المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌5046 - مسألة: (فأما الشين في الصناعة) [ - الشرح الكبير على المقنع - ت التركي - جـ ٢٩

[ابن أبي عمر]

فهرس الكتاب

- ‌ بَابُ حُكْمِ كِتَابِ القَاضِى إِلَى القَاضِى

- ‌4928 - مسألة: (يُقْبَلُ كِتابُ القاضى إلى القاضى في المالِ، وما

- ‌4929 - مسألة: (ويَجُوزُ كِتابُ القاضى فيما حَكَم به ليُنْفِذَه في المسافَةِ القريبَةِ ومَسافَةِ القَصْرِ، ويَجُوزُ فيما ثَبَت عندَه ليَحْكُمَ به في المسافَةِ

- ‌4930 - مسألة: (ويجوزُ أن يَكْتُبَ إلى قاضٍ مُعَيَّنٍ، وإلى مَن يَصِلُ إليه كِتابى هذا مِن قُضاةِ المسلمين وحكّامِهم)

- ‌4931 - مسألة: (ولا يُقْبَلُ الكِتابُ إلَّا أن يَشْهَدَ به شاهِدانِ، يُحْضِرُهما القاضى الكاتبُ، فيَقْرَؤُه عليهما، ثم يقولُ: اشْهِدُ كما أنَّ هذا

- ‌4932 - مسألة: (ولو أدْرَجَ الكِتابَ وخَتَمَه، وقال: هذا خَطِّى، اشْهَدا علىَّ بما فيه)

- ‌4933 - مسألة: (فإذا وَصَل الكِتابُ، فأحْضَرَ المكْتُوبُ إليه الخَصْمَ المَحْكُومَ عليه في الكِتاب، فقال: لستُ فُلانَ بنَ فُلانٍ. فالقولُ قولُه مع يمينِه، إلَّا أن تقومَ به بَيِّنَةٌ، فإن ثَبَت أنَّه فُلانُ بنُ فُلانٍ ببَيِّنةٍ أو

- ‌4934 - مسألة: (وإن تَغَيَّرَتْ حالُ القاضى الكاتِبِ بعَزْلٍ أو مَوْتٍ، لم يَقْدَحْ في كتابه، وإن تَغَيَّرَتْ بفِسْقٍ، لم يَقدَحْ فيما حَكَم به، وبَطَلَ فيما ثَبَت عندَه ليَحْكُمَ به، وإن تَغَيَّرَتْ حالُ المكتوبِ إليه، فلمَن قامَ مَقامَه قَبولُ الكتاب والعملُ به)

- ‌4935 - مسألة: (وَكُلُّ مَنْ ثَبَتَ لَهُ عِنْدَ حَاكِمٍ حَقٌّ، أَوْ ثَبَتَتْ بَرَاءَتُهُ، مِثْلَ أَنْ أَنْكَرَ وَحَلَّفَهُ الحَاكِمُ، فَسَأَلَ الحَاكِمَ أَنْ يَكْتُبَ لَهُ مَحْضَرًا

- ‌4936 - مسألة: (وَإنْ سَأَلَ مَنْ ثَبَتَ مَحْضَرُهُ عِنْدَ الحَاكِمِ، أَنْ يُسَجِّلَ بِهِ، فَعَلَ ذَلِكَ، وَجَعَلَهُ نُسْخَتَيْنِ؛ نُسْخَةً يَدْفَعُهَا إِلَيْهِ، ونُسْخَةً يَحْبِسُهَا عِنْدَهُ، وَالْوَرَقُ مِنْ بَيْتِ المَالِ، فَإنْ لَمْ يَكُنْ، فَمِنْ مَالِ المَكْتُوبِ لَهُ)

- ‌4937 - مسألة: (وأمَّا السِّجِلُّ، فهو لإِنْفاذِ ما ثَبَت عندَه

- ‌بَابُ القِسْمَةِ

- ‌4938 - مسألة: (وَهِىَ نَوْعَانِ؛ قِسْمَةُ تَرَاضٍ

- ‌4939 - مسألة: (وهذه)

- ‌4940 - مسألة: (والضَّرَرُ المانِعُ مِن القِسْمَةِ، هو نَقْصُ القِيمَةِ

- ‌4941 - مسألة: (فَإنْ كَانَ الضَّرَرُ عَلَى أحَدِهِمَا دُونَ الآخَرِ، كَرَجُلَيْنِ لِأحَدِهِمَا الثُّلُثَانِ، وَلِلآخَرِ الثُّلُثُ، يَنْتَفِعُ صَاحِبُ الثُّلُثَيْنِ

- ‌4942 - مسألة: (وإن كان بينهما عبيدٌ، أو بَهائِمُ، أو ثِيابٌ

- ‌4943 - مسألة: (وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا حَائِطٌ، لَمْ يُجْبَرِ المُمْتَنِعُ مِنْ قِسْمَتِهِ، وَإِنِ اسْتهْدمَ، لَمْ يُجْبَرْ عَلَى قَسْمِ عَرْصَتِهِ. وَقَالَ أَصْحَابُنَا: إِنْ

- ‌4944 - مسألة: (وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا دَارٌ لَهَا عُلْوٌ وَسُفْلٌ، فَطَلَبَ أَحَدُهُمَا قَسْمَهَا، لأَحَدِهِمَا العُلْوُ وَلِلآخَرِ السُّفْلُ، أَوْ كَانَ بَيْنَهُمَا مَنَافِعُ، لَم يُجْبَرِ المُمْتَنِعُ مِنْ قَسْمِهَا، وَإِن تَرَاضَيَا عَلَى قَسْمِهَا كَذَلِكَ، أَوْ عَلَى قَسْمِ المنَافِعِ بالمُهَايَأَةِ، جَازَ)

- ‌4945 - مسألة: (وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا أرْضٌ ذَاتُ زَرْعٍ، فَطَلَبَ أَحَدُهُمَا قَسْمَهَا دُونَ الزَّرْعَ، قُسِمَت)

- ‌4946 - مسألة: (وَإِنْ طَلَب قِسْمَتَها مع الزَّرْعِ، لم يُجْبَرِ الآخَرُ)

- ‌4947 - مسألة: (وإنْ تَراضَوْا عليه والزَّرْعُ قَصِيلٌ أو قُطْنٌ

- ‌4948 - مسألة: (وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا نَهْرٌ، أَوْ قَناةٌ، أَوْ عَيْنٌ يَنْبُعُ مَاؤُهَا، فَالْمَاءُ بَيْنَهُمَا عَلَى مَا اشْتَرَطَا عِنْدَ اسْتِخْرَاجِ ذَلِكَ)

- ‌4949 - مسألة: (وَإِنْ أرَادَا قَسْمَ ذَلِكَ بِنَصْبِ خَشَبَةٍ، أَوْ حَجَرٍ فِي مَصْدَمِ المَاءِ، فيه ثُقْبَانِ عَلَى قَدْرِ حَقِّ كلِّ واحدٍ منهما جَازَ)

- ‌4950 - مسألة: (وهذه القِسْمَةُ إفْرازُ حَقِّ أحَدِهما مِن الآخَرِ، وليست بَيْعًا)

- ‌4951 - مسألة: (فَمَتَى عُدِّلَتِ السِّهَامُ وَأُخْرِجَتِ القُرْعَةُ، لَزِمَتِ القِسْمَةُ)

- ‌4952 - مسألة: (وَإِذَا كَانَ في القِسْمَةِ تَقْويمٌ، لَمْ يَجُزْ أَقَلُّ مِنْ قَاسِمَيْنِ)

- ‌4953 - مسألة: (وَإذَا سَأَلُوا الْحَاكِمَ قِسْمَةَ عَقَارٍ لَمْ يَثْبُتْ عِنْدَهُ أَنَّهُ لَهُمْ، قَسَمَهُ، وَذَكَرَ في كِتَابِ القِسْمَةِ أَنَّ قَسْمَهُ بِمُجَرَّدِ دَعْوَاهُمْ، لَا عَنْ بَيِّنَةٍ شَهِدَتْ لَهُمْ بِمِلْكِهِمْ)

- ‌4954 - مسألة: (وإن تَقاسَمُوا ثم اسْتُحِقَّ مِن حِصَّةِ أحَدِهما شئٌ مُعَيَّنٌ، بَطَلَتِ)

- ‌4955 - مسألة: (وإنِ اقْتَسَما دارَيْن قِسْمَةَ تَراضٍ، فبَنَى أحَدُهما في نصيبِه، ثُمَّ خَرَجَتِ الدّارُ مُسْتَحَقةً، فقُلِعَ بِناؤُه، رَجَع بنِصْفِ قِيمَتِه على شريكِه)

- ‌4956 - مسألة: (وإن خَرَج في نصيبِ أحَدِهما عَيْبٌ، فله فَسْخُ القِسْمَةِ)

- ‌4957 - مسألة: (وإذا اقْتَسَمَ الورثةُ العَقارَ، ثم ظَهَر على المَيِّتِ دَيْنٌ، فإن قُلْنا: هى إفْرازُ حَقٍّ. لم تَبْطُلِ القِسْمَةُ. وإن قُلْنا: هى بيعٌ

- ‌4958 - مسألة: (وإنِ اقْتَسَما فحَصَلَتِ الطَّرِيقُ في نصيبِ أحَدِهما، ولا مَنْفَذَ للآخَرِ، بَطَلَتِ القِسْمَةُ)

- ‌4959 - مسألة: (ويَجُوزُ للأبِ والوَصِىِّ قَسْمُ مالِ المُوَلَّى عليه مع شريكِه)

- ‌بَابُ الدَّعَاوَى وَالبيِّنَاتِ

- ‌4960 - مسألة: (والمُدَّعِى مَن إذا سَكَت تُرِك، والمُنكِرُ مَن إذا سَكَت لم يُتْرَكْ)

- ‌4961 - مسألة: (وَلَا تَصِحُّ الدَّعْوَى والإنْكَارُ إلَّا مِن جائِزِ التَّصَرّفِ)

- ‌4962 - مسألة: (وإن تَدَاعَيا عَينًا، لم تَخْلُ مِن ثَلَاثَةِ أقْسَامٍ؛ أحَدُهَا، أن تَكُونَ في يَدِ أحدِهما، فهي له مع يَمِينِه أنَّها له، لا حَق للآخرِ فيها، إذا لم تَكُنْ بَيِّنَةٌ)

- ‌4963 - مسألة: (ولو تَنازَعا دابةً، أحَدُهما راكِبُهَا، أو له عليها

- ‌4964 - مسألة: (وإن تَنازَعا قَمِيصًا، أحدُهما لَابِسُه، والآخَرُ آخِذٌ بكُمِّهِ، فهو للابِسِه)

- ‌4965 - مسألة: (وإن تَنازَعَ صاحِبُ الدَّارِ والخَيّاطُ الإبْرَةَ والمِقَصَّ، فهما للخَيَّاطِ)

- ‌4966 - مسألة: (وإن تَنازَعَ هو والقرّابُ القِرْبَةَ، فهي للقرّابِ)

- ‌4967 - مسألة: (وإن تَنازَعا عَرْصَةً فِيهَا شَجَرٌ، أوْ بِنَاءٌ لأحَدِهما، فهي له)

- ‌4968 - مسألة: (وإن تَنازَعا حائِطًا مَعْقُودًا ببنَاءِ أحَدِهمَا، وَحْدَه، أو مُتَّصِلًا بِهِ اتِّصالاً لا يُمْكِنُ إحْدَاثُهُ، أو له عليهِ أَزَجٌ، فهو له، وإن كان مَحْلُولًا مِن بِنائِهما، أو مَعْقُودًا بهما، فهو بينَهما)

- ‌4969 - مسألة: (ولَا تُرَجَّحُ الدَّعْوَى بِوَضْعِ خَشَبِ أحَدِهِمَا عليه، وَلَا بوُجُوهِ الآجُرِّ، والتزْوِيقِ، والتجْصِيصِ، ومَعاقِدِ القِمْطِ

- ‌4970 - مسألة: (وإن تنازَعَ صاحِبُ العُلْوِ والسُّفْلِ في السُّلَّمِ المنصوبِ أو الدَّرَجَةِ، فهي لصاحِبِ العُلْوِ، إلَاّ أن يَكُونَ تحتَ الدَّرَجَةِ مَسْكَنٌ لصاحِبِ السُّفْلِ، فيَكُونُ بينَهما. وإن تَنازَعا في السَّقْفِ الذي بينَهما، فهو بينَهما)

- ‌4971 - مسألة: (وإن تَنازَعَ المُؤْجِرُ والمُسْتَأْجِرُ فِي رَفٍّ مَقْلُوعٍ، أو مِصْرَاعٍ له شَكْلٌ مَنْصُوبٌ في الدَّارِ، فهو لصاحِبِها، وإلَّا

