المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الخطأ وكيفية علاجه - أصول البحث الأدبي ومصادره - جامعة المدينة

[جامعة المدينة العالمية]

فهرس الكتاب

- ‌الدرس: 1 مقدمة في أصول البحث الأدبي ومصادره

- ‌كلمة "بحث": معناها، ودلالتها

- ‌العرب والثروة الأدبية

- ‌الطرق التي ساعدت العرب على حفظ تراثهم

- ‌الدرس: 2 العرب والبحث العلمي - مناهج التأليف عند العرب (1)

- ‌هل كان العرب مجرد مبدعين أم أنهم عرفوا طريق البحث العلمي

- ‌أدوات البحث العلمي عند العرب

- ‌اتجاهات التأليف عند العرب "اتجاه الاختيارات الأدبية المجرد

- ‌الدرس: 3 مناهج التأليف عند العرب (2)

- ‌بعض المصادر التي تمثل اتجاه الاختيارات المجردة

- ‌الاتجاه الثاني "اتجاه أصحاب الطبقات والتراجم

- ‌الدرس: 4 مناهج التأليف عند العرب (3)

- ‌كتاب (الشعر والشعراء) كنموذج على اتجاه الطبقات والتراجم

- ‌الاتجاه الثالث: "اتجاه الدراسة الأدبية والنقدية

- ‌الدرس: 5 مناهج التأليف عند العرب (4)

- ‌الاتجاه الرابع "الموسوعات العلمية

- ‌الصور التي جاءت عليها الموسوعات، ونماذج لها

- ‌الدرس: 6 مناهج البحث الأدبي في العصر الحديث

- ‌حقيقة المنهج وأهميته في مجال البحث العلمي

- ‌نشأة المناهج العلمية وتطورها

- ‌الدرس: 7 المنهج التاريخي

- ‌المنهج التاريخي: مفهومه، ونشأته، ومقياس الجودة عند أصحابه

- ‌قيمة المنهج التاريخي في مجال البحث الأدبي

- ‌الدرس: 8 المنهج النفسي

- ‌صلة الأدب بالنفس

- ‌حقيقة المنهج النفسي، وعلاقة النفس بالأدب

- ‌نشأة المنهج النفسي، وتطوره في العصر الحديث

- ‌مقياس الجودة الفنية عند أصحاب المنهج النفسي، وقيمته

- ‌المآخذ على المنهج النفسي

- ‌الدرس: 9 نظرية الفلسفة الجمالية وعلاقتها بالدراسات الأدبية

- ‌نظرية الفلسفة الجمالية وقيمتها في مجال البحث الأدبي

- ‌رؤية العربي لفكرة الجمال الأدبي

- ‌الدرس: 10 المنهج المتكامل وقيمته في مجال البحث الأدبي الحديث

- ‌أهم المناهج البحثية: المنهج المتكامل

- ‌ملاحظات لمن يريد استخدام المنهج المتكامل، وبيان قيمته

- ‌الدرس: 11 خطوات البحث الأدبي (1)

- ‌مادة البحث الأدبي

- ‌خطوات البحث العلمي: اختيار موضوع البحث

- ‌الدرس: 12 خطوات البحث الأدبي (2)

- ‌رسم الخطة

- ‌تحديد المصادر والمراجع

- ‌الدرس: 13 خطوات البحث الأدبي (3)

- ‌استقراء المصادر والمراجع

- ‌كيفية استخدام القدماء والمحدثين للمصادر

- ‌الدرس: 14 خطوات البحث الأدبي (4)

