الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الدرس: 1 مقدمة في أصول البحث الأدبي ومصادره
.
بسم الله الرحمن الرحيم
الدرس الأول
(مقدمة في أصول البحث الأدبي ومصادره)
كلمة "بحث": معناها، ودلالتها
الحمد لله الذي علم الإنسان ما لم يعلم، والصلاة والسلام على سيدنا محمد، خير خلق الله أجمعين، وعلى آله وصحبه، وبعد:
فأريد أن ألقي الضوء على كلمة "بحث" نتعرف على: معناها، ودلالتها، والمجال المعرفي الذي يتحرك في إطاره الباحث:
لو رجعنا إلى المعاجم اللغوية لوجدنا أن كلمة بحث يدور معناها في اللغة حول معنيين؛ أولهما: طلب الشيء والتفتيش عنه، ففي (لسان العرب):"البحث طلبك الشيء في التراب".
وفي كتاب الله عز وجل يقول سبحانه وتعالى: {فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْأَةَ أَخِيهِ} (المائدة: 31){يَبْحَثُ فِي الأَرْضِ} أي: يحفر فيها بمنقاره كأنه يفتش أو يطلب شيئًا في باطنها. ومن ذلك البحث عن المعادن وغيره. أما الدلالة الثانية لهذه الكلمة، فتعني السؤال عن الشيء والاستخبار عنه.
بحث عن الخبر أي سأل وبحثه يبحثه بحثًا أي: سأل، وكذلك استبحثه واستبحث عنه، وبين المعنيين ترابط واضح، فمن أراد أن يطلب شيئًا غاب عنه أو يفتش عن شيء لا يقع تحت إدراكه؛ فإنه يبدأ بالمرحلة الأولى من مراحل هذا الكشف وهو التفتيش، يبدأ بالتفتيش والبحث أو التنقيب، فإن تعذر على الإنسان إيجاده
بواسطة التفتيش أو البحث أو التنقيب؛ يلجأ إلى المرحلة الثانية وهي السؤال عن ذلك الشيء؛ لكي يتعرف عليه ويدرك أبعاده.
من خلال هذا المدلول نعلم أن كلمة بحث تدل على أن هناك شيئًا ما غاب عن الإدراك، وإن كان موجودًا في الحقيقة، شيء يفترض وجوده، وهي عبارة عن الفرضية التي يفترضها الباحث في بداية بحثه، ويحاول الكشف عنها، هذا الشيء الذي غاب عن الإدراك هو الحقيقة التي يفترض الباحث وجودها، ويسعى جاهدًا للكشف عنها، سالكًا عدة طرق، معتمدًا على ما لديه من حجج تؤكد صحة نتائجه، ومن ثم فالباحث يبدأ من حيث انتهى الآخرون، ويأتي بنتائج جديدة وأفكار مبتكرة، أما إن اكتفى بنقل ما ذكره الآخرون في قضية ما فإن ذلك لا يسمى بحثًا، وإنما يسمى تلخيصًا أو تقريرًا، هذا ما يفيده مدلول كلمة بحث، فمن أراد أن يبحث عن شيء موجود أو حقيقة علمية مقررة هذا لا يسمى بحثًا، يسمى تلخيصا يسمى تقريرا عن هذه الحقيقة.
أما في الاصطلاح فيمكن أن نعرف كلمة بحث بأنه: عبارة عن تقرير يكتبه الباحث في قضية من القضايا الأدبية، يتناول من خلاله دراسة أجزائها، موظفًا ما لديه من إمكانات علمية للوصول إلى غاية معينة يسعى إليها، أو رأي واضح يهدف إليه، هذا هو المفهوم الذي اصطلح عليه علماء البحث الأدبي، أو البحث العلمي عامة.
فالبحث العلمي لابد له من مجال علمي أو معرفي، يتحرك الباحث في إطاره -هذه حقيقة- يحلق في سمائه، ويدرك أبعاده ويستكشف كوامنه، فالبحث