- ‌4972 - مسألة: (وإن تَنازَعا دارًا في أْيدِيهما، فَادَّعاها أحَدُهما

- ‌4973 - مسألة: (وإن تَنازَعَ الزَّوْجان أو وَرَثتهما في قُماشِ البيتِ، فما كان يصْلُحُ للرجالِ فهو للرجلِ، وما)

- ‌4974 - مسألة: (وإنِ اخْتَلَفَ صانِعانِ في قُماشِ دُكانٍ لَهُمَا، حُكِمَ بآلةِ كلِّ صِناعَةٍ لصاحِبِها، في ظاهِرِ كلامِ أحمدَ والخِرَقِىِّ)

- ‌4975 - مسألة: (وَكلُّ مَن قُلْنا: هو له. فهو مع يَمِينِه، إذا لم تَكُنْ بَيِّنَةٌ)

- ‌4976 - مسألة: (وإن كان لأحَدِهما بَيِّنَةٌ، حُكِمَ له بِها)

- ‌4977 - مسألة: (وإن كان لكلِّ واحدٍ منهما بَيِّنَةٌ، حُكِمَ بها للمُدَّعِى، في ظَاهِرِ المذهبِ. وعنه، إن شَهدَتْ بَيِّنةُ المُدَّعَى عليه أنَّها

- ‌4978 - مسألة: (وإن أقامَ الدَّاخِلُ بينةً أنَّهُ اشْتَراها مِن الخارِجِ، وأقام الخارِجُ بَيِّنَةً أنَّه اشْتَرَاهَا مِن الدَّاخِلِ، فقال الْقَاضِى: تُقَدِّمُ بَيِّنَةُ الدَّاخِلِ)

- ‌4979 - مسألة: (وَإن تَنازَعا مُسَنَّاةً

- ‌4980 - مسألة: (وإن تَنازَعا صَبِيًّا في يَدَيْهِما، فكذلك)

- ‌4981 - مسألة: (وإن كان لأحدِهما بَيِّنَةٌ، حُكِمَ له بها)

- ‌4982 - مسألة: وإن كانتْ إحداهُما مُتَقَدِّمةَ التَّارِيخِ، قُدِّمَت

- ‌4983 - مسألة: فإن وُقِّتَت إحداهُما وأطْلِقَتِ الأخْرَى

- ‌4984 - مسألة: (وإن شَهِدَتْ إحداهما بالمِلْكِ، والأخْرَى بالمِلْكِ والنِّتاجِ، أو سَبَبٍ مِن أسبابِ الملْكِ، فهل تُرَجَّحُ بذلك؟ على وَجْهَيْن)

- ‌4985 - مسألة: (ولا تُقَدَّمُ إحداهُما بكَثْرَةِ العَدَدِ، ولا اشْتِهارِ العَدَالَةِ، ولا الرَّجُلانِ على الرجلِ والمرأتَيْن، وَيُقَدَّمُ الشَّاهِدانِ على الشاهِدِ واليَمِينِ، في أحَدِ الوَجْهَيْن)

- ‌4986 - مسألة: (وإذا تَساوَتا، تَعارَضَتا، وقُسِمَتِ العَيْنُ بينَهما بغيرِ يَمِينٍ. وعنه، أنَّهما يَتَحالَفان، كمن لا بَيِّنَةَ لهما. وعنه، أنَّه يُقْرَعُ بينَهما، فمَن قَرَع صاحِبَه، حَلَف وأخَذَها)

- ‌4987 - مسألة: (فإنِ ادَّعَى أحَدَّهما أنَّه اشْتَراها مِن زيدٍ، لم تُسْمَعِ البَيِّنَةُ على ذلك حتى يَقُولَ: وهي مِلْكُه. وتَشْهَدَ البَيِّنَةُ به)

- ‌4988 - مسألة: (وإن أقامَ أحَدُهما بَيِّنَةً أنَّها مِلْكُه، وأقامَ الآخَرُ بَيِّنَةً أنَّه اشْتَراها منه، أو أعْتَقَه، قُدِّمَتْ بَينهُ الثَّانِي)

- ‌4989 - مسألة: (وَلو أقامَ رَجُلٌ بَيِّنَةً أنَّ هذه الدَّارَ لأبِى، خَلَّفَهَا

- ‌4990 - مسألة: (فإن كان المُدَّعَى عَبْدًا، فأقَرَّ لأحَدِهما، لم يُرَجَّحْ بإقْرارِه)

- ‌4991 - مسألة: (وَإن كانَت لكلِّ واحدٍ)

- ‌4992 - مسألة: (فإن أقَرَّ صاحِبُ اليَدِ لأحَدِهما، لم يُرَجَّحْ)

- ‌4993 - مسألة: (وإنِ ادَّعاها صاحِبُ اليَدِ لنَفْسِه)

- ‌4994 - مسألة: (وإن كان في يَدِ رجلٍ عَبْدٌ، فادَّعى أنَّه اشْتَراه مِن زيدٍ، وادَّعَى العَبْدُ أنَّ زَيدًا أعْتَقَه، وأقامَ كلُّ واحدٍ بَيِّنَهْ، انْبَنَى على بَيِّنَةِ الدَّاخِلِ والخارِجِ، وَإن كان العَبْدُ في يَدِ زيدٍ، فالحُكْمُ فيه كالحُكْمِ

- ‌4995 - مسألة: (وإن كان في يَدِه عَبْدٌ، فادَّعى عليه رجلان، كلُّ واحِدٍ منهما أنَّه اشْتَراه منه بثَمَنٍ سَمَّاه، فصَدَّقَهما، لَزِمَه الثّمَنُ لكلِّ واحِدٍ منهما، وإن أنْكَرَهما، حَلَف لهما، وبَرِئَ، وإن صَدَّقَ أحَدَهما، لَزِمَه ما ادَّعاه، وحَلَف للآخَرِ، وإن كان لأحَدِهما بَيِّنَةٌ، فله الثَّمَنُ، ويَحْلِفُ للآخَرِ، وإن كان لكلِّ واحدٍ منهما بَيِّنَةٌ، وأمْكَنَ صِدْقُهما؛ لاخْتِلافِ تارِيخِهما، أو إطلاقِها، أو إطْلاقِ إحْداهما وتأْرِيخ الأُخرَى، عُمِلَ بهما، وإنِ اتَّفَقَ تارِيخُهما، تَعارَضَتا، والحُكْمُ على ما

- ‌4996 - مسألة: (وإنِ ادَّعى كلُّ واحِدٍ منهما أنَّه باعَنِى إيّاه بألْفٍ، وأقامَ بَيِّنَةً، قُدِّمَ أسْبَقُهما تارِيخًا)

- ‌4997 - مسألة: (وإن قال أحَدُهما: غَصَبَنِى إيّاه. وقال الآخَرُ: مَلَّكَنِيه. أو: أقَرَّ لى به. وأقام كلُّ واحِدٍ)

- ‌بَابٌ فِى تَعَارُضِ الْبَيِّنَتيْن

- ‌4998 - مسألة: (وإن قال: إن مِتُّ في المحَرَّمِ، فسالمٌ حُرٌّ، وَإن مِتُّ في صَفَرٍ، فغانِمٌ حُرُّ. وأقام كلُّ واحِدٍ منهما بَيِّنَةُ بمُوجِبِ عِتْقِهِ، قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ سالمٍ)

- ‌4999 - مسألة: (وإن قال: إن مِتُّ مِن مَرَضِى هذَا، فسَالِمٌ حُرٌّ. وإن بَرِئْتُ، فَغَانِمٌ حُرٌّ. فأقاما بَيِّنَتَيْن، تَعارَضَتا، وبَقِيا على الرِّقِّ

- ‌5000 - مسألة: (وإن أتْلَفَ ثَوْبًا، فشَهِدَتْ بَيِّنَةٌ أنَّ قِيمَتَه عِشْرون، وشَهِدَتْ أُخْرى أنَّ قِيمَتَه ثلاثُون، لَزِمَتْه أقَلُّ

- ‌5001 - مسألة: (ولو ماتَتِ امْرَأةٌ وابْنُها، فقال زوجُها: ماتَت فوَرِثْناها، ثم مات ابْنِى فوَرِثْتُه. وقال أخوها: بل مات ابْنُهَا فَوَرِثَتْه، ثم ماتَتْ فوَرِثْناها. حَلَف كلُّ واحِدٍ منهما على إبْطالِ دَعْوى صاحِبِه، وكان مِيرَاثُ الابْنِ لأبِيهِ، وَمِيرَاثُ المَرْأةِ لأخِيهَا وَزوْجِهَا نِصْفَيْنِ. وإن

- ‌5002 - مسألة: (وإن شَهِدَت بَيِّنَةُ سالمٍ أنَّه رجَع عن عِتْقِ غانمٍ، عَتَق سالمٌ وَحْدَه، سَواءٌ كانت)

- ‌5003 - مسألة: (وإن كانت قِيمَةُ غَانِمٍ سُدْسَ المالِ، وَبَيِّنَتُه أجْنَبِيَّةً، قُبِلَتْ)

- ‌5004 - مسألة: (وإن شَهِدَت بَيِّنَةٌ أنَّه أعْتَقَ سالمًا في مَرَضِه، وَشَهِدَت أُخْرَى أنَّه وَصَّى بعِتْقِ غانمٍ، وكلُّ واحِدٍ مِنهما ثُلثُ المالِ، عَتَق سالمٌ وَحْدَه)

- ‌5005 - مسألة: (وإن شَهِدَتْ بَيِّنَةُ غانمٍ أنَّه أعْتَقَه في مَرَضِهِ أيضًا، عَتَق أقْدَمُهما تاريخًا، فإن جُهِل السَّابِقُ، عَتَق أحدُهما بالقُرْعَةِ)

- ‌5006 - مسألة: (فإن كانَتْ بَيِّنَةُ أحَدِهما وارِثَةً، ولم تُكَذِّبِ الأجْنَبِيِّةَ، فكذلك. وإن قالَت: ما أعْتَقَ سالمًا، إنَّما أعْتَقَ غانمًا. عَتَق غانمٌ كلُّه. وحُكْمُ سالِمٍ كحُكْمِه لو لم يَطْعَنْ في بَيِّنَتِه، في أنَّه يَعْتِق إن تَقَدَّمَ تارِيخُ عِتْقِه، أو خرَجَت له القرْعَةُ، وإلَّا فلا. وإن كانَتِ الوارِثَةُ فاسِقَةً، ولم تَطْعَنْ في بَيِّنَةِ سالمٍ، عَتَق سالمٌ كلُّه، ويُنْظَرُ في)

- ‌5007 - مسألة: (وإن أقامَ كلُّ واحدٍ بَيِّنَةً أنَّه مات على دِينِه، تَعارَضَتا، وإن قال شاهِدانِ: نَعْرِفه مُسْلِمًا. وقال شاهِدان: نَعْرِفُهُ كافِرًا. فالميراثُ للمسلمِ، إذا لم يُؤَرِّخِ الشُّهُودُ مَعْرِفَتَهم)

- ‌5008 - مسألة: (وإن خَلَّف أبوَيْن كافِرَيْن وابْنَيْن مُسْلِمَيْنِ، فاخْتَلَفُوا في دِينِه، فالقولُ قولُ الأبوَيْنِ. ويَحْتَمِلُ أنَّ القولَ قولُ الابْنَيْن)

- ‌5009 - مسألة: (وإن خلفَ ابْنًا كافِرًا وأخًا وامْرَأةً مُسْلِمَيْن، فاخْتَلَفُوا في دِينه، فالقولُ قولُ الابنِ، على قولِ الخِرَقِىِّ)

- ‌5010 - مسألة: (ولو مات مُسْلمٌ، وخَلَّفَ وَلَدَيْن؛ مُسْلِمًا وكافِرًا، فأسْلَمَ الكافِرُ، وقال: أسْلمتُ قبلَ مَوْتِ أبى. وقال أخُوه:

- ‌5011 - مسألة: (وإن قال: أسْلَمتُ في المُحَرم، وماتَ أبِى في صفَر)

- ‌كِتَابُ الشَّهادَاتِ

- ‌5012 - مسألة: (تَحَمُّلُ الشَّهادَةِ وأداؤُها فَرضٌ على الكِفايَةِ، إذا قام بها مَن يَكْفِى، سَقَطَتْ عن الباقِين، وإن لم يَقُف بها)

- ‌5013 - مسألة: (قال الخِرَقِىُّ: ومَن لَزِمَتْه الشَّهادَةُ، فعليه أن يَقُومَ بها على القَرِيب والبَعِيدِ، لا يَسَعُه التَّخَلُّفُ عن إقامَتِها وهو قادِرٌ على ذلك)

- ‌5014 - مسألة: (ولا يَجُوزُ لمَن تَعَينَّتْ عليه أخْذُ الأجْرَةِ عليها، ولا يَجُوزُ ذلك لمَن لم تَتَعَيَّنْ عليه، في أصَحِّ الوَجْهيْنِ)

