الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سنة إحدى عشرة من الهجرة؛ فحج بالناس فى هذه السنة عتاب بن أسيد (1)، وقيل عبد الرحمن بن عوف رضى الله تعالى عنهما.
وحج أبو بكر ـ رضى الله عنه ـ بالناس سنة اثنتى عشرة، واستخلف على المدينة عثمان بن عفان، رضى الله تعالى عنه. وقيل: حج بالناس
عمر بن الخطاب ـ رضى الله عنه
، أو عبد الرحمن بن عوف، رضى الله عنه. والأول أصح (2).
وتوفى أبو بكر ـ رضى الله عنه ـ على رأس سنتين وثلاثة أشهر واثنتى عشر يوما، وقيل غير ذلك.
* * *
عمر بن الخطاب (رضى الله عنه)
ابن نفيل بن عبد العزّى بن رباح بن عبد الله بن قرط بن رزاخ بن عدىّ بن كعب القرشىّ العدوىّ أبو حفص، أمير المؤمنين، رضى الله عنه.
ولى الخلافة بعد أبى بكر الصديق ـ رضى الله عنه ـ بويع له بها باستخلافه له فى جمادى الآخرة سنة ثلاث عشرة، واختلف فى اليوم، كما اختلف فى يوم وفاة أبى بكر، رضى الله عنه، وقتل مطعونا بيد أبى لؤلؤة ـ غلام المغيرة بن شعبة (3) ـ لثلاث بقين من ذى الحجة سنة ثلاث وعشرين، فكانت خلافته عشر سنين ونصف، حج فى جميعها إلا السنة الأولى فقط (4)، فإنه حج بالناس فيها عتّاب بن أسيد؛ وقيل: بل حج عمر بالناس سنيه كلها.
وفى سنة سبع عشرة اعتمر عمر ـ رضى الله عنه ـ وبنى المسجد الحرام ووسّع
(1) انظر: (الإصابة ترجمة 5393، تاريخ الإسلام 1/ 380، خلاصة الكلام 3، شذرات الذهب 1/ 26، اللباب 2/ 118، الأسامى والكنى ـ خ ـ للحاكم الكبير، الأعلام 4/ 199، 200).
(2)
قال ابن كثير: وفيها، أى:(سنة اثنتا عشرة) حج بالناس أبو بكر الصديق رضى الله عنه، واستخلف على المدينة عثمان بن عفان. رواه ابن إسحاق، عن العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب مولى الحرة، عن رجل من بنى سهم، قال: حج بنا أبو بكر فى خلافته سنة ثنتى عشرة، قال ابن إسحاق: وقال بعض الناس: لم يحج أبو بكر فى خلافته، وأنه بعث على الموسم سنة ثنتى عشرة عمر بن الخطاب، أو عبد الرحمن بن عوف. انظر: البداية والنهاية 5/ 357، الطبرى 4/ 27.
(3)
انظر: الإصابة ترجمة 8181، أسد الغابة 4/ 406، الطبرى 6/ 131، ذيل المذيل 15، ابن الأثير 3/ 182، رغبة الآمل 4/ 202، والمحبر 184، الأعلام 7/ 277.
(4)
فى الطبرى: إن عمر استعمل على الحج عبد الرحمن بن عوف فى السنة الأولى من خلافته. انظر: تاريخ الطبرى 4/ 82.
فيه (1)، وأقام بمكة عشرين ليلة، وهدم على قوم أبوا أن يبيعوا دورهم، وعوّضهم أثمانها من بيت المال، وجدّد أنصاب الحرم على يد مخرمة بن نوفل فى آخرين؛ واستأذنه أهل المياه فى أن يبنوا منازل بين مكة والمدينة، فأذن لهم، وشرط عليهم أن ابن السبيل أحقّ بالظل والماء (2).
ثم خرج من المدينة عام الرمادة (3) حاجا أو معتمرا، فأتى الجار ليرى السفن التى قدمت من مصر فى الخليج الذى احتفره عمرو بن العاص ـ كما ذكرت خبره فى كتاب «المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار (4)» ـ وقال للناس:«سيروا بنا ننظر إلى السفن التى سيرّها الله تعالى إلينا من أرض فرعون» ؛ وأكل فى سفره هذا ـ وهو محرم لحم ظبى أصابه قوم حلال، فلما نزل على البحر قال:«اغتسلوا من ماء البحر، فإنه مبارك» .
ثم صك للناس بذلك الطعام صكوكا، فتبايع التجار الصكوك بينهم قبل أن يقبضوها، فلقى عمر العلاء بن الأسود، فقال:«كم ربح حكيم بن حزام؟ (5)» فقال: «ابتاع من صكوك الجار بمائة ألف درهم، وربح عليها مائة ألف» ، فلقيه عمر، فقال:«يا حكيم: كم ربحت؟ » ، فأخبره بمثل خبر العلاء، قال:«فبعته قبل أن تقبضه؟ » ، قال:«نعم» ، قال:«فإن هذا بيع لا يصلح، فاردده» ، قال:«ما علمت أن هذا لا يصلح، وما أقدر على ردّه» ، قال عمر:«ما بدّ» ، قال:«والله ما اقدر على ذلك، وقد تفرّق وذهب، ولكن رأس مالى وربحى صدقة» (6).