- ‌صياغة البحث

- ‌مراعاة قواعد الكتابة العربية في صياغة البحث

- ‌الدرس: 15 مفهوم التحقيق والتوثيق وشروط المحقق

- ‌(مفهوم التحقيق والتوثيق

- ‌شروط المحقق

- ‌الدرس: 16 كيف نحقق نصا أو مخطوطا

- ‌جمع النُسخ، وترتيبها

- ‌تحقيق العنوان، واسم المؤلف، ونسبة الكتاب

- ‌الدرس: 17 تحقيق متن المخطوط

- ‌مقدمات الدخول إلى النص

- ‌الخطأ وكيفية علاجه

- ‌الدرس: 18 الخروم والسقط، والتصحيف والتحريف

- ‌(الخروم والسقط

- ‌التصحيف والتحريف

- ‌أسباب انتشار ظاهرة التصحيف والتحريف

- ‌الدرس: 19 تخريج النصوص وإخراج المخطوط

- ‌(تخريج النصوص

- ‌عملية إخراج المخطوط

- ‌الدرس: 20 صنع الفهارس

- ‌التعريف بالفهارس وأنواعها

- ‌كيفية صناعة الفهارس

- ‌فهرسة المخطوطات

الفصل: ‌الخطأ وكيفية علاجه

الأمر الثاني: قد يكون العيب في النص ذاته، كأن يكون فيه خطأ أو وقع فيه تصحيف أو تحريف أو أصابه خرم أو سقط، أو أي شيء من هذا القبيل، أي صورة من صور الفساد.

‌الخطأ وكيفية علاجه

المحقق المنصف هو الذي يتهم نفسه أولا قبل أن يتهم النص الذي أمامه بالخطأ، فإذا ما وقع المحقق على شيء ورآه من وجهة نظره خطأ، أو صعب عليه أن يفهمه، لا يتسرع في الحكم عليه قبل أن يبحث عن صحة التركيب في كتب اللغة، وقبل أن يتعرف على أنماط التعبير في الأساليب القديمة، فإن الجهل بالأساليب القديمة ينعكس أثره على معالجة النصوص، لا شك في هذا، فليحذر الباحث المحقق من تغيير شيء لا يفهمه، أو الحكم على شيء بالخطأ إلا بعد التثبت بالدليل القاطع. وليس كل نص يراه المحقق صعبا غير مفهوم يعد مغلوطا، فقد يحدث في بعض الأحيان أن يغير النُسَّاخ بعض العبارات الصعبة غير المفهومة بعبارات سهلة مفهومة، وعند المقابلة يظن المحقق أن النسخة ذات العبارات الصعبة مغلوطة، وهذا غير صحيح فإن كثيرا ما يختبئ الصحيح فيما مظهره غير مفهوم، وعلينا إذًا أن نستخرجه ولا نكتفي بتغيير النُسَّاخ، ولا يصح أن ننسب الخطأ في متن المخطوط إلى المؤلف إلا إذا قامت الأدلة على ذلك، كاتفاق النسخ التي لم ينقل بعضها عن بعض على هذا الخطأ، أو اضطرد مثلا وقوع الخطأ نفسه في مواضع مختلفة من الكتاب.

أما إذا وجدنا النسخ غير متفقة في الخطأ كان هناك احتمالان:

ص: 328

إما أن يكون الخطأ ليس من المؤلف، وإما أن يكون من المؤلف وانتبه إليه بعض النُسَّاخ فأصلحه، ولا يمكن نسبة الخطأ إلى المؤلف إلا إذا كانت النسخة الأصلية التي كتبها بيده محفوظة وورد بها ذلك الخطأ، وإذا كان الخطأ نحويا واضحا فاضحا كأن ينصب الخبر مثلا، أو يرفع اسم إن، أو ينصب اسم كان، فينبغي للباحث أن يقوم بتصحيحه، ثم يشير في الحاشية إلى ذلك وينبه عليه بقوله: وفي الأصل كذا وكذا، ويذكر العبارة التي ورد فيها الخطأ. أما إذا كان الخطأ له وجه من الصحة فلا يصححه، وإنما يتركه على حاله ويشير في الحاشية إلى ما يريد أن يقوله من تضعيف لما ذكره المؤلف أو غير ذلك. وهناك أخطاء لا يتردد أحد في الحكم عليها بأنها من قبيل السهو الخالص، ويدخل في ذلك سقوط حرف أو حرفين من الكلمة مثلا كأن يقول المؤلف: ولا أرى لا جها، والمقصود: وجها، أو يقول: إنما الأعمال النيات، ويقصد بالنيات، فعلى المحقق حينئذ أن يضع الزيادة بين قوسين معكوفين، ويحذف ما زيد سهوا، ويشير إلى ذلك كله في الحاشية.

