الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بسم الله الرحمن الرحيم
الدرس العاشر
(المنهج المتكامل وقيمته في مجال البحث الأدبي الحديث)
أهم المناهج البحثية: المنهج المتكامل
الحمد لله، الذي خالق الإنسان وعلمه البيان والصلاة والسلام على سيدنا محمد خير خلق الله أجمعين، وعلى آله وصحبه، وبعد:
فاتضح لنا من خلال الحديث عن مناهج البحث الأدبي في العصر الحديث أن علماء الأدب وباحيثه لم يتفقوا على منهج واحد يمكن أن يلتزم به جميع الباحثين في الأدب والدارسين له، ورأينا أن هناك مناهج متعددة مختلفة اختلافًا بينًا، وكأن الأدب أعقد من أن يحيط به منهج، أو أن البحث الأدبي أعقد من أن يخضع لمنهج واحد.
ولما كانت الغاية من البحث الأدبي والوصول إلى نتائج دقيقة، كان من اللازم أن يسلك الباحث منهجًا يجمع بين جميع المناهج، نحن عرفنا من المناهج: المنهج النفسي، والمنهج التاريخي، والمنهج الجمالي، وكل منهج له عيوبه، وله قيمته في مجال الدراسات الأدبية.
الغاية من البحث الأدبي: أن نصل إلى نتائج دقيقة، نتائج شاملة. لا يمكن أن نصل إلى هذه النتائج إلا إذا كان هناك منهج يأخذ من هذه المناهج جميعها في آن واحد، ولكن ما اسم هذا المنهج؟ وما حقيقته؟ وكيف يتحقق؟ ما اسم هذا المنهج الذي يجمع بين المناهج جميعها في آن واحد، ونصل من خلاله إلى نتائج دقيقة تتسم بالمصداقية؟ هذا المنهج هو الذي يسمى: بالمنهج المتكامل، أو المنهج التكاملي.
ومن حق الباحث أن يستخدم في بحثه أكثر من منهج، ما دام ذلك يتيح له التعرف على جوانب أكثر بالنسبة لموضوعه، ويمكنه من الوصول إلى نتائج أكثر موضوعية وشمولية، خاصة أن المناهج البحثية متداخلة، فالمنهج النفسي يتداخل مع المنهج التاريخي، والمنهج التاريخي يتداخل مع الجمالي، والمنهج الجمالي
يتداخل مع المنهج النفسي، وهكذا لا يمكن أن نضع حدود فاصلة بين المناهج. فمن حق الباحث أن يستخدم في بحثه أكثر من منهج، طالما أن ذلك سيوصله إلى نتائج دقيقة.
ولو تأملنا طبيعة الأدب وعناصر العمل الأدبي؛ لتأكد لنا أنه يحتاج إلى أكثر من منهج للكشف عن حقائقه. ولا يستطيع منهج واحد أن يكشف عن تلك الحقائق وتجليتها؛ فالعمل الأدبي نتاج نفس إنسانية، وبمقدار ما تحمله تلك النفس من أسرار، وما يشكلها من مؤثرات خارجية، يكون ذلك العمل الأدبي.
فالعمل الأدبي يموج بالحياة من داخلها موجان النفس البشرية، وإن كان في نظر البسطاء مجرد كلام ينقل لنا فكرًا المبدع، ويصور أحاسيسه، ويترك فينا لونا من المتعة. هذه صورته التي نراها، ولكن لو فتشنا في حقيقته، لو حللناه لرأينا أنه عمل مركب، ويحمل عدة دلالات مختلفة من شأن الباحث الفطن الكشف عنها، ففيه دلالة على شخصية الأديب، ونفسيته، وفكره، ولغته، وفيه صورة للعصر والبيئة، بالإضافة إلى ما يحمله من مجموعة الخصائص الفنية التي اتحدت، وكونت ذلك البناء الفني.
ومثل الباحث الأدبي كمثل الغواص يجوب أعماق البحار؛ ليكشف عن أسرارها، ويصور لنا الحياة بداخلها. إذا كانت تلك هي طبيعة العمل الفني، وهذه هي طبيعة الباحث فيه، فليس من اللائق أن يسلك الباحث منهجا جزئيا في بحثه؛ يكشف له عن جانب واحد من جوانب متعددة؛ لأنه لن يصل من خلاله إلى نتائج كاملة صحيحة، يمكننا أن نعدها حكمًا صادقًا على العمل وصاحبه، هذا لا يليق بأي حال من الأحوال، وقد اتضح لنا من خلال حديثنا عن المناهج البحثية في العصر الحديث أن لكل منهج عيوبه التي تقدح فيه، وتجعله قاصرًا
عن الوصول إلى نتائج كاملة في مجال البحث الأدبي، أو الموضوع الذي يبحث فيه؛ لأنها لا تنظر إلى العمل الأدبي من جميع الجوانب، إنما تتناوله من جانب واحد، فالمنهج التاريخي مثلًا: يربط بين البيئة والأدب برباط وثيق، ويفسر العمل الأدبي على أساس ذلك الرباط متجاهلا ذات الأديب، وما يعتمل في فيها من مشاعر وأحاسيس، ويأتي المنهج النفسي على النقيض من ذلك تمامًا؛ المنهج النفسي لا ينظر إلى البيئة، ولا ينظر إلى العصر، ولا إلى الأحداث، يعني: لا يربط بين العمل الأدبي وبيئته، وإنما يولي اهتمامه إلى نفس الأديب المبدع ذاته، محاولا الغوص في أعماقها، واستخراج ما بها من أزمات وعقد.