- ‌5015 - مسألة: (ومَن كانَتْ عندَه شَهادَة في حَدٍّ لله تِعالى، أُبِيحَ إقامَتُها، ولم يُسْتَحَبَّ، وللحاكِمِ أن يُعَرِّضَ له بالوُقُوفِ عنها، في أحَدِ الوَجْهيْن)

- ‌5016 - مسألةْ (ومَن كانَتْ عندَه شَهادَة لآدَمِىٍّ يَعلَمها، لم يقِمها حتى يَسْأَلَهُ، فإن لم يَعلَفها، اسْتحبَّ له إعلامُه بها، وله إقامَتُها قبلَ ذلك)

- ‌5017 - مسألة: (ولا يَجُوزُ أن يَشْهدَ إلَّا بما يَعلَمُه برُويَةٍ أو سَماع)

- ‌5018 - مسألة: (والرُّؤْيَةُ تَخْتص بالأفْعالِ؛ كالقَتْلِ، والغَصبِ، والسَّرِقَةِ، وشُربِ الخَمرِ، والرضاعِ، والوِلادَةِ، وغَيْرِها)

- ‌5019 - مسألة: (والسَّماع على ضربَيْن؛ سَماعٌ مِن المَشْهُودِ عليه، نحوَ الإقْرارِ، والعُقُودِ، والطَّلاقِ)

- ‌5020 - مسألة: الضَّرْبُ الثانِى (سماعٌ مِن جِهةِ الاسْتِفاضَةِ، فيما يَتَعَذَّرُ عِلْمُهُ في الغالِبِ إلَّا بذلك؛ كالنَّسَبِ، والمَوْتِ، والمِلْكِ، والنكاحِ، والخُلْعِ، والوَقْفِ، ومَصرِفِه، والعِتْقِ، والوَلاءِ، والوِلَايةِ، والعَزْلِ، وما أشْبَة ذلك)

- ‌5021 - مسألة: (ولا تُقْبَلُ الاسْتِفاضَةُ إلَّا مِن عَدَدٍ يَقَعُ العِلمُ بِخَبَرِهم، في ظاهِرِ كَلامِ أحمدَ وَالخِرَقِىِّ. وقال القاضى: تُسْمَعُ مِن عَدلَيْنِ فَصَاعِدًا [ظاهِرُ كَلامِ أحمدَ والخِرَقِى، أنّه لا يَشْهدُ بالاسْتِفاضَةِ، حتى يسمعَ مِن عَدَدٍ كثيرٍ، يَحصُلُ العلمُ بخَبَرِهم. وذكرَ القاضى في «المُجَرَّدِ» أنَّه يَكْفِى أن يَسْمَعَ مِن اثنين عدلَين، يَسْكُنُ قَلْبُه إلى خَبَرِهما]

- ‌5022 - مسألة: (وإن سَمِعَ إنْسانًا يُقِرُّ بِنَسَبِ أبٍ، أو ابنٍ، فَصَدَّقَه المُقَرُّ لَه، جاز أن يَشْهَدَ)

- ‌5023 - مسألة: (وإن رَأى شيئًا فِى يَدِ إنْسانٍ، يَتَصَرَّفُ فيه تَصَرُّفَ الْمُلَّاكِ؛ مِن النقْضِ، والبِنَاءِ، والإجارَةِ، والإعَارَةِ، ونَحوها، جاز أن يَشْهدَ له بِالْمِلْك)

- ‌5024 - مسألة: (وإن شَهِدَ بالرَّضاعِ، فلا بُدَّ مِن ذِكْرِ عَدَدِ

- ‌5025 - مسألة: (وإن شَهِدَ بالقَتْلِ، احتَاجَ أن يَقُولَ: ضَرَبَه بالسَّيْفِ. أو: جَرَحَه فقَتَلَه. أو: مات مِن ذلك. فإن قال: جَرَحَه فماب لم يحْكَم به)

- ‌5026 - مسألة: (وإن شَهِدَ بالزِّنَى، فلا بُدَّ أن يَذْكُرَ بِمَن زَنَى، واينَ زَنَى، وأنَّه رَأى ذَكَرَه في فَرجِها)

- ‌5027 - مسألة: (ومَن شَهِدَ بِالسَّرِقَةِ، فَلَا بُدَّ مِن ذِكْرِ المَسْرُوقِ منه، والنِّصابِ، والحِززِ، وصِفَةِ السَّرِقَةِ)

- ‌5028 - مسألة: (وإن شَهِدَ بِالْقَذْفِ، فَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ المَقْذُوفِ، وَصِفَةِ الْقَذْفِ)

- ‌5029 - مسألة: (وإن شَهِدا أنَّ هذا العَبْدَ ابنُ أمَةِ فُلانٍ، لم يُحكَم له به حَتَّى يَقولا: وَلَدَتْهُ في مِلْكِه)

- ‌5030 - مسألة: (وإن شَهِدَتْ أنَّه اشْتَراها مِن فُلَانٍ، أو وَقَفَها عليه، أو أعتَقَها، لم يحكم بها حتى يَقُولَا: وَهِى في مِلْكِهِ)

- ‌5031 - مسألة: (وإن شَهِدَا

- ‌5032 - مسألة

- ‌5033 - مسألة: (وَتَجُوزُ شَهادَةُ المُسْتَخْفِى)

- ‌5034 - مسألة: (ومَن سَمِعَ رجلًا يُقِرُّ بحَق، أو يُشْهِدُ شاهِدًا بِحَق، أو سَمِعَ حاكِمًا يحكُمُ، أو يُشهِدُ على حُكمِهِ وإنْفاذِهِ)

- ‌5035 - مسألة: (وإن شَهِدَ أحَدُهما أنَّه أقَرَّ له بألْفٍ أمْسِ، وشَهِدَ آخَرُ أنَّه أقَرَّ له بألفٍ اليومَ، أو شَهِدَ أحدُهما أنه باعَه دارَه أمسِ

- ‌5036 - مسألة: (وكذلك القَذْفُ)

- ‌5037 - مسألة: (وإن شَهِدَ شاهِدٌ أنَّه أقَرَّ له بأَلْفَيْنِ، وشَهِدَ آخَرُ أنَّه أقَرَّ له بألْفٍ، ثَبَتَ الألْفُ، ويَحْلِفُ على الآخَرِ مع شاهِدِه، إن أحَبَّ)

- ‌5038 - مسألة: (وإن شَهِدَ أحدُهما أنَّ له)

- ‌5039 - مسألة: (وإن شَهِدَ أحدُهما أنَّ له عليه ألْفًا مِن قَرْضٍ، وشَهِدَ آخَر أنَّ له عليه ألْفًا مِن ثَمَنِ مَبِيعٍ، لم تَكْمُلِ البَيِّنَةُ)

- ‌5040 - مسألة: (وإن شَهِدَ شاهِدانِ أنَّ له عليه ألْفًا، وقال أحَدُهما: قَضَاهُ بَعْضَهُ. بَطَلَت شَهادَتُه. نَصَّ عليهِ. وإن شَهِدَا

- ‌5041 - مسألة: (وإن كانتْ له بَيِّنَةٌ بألْفٍ، فقال: أُرِيدُ أن تَشْهَدَا لِى بِخَمْسِمِائةٍ. لم يَجُزْ. وعندَ أبي الخَطَّابِ، يجوزُ)

- ‌بَابُ شُرُوطِ مَنْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ

- ‌5042 - مسألة: (ولا تُقْبَلُ شهادَةُ فاسِقٍ)

- ‌5043 - مسألة: (ويَتَخَرَّجُ على قَبُولِ شَهَادَةِ أهْلِ الذِّمَّةِ، قَبُولُ شهادةِ الفاسِقِ مِن جِهَةِ الاعْتِقادِ المُتَدَيِّنِ به، إذا لم يَتَدَيَّنْ بالشهادَةِ لمُوافِقِيهِ على مُخالِفِيهِ)

- ‌5044 - مسألة: (فأمّا مَن فَعَل شَيْئًا مِن الفُرُوعِ المُخْتَلَفِ فيها، فتَزَوَّجَ بغيرِ وَلِىٍّ، أو شَرِبَ مِن النَّبِيذِ مَا لَا يُسْكِرُهُ، أو أخَّرَ الحَجَّ الواجِبَ

- ‌5045 - مسألة: (الثانى، استِعْمَالُ المُرُوءَةِ، وهو فِعْلُ ما يُجَمِّلُهُ ويُزَيِّنُهُ، وتَرْكُ مَا يُدَنِّسُهُ ويَشِينُهُ، فلا تُقْبَلُ شَهادَةُ المُصَافِعِ

- ‌5046 - مسألة: (فأمّا الشَّيْنُ في الصَّناعَةِ) [

- ‌5047 - مسألة: (ولا يُعْتَبَرُ إصْلَاحُ العَمَلِ. وعنه، يُعْتَبَرُ في التَّائِبِ إصْلَاحُ العَمَلِ سَنَةً)

- ‌5048 - مسألة: (ولا تُقْبَلُ شَهادَةُ القاذِفِ حتى يَتُوبَ)

- ‌5049 - مسألة: (وتَوْبَتُهُ أن يُكْذِبَ نَفْسَهُ. وَقِيلَ: إن عَلِمَ صِدْقَ نَفْسِهِ، فَتَوْبَتُه أن يَقُولَ: قَدْ نَدِمْتُ على ما قُلْتُ، ولا أعُودُ إلى مِثْلِه، وأنا تَائِبٌ إلى الله تِعالى منه)

- ‌5050 - مسألة: (وتجُوزُ شَهادَةُ الأعْمَى في المَسْمُوعاتِ، إذا تَيَقَّنَ الصَّوْتَ، وبالاسْتِفاضَةِ)

- ‌5051 - مسألة: (وتَجُوزُ في المرْئِيّاتِ التى تَحَمَّلَهَا قَبْلَ العَمَى، إذا عَرَفَ الفاعِلَ باسْمِهِ ونسَبِه وما يَتَمَيَّزُ به)

- ‌5052 - مسألة: (فإن لم يَعْرِفِ المَشْهُودَ عليه)

- ‌5053 - مسألة: (وإن شَهِدَ عندَ الحَاكِمِ، ثم عَمِىَ، قُبِلَتْ شَهادَتُهُ، وَجْهًا واحِدًا)

- ‌5054 - مسألة: (وشهادةُ وَلَدِ الزِّنَى جائِزَةٌ، فِى الزِّنَى وغيرِه)

- ‌5055 - مسألة: (وتُقْبَلُ شَهادَةُ الإِنْسانِ على فِعْلِ نَفْسِهِ؛ كالمُرْضِعَةِ على الرَّضَاعِ، والقاسِمِ على القِسْمَةِ، والحَاكِمِ على حُكْمِه بعدَ العَزْلِ)

- ‌5056 - مسألة: (وَتُقْبَلُ شَهادَةُ البدَوِىِّ على الْقَرَوِىِّ، والقَرَوِىِّ على البَدَوِىِّ)

- ‌بَابُ مَوَانِع الشَّهَادَةِ

- ‌5057 - مسألة: (وتُقْبَلُ شَهادَةُ بعضِهِم على بَعْض، في أصَحِّ الرِّوايَتَيْنِ)

- ‌5058 - مسألة: (وَلَا تُقْبَلُ شَهادَةُ أحَدِ الزَّوْجَيْنِ لصاحِبه، فِي إحْدَى الرِّوايَتَيْن)

- ‌5059 - مسألة: (ولا تُقْبَلُ شَهَادَةُ السَّيِّدِ لِعَبْدِهِ، ولا العَبْدِ لسَيِّدِهِ)

- ‌5060 - مسألة: (وتُقْبَلُ شَهادةُ الأخِ لأخِيهِ، وسائِرِ الْأقارِبِ، والصَّدِيقِ لصَدِيقِه، والمَوْلَى لِعَتِيقِه)

- ‌5061 - مسألة: (و)

- ‌5062 - مسألة: (ولو لم يَشْهَدْ بها عندَ الحَاكِمِ حتى صار عَدْلًا، قُبِلَتْ)

- ‌5063 - مسألة: (ولو شَهِدَ)

- ‌5064 - مسألة: (وإن شَهِدَ لمُكَاتَبِه، أو لمَوْرُوثِه بِجُرْحٍ قبلَ بُرْئِه، فَردَّتْ، ثم أعادَها بعدَ عِتْقِ المُكَاتَبِ وبُرْءِ الْجُرْحِ، ففى رَدِّها وجهانِ)

- ‌5065 - مسألة: (وإن شَهِدَ الشَّرِيكُ بعَفْوِ شَرِيكِه عن الشُّفْعَةِ، ثم عَفا الشّاهِدُ عن شُفْعَتِه، وأعادَ تلك الشَّهادَةَ، لم تُقْبَلْ. ذَكَرَه القاضِي)

الفصل: ‌5046 - مسألة: (فأما الشين في الصناعة) [

فَأمَّ الشَّيْنُ فِى الصِّنَاعَةِ؛ كَالحَجَّامِ، وَالْحَائِكِ، وَالنَّخَّالِ، وَالنَّفَّاطِ، وَالْقَمَّامِ، والزَّبَّالِ، وَالْمُشَعْوِذِ، وَالدَّبَّاغِ، وَالْحَارِسِ، وَالْقَرَّادِ، والْكَبَّاشِ، فَهَلْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ إذَا حَسُنَتْ طَرَائِقُهُمْ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ.

