دَليلُ المِلْكِ،
(1) سقط من: ق، م.
(2)
في الأصل: «الاثنين» .
(3)
سقط من: ق، م.
(4)
في الأصل: «الشهادة» .
(5)
في م: «شهد» .