وجدير بالذكر، أن تعدد المناهج، وتمسك أصحاب كل منهج بقوانين ثابتة، وردهم الأخذ، أو الإفادة بالمناهج الأخرى أبرز البحث الأدبي في صورة معقدة، وأصابه بالجمود والعقم، وبدا للباحثين أنه لا يخضع لأي من المناهج، والحقيقة غير ذلك تماما؛ إذ ينبغي الأخذ بهذه المناهج مجتمعة، والإفادة منها في مجال البحث الأدبي، وإدماجها في منهج واحد، يجمع بين خصائصها ويتلاشى، أو يبتعد عن عيوبها، ويسمى هذا المنهج -كما قلت-: بالمنهج المتكامل، أو المنهج التكاملي.
فإذا أردنا أن نضع تعريفًا له أو مفهومًا لهذا المنهج التكاملي، فنقول: هو عبارة عن المزج بين مجموعة من المناهج، والأخذ بها، وتطبيقها في آن واحد عند الكشف عن الجوانب المختلفة في الأدب أو الأديب،
وجدير بالذكر، أن الإفادة من هذه المناهج لا تتحقق إلا إذا اتخذت منارات ومعالم يهتدى بها، أما إذا تعامل الباحث معها على أساس أنها قيود أو حدود لا ينبغي تجاوزها، فإنها تضر وتفسد، ولا تنفع؛ لأنها حينئذ تصبح قيودًا على فكر الباحث وحريته.
وإذا أحس الباحث بأن هناك قيدًا يحد من حرية فكره، فلا يمكن أن يستمر، أو يصل إلى الحقيقة من خلال بحثه، كيف نتوصل إلى ذلك المنهج؟ كيف نحقق ما يسمى بالمنهج المتكامل، أو التكاملي؟ كيف نجمع بين المناهج التي ذكرناها النفسي، والتاريخي، والجمالي في وقت واحد؟ كيف يمكننا الإفادة من المناهج جميعها، وتحويلها إلى منهج واحد، منهج سديد نستطيع من خلاله أن نصل إلى نتائج تتسم بالمصداقية والدقة؟ لا يمكن أن نصل إلى هذا المنهج المتكامل إلا من خلال منهج واحد، وهو المنهج الفني.
المنهج الفني: هو الذي نستطيع من خلاله أن نصل إلى منهج متكامل، يعني: يمكن نحقق ما يدعو إليه أصحاب المنهج النفسي من خلال المنهج الفني. نعم، ومن الممكن أن نصل إلى ما يدعو إليه أصحاب المنهج التاريخي من خلال المنهج الفني. نعم، ومن الممكن أن نتعرف على القيم الجمالية التي يبحث عنها أصحاب نظرية الفلسفة الجمالية، أو المنهج الجمالي من خلال المنهج الفني. نعم، هذه حقيقة؛ فالمنهج الفني يتعامل أو يتناول العمل الأدبي، ويقومه معتمدًا على ما فيه من قواعد وأصول فنية مباشرة -هذه حقيقتها.
أود أن أعطي فكرة سريعة عن المنهج الفني الذي سنصل من خلاله إلى منهج متكامل؛ حتى نتعلم كيف نصنع منهجًا متكاملا. أنا قلت -من خلال المنهج الفني-: ما هو المنهج الفني؟ -سأعطي إشارة سريعة- المنهج الفني يتناول العمل الأدبي، ويقومه متعمدًا على ما فيه من قواعد وأصول فنية مباشرة مثل: العاطفة، والخيال، والأفكار، والأسلوب.
هذه العناصر الفنية للأدب، أي: أنه يعتمد في تقويمه على القيم الشعورية، والتعبيرية معًا ليصل من خلال ذلك إلى نتائج تتعلق بالأدب والأديب معًا، دائما النتائج التي يصل إليها البحث من خلال المنهج الفني تتعلق بالإبداع ذاته، أي:
العمل الأدبي، أي: النص الأدبي، وبالمبدع أي: الأديب نفسه، وما يتعلق بهما من بيئة، وعصر، وقضايا -كما سنأخذ نموذجا إن شاء الله بعد قليل-.
