الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ألا ليت شعرى هل أبيتن ليلة
…
بواد وحولى إذ خر وجليل
وهل أردن يوما مياه مجنة
…
وهل يبدون لى شامة وطفيل
وشامة وطفيل: جبلان مشرفان على مجنة.
وذو المجاز: سوق لهذيل عن يمين الموقف من عرفة، قريب من كبكب على فرسخ من عرفة. انتهى.
وقد خولف الأزرقى فيما ذكره فى مجنة وشامة، وطفيل من أوجه.
منها: أن فى كتاب الفاكهى عن ابن إسحاق: وكانت مجنة بمر الظهران إلى جبل يقال له: الأصغر. ومر الظهران: لا يقال له: أسفل مكة. انتهى.
ومنها: أن القاضى عياض رحمه الله قال فى المشارق: طفيل وشامة، جبلان على نحو من ثلاثين ميلا. انتهى.
وكلام الأزرقى يقتضى: أن مجنة على بريد من مكة، فيكون الجبلان كذلك من مكة على مقتضى قوله. وذلك يخالف ما قاله القاضى. والعيان يشهد لما قاله القاضى. والله أعلم.
ومنها: أن الخطابى قال فى شامة وطفيل: كنت أحسبهما جبلين حتى أثبت لى أنهما عينان. انتهى.
وكلام الأزرقى: يقتضى أنهما جبلان.
ومنها: أن الأزرقى قال: شامة ـ بالميم ـ وقيل فيها شابة ـ بالباء ـ ذكره ابن الأثير، ورجحه الرضى الصنعانى اللغوى.
ومجنة ـ بفتح الميم وكسرها، والفتح أكثر ـ على ما ذكر المحب الطبرى. وألفيت فى القرى ما صورته: ومجنة: موضع بأعلى مكة ـ إلى آخر كلامه ـ وقوله: بأعلى مكة: مشكل لمخالفته ما ذكره الناس. والله تعالى أعلم.
* * *
وأما ما قيل من الشعر فى التشوق إلى مكة الشريفة
وذكر معالمها المنيفة، فكثير جدا، وقد ذكرنا منه طرفا فى أصله. ونشير هنا لشيء من ذلك.
فمنه ما أنشدناه المسندان: محمد بن محمد بن داود الصالحى فى كتابه، وأم الحسن
بنت المفتى أبى العباس أحمد بن قاسم مشافهة: أن الإمام فخر الدين عثمان بن محمد ابن عثمان الأفريقى. أنشدهما إذنا، قال: أنشدنا أبو بكر بن محمد بن عبد الله بن رشيد البغدادى من قصيدة طويلة لنفسه، قال فيها:
على عرفات قد وقفنا بموقف
…
به الذنب مغفور وفيه محوناه
ومنها:
فظل حجيج الله لليل واقفا فقي
…
ـل انفروا فالكل منكم قبلناه
أفيضوا وأنتم حامدون إلهكم
…
إلى مشعر جاء الكتاب بذكراه
وسيروا إليه واذكروا الله عنده
…
فسرنا ومن بعد العشا نزلناه
وفيه جمعنا مغربا بعشائنا
…
ترى عابد جمع بجمع جمعناه
وبتنا به منه التقطنا جمارنا
…
وربا ذكرناه على ما هداناه
ومنه أفضنا حيث ما الناس قبلنا
…
أفاضوا وغفران الإله طلبناه
ونحو منى ملنا بها كان عيدنا
…
ونلنا بها ما القلب كان تمناه
فمن منكم بالله عيد عيدنا
…
فعيد منى رب البرية أعلاه
وفيها رمينا للعقاب جمارنا
…
ولا جرم إلا مع جمار رميناه
ومنها:
وبالخيف أعطانا الإله أماننا
…
وأذهب عنا كل ما نحن خفناه
وردت إلى البيت الحرام وفودنا
…
رجعنا لها كالطير حنّ لمأواه
وطفنا طوافا للإفاضة حوله
…
ولذنا به بعد الجمار وزرناه
ومن بعد ما زرنا دخلناه دخلة
…
كأنا دخلنا الخلد حين دخلناه
ونلنا أمان الله عند دخوله
…
كذا أخبر القرآن فيما قرأناه
ومنها:
وبالحجر الميمون لذنا فإنه
…
لرب السما فى الأرض للخلق يمناه
نقبله من حبنا لإلهنا
…
فكم لثمة حال الطواف لثمناه
على لثمة للشعث والغبر رحمة
…
فكم أشعث كم أغبر قد رحمناه
وذاك لنا يوم القيامة شاهد
…
وفيه لنا عهد قديم عهدناه
ونستلم الركن اليمانى طاعة
…
ونستغفر المولى إذا ما لمسناه
وملتزم فيه التزمنا لذنبنا
…
عهودا وعفو الله فيه لزمناه
وكم موقف فيه يجاب لنا الدعا
…
دعونا به والقصد فيه نويناه
وصلى بأركان المقام حجيجنا
…
وفى زمزم ماء طهور وردناه
وفيه الشفا فيه بلوغ مرادنا
…
لما نحن ننويه إذا ما شربناه
وبين الصفا والمروة الحاج قد سعى
…
فإن تمام الحج تكميل مسعاه
وأنشدنى محمد وفاطمة المذكوران أولا إذنا، قالا: أنشدنا الإمام فخر الدين المالكى إجازة، قال: أنشدنا الإمام أبو اليمن بن عساكر الدمشقى، نزيل مكة لنفسه بقراءتى عليه بمسجد الخيف من منى:
يا حيرتى بين الحجون إلى الصفا
…
شوقى إليكم مجمل ومفضل
أهوى دياركم ولى بربوعها
…
وجد يثبطنى وعهد أول
ويزيدنى فيها العدول صبابة
…
فيظل يغرينى إذا ما يعدل
ويقول لى لو قد تبدلت الهوى
…
فأقول قد عز العزاة تبدل
بالله قل لى كيف يحسن سلوتى
…
عنها وحسن تصبرى هل يحمل
هل فى البلاد محلة معروفة
…
مثل المعرف أو محل تحلل
أم فى الزمان كليلة النفر التى
…
فيها من الله العوارف تجزل
أم مثل أيام تقضت فى منى
…
عمر الزمان بها أغر محجل
فى جنب مجتمع الرفاق ومنزع
…
الأشواق حياها السحاب المسبل
وأنشدنى الإمام الأديب بدر الدين أحمد بن محمد بن الصاحب المصرى الأثارى إذنا لنفسه:
بمكة قد طابت مجاورتى فيا
…
إلهى فاجعلها مدى العمر سرمدا
فأنت الذى أحللتنى ساحة الهوى
…
وعودت قلبى عادة فتعودا
والأشعار فى التشوق إلى هذه المشاعر الشريفة كثيرة. ونسأل الله أن يجعل أعيننا بدوام مشاهدتها قريرة.
وقد انتهى العرض الذى أردنا جمعه فى هذا الكتاب. ونسأل الله أن يجزل لنا فيه الثواب، بمحمد سيد المرسلين، وآله وصحبه الأكرمين.
* * *