الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا نَهْرٌ، أَوْ قَناةٌ، أَوْ عَيْنٌ يَنْبُعُ مَاؤُهَا، فَالْمَاءُ بَيْنَهُمَا عَلَى مَا اشْتَرَطَا عِنْدَ اسْتِخْرَاجِ ذَلِكَ. فَإِنِ اتَّفَقَا عَلَى قَسْمِهِ بِالمُهَايَأْةِ، جَازَ.
وَإِنْ أرَادَا قَسْمَ ذَلِكَ بِنَصْبِ خَشَبَةٍ، أَوْ حَجَر مُسْتَوٍ في مَصْدَمِ المَاءِ، فيه ثُقْبَانِ عَلَى قَدْرِ حَقِّ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا،
ــ
4948 - مسألة: (وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا نَهْرٌ، أَوْ قَناةٌ، أَوْ عَيْنٌ يَنْبُعُ مَاؤُهَا، فَالْمَاءُ بَيْنَهُمَا عَلَى مَا اشْتَرَطَا عِنْدَ اسْتِخْرَاجِ ذَلِكَ)
لقولِ النبىِّ صلى الله عليه وسلم: «المُؤْمِنُونَ عندَ (1) شُرُوطِهِم» (فَإِنِ اتَّفَقَا عَلَى قَسْمِهِ بِالمُهَايَأْةِ، جَازَ) لأنَّ الحقَّ لهما لا يخرج عنهما، ولأنَّ المنافِعَ مِلْكُهما، فجاز قَسْمُها، كالأعيانِ. والمُهَايَأْةِ أَنْ يكونَ في يَدِ كلِّ واحدٍ منهما مُدَّةٌ معْلُومَةٌ على قَدْرِ حَقِّه مِن ذلك.
4949 - مسألة: (وَإِنْ أرَادَا قَسْمَ ذَلِكَ بِنَصْبِ خَشَبَةٍ، أَوْ حَجَرٍ فِي مَصْدَمِ المَاءِ، فيه ثُقْبَانِ عَلَى قَدْرِ حَقِّ كلِّ واحدٍ منهما جَازَ)
(1) في م: «على» .
والحديث تقدم تخريجه في: 10/ 149. وانظر التعليق عليه في 19/ 20.
جَازَ، فَإِنْ أَرَادَ أَحَدُهُمَا أَنْ يَسْقِىَ بِنَصِيبهِ أَرْضًا لَيْسَ لَهَا رَسْمُ شِرْبٍ مِنْ هَذَا النَّهْرِ، جَازَ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَجوزَ. وَيَجِئُ عَلَى [337 ظ] أَصْلِنَا، أَنَّ المَاءَ لَا يُمْلَكُ، وَيَنْتَفِعُ كُلُّ وَاحِدٍ
ــ
[ويُسَمَّى](1) المرارَ؛ لأنَّ ذلك طريقٌ إلى التَّسْوِيَةِ بينَهما، فجاز، كقَسْم الأرْضِ بالتَّعْديلِ (وإن أراد أحدُهما أنْ يَسْقِىَ بنَصِيبِه أرْضًا ليس لها رَسْمُ شِرْبٍ مِن هذا النَّهْرِ، جاز) لأنَّه مِن نصيبِه، فجاز التَّصَرُّفُ فيه كيفَ شاء، كسائِرِ مالِه، وكما لو لم يكنْ له شريكٌ (ويَحْتَمِلُ أنْ لا يجوزَ) لأنَّه إذا جَعَل لهذه الأرْضِ حَقًّا في الشرْبِ مِن هذا النَّهْرِ المُشتَرَكِ، فرُبَّما أفْضَى إلى أنْ يَجْعَلَ لها حَقًّا في نَصِيبِ شَرِيكِه؛ لأنَّه إذا طَال الزَّمانُ يَظُنُّ أن لهذه الأرْضِ حَقُّا مِن السَّقْىِ مِن النَّهْرِ المُشْتَرَكِ، فيَأْخُذُ لذلك أكْثَرَ مِن حَقِّه (ويَجِئُ على أصْلِنا، أنَّ الماءَ لا يُمْلَكُ، ويَنتفِعُ
(1) سقط من: الأصل.
مِنْهُمَا عَلَى قَدْرِ حَاجَتِهِ.