والمنهج الفني في حقيقته منهج ذاتي موضوعي، ذاتي؛ لأنه يعتمد على التأثر الذاتي للباحث أولًا. نعم، هناك قيم تعبيرية تحتاج في التعامل معها إلى تذوق فني، هذا التذوق موجود لدى الباحث، وهو منهج ذاتي، ثم إنه يعتمد على مجموعة من العناصر الموضوعة، أو المقاييس، والأصول الفنية الثابتة التي اصطلح عليها الباحثون والنقاد. ومن ثم، فهو موضوعي من هذه الناحية، فهو منهج ذاتي موضوعي.
المنهج الفني يحتاج إلى توفر عدة شروط في الباحث، وإلى ألوان من الدراسات الفنية واللغوية؛ كونه يعتمد على التأثر الذاتي، أو كونه منهجًا ذاتيًّا يتطلب أن يسبق ذلك التأثر ذوق فني رفيع يعتمد على الموهبة الفطرية لدى الباحث، والتجارب الفنية الذاتية، والاطلاع الواسع على مأثور الأدب والنقد؛ حتى يكون التأثر مأمونًا، هو منهج ذاتي؛ لأن الباحث يعتمد في جانب كبير منه على ذوقه.
إذا لابد أن أن ننمي ذلك الذوق عند الباحث حتى يصبح ذوقه رفيعًا، لابد أن ندرب تلك الموهبة الفطرية الموجودة من خلال التجارب الفنية، من خلال الاطلاع الواسع على مأثور الأدب والنقد.
وكونه يتعمد على الأصول الفنية الموضوعية الممثلة في القيم الشعورية والتعبيرية، فإن ذلك يتطلب إحاطة تامة بتلك الأصول، من خلال منهج فني يعتمد على عدة معايير أو مقاييس موضوعة، إذا لابد له أن يتعرف ويحيط إحاطة تامة بتلك المقاييس، أو الأصول.
ولابد أن يكون عنده صدر رحب، يكون فيه فسحة تسمح له بتملي ألوان التجارب الشعورية، كما يتطلب وجود خبرة لغوية وفنية، وموهبة خاصة في التعامل مع النص، واستعداد جديد لتقبل الأنماط الجديدة.
عندما يسلك الباحث المنهج الفني، فإنه يعتمد على الأصول الفنية للعمل الأدبي، يدرسها دراسة تحليلية جيدة، معتمدا على الملاحظة الدقيقة، والاستقصاء التام، فيدرس العاطفة، ويكشف عن طبيعتها، وقوتها، وصدقها، يقف أمام الصورة الفنية، فيوضح بناءها الفني، ومدى التواؤم بينها وبين العاطفة، ودلالة هذه الصورة على نفسية الأديب، ثم يتناول الأسلوب، وما يتألف منه من ألفاظ، وتراكيب، وإيقاع، ودلالة ذلك كله الدلالة الذاتية، والدلالة الموضوعية، والدلالة البيئية، من خلال ما تحمله من إيحاءات، الصورة لها إيحاء، واللفظة لها إيحاء، والإيقاع له إيحاء، قد يكون الإيقاع له إيحاء ذاتي، وقد يكون له إيحاء موضوعي يتصل بالموضوع نفسه، قد يكون الإيحاء بيئي، وكذا اللفظ، وكل الصور.
كما يكشف أيضا عن الانسجام بين العاطفة والأسلوب، ويتناول الأفكار والمعاني، فيوضح دقتها، وعمقها، ومناسبتها للموضوع، إلى آخر هذه الأشياء التي لابد للباحث على منهج فني أن يتعامل معها ويتناولها. من خلال تناوله لهذه العناصر يمكنه أن يكشف عن البيئة، وعن الجانب النفسي لدى المبدع، كما يمكنه أن يكشف عن القيم الجمالية الموجودة في العمل الأدبي، بمعنى: أنه يمكنه من خلال ذلك الجمع بين عدة مناهج في وقت واحد، وقد ولد المنهج الفني، ونشأ في ظل الأدب العربي، المنهج الفني الذي يمكننا إلى التوصل إلى منهج متكامل نشأ في بيئة عربية خاصة، فقد فطن علماؤنا الأجلاء في مراحل مبكرة من
التأليف إلى قيمة ذلك المنهج، واستخدموه في مؤلفاتهم، وتعاملوا مع الإبداع الأدبي على أساسه.