ــ

‌5046 - مسألة: (فأمّا الشَّيْنُ في الصَّناعَةِ) [

وهو النوع الثانى] (1)(كَالحَجَّامِ، والحَائِكِ، والنَّخّالِ، والنَّفّاطِ، والقَمّامِ، والزَّبّالِ، والمُشَعْوِذِ، والدَّبّاغِ، والحَارِسِ، والقَرَّادِ (2)، والكَبَّاشِ (3)، فهل تُقْبَلُ شَهَادَتُهم إذا حَسُنَتْ طَرائِقُهم؟ على وَجْهَيْنِ) الصَّناعاتُ الدَّنِيئَةُ، كالكَسّاحِ، والكنَّاسِ (4)، لا تُقْبَلُ شَهادَتُهما؛ لِما رَوَى سعيدٌ، في «سُنَنه» أنَّ رَجُلًا أتَى ابنَ عمرَ، فقال له: إنِّى رجلٌ كنَّاسٌ. فقال له: أىَّ شئٍ تَكْنُسُ (5)، الزِّبْلَ؟ قال: لا. قال: فالعَذِرَةَ؟ قال: نعم. قال:

(1) سقط من: ق، م.

(2)

القراد: الذى يلعب بالقرد ويطوف به الأسواق وغيرها مكتسبا به.

(3)

الكباش: الذى يلعب بالكباش ويناطح بها.

(4)

في ق، م:«الكباش» .

(5)

بعده في الأصل: «قال» .

ص: 361

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

منه كَسَبْتَ المالَ، ومنه تَزَوَّجْتَ، ومنه حَجَجْتَ؟ قال: نعم. قال (1): الأجْرُ خَبِيثٌ، وما تزَوَّجْتَ فخَبِيثٌ، حتى تَخْرُجَ منه كما دخَلْتَ فيه (2). وعن ابنِ عباسٍ مثلُه في الكَسَّاحِ (3). ولأنَّ هذا دَناءةٌ يَجْتَنِبُه أهلُ المُروءاتِ، فأشْبَهَ الذى قبلَه. فأمّا الزَّبَّالُ والقرَّادُ وَالحَجَّامُ (4) ونحوُهم، ففيه وَجْهان؛ أحدُهما، لا تُقْبَلُ شَهادَتُهم؛ لأنَّها دَناءةٌ يَجْتَنِبُها أهلُ المُروءاتِ، فهو كالذى قبلَه. والثانى، يُقْبَلُ؛ لأنَّ بالناسِ إليه حاجةً. فعلى هذا الوَجْهِ، إنَّما تُقْبَلُ شَهادَتُه إذا كان يتَنَظَّفُ للصَّلاةِ في وَقْتِها ويُصَلِّيها، فإن صلَّى بالنَّجاسَةِ، لم تُقْبَلْ شَهادتُه، وَجْهًا واحدًا. وأمّا الحائِكُ والحارسُ والدَّبّاغُ، فهو أعلَى مِن هذه الصَّنائِعِ، فلا تُرَدُّ

(1) سقط من: م.

(2)

أخرجه ابن أبى شيبة، في: باب أجر الكساح، من كتاب البيوع والأقضية. المصنف 7/ 42. والبيهقى، في: باب ما جاء في طرح السرجين. . . .، من كتاب المزارعة. السنن الكبرى 6/ 139. وانظر: المحلى 9/ 30. وقد تقدم تخريجه في 316/ 14 من حديث ابن عمرو، وهو خطأ.

(3)

أخرجه ابن أبى شيبة، في: باب أجر الكساح، من كتاب البيوع والأقضية. المصنف 7/ 42. وانظر: المحلى 9/ 30.

(4)

سقط من: م.

ص: 362

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

به الشَّهادةُ. وذكَرَ شيْخُنا فيها وَجْهَيْن، وكذلك ذكَرَها أبو الخَطَّابِ. والأوْلَى قَبولُ شَهادةِ الحائِكِ والحارسِ والدَّبَّاغِ، لأنَّه قد تَوَلَّاها كثير مِن الصَّالحين وأهلِ المُروءاتِ. وأمّا سائِرُ الصِّناعاتِ التى لا دَناءَةَ فيها، فلا تُرَدُّ الشَّهادةُ بها، وقد قِيل:

ألَا إنَّما التَّقْوَى هى العِزُّ والكَرَمْ

وحُبُّكَ للدُّنْيَا هو الذُّلُّ والهَرَمْ

ولَيْسَ على عَبْدٍ تَقِىٍّ نَقِيصَةٌ

إذا صَحَّح التَّقْوَى وإن حاك أو حَجَمْ (1)

إلَّا مَن كان منهم يَحْلِفُ كاذِبًا، أو يَعِدُ ويُخْلِفُ، وغَلبَ هذا عليه،

(1) سقط من: ق، م.

والأبيات تقدم تخريجها في 20/ 270. وفى الديوان: «العدم» مكان: «الهرم».

ص: 363

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فإنَّ شَهادتَه تُرَدُّ. وكذلك مَن كان منهم يُؤَخِّرُ الصَّلاةَ عن أوْقاتِها، أو (1) لا يَتَنَزَّهُ عن النَّجاساتِ، فلا شهادةَ له. ومَن كانت صِناعتُه [مُحَرَّمَةً؛ كصانِعِ المَزامِيرِ والطَّنَابِيرِ، فلا شَهادَةَ له. ومَن كانَتْ صِناعَتُه](2) يَكْثُرُ فيها الرِّبا، كالصّائِغِ والصَّيْرَفِىِّ، ولم يَتَوَقَّ (3) ذلك، رُدَّتْ شَهادتُه.

فصلٌ في الملاهِى: وهى على ثلاثةِ أضْرُبٍ؛ محَرَّمٌ، وهو ضَرْبُ الأوْتارِ والنّاياتِ، والمَزامِيرِ كلِّها، والعُودِ، والطُّنْبُورِ، والمَعْزَفَةِ، والرَّبابِ، ونحوِها، فمَن أدامَ اسْتِماعَها (4)، رُدَّتْ شَهادتُه؛ لأنَّه يُرْوَى عن علىٍّ، رَضِىَ اللهُ عنه، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: «إذَا ظَهَرَ فِى أُمَّتِى خَمْس عَشْرَةَ

(1) في م: «و» .

(2)

سقط من: م.

(3)

في ق، م:«يتق» .

(4)

في الأصل: «استعمالها» .

ص: 364

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

خَصْلَةً، حَلَّ بِهِمُ الْبَلَاءُ» (1). ذكَرَ منها إظْهارَ المَعازِفِ والمَلاهِى. وقال سعيدٌ: ثنا فرَجُ بنُ فَضَالَةَ، عن علىِّ بنِ يَزِيدَ، عن القاسِمِ، عن أبى أُمامَةَ، قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «إنَّ اللهَ بعَثَنِى رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ، وَأمَرَنِى بِمَحْقِ الْمَعازِفِ وَالْمَزَامِيرِ، لَا يَحِلُّ بَيْعُهُنَّ، وَلَا شِرَاؤُهُنَّ، ولا تَعْلِيمُهُنَّ (2)، وَلَا التِّجَارَةُ فِيهِنَّ، وثَمَنُهُنَّ حَرَامٌ» (3). يعنى الضَّارباتِ. ورَوَى نافِعٌ، قال: سمِعَ ابنُ عمرَ مِزْمارًا، فوَضَعَ إصْبَعَيْه على أُذُنَيْه، ونَأَى عن الطَّريقِ، وقال لى: يا نافعُ، هل تَسْمَعُ شيئًا؟ قال: فقلتُ: لا. قال: فرَفَعَ إصْبَعَيْه مِن أُذُنَيْه، وقال: كنتُ مع النبىِّ صلى الله عليه وسلم،

(1) أخرجه الترمذى، في: باب ما جاء في علامة حلول المسخ والخسف، من أبواب الفتن. عارضة الأحوذى 9/ 58.

(2)

سقط من: ق، م.

(3)

أخرجه الإمام أحمد، في: المسند 5/ 257، 268.

ص: 365

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فسَمِعَ مثلَ هذا، فصنَعَ مثلَ هذا. رَوَاه الخَلَّالُ في «جَامِعِه» مِن طريقَيْن. ورَوَاه أبو داودَ، في «سُنَنِه» (1)، وقال: حديثٌ مُنْكَرٌ. وقد احْتَجَّ قومٌ بهذا الخَبَرِ على إباحَةِ المِزْمارِ، وقالوا: لو كان حَرامًا لَمَنَعَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم ابنَ عمرَ مِن سَماعِه، ومَنَعَ ابنُ عمرَ نافِعًا مِن اسْتِماعِه، ولأنْكَرَ على الزَّامِرِ بها. قُلْنا: أمَّا (2) الأوَّلُ فلا يَصِحُّ؛ لأنَّ المُحَرَّمَ اسْتِماعُها دونَ سَماعِها، والاسْتِماعُ غيرُ السَّماعِ، ولهذا فَرَّقَ الفُقَهاءُ في سُجودِ التِّلاوَةِ بينَ السّامِعِ والمُسْتَمِعِ، ولم يُوجِبُوا على مَن سَمِعَ شيئًا مُحَرَّمًا سَدَّ أُذُنَيْه، قال اللهُ تعالى:{وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ} (3). ولم يَقُلْ: سَدُّوا آذَانَهم. والمُسْتَمِعُ هو الذى يَقْصِدُ السَّماعَ، ولم يُوجَدْ هذا مِن ابنِ عمرَ، وإنَّما وُجِدَ منه (4) السَّماعُ؛ ولأنَّ بالنبىِّ صلى الله عليه وسلم حاجَةً إلى مَعْرِفةِ انْقِطاعِ سَماعِ الصَّوْتِ عنه؛ لأنَّه عَدَلَ عن الطَّريقِ، وسَدَّ أُذُنَيْه، فلم

(1) تقدم تخريجه في 21/ 333.

(2)

سقط من: الأصل، م.

(3)

سورة القصص 55.

(4)

سقط من: ق، م.

ص: 366

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

يكُنْ ليَرْجِعَ إلى الطَّريقِ، ولا يَرْفَعَ إصْبَعَيْه مِن أُذُنَيْه، حتى يَنْقَطِعَ الصَّوْتُ عنه، فأُبِيحَ للحاجَةِ. وأمّا الِإنْكارُ، فلَعلَّه كان في أوَّلِ الهِجْرَةِ، حينَما لم يكُنِ الإِنْكارُ واجِبًا، أو قبلَ إمْكانِ الإِنْكارِ؛ لكَثْرَةِ الكُفَّارِ، وقلَّةِ أهلِ الِإسْلام. فإن قيلَ: فهذا الخبَرُ ضَعِيفٌ. فإنَّ أبا داودَ روَاه، وقال: هو حديَثٌ مُنْكَرٌ. قُلْنا: قد روَاه الخَلَّالِ بإسنادِهِ (1) مِن طريقَيْن، فلَعلَّ أبا داودَ ضَعَّفَه؛ لأنَّه لم يَقَعْ له إلَّا مِن إحْدَى الطَّريقَيْنِ.

وضَرْبٌ مُباحٌ، وهو الدُّفُّ؛ فإنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم قال:«أعْلِنُوا النِّكَاحَ، واضْرِبُوا عَلَيْهِ بِالدُّفِّ» . أخْرَجَه مسلمٌ (2). وذكَرَ أصْحابُنا، وأصْحابُ الشافعىِّ، أنَّه مَكْرُوهٌ في غيرِ النِّكاحِ؛ لأنَّه يُرْوَى عن عُمَرَ، أنَّه كان إذا سَمِعَ صَوْتَ الدُّفِّ، بعَثَ فنَظَرَ، فإن كان في وَلِيمَةٍ سكَتَ، وإن كان في غيرِها، عَمَدَ بالدِّرَّةِ (3). ولَنا، ما رُوِىَ عنِ النبىِّ صلى الله عليه وسلم، أنَّ امرأةً جاءَتْه، فقالتْ: إنِّى نَذَرْتُ إن رَجَعْتَ مِن سَفرِكَ سَالِمًا، أن أضْرِبَ على رَأسِكَ بالدُّفِّ. فقال النبىُّ صلى الله عليه وسلم:«أوْفِ بِنَذْرِكِ» . رَواه أبو داودَ (4). ولو كان مَكْرُوهًا، لم يَأْمُرْها به وإن كان مَنْذُورًا. ورَوَتِ

(1) سقط من: م.