فَصْلٌ: النَّوْعُ الثَّانِى، قِسْمَةُ الإِجْبَارِ، وَهِىَ مَا لَا ضَرَرَ فِيهَا، وَلَا رَدَّ عِوَضٍ، كَالْأرْضِ الْوَاسِعَةِ، وَالقُرَى، وَالبَسَاتِينِ، والدُّورِ الكِبَارِ، وَالدَّكَاكِينِ الوَاسِعَةِ، وَالْمَكِيلَاتِ وَالمَوْزُونَاتِ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ، سَوَاءٌ كَانَتْ مِمَّا مَسَّتْهُ النَّارُ، كَالدِّبْسِ وَخَلِّ التَّمْرِ، أَوْ لَمْ تَمَسَّهُ، كَخَلِّ العِنَب وَالأَدْهَانِ وَالأَلبَانِ، فَإذَا طَلَبَ أحَدُهُمَا قَسْمَهُ وَأَبَى
ــ
كُلُّ واحدٍ منهما على قَدْرِ حاجَتِه).
فصل: قال الشَّيْخُ، رحمه الله: (النَّوْعُ الثَّانِى، قِسْمَةُ الإِجْبَارِ، وَهِىَ مَا لَا ضَرَرَ فِيهَا، وَلَا رَدَّ عِوَضٍ، كَالْأرْضِ الْوَاسِعَةِ، وَالقُرَى،
وَالبَسَاتِينِ، والدُّورِ الكِبَارِ، وَالدَّكَاكِينِ الوَاسِعَةِ، وَالْمَكِيلَاتِ وَالمَوْزُونَاتِ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ، سَوَاءٌ كَانَتْ مِما مَسَّتْهُ النَّارُ، كَالدِّبْسِ وَخَلِّ التمْرِ، أَوْ لَمْ تَمَسَّهُ، كَخَلِّ العِنَبِ وَالأَدْهَانِ وَالأَلبَانِ، فَإذَا طَلَبَ أحَدُهُمَا
الْآخَرُ، أُجْبِرَ عَلَيْهِ.
ــ
قَسْمَهَا وأُبى الآخَرُ، أُجْبِرَ عليه) أمَّا المَكِيلاتُ والمَوْزوناتُ، مِن المَطْعوماتِ وغيرِها، فيَجوزُ قَسْمُها؛ لأنَّ جَوازَ قَسْمِ الأرْضِ مع
اخْتِلافِها، يدُلُّ على جَوازِ قَسْمِ (1) ما لا يَخْتلفُ بِطَرِيقِ التَّنْبِيهِ. وسواءٌ في ذلك الحُبوبُ والثِّمارُ، والنَّوْرَةُ، والأُشْنانُ، والحديدُ، والرَّصاصُ، ونحوُها مِن الجَامِداتِ، والعصيرُ، والخَل، واللَّبَنُ، والعسلُ، والسَّمْنُ، والدِّبْسُ، والزَّيْتُ، والرُّبُّ، ونحوُها مِن المائعاتِ، وسَواءٌ قُلْنا: إنَّ القِسْمَةَ بَيْعٌ - أو - إفْرازُ حَقٍّ؛ لأنَّ بَيْعَه جائِزٌ، وإفْرازَه (2) جائِزٌ. فإن كان فيها أنواعٌ؛ كحِنْطَةٍ وشَعِير، وتَمرٍ وزَبيبٍ، فطَلَبَ أحدُهما قَسْمَها كلَّ نوعٍ على حِدَتِه، أُجْبِرَ المُمْتَنِعُ، وِإن طلبَ قَسْمَها أعْيانًا بالقيمةِ (3)، لم يُجْبَرِ المُمْتَنِعُ؛ لأنَّ هذا بَيْعُ نوعٍ بنَوْعٍ آخَرَ، وليس بقِسْمَةٍ، فلم يُجْبَرْ عليه، كغيرِ الشريكِ. فإن تراضَيا عليه، جاز، وكان بَيْعًا يُعْتَبَرُ له التَّقابُضُ قبلَ التَّفَرُّقِ، فيما يُعْتبرُ التَّقابُضُ فيه، وسائِرُ شُرُوطِ البَيْعِ.
(1) سقط من: م.
(2)
في الأصل: «إقراره» .