بدأ هذا المنهج فطريًّا معتمدًا على التأثر الذاتي للمؤلف، ثم قطع شوطًا طويلًا فيما بعد، وتعدى مرحلة الطفولة إلى مرحلة أعمق، وأكثر تحليلا، وتعليلا، وتأصيلا لقواعده بفضل مجموعة من العلماء الأجلاء، كابن سلام الجمحي، وابن قتيبة، والآمدي، والقاضي الجرجاني، وأبي هلال العسكري، وعبد القاهر الجرجاني، وغير هؤلاء من علماء أجلاء ساهموا في وضع الأصول الفنية لهذا المنهج.
ثم جاء العصر الحديث، وحدث التفاعل بين الشرق والغرب، وانتشرت الثقافة الأوربية، وأقبل الدارسون والباحثون على تلك الثقافة، وما أنتجه الغرب في ميدان الدراسات الأدبية من نظريات؛ فتأثروا بها تأثرا واضحًا كما سبق، وحالوا أن يقننوا لأدبنا العربي في ظل تلك النظريات الغربية، وعلى إثر ذلك -نتيجة لهذا وفي ظل هذه البيئة- تقدمت الدراسات الأدبية تقدما ملحوظًا، وبدأ العلماء يؤصلون للقضايا النقدية الكبرى في كتبهم، كقضية الوحدة العضوية، والصدق الفني، والصورة الخيالية، واتجه علماؤنا في العصر الحديث نحو تفسير النص الأدبي، وتحليله تحليلًا أسلوبيًّا يكشف عن طبيعة التراكيب، ويبرز الدلالات الإيحائية وغيرها.
وظهرت دراسات عدة في هذا المجال، كما تناولوا الصورة الأدبية من شتى جوانبها، فبينوا أركانها، وطريقة بنائها، ودلالتها على شخصية صاحبها، والتلاؤم بين أجزائها، واستخرجت كوامن أنفس المبدعين، وكشفت لنا عن ملامح البيئة والعصر الذي أبدعت فيه.
المنهج الفني هو أقرب المناهج إلى طبيعة الفني الأدبي؛ لأنه يتعامل مع العناصر الفنية التي تشكل هذا العمل. إذا أردنا أن نبحث في أي فن من الفنون فلابد أن تكون المقاييس التي يعتمد عليها البحث تمثل عناصر مهمة في ذلك الفن؛ حتى يكون البحث مجديا، وتكون النتائج تتسم بالمصداقية. فالمنهج الفني يبحث في عناصر فنية هي الأسس التي يقوم عليها الفن الأدبي، كما أنه يكشف عن الخصائص الفنية والجمالية في العمل الأدبي. ومن ثم، فهو يسهم في تربية الذوق الفني وتكوينه وثقله لدى دراسي الأدب وباحثيه، وهذه قيمة أخرى من قيم المنهج الفني، نتوصل من خلاله إلى منهج متكامل، نتعرف على الجانب النفسي وعلى الجانب البيئي، وعلى الجانب الجمالي، كما أنه يفيد الباحث من ناحية أخرى في تربية وتنمية ذوقه الفني.
ومع أن هذا المنهج هو أقرب المناهج وأصحها في مجال البحث الأدبي إلا أنه لا يخلو من المآخذ عندما يحيد الباحث عن الطريق المرسوم له، فقد أشرت إلى أن هذا المنهج يجمع بين الذاتية والموضوعية، فقد يعتمد الباحث على الأصول والقواعد المقررة فحسب، إذا حدث هذا من الباحث، فإنه يحول المنهج الفني إلى مجرد قالب جاف، وهذا يتنافى مع طبيعته؛ لأن القواعد التي يصلح تطبيقها على نص ما قد لا تصلح للتطبيق على نص آخر، فلابد أن يكون الباحث فطنًا يجمع بين الذاتية والموضوعية يعني: يكون لذوقه نصيب، ويكون للمقاييس الموضوعية نصيب لا يهمل التأثر الذاتي، ولا يهمل المقاييس الموضوعية؛ لأن الاعتماد الذوق الذاتي وحده قد يجره إلى الخطأ أحيانا، يعني: لو أن الباحث اعتمد على تذوقه للأعمال الأدبية، ولم يسترشد، أو يأخذ بالمعايير الموضوعة، فإن ذلك يجعله يدور في فلك ضيق عندما لا يعدو المشاهير من الأدباء؛ لأن ذوقه قد لا يستجيد أعمالا لغير هؤلاء المشاهير، ويتجاهل غيرهم ممن هم أقل شهرة، كما
أنه يخشى من سيطرة الهوى على الباحث؛ فيؤثر ذلك في حكمه عندما يعتمد على ذوقه الفني فحسب. صحيح، الاعتماد على الذوق الفني أحيانا يجر الإنسان إلى الوقوع في الهوى.