(2)

تقدم تخريجه في 17/ 360، وانظر 21/ 354.

ولم يخرجه مسلم، انظر: تحفة الأشراف 12/ 283.

(3)

أخرجه عبد الرزاق، في: باب الغناء والدف، من كتاب الجامع. المصنف 11/ 5.

(4)

تقدم تخريجه في 28/ 176.

ص: 367

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الرُّبَيِّعُ بنتُ مُعَوِّذٍ، قالتْ: دخَلَ علىَّ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم صَبِيحَةَ بُنِىَ بى، فجَعَلَتْ جُوَيْرِيَاتٌ يَضْرِبْنَ بدُفِّ لهنَّ، ويَنْدُبْنَ مَن قُتِلَ مِن آبائى يومَ بَدْرٍ، إلى أن قالَتْ إحْداهُنَّ: وفينا نَبِّىٌّ يَعْلَمُ ما في غَدٍ. فقال: «دَعِى هَذَا، وَقُولِى الَّذِى كُنْتِ تَقُولِينَ» . مُتَّفَقٌ عليه (1). فأمَّا الضَّرْبُ به للرِّجالِ فهو مَكْرُوةٌ على كلِّ حالٍ؛ لأنَّه إنَّما كان (2) يَضْرِبُ به النِّساءُ، والِمُخَنَّثُونَ، والمُتَشبِّهون (3) بهِنَّ، ففى ضَرْبِ الرِّجالِ به تَشَبُّهٌ بالنِّساء. فأمَّا الضَّرْبُ بالقَضِيبِ، فيُكْرَهُ إذا انْضَمَّ إليه مَكْرُوهٌ أو مُحَرَّمٌ كالتًّصْفِيقِ والغِنَاءِ والرَّقْصِ، وإن خلا عن ذلك كُلِّه، لم يُكْرَهْ؛ لأنَّه ليس بآلةِ لَهْوٍ ولا بطَرَبٍ، ولا يُسْمَعُ مُنْفَرِدًا، بخلافِ الْمَلاهِى. ومذهبُ الشافعىِّ في هذا الفَصْلِ كما قُلْنا.

فصل: واخْتَلَفَ أصْحابُنا في الغِناءِ، فذهبَ أبو بكرٍ (4) الخَلَّالُ،

(1) أخرجه البخارى، في: كتاب حدثنى خليفة حدثنا محمد، من كتاب المغازى، وفى: باب ضرب الدف في النكاح والوليمة، من كتاب النكاح. صحيع البخارى 5/ 105، 7/ 25.

كا أخرجه أبوداود، في: باب في النهى عن الغناء، من كتاب الأدب. سنن أبى داود 2/ 578. والترمذى، في: باب ما جاء في إعلان النكاح، من أبواب النكاح. عارضة الأحوذى 4/ 309. وابن ماجه، في: باب الغناء والدف، من كتاب النكاح. سنن ابن ماجه 611/ 1. والإمام أحمد، في: المسند 6/ 359، 360. وليس في صحيح مسلم، انظر: تحفة الأشراف 301/ 11، 302.

(2)

سقط من: ق، م.

(3)

في م: «المشبهون» .

(4)

سقط من: ق، م.

ص: 368

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وصاحبُه أبو بكرٍ عبدُ العزيزِ، إلى إباحَتِه. قال أبو بكرٍ عبدُ العزيزِ: والغِناءُ والنَّوْح مَعْنًى واحدٌ، مباحٌ ما لم يكنْ معه مُنْكَرٌ، ولا فيه طَعْنٌ. وكانَ (1) الخَلَّالُ يَحْمِلُ الكَراهَةَ مِن أحمدَ على الأفْعالِ المذْمُومَةِ، لا على القَوْلِ بعَيْنِه. ورُوِىَ عن أحمدَ أنَّه سَمِعَ مِن عندِ ابْنِه صالحٍ قَوَّالًا، فلم يُنْكِرْ عليه، وقال له صالحٌ: يا أبَةِ، أليس كُنتَ تَكْرَهُهُ (2)؟ فقال: قِيلَ لى: إنَّهم يَسْتَعْمِلون المُنْكَرَ. وممَّن ذهبَ إلى إباحَتِه (3) مِن غيرِ كَرَاهَةٍ؛ إبراهيمُ ابنُ سعدٍ، وكثيرُ مِن أهلِ المدينةِ، والعَنْبَرِىُّ؛ لِما رُوِىَ عن عائِشةَ، رَضِىَ الله عنها، قالتْ: كانتْ عندِى جَارِيَتان تُغَنِّيان، فدخَلَ أبو بكرٍ، فقال: مَزْمُورُ (4) الشَّيْطانِ في بيتِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فقال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «دَعْهُما، فَإنَّهَا أيَّامُ عِيدٍ» . مُتَّفَقٌ عليه (5). وعن عمرَ، رضي الله عنه، أَنَّه قال: الغِناءُ زادُ الرَّاكِبِ (6). واختارَ القاضى أنَّه مَكرُوهٌ غيرُ

(1) في ق، م:«إن» .

(2)

في ف، م:«تكرههم» .

(3)

في م: «إباحة الغناء» .

(4)

في الأصل: «مزمار» .

(5)

أخرجه البخارى، في: باب الحراب والدرق يوم العيد، من كتاب العيدين، وفى: باب قصة الحبش وقول النبى صلى الله عليه وسلم: يا بنى أرفدة، من كتاب المناقب. صحيح البخارى 2/ 20، 4/ 225. ومسلم، في: كتاب الرخصة في اللعب. . . .، من كتاب العيدين. صحيح مسلم 2/ 608. كما أخرجه النسائى، في: باب الاستماع إلى الغناء وضرب الدف يوم العيد، من كتاب العيدين. المجتبى 4/ 160. والإمام أحمد، في: المسند 6/ 84.

(6)

أخرجه البيهقى، في: باب لا يضيق عل واحد منهما. . . .، من كتاب الحج. السنن الكبرى 5/ 68.

ص: 369

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

مُحَرَّمٍ. وهو قولُ الشافعىِّ، وقال: هوَ (1) مِن اللَّهْوِ المَكْرُوهِ. وقال أحمدُ: الغِناءُ يُنْبِتُ النِّفاقَ في القَلْبِ، لا يُعْجِبُنِى. وذهبَ آخُرون مِن أصْحابِنا إلى تَحْرِيمِه. قال أحمدُ، في مَن مات وخَلَّفَ ولدًا يَتيمًا، وجارِيَةً مُغَنَّيةً، فاحْتاجَ الصَّبِىُّ إلى بَيْعِها: تُباعُ ساذَجَةً. قيل له: إنها تُساوِى مُغَنَّيَةً ثلاثين ألفًا، وتُساوى سَاذَجَةً عِشرين دِينارًا. فقال: لا تُباعُ إلَّا على (2) أنَّها سَاذَجَةٌ. واحْتَجُّوا على تَحْرِيمِه بما رُوِىَ عن ابنِ الحَنَفِيَّةِ، في قولِه تعالى:{وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ} (3). قال: الغِناءُ. وقال ابنُ عبَّاسٍ، وابنُ مَسعودٍ، في قولِ اللهِ تعالى:{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ} (4). قال: هو الغِناءُ (5). وعن أبى أُمامَةَ، أنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم[نَهَى عن شِراءِ المُغَنِّياتِ، وبَيْعِهِنَّ، والتِّجارَةِ فِيهنَّ، وأكْلُ أثْمانِهِنَّ حَرامٌ. أخْرَجَه التِّرْمِذِىُّ (6)، وقال: لا نَعْرِفُه إلَّا مِن حديثِ علىِّ بنِ يَزِيدَ، وقد تَكَلَّمَ أهلُ العلمِ فيه. ورَوَى ابنُ مَسعودٍ، أنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم](7) قال: «الغِنَاءُ يُنْبِتُ النِّفَاقَ فِى الْقَلْبِ» (8). والصَّحِيحُ أنَّه مِن (9) قولِ ابنِ

(1) سقط من: م.

(2)

سقط من: الأصل.

(3)

سورة الحج 30.

(4)

سورة لقمان 6.

(5)

أخرجه الطبرى في تفسره 21/ 61.

(6)

في: باب ما جاء في كراهية بيع المغنيات، من كتاب البيوع. عارضة الأحوذى 5/ 281، 282. كما أخرجه ابن ماجه، في: باب ما لا يحل بيعه، من كتاب التجارات. سنن ابن ماجه 2/ 733.

(7)

سقط من: الأصل.

(8)

أخرجه أبو داود، في: باب كراهية الغناء والزمر، من كتاب الأدب. سنن أبى داود 2/ 579.

(9)

سقط من: ق، م.

ص: 370

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

مَسعودٍ. وعلى كلِّ حالٍ، مَن اتَّخَذَ الغِناءَ صِناعَةً، يُؤْتَى إليه، ويَأْتِى له، أو اتَّخذَ غُلامًا أو جارِيَةً مُغَنَّييْن، يَجْمَعُ عليهما الناسَ، فلا شَهادةَ له؛ لأنَّ هذا عندَ مَن لم يُحَرِّمْه سَفَهٌ ودَناءةٌ وسُقوطُ مُروءَةٍ، ومَن حَرَّمَه فهو مع سَفَهِه عاصٍ، مُصِرٌّ مُتَظاهِرٌ بفِسْقِه. وبهذا قال الشافعىُّ، وأصْحابُ الرَّأْىِ. وإن كان لا يَنْسِبُ نَفْسَه إلى الغِناءِ، وإنَّما يتَرَنَّمُ لنَفْسِه، ولا يُغَنِّى للناسِ، أو كان غُلامُه وجارِيَتُه إنَّما يُغَنِّيان له، انْبَنَى هذا على الخِلافِ فيه، فمَن أباحَه أو كَرِهَه، لم تُرَدَّ شَهادَتُه، ومَن حَرَّمَهُ، قال: إن دامَ عليه، رُدَّت شَهادتُه، كسائِرِ الصَّغائِرِ، وإن لم يُداوِمْ عليه، لم تُرَدَّ شَهادتُه. وإن فعَلَه [مَن يَعْتَقِدُ](1) حِلَّه، فقِياسُ المذهبِ أن لا تُرَدّ شَهادتُه بما لا يَشْتَهِرُ به (2) منه، كسائرِ المُخْتَلَفِ فيه مِن الفُروعِ. ومَن كان يَغْشَى بُيوتَ الغِناءِ (3)، أو يَغْشاه المُغَنُّون للسَّماعِ، مُتَظاهِرًا بذلك، وكَثُرَ منه، رُدَّتْ شَهادتُه، في قولِهم جميعًا؛ لأنَّه سَفَهٌ ودَناءةٌ. وإن كان مُسْتَتِرًا به، فهو كالمُغَنِّى لنَفْسِه، على ما ذُكِرَ مِن التَّفْصِيلِ فيه.

فصل: فأمّا الحُدَاءُ، وهو الإنْشادُ الذى تُساقُ به الإِبلُ، فمُباحٌ، لا بَأْسَ به في فِعْلِه واسْتِماعِه؛ لِما رُوِىَ عن عائشةَ، رَضِىَ اللهُ عنها، قالت: كُنَّا مع رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم في سَفَرٍ، وكان عبدُ اللهِ بنُ رَواحَةَ

(1) في الأصل: «معتقدا» .

(2)

سقط من: الأصل.

(3)

في م: «المغنى» .

ص: 371

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

جيِّدَ الحُدَاءِ، وكان مع الرِّجالِ، وكان أنْجَشَةُ مع النِّساءِ، فقال النبىُّ صلى الله عليه وسلم لابنِ رَوَاحَةَ:«حَرِّكْ بِالْقَوْمِ» . فانْدَفَعِ يُنْشِدُ، فتَبِعَه أنْجَشَةُ، فأعْنَقَتِ الإبِلُ، فقالَ النبىُّ صلى الله عليه وسلم لأنْجَشةَ:«رُوَيْدَكَ، رِفْقًا بِالْقَوارِيرِ» (1). يَعنى النِّساءَ. وكذلك نَشِيدُ الأعْرابِ، وهو النَّصْبُ، لا بَأْسَ به، وسائرُ أنْواعِ الإنْشادِ، ما لم يَخْرُجْ إلى حَدِّ الغِناءِ. وقد كان النبىُّ صلى الله عليه وسلم يَسْمَعُ إنْشادَ الشِّعْرِ، فلا يُنْكِرُه. والغِناءُ، مِن الصَّوتِ، مَمْدودٌ مَكْسورٌ. والغِنَى، مِن المالِ، مَقْصورٌ. والحُدَاءُ، مَمْدودٌ مَضْمُومٌ، كالدُّعاءِ، ويَجوزُ الكَسْرُ، كالنِّداءِ.