(3)
سقط من: م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: إذا طَلَب أحَدُ الشُّرَكاءِ القِسْمَةَ، وامْتَنَعَ بعضُ الشركاءِ في الأرضِ والدُّورِ ونحوِها ممّا ذَكَرْنا، أُجْبِرَ المُمْتَنِعُ على القِسْمَةِ بثلاثةِ شُروطٍ؛ أحدُها، أن يَثْبُتَ عندَ الحاكمِ مِلْكُهم بِبَيِّنَةٍ؛ لأنَّ في الإجْبارِ عليها حُكْمًا على الممْتَنِعِ منهما (1)، فلا يَثْبُت إلَّا بما ثَبَت به المِلْكُ لخَصْمِه، بخلافِ حالةِ الرِّضا، فإنَّه لا يَحْكُمُ على أحدِهما، إنَّما يَقْسِمْ بقَوْلِهما ورضَاهما. الشَّرْط الثانى، أن لا يكون فيها ضَرَرٌ، فإن كان فيها ضَرَرٌ، لم يُجْبَرِ المُمْتَنِعُ؛ لقولِ النبىِّ صلى الله عليه وسلم:«لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ (2)» .رَواه ابن ماجة. وفى لَفْظٍ، أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَضَى أن لا ضَرَرَ ولا إضْرَارَ (3). الشَّرْطُ الثالثُ، أن يُمْكِنَ تَعْدِيلُ السِّهامِ مِن غيرِ شيءٍ يُجْعَلُ
(1) في م: «منها» .
(2)
في الأصل: «إضرار» .
والحديث تقدم تخريجه في 6/ 368.
(3)
في م: «ضرار» .
وهذا اللفظ أخرجه ابن ماجة عن عبادة بن الصامت، في الموضع المتقدم. والإمام أحمد، في: المسند 5/ 327. وقال في الزوائد: إسناد رجاله ثقات، إلا أنَّه منقطع، لأن إسحاق بن الوليد لم يدرك عبادة.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
معها، فإنْ لم يُمْكِنْ ذلك، لم يُجْبَرِ المُمْتَنِعُ؛ لأنَّها تصير بَيْعًا، والبَيْع لا يُجْبَرُ عليه أحدُ المُتَبايِعَيْن. ومثالُ ذلك، أرضٌ قِيمتُها مِائة، فيها شجرةٌ أو (1) بِئْرٌ تُساوِى مِائَتَيْن، فإذا جُعِلَتِ الأرضُ سَهْمًا، كانتِ الثُّلُثَ، فيُحْتاجُ أن يُجْعَلَ معها خمسون يَردُّها عليه مَن لم تَخْرُجْ له البئرُ أو الشَّجرةُ، ليكونا نِصْفَيْن مُتساوِيَيْن، فهذه فيها بَيْعٌ، ألَا تَرَى أنَّ آخِذَ الأرضِ قد باع نَصِيبَه مِن الشَّجرةِ والبئرِ بالثَّمَنِ الَّذي أخَذَه، والبَيْعُ لا يُجْبَرُ عليه؛ لقولِ اللهِ تعالى: {إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ
مِّنْكُمْ} (2). فإذا اجْتَمَعَتِ الشُّروطُ الثلاثةُ، أُجْبِرَ المُمْتَنِعُ مِن القِسْمَةِ
(1) في م: «و» .
(2)
سورة النساء 29.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
عليها؛ لأنَّها تَتَضَمَّنُ إزالَةَ ضَرَرِ الشَّرِكةِ عنهما، وحُصُولَ النَّفْعِ لهما؛ لأنَّ نصيبَ كلِّ واحدٍ منهما إذا تَمَيَّزَ، كان له أن يتَصَرَّفَ فيه بحَسَبِ اخْتِيارِه، ويَتمكَّنَ مِن إحْداثِ الغِرَاسِ، والبِناءِ، [والسِّقايةِ](1)، والإِجارَةِ، والعارِيَّةِ، ولا يُمْكِنُه ذلك مع الاشْتِراكِ، فوجَبَ أن يُجْبَرَ (2) الآخَرُ عليه؛ لقولِه عليه السلام:«لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ (3)» . وقد اخْتُلِفَ في الضَّررِ المانعِ مِن القِسْمَةِ، وقد ذَكَرْناه (4).
(1) في م: «فيه» .
(2)
في م: «لا يجبر» .
(3)
في الأصل: «إضرار» .
(4)
انظر ما تقدم من صفحة 49 - 51.