هذا عرض سريع للمنهج الفني، المنهج الذي يمكننا أو نتمكن من خلاله إلى تحقيق ما يسمى: بالمنهج المتكامل، المنهج الوحيد الذي يمكن أن نصل من خلاله إلى عدة مناهج، كالمنهج التاريخي، والمنهج النفسي، والجمالي،
كيف نطبق هذا؟ سأقدم لك نموذجين تطبيقيين يوضحان إمكانية تحقيق المنهج المتكامل من خلال منهج فني واضح وسيتضح لك أنني سأتوصل إلى نتائج تتصل بالمنهج النفسي، أو التاريخي، أو الجمالي، من خلال تعاملي مع النص الإبداعي بمقاييس فنية بحتة.
النموذج الأول: عبارة عن أبيات من لامية كعب بن زهير، وهي اللامية المشهورة ب"بانت سعاد فقلبي اليوم متبول" يقول كعب في هذه اللامية:
أُنبِئتُ أن رَسُولَ اللهِ أَوْعَدنِي
…
والعفو عند رسولِ الله مأمولُ
مهلًا هداكَ الذي أعطاكَ نافلةَ ال
…
قرآنِ فيها مواعِيظ وتفصِيلُ
لا تأخذنّي بأقوالِ الوشاةِ ولمْ
…
أذنبْ وإن كثرتْ في الأقاويلُ
إن الرّسولَ لنور يستضاءُ بهِ
…
مهندٌ من سيوفِ الله مسلولُ
تأمل جيدًا معي هذه الأبيات؛ ترى أنها تدور حول فكرة واحدة، الفكرة هي: اعتذار كعب بن زهير لرسول الله صلى الله عليه وسلم ومدحه له. هذه هي الفكرة الجزئية التي تدور، أو تعبر عنها هذه الأبيات. من خلال تحليل هذه الأبيات تحليلًا فنيًّا بالنظر في صياغتها، والعناصر الفنية المشكلة لها، وإدراك ما وراءها من دلالات متنوعة، من خلال ذلك كله يمكننا التوصل إلى منهج متكامل.
تأمل الفعل "أنبئت" مادة وصياغة، تجد أن هذا الفعل يكشف لك عن جوانب نفسية في الأديب، كما أنه يصور طبيعة المجتمع الذي كان يعيش فيه كعب بن زهير، فمن حيث المادة: اختيار الفعل "أنبأ" دون أخبر يدل على عظم وقع الخبر على نفسه النبأ هو الخبر العظيم، فعندما استخدم الفعل أنبأ يدل على عظم وقع الخبر على نفسه، وأنه بات مغتمًّا عند سماعه نبأ إهدار دمه، وهذه حقيقة لو أنك قرأت جو النص والظروف التي ألمت بكعب بن زهير عندما سمع نبأ إهدار دمه لتأكد لك هذا جيدا.
هذا جانب نفسي كشف عنه وجود هذا الفعل بهذه المادة أنبأ دون أخبر، فلو تأملت الصياغة؛ لرأيت أنه ورد بصيغة المبني للمجهول "أنبئت"؛ مما يدل على انتشار الخبر بين الناس، وأنه أصبح من الصعب تحديد مخبر بعينه، الخبر يدور على ألسنة الناس انتشر بحيث لا يمكنه تحديد شخص بعينه، هذه دلالة بيئية علمناها من خلال صيغة وردت لفعل من الأفعال.
المنهج الذي يكشف عن وقع الخبر على النفس هو المنهج النفسي، والمنهج الذي يعرف حال المجتمع وهل الخبر ذاع أم لم يذع؟ موقفه منه بعد سماع النبأ، وكل هذا منهج تاريخي، ولكننا كما رأيت توصلنا إليهما من خلال منهج فني، من خلال النظر والتأمل في الصياغة، والكشف عما وراءها من دلالات إيحائية.
ومن خلال المنهج الفني أيضا يمكننا معرفة الناحية العقيدة للشاعر، وتلك مهمة المنهج التاريخي معرفة العقيدة، لكن بإمكاننا أن نتعرف عليها من منهج فني.
تأمل معي قول الشاعر: "رسول الله" تجدها قد تكررت في البيت الأول مرتين، مع إمكان الإتيان بالضمير مكانها "أنبئت أن رسول الله أوعدني والعفو عند رسول الله مأمول" كان بإمكانه أن يقول:"والعفو عنده مأمول"، ولكنه آثر أن
يكرر لفظة "رسول الله" صلى الله عليه وسلم مرتين، مع إمكان أن يأتي بها ضميرًا، ثم أعيدت كلمة رسول في البيت الرابع مرة ثانية "إن الرسول لنور يستضاء به" لم يكن كعب لينطق بهذه الكلمة وهو على كفره؛ لأن مشكلة هؤلاء القوم هي الاعتراف برسالة محمد صلى الله عليه وسلم كما حكى القرآن الكريم عنهم، فتكرار الكلمة هنا يدل على اعتراف كعب برسالته صلى الله عليه وسلم وهذا يعني إيمانه بما جاء به صلى الله عليه وسلم ويؤكد هذا ورود بعض العبارات في سياق هذه القصيدة، عبارات لا تصدر إلا عن قلب مؤمن بالقضاء والقدر.