فصل: والشِّعْرُ كالكَلامِ؛ حَسَنُه كحَسَنِه، وقَبِيحُه كقَبِيحِه. وقد رُوِىَ عن النبىِّ صلى الله عليه وسلم، أنَّه قال:«إن مِنَ الشِّعْرِ لَحُكْمًا» (2). وكان

(1) لم نجده عن عائشة، وأخرجه عن أنس بن مالك، البخارى، في: باب المعاريض مندوحة عن الكذب، من كتاب الأدب. صحيح البخارى 8/ 58. ومسلم، في: باب رحمة النبى صلى الله عليه وسلم بالنساء، من كتاب الفضائل. صحيح مسلم 4/ 1811، 1812. وابن حبان، انظر: الإحسان 7/ 522. والإمام أحمد، في: المسند 7/ 103، 117، 172، 176، 187، 202، 206، 227، 254.

وعن عمر وابن رواحة أخرجه النسائى، في: باب عبد الله بن رواحة، رضى الله عنه، من كتاب المناقب. السنن الكبرى 5/ 69، 70.

(2)

أخرجه البخارى، في: باب ما يجوز من الشعر والرجز والحداء وما يكره منه، من كتاب الأدب، صحيح البخارى 8/ 42. وأبو داود، في: باب ما جاء في الشعر، من كتاب الأدب. سنن أبى داود 2/ 598. والترمذى، في: باب ما جاء: إن من الشعر حكمة، من أبواب الأدب. عارضة الأحوذى 10/ 288. وابن ماجه، في: باب الشعر، من كتاب الأدب. سنن ابن ماجه 2/ 1235، 1236. والدارمى، في: باب في أن من الشر حكمة، من كتاب الاستئذان. سنن الدارمى 2/ 297. والإمام أحمد، في: المسند 1/ 269، 273، 303، 309، 313، 327، 332، 5/ 125.

وبعده في حاشية ق: «يعنى أن من الشعر كلاما نافعا يمنع من الجهل والسفه وينهى عنهما. والله أعلم،.

ص: 372

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

يَضَعُ لحسَّانَ مِنْبَرًا يقَومُ عليه، فيَهْجُو مَن هَجَا رسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم والمسلمينَ (1). وأنْشَدَه كَعْبُ بنُ زُهَير قَصِيدَتَه:

* بَانَتْ سُعادُ فَقَلْبِى الْيَوْمَ مَتْبُولُ *

في المسجدِ (2). وقال له عَمُّه العَباسُ: [يا رسولَ الله](3)، إنِّى أُرِيدُ أنْ أمْتَدِحَكَ. فقال:«قلْ لَا يَفْضُضِ اللهُ فَاكَ» . فأنْشَدَه:

مِنْ قَبْلِها طِبْتَ فِى الظِّلالِ (4) وفى

مُسْتَوْدَعٍ حيثُ يُخْصَفُ الوَرَقُ (5)

وقال عمرُو (6) بنُ الشَّرِيدِ: أرْدَفَنِى رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فقال: «أمَعَكَ مِنْ شِعْرِ أُمَيَّةَ؟» . قلتُ: نعم. فأنْشدْته بيتًا. فقال: «هِيهِ» .

(1) أخرجه أبو داود، في: باب ما جاء في الشعر، من كتاب الأدب. سنن أبى داود 2/ 599. والترمذى، في: باب ما جاء في إنشاد الشعر، من أبواب الأدب. عارضة الأحوذى 289/ 10.

(2)

أخرجه البيهقى، في: باب من شبب فلم يسم أحدًا. . . .، من كناب الشهادات. السنن الكبرى 10/ 243.

وعجز البيت:

* مُتَيَّمٌ إثرَهَا لم يُفْدَ مَكْبولُ *

وانظر: ديوانه 6 - 25.

(3)

سقط من: الأصل.

(4)

في الأصل، ق:«الضلال» .

(5)

أخرجه الطبرانى، في: المعجم الكبير 4/ 252، 253. من حديث خريم بن أوس بن حارثة. وقال الهيثمى: وفيه من لم أعرفهم. مجمع الزوائد 8/ 217، 218. و:«من» ليست عندما.

(6)

في ق، م:«عمر» .

ص: 373

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فأنْشَدْتُه بَيْتًا فقالَ: «هِيهِ» (1). حتى أنْشدْتُه مِائَةَ قَافيةٍ (2). وقال النبِىُّ صلى الله عليه وسلم[يومَ حُنَيْنٍ](3)

أنَا النَّبِىُّ لا كذِبْ

أنَا ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبْ (4)

وقد اخْتُلِفَ في هذا، فقيل: ليس بشعرٍ، وإنَّما هو كَلامٌ مَوْزونٌ. وقيلَ: بل هو شِعرٌ، ولكنَّه بَيْتٌ واحدٌ قَصيرٌ، فهو كالنَّثْرِ. ويُرْوَى أنَّ أبا الدَّرْداءِ قيلَ له: ما مِن أهلِ بيتٍ في الأنْصارِ إلَّا وقد قال الشِّعْرَ. قال: وأنا قد قُلْتُ:

يُريدُ المَرْءُ (5) أن يُعْطَى مُناهُ

ويَأْبَى الله إلَّاما أرَادَا

يَقولُ المَرءُ (5) فائِدَتِى ومَالِى

وتَقْوَى اللهِ أفْضَلُ ما اسْتَفادَا (6)

وليس في إباحةِ الشِّعرِ اخْتِلافٌ، وقد قالَه الصَّحابةُ والعلماءُ، والحاجَةُ

(1) سقط من: ق، م.

(2)

أخرجه مسلم، في: كتاب الشعر. صحيح مسلم 4/ 1767. وابن ماجه، في: باب الشعر، من كتاب الأدب. سنن ابن ماجه 2/ 1236. والإمام أحمد، في: المسند 4/ 388 - 390.

(3)

سقط من: الأصل.

(4)

أخرجه البخارى، في: باب من قاد دابة غيره في الحرب، وباب بغلة النبى صلى الله عليه وسلم البيضاء، وباب من صف أصحابه عند الهزيمة. . . .، من كتاب الجهاد، وفى: باب قول الله تعالى: {ويوم حنين. . . .} ، من كتاب المنازى. صحيح البخارى 4/ 37، 39، 81، 5/ 194، 195. ومسلم، في: باب غزوة حنين، من كتاب الجهاد. صحيح مسلم 3/ 1400، 1401. والترمذى، في: باب ما جاء في الثبات عند القتال، من أبواب الجهاد. عارضة الأحوذى 7/ 184. والإمام أحمد، في: المسند 4/ 281، 304.

(5)

في ق، م:«العبد» .

(6)

أورده ابن عبد البر، في: الاستيعاب 4/ 1648.

ص: 374

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

تَدْعُو إليه لمَعْرفَةِ اللُّغةِ والعربيَّةِ، وللاسْتِشْهادِ به في التَّفْسيرِ، وتَعَرُّفِ مَعنى كلامِ اللهِ تعالى، وكلامِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، ويُسْتدَلُّ به أيضًا على النَّسَبِ، والتَّارِيخِ، وأيَّام العَرَبِ. ويقالُ: الشِّعْرُ ديوانُ العَربِ. فإن قِيلَ: فقد قال اللهُ تعالى: {وَالشُّعَرَآءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ} (1). وقال النبىُّ صلى الله عليه وسلم: «لأنْ يَمْتَلِى جَوْفُ (2) أحَدِكُمْ قَيْحًا حَتَّى يَرِيَهُ، خَيْرٌ لَهُ مِنْ أنْ يَمْتَلِئَ شِعْرًا» . روَاه أبو داودَ، وأبو عُبَيْدٍ (3). وقال: معنى يَرِيَهُ، يَأْكُلُ جوفَه. يُقالُ: وَرَاه يَرِيه. قال الشّاعِرُ (4):

وَرَاهُنٌ رَبِّى مثلَ ما قَدْ وَرَيْننِى

وأحْمَى على أكْبادِهِنَّ الْمَكَاوِيَا

قُلْنا: أمَّا الآيةُ، فالمُرادُ بها مَن أسْرَفَ وكَذَبَ، بدَليلِ وَصْفِه لهم بقولِه: {أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ * وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا

(1) سورة الشعراء 224.

(2)

سقط من: م.

(3)

أخرجه أبو داود، في: باب ما جاء في الشعر، من كتاب الأدب. سنن أبى داود 2/ 598. وأبو عبيد، في: غريب الحديث 1/ 34.

كما أخرجه البخارى، في: باب ما يكره أن يكون الغالب على الإنسان الشعر. . . .، من كتاب الأدب. صحيح البخارى 8/ 45. ومسلم، في: كتاب الشعر. صحيح مسلم 4/ 1769، 1770. والترمذى، في: باب ما جاء لأن يمتلئ جوف أحدكم قيحًا. . . .، من أبواب الأدب. عارضة الأحوذى 10/ 292. وابن ماجه، في: باب ما كره من الشعر، من كتاب الأدب. سنن ابن ماجه 2/ 1236، 1237. والدارمى، في: باب لأن يمتلئ جوف أحدكم. . . .، من كتاب الاستئذان. سنن الدارمى 2/ 297. والإمام أحمد، في: المسند 175/ 1، 177، 181، 2/ 39، 96، 288، 331، 355، 391، 478، 480، 3/ 8،

41.

(4)

هو سحيم عبد بنى الحسحاس. ديوانه 24.

ص: 375

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

يَفْعَلُونَ} (1). ثم اسْتَثنى المؤمِنينَ بقولهِ: {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا} (2). ولأن الغالِبَ على الشُّعراءِ قِلَّةُ الدِّينِ، والكَذِبُ، وقذْفُ المُحْصَناتِ، وهِجَاءُ الأبْرِياء، لا سِيَّما مَن كان فِى ابْتداءِ الإسْلامِ، ممَّن يَهْجُو النبىَّ صلى الله عليه وسلم، ويَهْجُو المسلمين، ويَعِيبُ الِإسلامَ، ويَمْدَحُ الكُفَّارَ، فوَقَعَ الذَّمُّ على الأغْلَبِ، واسْتَثْنَى منهم مَن لا يَفْعَلُ الخِصالَ المذْمُومَةَ، فالَايةُ دَليلٌ على إباحَتِه، ومَدْحِ أهْلِه المُتَّصِفِينَ بالصِّفاتِ الجَمِيلةِ. وأمَّا الخبرُ، فقال أبو عُبَيْدٍ (3): مَعناهُ أنْ يَغْلِبَ عليه الشِّعْرُ حتى يَشْغَلَه عن القُرْآنِ والفِقْهِ. وقيلَ: المُرادُ به ما كان هِجاءً وفُحْشًا، فما كان مِن الشعْرِ يتَضَمَّنُ هَجْوَ (4) المسلمينَ، والقَدْحَ في أعْراضِهم، أو التَّشبيبَ بامرأةٍ بعَيْنِها، بالإفْراطِ في وَصْفِها، فذكرَ أصْحابُنا أنَّه مُحَرَّمٌ. وهذا إن أُرِيدَ به أنَّه مُحَرَّمٌ على قائِلِه، فهو صَحِيحٌ، وأمّا على رَاوِيه (5) فلا يَصِحُّ؛ فإن الْمَغازِىَ يُرْوَى فيها قَصائدُ الذين هَاجَوْا بها أصْحابَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، لا ينكِرُ ذلك أحدٌ. وقد رُوِىَ أنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم أذِنَ في الشِّعرِ الذى تَقاوَلَتْ به الشَّعَراءُ

(1) سورة الشعراء 225، 226.

(2)

سورة الشعراء 227.

(3)

في الأصل: «عبيد» . وانظر: غريب الحديث 1/ 36، 37.

(4)

في م: «هجاء» .

(5)

في الأصل، ق:«رواية» .