في بعض الأحيان ينقل مؤلف المخطوط عبارة عن غيره يستدل بها أو يناقشها، ثم ينص على اسم المصدر المنقول منه وصاحبه، وقد تسقط من النص المنقول كلمة أو أكثر عن طريق السهو الواضح، ولا يمكن أن تستقيم العبارة المنقولة إلا بما سقط، عندئذ يثبت المحقق ما سقط، ويضعه بين قوسين معكوفين، ويشير إلى ذلك في الهامش أيضا. وأما الشواهد القرآنية فلما لها من تقدير ديني لابد أن توضع في مكانها، وينبغي للمحقق أن يستشعر الحذر الكامل في تحقيق الآيات القرآنية، وألا يركن إلى أمانة

ص: 329

غيره في ذلك مهما بلغ قدر غيره من العلم والثقة، لابد أن يقدر النص القرآني، وينبغي له أن يتحقق ويضبط النص القرآني، ينظر فيه إلى عدة اعتبارات، ومن ثم لا يكفي أن نرجع إلى المصحف المتداول، بل لابد من الرجوع إلى كتب القراءات، كتب القراءات السبع، ثم العشر، ثم الأربع عشر، ثم كتب القراءات الشاذة، وكتب التفسير يرجع إلى التي تهتم بالقراءات كتفسير القرطبي، وأبي حيان وغيرهما.

وإذا كان الخطأ الوارد في النص القرآني من جهة الرسم أو الضبط، فلا يتسرع المحقق في ضبطه، وعليه أن يتأكد إذا ما كان المؤلف يعرب أو يكتب على حسب قراءة معينة، فعلى المحقق أن يحافظ على ما قاله حينئذ، ربما يكون كتب الآية على حسب قراءات من القراءات المعترف بها والمشهورة، فلابد أن يرجع إلى مثل هذه الكتب للتأكد من هذه الآيات. ويرى بعض العلماء إبقاء النص القرآني المحرف كما هو في صلب المتن التزاما بمبدأ الأمانة العلمية في نقل النص؛ إذ تقتضي الأمانة أن يؤديه كما وقع في المؤلَّف، والمسألة فيها خلاف قديم بسطه ابن كثير في كتابه (اختصار علوم الحديث) حيث قال: "وأما إذا لحن الشيخ فالصواب أن يرويه السامع على الصواب، وهو محكي عن الأوزاعي وابن المبارك والجمهور، وحكي عن محمد بن سيرين، وأبي معمر عبد الله بن سخبرة أنهما قالا: يرويه كما سمعه من الشيخ منحولا.

قال ابن الصلاح: وهذا غلو في مذهب اتباع اللفظ، وعن القاضي عياض أن الذي استمر عليه عمل أكثر الأشياخ أن ينقلوا الرواية كما وصلت إليهم، ولا يغيروها في كتبهم، حتى في أحرف من القرآن الكريم استمرت الرواية فيها على خلاف التلاوة، ومن غير أن يجيء ذلك في الشواذ كما وقع في الصحيحين

ص: 330

و (الموطأ)، ولكن أهل المعرفة منهم ينبهون على ذلك عند السماع في الحواشي". فالمسألة مردها إلى الأمانة عند الفريقين، والحقيقة أن إبقاء النص القرآني المحرف في الصلب كما هو لا يليق؛ لأن مكانة القرآن الكريم تجل عن أن نجامل فيه مخطئا، أو أن نحفظ فيه حق مؤلف لم يلتزم الدقة مهما كان هذا المؤلِّف، فلابد أن نصلح الخطأ القرآني، وأشر في الحاشية إلى هذا، لكن لا تصلح إلا بعد التأكد من أن المؤلف لم يرد قراءة معينة أو رسما معينا.

وأما نصوص الحديث الشريف، فينبغي للمحقق أن يعرضها على كتب الحديث للتأكد من صحتها، أنت تعلم أن الحديث له أكثر من راو، فقد يكون رواه راو بلفظ ورواه راو آخر بلفظ، ولذلك نحن نحمل مؤلف المخطوط أمانة روايته، وتسجيله بالطريقة التي خط بها، فنبقيها كما هي، إذا تأكدنا أنه كتبها بهذه الصورة، وللمحقق أن يعلق في الحاشية، ويثبت ضعف الرواية أو قوتها.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

ص: 331