كقوله مثلًا:
فكل ما قدر الرحمن مفعول
وقوله:
كلُّ ابنِ أنثَى وإنْ طالتْ سلامتهُ
يومًا على آلةٍ حدباءَ محمولُ
المنهج الذي نتعرف من خلاله على عقيدة الشاعر وأثرها في نفسه هو المنهج التاريخي، لكن تعرفنا عليه هنا من خلال منهج فني واضح لديك، خلال استخدامه لألفاظ بعينها، وتكشف هذه الاستخدامات عن عقيدة الشاعر الواضحة.
ثم تأمل معي مجيء العفو في البيت الأول بعد الفعل "أوعد"، انظر "والعفو عن رسول الله" الفعل الذي قبلها أوعدني، مجيء العفو في البيت الأول بعد الفعل أوعد التي تستخدم في الشر، هناك فرق بين وعد وأوعد، أوعد تستخدم في الشر، وعد في الخير، مجيء العفو بعد أوعد؛ يدل على مقدار الأمل الذي كان يراود كعب، وهو في طريقه لرسول الله صلى الله عليه وسلم. أوعد: يعني: هناك شر كبير ينتظره -إهدار دمه- ولكن رغم كلمة العفو هنا تفصح لك عن مدى الأمل الذي كان يراود الشاعر، وهو يمضي في طريقه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
هذا جانب نفسي تعرفنا عليه من خلال التأمل في لفظة وردت بطريقة معينة، وفي مكان معين، وتمضي الأبيات متخطية حال المبدع إلى المتلقي، وفي نفس المتلقي أثر العمل الأدبي على المتلقي أو على نفس المتلقي. تضمي الأبيات متخطية حال المبدع إلى المتلقي حين حاول الشاعر استمالة قلب النبي صلى الله عليه وسلم، والتأثير في نفسه؛ ليظفر بما يريد من عفوه صلى الله عليه وسلم.
نريد أن نكشف عن هذه الاستمالة، وهل تمكن الشاعر من التأثير في نفس النبي صلى الله عليه وسلم الذي يمثل المتلقي في هذا الموقف؟ هل تمكن كعب من الوصول إلى قلب النبي صلى الله عليه وسلم والتأثير فيه حتى يظفر بما يريده من عفو؟ كيف نكشف عن هذا؟ نكشف عن هذا الآن من خلال منهج فني، عندما نحلل البيتين الثاني والثالث تحليلًا فنيًا دقيقًا نتأكد، أو يتبين لنا أن الشاعر قد نجح فعلا في استمالة قلب النبي صلى الله عليه وسلم، واستطاع أن يؤثر في نفسه بعدما وضح له حقيقة الموقف، وأتى بالحجة الدامغة، كيف ذلك؟ لاحظ أسلوب الدعاء:"هداك الذي أعطاك نافلة القرآن": أسلوب دعاء المقصود منه التأثير في نفس المتلقي، ثم محاولة إثبات براءته بقوله:"ولم أذنب" وهذه حجة يكشف عن حال المدعى عليه. لم أذنب: لم أرتكب ذنبًا أستحق عليه العقاب.
تكشف لنا هذه العبارة أيضا عن القلق الذي كان يعتري قلب كعب آنذاك، وهو يقف أمام رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا يملك إلا التوسل، والتذلل. تأمل ذلك الخضوع، ذلك التذلل:"هداك الذي أعطاك نافلة القرآن" دعاء محاولًا أن يرقق قلب النبي صلى الله عليه وسلم. ولو تأملت الأسلوب في البيتين الثاني والثالث، وأدركت ما بينهما من فروق؛ لاتضح لك، أو لتكشفت لك نفس الشاعر.