ص: 376

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

في يومِ بَدْرٍ وأُحدٍ وغيرِهما، إلَّا قصيدَةَ أُمَيَّةَ بنِ أبى الصَّلْتِ الحائِيَّةَ (1). وكذلك يُرْوَى شِعْرُ قَيْسِ بنِ الخَطيِمِ (2)، في التَّشْبِيبِ (3) بعَمْرَةَ بِنْتِ رَوَاحَةَ، أُخْتِ عبدِ الله بِنِ رَوَاحَةَ، وأُمِّ النُّعْمانِ بنِ بَشِير. وقد سمعَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم قصيدةَ كَعْبِ بنِ زُهَيْرٍ، وفيها التَّشْبيبُ (3) بسُعادَ. ولم يَزلِ النَّاسُ يَرْوون أمثالَ هذا، ولا يُنْكَرُ. ورَوَينا أنَّ النُّعمانَ بنَ بَشِير دخلَ مَجْلِسًا فيه رجُلٌ يُغنِّيهم بقصيدةِ قَيسِ بنِ الخَطِيمِ، فلمَّا دخلَ النُّغمانُ سَكَّتوه مِن قِبَلِ أنَّ فيها ذِكْرَ أمِّه، فقالَ النُّعمانُ: فإنه (4) لم يَقُل بأْسًا، إنَّما قال:

وعَمْرَةُ مِن سَرَوَاتِ النِّسا

ءِ تَنْفَحُ بالمِسْكِ أرْدَانُها (5)

وكان عِمرانُ (6) بنُ طَلْحةَ في مجلسٍ، فغَنَّاهم رَجُلٌ بشِعْرٍ فيه ذِكرُ أمِّه، فسَكَّتوُه، فقال: دَعُوه، فإنَّ قائِلَ هذا الشِّعْرِ كان زوْجَها. فأمَّا الشَّاعِرُ، فمتى كان يَهْجُو المسلمين، ويَمْدَحُ بالكَذِبِ، أو يَقْذِفُ مُسْلِمًا أو مُسْلِمَةً، فإنَّ شَهادَتَه تُرَدُّ، وسواءٌ قَذَفَ المُسْلِمَةَ بنَفسِه أو بغيره.

(1) القصيدة في: السيرة النبوية 2/ 30 - 32، وأولها:

ألا بكيتِ على الكرا

م بني الكرام أولى الممادحْ

(2)

قيس بن الخطيم من بنى الأوس، عاش في الجاهلية، وأدرك الإسلام ولم يسلم، وقتل قبل الهجرة. انظر مقدمة تحقيق الديوان 7، 8.

(3)

في الأصل، م:«التشبيب» .

(4)

سقط من: ق، م.

(5)

القصة والبيت في ديوانه 24.

(6)

في ق، م:«عمر» .

ص: 377

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وقد قيلَ: أعْظَمُ الناسِ ذَنْبًا، رَجُلٌ يهاجِى رَجلًا، فيَهْجُو القَبِيلَةَ بأسْرِها. وقد رَوَينا أنَّ أبا دُلامةَ (1) شَهِدَ عندَ قَاضٍ، فخافَ أن تُرَدَّ شَهادتُه، فقال:

إنِ الناسُ غَطُّونِى تَغطَّيْتُ عنهمُ

وإن بَحثُوا عنِّى فَفِيهم مَباحِثُ

فقال القاضى: ومَن يَبْحَثُكَ يا أبا دُلامةَ؟ وغَرِمَ المالَ مِن عندِه، ولم يُظْهِرْ أنَّه رَدَّ شَهادتَه.

فصل في قِراءةِ القُرآنِ بالألْحانِ: أمّا قِراءَتُه مِن غيرِ تَلْحِينٍ، فلا بَأسَ بها، وإن حَسَّنَ صَوْتَه به، فهو أفْضَلُ؛ فإن النبىَّ صلى الله عليه وسلم قال:«زَيَّنُوا أصْوَاتَكُمْ بالْقُرْآنِ» (2). ورُوِىَ: «زَيَّنُوا الْقُرْآنَ بأصْوَاتِكُمْ» (3). وقال: «لَقَدْ أُوتِىَ أبُو مُوسَى مِزْمَارًا مِنْ مَزَامِيرِ آلِ دَاوُدَ» (4).

(1) هو زيد بن الجون، كوفى أسود، كان مولى لبنى أسد، وأدرك آخر أيام بنى أمية، والقصة والبيت في: عيون الأخبار 1/ 69، الكامل للمبرد 2/ 45، 46، الأغانى 10/ 238، 239.

(2)

أخرجه عبد الرزاق، في: المصنف 2/ 485. والحاكم، في: المستدرك 1/ 572. من حديث البراء بن عازب. وابن عدى، في: الكامل 3/ 1221، من حدث ابن عباس.

(3)

تقدم تخريجه في 3/ 443، 444.

(4)

أخرجه البخارى، في: باب حسن الصوت بالقراءة، من كتاب فضائل القرآن. صحيح البخارى 6/ 241. ومسلم، في: باب استحباب تحسين الصوت بالقرآن، من كتاب صلاة المسافرين. صحيح مسلم ا /546. والترمذى، في: باب في مناقب أبى موسى الأشعرى، رضى الله عنه، من أبواب المناقب. عارضة الأحوذى 13/ 241. والنسائى، في: باب تزينن القرآن بالصوت، من كتاب افتتاح الصلاة. المجتبى 2/ 140، 141. وابن ماجه، في: باب في حسن الصوت بالقرآن، من كتاب إقامة الصلاة. سنن ابن ماجه 1/ 425، 426. والدارمى، في: باب التغنى بالقرآن، من كتاب الصلاة، وفى: باب التغنى بالقرآن، من كتاب فضائل القرآن. سنن الدارمى 1/ 349، 2/ 472. والإمام أحمد، في: المسند 2/ 369، 450، 5/ 349، 351، 359، 6/ 37، 167.

ص: 378

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[ورُوِىَ أن النبَّى صلى الله عليه وسلم قال لأبى مُوسى «لَقَدْ مَرَرْتُ بِكَ الْبَارِحَةَ، وَأنْتَ تَقْرَأُ، وَلَقَدْ أُوتِيتَ مِزْمَارًا مِنْ مَزَامِيرِ آلِ دَاوُدَ»](1). فقال أبو موسى: لو أعْلَمُ أنك تَسْتَمِعُ، لحَبَّرْتُه لكَ تَحْبِيرًا. ورُوِىَ أنَّ عائشةَ أبْطَأتْ على النبىِّ صلى الله عليه وسلم ليلةً، فقال:«أيْنَ كُنْتِ يَا عَائِشَةُ» . فقالتْ: يا رسولَ اللهِ، كنتُ أسْتَمِعُ قِراءةَ رَجلٍ في المسجدِ، لم أسْمَعْ أحدًا يَقْرأُ أحْسَنَ مِن قراءَتِه. فقامَ النبىُّ صلى الله عليه وسلم، فاسْتَمَعَ قِراءَتَه، ثم قال:«هذَا سَالِمٌ مَوْلَى أبى حُذَيْفَةَ، الْحَمْدُ لِلّهِ الذِى جَعَلَ فِى أمَّتِى مِثْلَ هَذَا» (2). قال صالحٌ: قلتُ لأبِى: «زَيِّنُوا الْقُرْآنَ بأصْوَاتِكُمْ» . ما مَعناه؟ قال: أن تُحَسِّنَه. وقيل (3) له: ما مَعْنَى: «مَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بالقرآنِ» (4). قال: يَرْفَعُ صَوْتَه به. وهكذا قال الشَّافعىُّ. وقال اللَّيْثُ: يتَحزَّنُ به، ويتَخَشَّعُ به، ويَتَباكَى به. وقال ابنُ عُيَيْنَةَ، وعمرُو بنُ الحارِثِ (5). ووَكِيعٌ: يَسْتَغْنِى به. فأمَّا القِراءَةُ (6) بالتَّلْحينِ، فيُنْظَرُ فيه؟ فإن لم يُفرِطْ في التَّمْطِيطِ والمَدِّ

(1) سقط من: م.

والحديث أخرجه البيهقى، في: السنن الكبرى 10/ 231. وأبو يعلى، في مسنده 13/ 266. وليس عند أبى يعلى في هذا الحديث: «ولقد أوتيت مزمارا من مزاميرآل داود» . وقال الهيثمى: رواه أبو يعلى، وفيه خالد بن نافع الأشعرى، وهو ضعيف. مجمع الزوائد 7/ 171.

(2)

تقدم تخريجه في 4/ 181.

(3)

في الأصل: «قال» .

(4)

تقدم تخريجه في 4/ 180.

(5)

عمرو بن الحارث بن يعقوب بن عبد الله، أبو أمية الأنصارى السعدى، العلامة، الحافظ، الثبت، مولاهم، المدنى الأصل، المصرى، عالم الديار المصرية ومفتيها، مولى قيس بن سعد بن عبادة، ولد بعد التسعين في خلافة الوليد بن عبد الملك، توفى في شوال من سنة ثمان وأربعين ومائة. سير أعلام النبلاء 6/ 349 - 353.

(6)

في ق، م:«القرآن» .

ص: 379

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وإشْباعِ الحَرَكاتِ، فلا بَأْسَ به؛ فإنَّ النبَّى صلى الله عليه وسلم قد قَرأ، ورَجَّعَ، ورَفَعَ صَوْتَه، وقال الرّاوِى: لولا أن تَجْتَمِعَ النَّاسُ إلىَّ، لَحَكَيْتُ لكم قراءَةَ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم (1). وقال عليه الصلاة والسلام:«لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بِالْقُرْآنِ» . وقال: «مَاْ أذِنَ اللهُ لِشَىْءكَأذَنِهِ لنَبِىٍّ حَسَنِ الصَّوْتِ، يَتَغنَّى بِالْقُرْآنِ» (2). أىْ يَجْهَرُ به. ومعنى أذِنَ: اسْتَمَعَ. قال القاضى: هو مَكْرُوهٌ على كلِّ حالٍ. ونحوُه قولُ أبى عُبَيْدٍ، وقال (3): مَعنَى قولِه: «مَنْ لَمْ يَتَغن بِالْقُرْآنِ» أىْ: يَسْتَغنِى به، قال الشَّاعِرُ:

وَكنْتُ امْرَءًا زَمَنًا بالعِراقِ

عَفيف المُناخِ (4) كَثيرَ التَّغنِّى

قال: ولو كان مِن (5) الغِناءِ بالصَّوْتِ، لَكانَ: مَن لم يُغنِّ بالقُرآنِ. ورُوِىَ نحوُ هذا التَّفْسيرِ عن ابنِ عُيَينةَ. وقال القاضى أحمدُ بنُ محمدٍ البِرْتِىُّ: هذا قولُ مَن أدْرَكْنا مِن أهلِ العلمِ. وِقال الوليدُ بنُ مسلمٍ: يَتغنَّى بالقُرآنِ، يَجْهرُ به. وقيلَ: يُحسِّنُ صَوْتَه به. قال شيْخُنا (6): والصَّحِيحُ أنَّ هذا القَدْرَ مِن التَّلْحينِ لا بَأسَ به، ولأنَّه لو كان مَكْرُوهًا، لم يَفْعَلْه النبُّى صلى الله عليه وسلم، ولا يَصِحُّ حَمْلُه على التَّغَنِّى في حديثِ: «مَا أذِنَ

(1) تقدم تخريجه في 4/ 179.

(2)

تقدم تخريجه في 4/ 180.

(3)

في غريب الحديث 2/ 171، 172.

والبيت للأعشى الكبير، وهو في ديوانه 25.

(4)

في ق، م:«النياح» .

(5)

سقط من: م.

(6)

في: المغنى 14/ 168.

ص: 380

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الله لِشَىْءٍ، كَأَذَنِهِ لِنَبِىٍّ يَتَغَّنى بِالْقُرْآنِ». على الاسْتِغْناءِ؛ لأنَّ مَعنى أذِنَ: اسْتَمَعَ، وإنَّما تُسْمَعُ القِراءةُ، ثم قال: يَجْهَرُ. والجَهْرُ صِفَةُ القِراءةِ لا صِفَةُ الاسْتِغْناءِ. فأمّا إذا أسْرَفَ في المَدِّ والتَّمْطِيطِ وإشْبَاعِ الحَرَكاتِ، بحيثُ يجْعَلُ الضَّمَّةَ واوًا. والفَتْحَةَ ألِفًا، والكَسْرةَ ياءً، كُرِه له (1) ذلك. ومِن أصْحابِنا مَن قال: يَحْرُمُ؛ لانَّه يُغيِّرُ القُرآنَ، ويُخْرِجُ الكَلماتِ عن وَضْعِها، ويَجْعَلُ الحَرَكاتِ حُروفًا. وقد رَوَينَا عن أبى عبدِ اللهِ، أنَّ رَجلًا سأَلَه عن ذلك، فقال له: ما اسمُك؟ قال: محمدٌ. قال: أَيسُرُّكَ أن يُقالَ لك: يَامُو حَامَّد؟ قال: لا. قال: ولا يُعْجِبُنِى أن يَتعَلَّمَ الرَّجلُ الألْحانَ، إلَّا أن يكونَ جَرَمُه (2) مِثلَ جَرَمِ (3) أبى موسى. قال له رجلٌ: فيُكَلَّمون؟ قال: ولا كلُّ ذا. واتَّفَقَ أهلُ العلمِ على أنَّهِ تُسْتَحَبُّ قِراءَةُ القُرآنِ بالتَّحْزينِ والتَّرْتِيلِ والتَّحْسينِ. ورَوَي بُرَيْدَةُ، قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم «اقْرَءُوا الْقُرْآنَ بِالْحُزْنِ، فَإنَّه نَزَلَ بِالْحُزْنِ» (4). وقال الْمَرُّوذِىُّ: سمِعْتُ أبا عبدِ اللهِ قال لرَجُلٍ: لو قَرَأتَ. وجعلَ أبو عبدِ الله رِبَّما تَغرْغَرَتْ عَيْنُه. وقال زُهَيْرُ بنُ حَرْبٍ: كنَّا عندَ يحيى القَطَّانِ، فجاءَ محمدُ بنُ سعيدٍ الترمِذِىُّ (1)، فقال له يحيى: اقْرأْ. فقرأ، فغُشِىَ

(1) سقط من: ق، م.