واتفق فى آخر حجّة حجّها عمر ـ رضى الله عنه ـ أنه لما رمى الجمرة أتاه حجر فوقع على صلعته، فأدماه، وثمّ رجل من بنى لهب، فقال:«أشعر أمير المؤمنين لا يحج بعدها» ، ثم جاء إلى الجمرة الثانية، فصاح رجل:«يا خليفة رسول الله» ، فقال:«لا يحج أمير المؤمنين بعد عامه هذا» ، فقتل عمر ـ رضى الله عنه ـ بعد رجوعه من الحج.
(1) انظر: (أخبار مكة للأزرقى 2/ 25 ـ 27).
(2)
انظر: (الطبرى 4/ 206).
(3)
انظر: (الطبرى 4/ 222 وما بعدها).
(4)
انظر: (المواعظ والاعتبار 3/ 299 ـ 232).
(5)
انظر: (تهذيب التهذيب 2/ 447 الإصابة 2/ 349، كشف النقاب ـ خ، الجمع 105، صفة الصفوة 1/ 304، ذيل المذيل 16، شذرات الذهب 1/ 60، الأعلام 2/ 269).
(6)
انظر: (فتوح مصر لابن عبد الحكم 162 ـ 164، المواعظ والاعتبار 3/ 299 ـ 232).
لهب مكسورة اللام: قبيلة من قبائل الأزد تعرف بها العيافة والزجر.
عن عائشة ـ رضى الله عنها ـ أنّ عمر أذن لأزواج النبى صلى الله عليه وسلم أن يحججن فى آخر حجّة حجها، قالت:«فلما ارتحل من الحصبة أقبل رجل متلثم، فقال، وأنا أسمع: «أين كان منزل أمير المؤمنين؟ » ، فقال قائل وأنا أسمع:«هذا كان منزله» ، فأناخ فى منزل عمر، ثم رفع عقيرته يتغنى:
عليك سلام من أمير وباركت
…
يد الله فى ذاك الأديم الممزّق
فمن يجر أو يركب جناحى نعامة
…
ليدرك ما قدّمت بالأمس يسبق
قضيت أمورا ثمّ غادرت بعدها
…
بوائق فى أكمامها لم تفتّق
قالت عائشة: فقلت لبعض أهلى: «اعلموا لى من هذا الرجل» فذهبوا فلم يجدوا فى مناخه أحدا؛ قالت عائشة: «فو الله إنى لأحسبه من الجن» .
فلما قتل عمر ـ رضى الله عنه ـ نحل الناس هذه الأبيات للشماخ بن ضرار (1)، أو لأخيه مزرد (2). هكذا روى هذا الخبر الحافظ أبو عمر يوسف بن عبد الله بن عبد البرّ النمرى، وذكر محمد بن عمر الواقدى (3) فى «كتاب الفتوح» هذه الأبيات بزيادة فى عدتها.
وقال أبو عثمان النهدى: «رأيت عمر يرمى الجمرة وعليه إزار مرقوع بقطعة جراب» ؛ وقال علىّ بن أبى طالب: «رأيت عمر يطوف بالكعبة وعليه إزار فيه إحدى وعشرون رقعة فيها من أدم» . (4)
وعن سعيد بن المسيّب (5) قال: «حجّ عمر، فلما كان بضجنان قال: «لا إله إلا الله العظيم المعطى من شاء ما شاء، كنت أرعى إبل الخطاب بهذا الوادى فى مدرعة
(1) انظر: (الإصابة الترجمة 3913، الأغانى 8/ 97، خزانة الأدب 1/ 526، المحبر 381، الجمحى 32، 103، 110، الكامل 2/ 82، رغبة الآمل 2/ 94، 162، التبريزى 3، 65، 4/ 133، الأعلام 3/ 175).
(2)
انظر: (الآمدى 190، المزربانى 426، رغبة الآمل 8/ 225، الجمحى 111، الإصابة 7921، خزانة البغدادى 2/ 117، أسد الغابة 4/ 351، الشعر والشعراء 274، الأعلام 7/ 212).
(3)
محمد بن عمر بن واقد الأسلمى، الواقدى، المدنى القاضى، نزيل بغداد، متروك مع سعة علمه، من التاسعة، مات سنة سبع ومائتين، وله ثمانى وستون. انظر: تقريب التهذيب 2/ 117.
(4)
انظر: (الكامل 3/ 29).
(5)
انظر: (طبقات ابن سعد 5/ 88، الوفيات 1/ 206، صفة الصفوة 2/ 44، حلية الأولياء 2/ 161، الأعلام 3/ 102).