فالبيت الثاني فيه تذلل وخضوع "مهلا هداك الذي"، وهذا يناسب الاستمالة. ومن ثم، جاء الإيقاع متسمًا بالهدوء، يوظف الإيقاع أيضا، جاء الإيقاع متسما
بالهدوء والامتداد، وكأني بالشاعر في هذا البيت قد أوشك قلبه أن ينخلع عنه من شدة خوفه، ولكن بعدما أحس بعلامات الرضا في وجه الرسول صلى الله عليه وسلم بدأ صوته يعلو شيئًا فشيئًا، وتطمئن نفسه، ويستجمع قواه للدفاع عن نفسه قائلًا:"لا تأخذني بأقوال الوشاة"، تأمل، الإيقاع مختلف تمامًا "مهلا هداك لم أذنب لا تأخذني بأقوال الوشاة" اطمئنان منحه الثقة، فقدم مطلبه مشفوعًا بالحجة القوية. إنه يطلب من الرسول صلى الله عليه وسلم ألا يؤاخذه، والدليل على عدم أحقيته للعقاب من وجهة نظره أنه لم يذنب، وأما ما قيل عنه ونسب إليه قوله: فإنما هو من فعل الوشاة، ولا يعدو كونه مجرد أرجايف لا صحة لها.
ثم تأمل معي البيت الرابع، ولاحظ أسلوب التوكيد "إن، اللام": "إن الرسول لنور" انظر ما قيمة هذا هذا التأكيد، أو هذا الأسلوب ينفي زعم من زعم أن خوف كعب كان سبب ذهابه كعب لرسول الله صلى الله عليه وسلم هذا زعم غير صحيح بدليل:"إن الرسول" ينفي هذا التأكيد زعم من زعم خوف كعب كان سبب ذهابه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإن صح هذا الزعم، فلماذا لم يذهب إليه كعب فور سماعه نبأ إهدار دمه؟ وقد ملأ الخوف قلبه، وأخبره أخوه أنه لن يفلت من العقاب، لماذا لم يبادر كعب بذهابه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حين ذاك؟ نحن لا ننكر وجود الخوف، وكعب صرح بهذا في نفس القصيدة، لكن الإيمان الذي مس شغاف قلبه هو الذي ساقه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وانطلق به إليه.
والدليل على ذلك: هذا التأكيد "إن الرسول" كلمة "الرسول ونور" يتفق مع ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، أرأيت كيف يمكننا استكشاف عوالم النفس، وما يموج فيها من مشاعر وأحاسيس من خلال المنهج الفني الذي ينهض بتحليل العمل الأدبي تحليلًا فنيًّا. اقرأ معي هذا البيت:
إن الرّسولَ لنور يستضاءُ بهِ
…
مهندٌ من سيوفِ الله مسلولُ
وتأمله جيدا تأمل القيد "يستضاء به" الذي أتى به الشاعر في سياق وصفه لرسول الله صلى الله عليه وسلم بالنور، تجد هذا الوصف يكشف عن طبيعة البيئة التي بعث الله فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، يستضاء به الفعل يكشف عن البيئة التي بعث فيها صلى الله عليه وسلم، كما يكشف الدور الذي قام به صلى الله عليه وسلم في هذه البيئة، فالإضاءة تسبقها ظلمة، وتلك كانت حال البيئة الجاهلية قبل أن يبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم كما صورها القرآن الكريم، حيث يقول عن رسوله صلى الله عليه وسلم:{يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} (المائدة: 16) السر في استخدام الفعل المضارع يستضاء؛ للدلالة على عالمية الرسالة الإسلامية واستمرارها، وأن الغاية منها إنقاذ البشرية من التردي في تلك الظلمات.
الشطر الثاني من هذا البيت نجد فيه عدة صفات لشخصية الرسول صلى الله عليه وسلم، ولولا الترتيب الفني للعبارة ما كان لنا أن نفمهما إطلاقا، فقد شبه الرسول صلى الله عليه وسلم بالسيف في قوله مهند، وهذا يفيد إثبات القوة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن القوة إذا أطلقت لم تكن مأمونة العواقب، وكان كعب ذكيًّا جدًّا عندما قال: من سيوف الله، فأضاف السيف إلى الله على سبيل التشريف والتأييد أولا، ثم يبين أن تلك القوة كان موجهة لنصرة دين الله سبحانه وتعالى، وإظهار دينه، ولم تستخدم فيما حرم الله.
وكلمة "مسلول" تكشف عن شجاعة النبي صلى الله عليه وسلم، وأنه كان على أهبة الاستعداد لنصرة دين الله في أي لحظة، وأنه صلى الله عليه وسلم قضى حياته في جهاد مستمر لم ينقطع شاهرًا سيفه مستعدًا.
هكذا يمكننا معرفة الجانب النفسي للأديب والمتلقي، وتتكشف لنا البيئة وأحوال المجتمع، ونحدد مواطن الجمال الفني من خلال تحليل النص تحليلًا فنيا، وهذا هو المنهج المتكامل.
نبدأ بالتعامل الفني مع العنصر، نتعامل مع اللفظة، نتعامل مع الصورة، نتعامل مع أي عنصر من العناصر الفنية الموجودة في النص، ثم نصل من خلاله إلى شيء يتعلق بالمبدع، أو المتلقي، أو البيئة أو جانب من الجوانب الخارجة عن هذا الإطار الفني.