(2)

في م: «حرمه» . وجرمه أى: صفاؤه.

(3)

في م: «حرم» .

(4)

عزاه الهيثمى للطبرانى في الأوسط، وقال: فيه إسماعيل بن سيف، وهو ضعيف. مجمع الزوائد 7/ 170. وعزاه السيوطى اليه وإلى أبى يعلى - ولم نجده عنده - وإلى أبى نصر السجزى في الإبانة. الجامع الكبير 1/ 134. وانظر 3/ 444.

ص: 381

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

على يحيى حتى حُمِلَ وأُدْخِلَ. وقال محمدُ بنُ صالِحٍ العَدَوِىُّ: قَرأتُ عندَ يحيى بنِ سعيدٍ القطَّانِ، فغُشِىَ عليه، حتى فاته خَمسُ صَلَواتٍ.

فصل: ولا تُقْبَلُ شَهادَةُ الطُّفَيْلىِّ؛ وهو الذى يأْتِى طَعامَ النَّاسِ مِن غيرِ دَعْوَةٍ. وبهذا قال الشافعىُّ. ولا نَعْلَمُ فيه مُخالِفًا؛ وذلك لأنَّه يُرْوَى عنِ النبىِّ صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: «مَنْ أتَى طَعَامًا لَمْ يُدْعَ إلَيْهِ، دَخَلِ سَارِقًا، وَخرَج مُغِيرًا» (1). ولأنَّه يأكُلُ مُحَرَّمًا، ويفْعَلُ ما فيه سَفهٌ ودَناءةٌ وذَهابُ مُروءَةٍ، فإن لم يَتكَرَّرْ هذا منه، لم تُرَدَّ شَهادَته؛ لأنَّه مِن الصَّغائرِ.

فصل: ومَن سَألَ مِن غيرِ أن تَحِلَّ له المسْألةُ، فأكْثَرَ، رُدَّتْ شَهادَتُه؛ لأنَّه فَعَلَ مُحَرَّمًا، وأكلَ سُحْتًا، وأتَى دَناءَةً. وقد رَوَى قَبِيصَةُ، قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم «إن الْمَسْالةَ لَا تَحِلُّ إلَّا لِأحَدِ ثَلَاَثةٍ؛ رَجُلٍ أصَابَتْهُ جَائِحَةٌ، فَاجْتَاحَتْ مَالَهُ، فَحَلَّتْ لَهُ الْمَسْأَلَةُ حَتى يُصِيبَ قِوَامًا مِنْ عَيْشٍ - أو قال (2): سِدادًا مِنْ عَيْشٍ، [وَرَجُلٍ أصَابَتْهُ فَاقَةٌ، حَتَّى يَشْهَدَ ثَلَاَثَةٌ مِنْ ذَوِى الْحِجَا مِنْ قَوْمِهِ: لَقَدْ أصَابَتْ فُلَانًا فَاقَةٌ. فَحَلَّتْ لَهُ الْمَسْأَلَةُ حَتَّى يُصِيبَ قِوَامًا مِنْ عَيْشٍ - أوْ - سِدَاِدًا مِنْ عَيْشٍ](3)، وَرَجُلٍ تَحَمَّلَ حَمَالَةً، فَحَلَّتْ لَهُ الْمَسْأَلَةُ، حَتَّى يُصِيبَهَا، ثُمَّ يُمْسِكُ،

(1) في م: «معيرا» . ومغيرا، أى: ناهبا مال غيره.

والحديث أخرجه أبو داود، في: باب ما جاء في إجابة. . . .، من كتاب الأطعمة. سنن أبى داود 2/ 306. والبيهقى، ق: باب من لم يدع ثم جاء. . . .، من كتاب الصداق. السنن الكبرى 7/ 265.

(2)

سقط من: م.

(3)

سقط من: ق، م.

ص: 382

فَصْلٌ: وَمَتَى زَالتِ المَوَانِعُ مِنْهُمْ، فَبَلَغ الصَّبِىُّ، وَعَقَلَ الْمَجْنُونُ، وَأسْلَمَ الْكَافِرُ، وتَابَ الْفَاسِقُ، قُبلَتْ شَهَادَتُهُمْ بمُجَرَّدِ ذَلِكَ.

ــ

[فَمَا سِوَى ذَلِكَ فَهُوَ سُحْتٌ، يأْكُلُهُ صَاحِبُهُ سُحْتًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ». رَوَاه مسلمٌ](1). فأمَّا السَّائِلُ ممَّن تُباحُ له المسْأَلةُ، فلا تُرَدُّ شَهادتُه بذلك، إلَّا أن يكونَ أكْثرَ عُمُرِه سائِلًا، فيَنبغِى أن تُرَدَّ شَهادَتُه؛ لأنَّ ذلك دَناءَةٌ وسُقُوطُ مُروءَةٍ. ومَن (2) أخذَ مِن الصَّدقةِ مِمَّن يجوزُ له الأخْذُ مِن غيرِ مَسْألةٍ، لم تُرَدَّ شَهادتُه؛ لأنَّه فِعْلٌ جائِرٌ، لا دَناءَةَ فيه. وإنْ أخذَ منها ما لا يجوزُ له، وتَكَرَّرَ ذلك منه، رُدَّتْ شَهادتُه؛ لأنَّه مُصِرٌّ على الحَرامِ.

فصل: قال الشيخُ، رحمه الله: «ومتى زالتِ المَوانِعُ منهم، فبَلَغَ الصَّبِىُّ، وعَقَلَ المجْنونُ، وأسْلَمَ الكافِرُ، وتابَ الفاسِقُ، قُبِلَتْ شَهادَتُهم بمُجَرَّدِ ذلك) لأنَّ المُقْتَضِىَ لقَبُولِ الشَّهادَةِ مَوْجودٌ، وإنَّما رُدَّتْ لوُجودِ المانِعِ، فإذا زَالَ المانِعُ، عَمِلَ (3) المُقْتَضِى عملَه، كما لم يُوجَدِ المانِعُ، وتُقْبَلُ تَوْبَةُ الفاسِقِ؛ لقولِ اللهِ سبحانه وتعالى:{وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ} (4). وقولِه سبحانَه: {وَمَن يَعْمَلْ سُوَءًا أوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُّمَّ

(1) سقط من: ق، م. والحديث تقدم تخريجه في 7/ 219.

(2)

في ق، م:«فإن» .

(3)

سقط من: الأصل.

(4)

سورة الشورى 25.

ص: 383

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

يَسْتَغْفِرِ اللهَ يَجِدِ اللهَ غَفُورًا رَّحِيمًا} (1). وقال النبىُّ صلى الله عليه وسلم: «التَّائِبُ مِنَ الذَّنْبِ كَمَنْ لَا ذَنْبَ لَهُ» (2). وقال عمرُ، رَضِىَ الله عنه: بَقِيَّةُ عُمُرِ المَرْءِ لا قِيمَةَ له، يُدْرِكُ فيه ما فاتَ، ويُحْيىِ فيه ما أماتَ، ويُبَدِّلُ اللهُ سَيّئاتِه حَسَناتٍ. والتَّوْبَةُ على ضَرْبَيْنِ؛ باطِنةٌ، وحُكْمِيَّةٌ، فالباطِنَةُ فيما بينَه وبينَ الله تِعالى، فإن كانتِ المَعْصِيَةُ لا تُوجِبُ حقاً عليه في الحُكْمِ، كقُبْلَةِ الأجْنَبِيَّةِ، والخَلْوَةِ بها، وشُرْبِ المُسكِرِ، والكَذِب، فالتَّوْبَةُ منها النَّدمُ، والعَزْمُ على أن لا يَعُودَ، فقد رُوِىَ عن النَّبِّىِ صلى الله عليه وسلم، أنَّه قال:«النَّدَمُ تَوْبَةٌ» (3)،. قيل: التوبةُ النصُوحُ تَجْمَعُ أرْبَعَةَ أشيَاءَ؛ النَّدَمَ بالْقَلْبِ، والاسْتِغْفارَ باللِّسَانِ، وإضْمارَ أن لا يَعُودَ، ومُجانبةَ خُلَطاءِ السُّوءِ. وإن كانتْ تُوجِبُ حقَّا عليه لله تِعالى، أو لآدَمِىٍّ؛ كمَنْعِ الزَّكاةِ، والغصْب، فالتَّوْبَةُ مهنا بما ذكَرْنا، وتَرْكِ المَظْلَمَةِ حَسْبَ إمْكانِه، بأن يُؤدَّىَ الزَّكَاةَ، ويَرُدَّ المَغصُوبَ أو بَدَلَه. وإنْ عَجَزَ عن ذلك، نَوَى رَدَّه متى قَدَر عليه. فإن كان عليه فيها حَقٌّ في البَدَنِ، وكان حقَّا لآدَمِيٍّ، كالقِصاصِ، وحَدِّ القَذْفِ، اشْتُرِطَ في التَّوْبَةِ التَّمْكِينُ مِن نَفْسِه، ببَذلِها

(1) سورة النساء 110.

(2)

تقدم تخريجه في 20/ 338.

(3)

سقط من: م.

والحديث أخرجه ابن ماجه، في: باب ذكر التوبة، من كاتب الزهد. سنن ابن ماجه 2/ 1420. والإمام أحمد، في: المسند 1/ 376، 423، 433. والحاكم، في: كتاب التوية والإنابة. المستدرك 4/ 243. والبيهقى، في: باب شهادة القاذف، من كتاب الشهادات. السنن الكبرى 10/ 154.

ص: 384

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

للمُسْتَحِقِّ، وإنْ كان حقَّا لله تعالى، كحَدِّ الزِّنَى، وشُرْبِ الخمرِ، فتَوْبَتُه بالنَّدَمِ، والعَزْمِ على تَرْكِ العَوْدِ، ولا يشْتَرَطُ الإقْرارُ به، فإن كان ذلك لا يَشْتَهِرُ عنه، فالأوْلَى له سَتْرُ نَفْسِه، والتَّوبةُ فيما بينَه وبينَ اللهِ تعالى؛ لأنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم قال:«مَن أَتَى شَيْئًا مِنْ هَذِه القَاذُورَاتِ، فَلْيَسْتَتِرْ بِسِتْرِ اللهِ، فَإنَّه مَنْ أبْدَى لَنَا صَفْحَتَهُ أقَمْنَا عَلَيْهِ الْحَدَّ» (1). فإنَّ الغامِدِيَّةَ حينَ أقَرَّتْ بالزِّنَى، لم يُنْكِرْ عليها النبىُّ صلى الله عليه وسلم ذلك (2). وإن كانَتْ مَعْصِيَةً مَشْهُورةً، فذكرَ القاضى أنَّ الأوْلَى الإقْرارُ به (3)، ليُقَامَ عليه الحَدُّ؛ لأنَّه إذا كان مَشْهُورًا، فلا فائدةَ في تَرْكِ إقَامَةِ (4) الحَدِّ عليه. قال شيْخُنا (5): والصَّحِيحُ أن تَرْكَ الإقْرارِ أوْلَى؛ لأن النبىَّ صلى الله عليه وسلم عرَّضَ للمُقِرِّ عندَه بالرُّجوعِ (6) عن الإقْرارِ، فعرَّضَ لماعز (7)، وللمُقِرِّ عندَه بالسَّرِقةِ (8) بالرُّجوعِ، معِ اشْتِهارِه عنه بإقْرارِه، وكَرِهَ الإقْرارَ، حتى قيلَ - إنَّه لَمَّا قطَعَ السَّارِق: كَأنَّما أُسِفَّ وَجْهُه رمادًا (9). ولم يَردِ الأمرُ بالإقْرارِ، ولا الحَثُّ عليه في كتابٍ ولا سُنَّةٍ، ولا يَصِحُّ له قِياسٌ، إنَّما

(1) تقدم تخريجه في 26/ 186.

(2)

تقدم تخريجه في 26/ 196.

(3)

سقط من: م.

(4)

سقط من: الأصل.

(5)

في: المغنى 14/ 193.

(6)

في الأصل: «عند الرجوع» .

(7)

تقدم تخريجه في 26/ 168.

(8)

تقدم تخريجه في 26/ 559.

(9)

أخرجه الإمام أحمد، في: المسند 1/ 419، 438.

ص: 385