هذا هو النموذج الأول سأعرض عليك نموذجا آخر لشاعر من شعراء العصر الحديث، وهو الشاعر أحمد شوقي، والأبيات من قصيدته السينية المشهورة التي قالها وهو في منفاه بالأندلس، وعارض بها سينية البحتري التي وصف فيها إيوان كسرى، يقول شوقي في قصيدته:
اِختِلافُ النَهارِ وَاللَيلِ يُنسي
…
اُذكُرا لِيَ الصِبا وَأَيّامَ أُنسي
وَصِفا لي مُلاوَةً مِن شَبابٍ
…
صُوِّرَت مِن تَصَوُّراتٍ وَمَسِّ
عصفتْ كالصَّبا اللعوبِ ومرّت
…
سِنة حُلوة ولذَّة ُ خَلْس
وسلا مصرَ: هل سلا القلبُ عنها
…
أَو أَسا جُرحَه الزمان المؤسّي؟
كلما مرّت الليالي عليه
…
رقَّ والعهدُ في الليالي تقسِّي
مُستَطارٌ إذا البواخِرُ رنَّتْ
…
أَولَ الليلِ، أَو عَوَتْ بعد جَرْس
هذه الأبيات جزء من قصيدة جميلة طويلة، قالها شوقي في منفاه في الأندلس، يعارض بها قصيدة البحتري -كما قلت- التي مطلعها:
صُنْتُ نَفْسِي عَمّا يُدَنّس نفسي،
وَتَرَفّعتُ عن جَدا كلّ جِبْسِ
فإذا أردنا أن نبحث هذا النص، ونصل من خلال بحثنا إلى حكم صحيح بالنسبة للنص والأديب والعصر، فما علينا إلى أن نلجأ إلى منهج متكامل، ولكن كيف نصل إلى المنهج المتكامل؟ من خلال منهج فني.
نبدأ بتأمل الصياغة، ونقف أمام
الألفاظ، ونغوص في أعماق التراكيب، ونستخرج منها ما تحمله من دلالات مختلفة، وسنصل من خلال ذلك كله إلى طبيعة البيئة التي عاشها، ونتعرف على الحالة الشعورية التي شكلت نفس شوقي، ومدى تمكن الشاعرية من نفسه.
فإذا نظرنا نظرة فاحصة في النص يمكننا الوصول إلى أعماق نفس الشاعر، وذاك غاية المنهج النفسي، نتأمل مثلًا قوله:"اذكرا لي، صفا لي، سنة حلوة، أسى جرحه، مسطتار، رق" هذه الألفاظ وغيرها تكشف لنا عن نفس منقسمة على نفسها حزينة؛ لبعدها عن وطنها، مضطربة بسبب هذا البعد، ولو أردت فهمًا أكثر لهذه النفس لأمكنك ذلك من خلال البيت الأول فحسب، لو تأملت حروف المد الكثيرة فيه، وهي تحتاج إلى نفس أطول من غيرها؛ لأن هذا يناسب أو يتفق، أو ينسجم مع حال الشاعر، نفس قد امتلأت بالأحاسيس والمشاعر، نفس قد أصيبت بالحزن والألم، تحتاج إلى إيقاع هادئ ممتد طويل؛ لكي يحمل كل هذه الأحاسيس والمشاعر، ولو أننا نظرنا نظرة سريعة، ووزانا فيها بين بيتين، بين مطلع القصيدتين، مطلع شوقي، ومطلع البحتري؛ لتأكد لنا ذلك جيدًا.
الإيقاع عنصر فني موجود، لكن من خلال تعاملنا مع الإيقاع نتعرف على نفسية الشاعرين، يعني: نصل إلى ما يمكن أن يوصلنا إليه المنهج النفسي. تأمل الإيقاع عند شوقي:
اِختِلافُ النَهارِ وَاللَيلِ يُنسي
…
اُذكُرا لِيَ الصِبا وَأَيّامَ أُنسي
تأمل حروف المد، الإيقاع ممتد طويل؛ مما يؤكد أن نفسية شوقي نفسية مكلومة حزينة ممتلئة مشاعر حزينة، يحتاج إلى بحر، وإيقاع طويل يكفي لاستيعاب هذه المشاعر والأحاسيس، لكن تأمل بيت البحتري:
صُنْتُ نَفْسِي عَمّا يُدَنّس نفسي،
وَتَرَفّعتُ عن جَدا كلّ جِبْسِ
تلاحظ سرعة في الإيقاع، وهذا يدل على ما كان يعتريه من خوفًا، وهو في طريقه إلى إيوان كسرى هاربا بعد مقتل المتوكل الخليفة العباسي.