الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباب الحادى والثلاثون
فى ذكر شيء من خبر خزاعة ولاة مكة فى الجاهلية ونسبهم، ومدة ولايتهم لمكة، أول ملوكهم بها، وغير ذلك من خبرهم، وشيء من خبر عمرو بن عامر ماء السماء الذى تنسب إليه خزاعة على ما قيل، وشيء من خبر بنيه وغير ذلك
(1).
أما نسب خزاعة: فمنهم من ولد قمعة بن إلياس بن نضر بن نزار بن معد بن عدنان. هكذا قال جماعة من أهل العلم بالنسب، منهم: ابن حزم، واحتج لذلك بأحاديث تقوم بها الحجة، وقيل: إنهم من ولد الصلت بن النضير بن كنانة.
ذكر هذا القول ابن قتيبة وقيل: إنهم من قحطان، وخزاعة تقول ذلك.
لأن ابن هشام قال: وتقول خزاعة: نحن بنو عمرو بن عامر بن حارثة بن امرئ القيس بن ثعلبة بن مازن بن الأسد بن الغوث. وخندف أمناء فيما حدثنى أبو عبيدة وغيره من أهل العلم، فقال: خزاعة بنو حارثة بن عمرو بن عامر.
وأنما سميت خزاعة لأنهم يخزعون من ولد عمرو بن عامر حين أقبلوا من اليمن يريدون الشام، فنزلوا بمر الظهران، فأقاموا بها. انتهى.
إذا كانت خزاعة من مضر فلا تظهر تسميتها بخزاعة معنى.
وإذا كانوا من قحطان، فذلك لانخزاعهم عن قومهم بمكة، والانخزاع: هو المفارقة.
ومن ذلك يقول القائل:
فلما هبطنا بطن مر تخزعت
…
خزاعة منا فى حلول كراكر
وأما ولاية خزاعة بمكة: فسبق فى باب أخبار خبرهم، وهو الباب الخامس والعشرون: أن بنى بكر بن عبد مناة وغبشان: من خزاعة، قاتلوا جرهما وأخرجوهم من مكة، وهذا يقتضى: أنهم وليوا البيت ومكة.
وسبق فى الباب الثامن والعشرون: أن سبب ولايتهم للبيت إعلامهم مضر بموضع الحجر الأسود لما دفنته بنو إياد.
وفى الخبر الذى فيه ذلك: ووليت خزاعة عند ذلك البيت، ولم يبرح فى أيديهم حتى
(1) انظر: (شفاء الغرام 2/ 48 ـ 59).
قدم قصى، فكان من أمره ما كان. وهذا يخالف ما سبق فى سبب ولايتهم. والله أعلم.
وذكر ابن إسحاق ما يقتضى أن غبشان من خزاعة انفردت بولاية البيت دون بكر ابن عبد مناة.
ولم تزل خزاعة تلى البيت كابرا عن كابر حتى كان آخرهم خليل بن حبشية.
وأما مدة ولاية خزاعة بمكة: فروينا عن ابن إسحاق وابن سريج قالا: قامت خزاعة على ما كانت عليه من ولاية البيت والحكم بمكة ثلاثمائة سنة.
وروينا عن أبى صالح قال: وكان عمرو بن لحى يلى البيت، وولده من بعده خمسمائة سنة حتى كان آخرهم خليل بن حبشية بن سلول، وكانوا هم حجابه وخزانه والقوام به، وولاة الحكم بمكة. انتهى باختصار.
وعمرو بن لحى المذكور فى هذا الخبر: هو عمرو بن لحى، واسمه ربيعة بن حارثة بن عمرو بن عامر. كذا فى الخبر الذى فيه ذلك.
وأما أول من ولى البيت ومكة: ففى بعض الأخبار أنه عمرو بن لحى المذكور.
وفى بعضها: أنه أبو ربيعة، وفى بعضها: أنه عمرو بن الحارث الغبشانى. والله أعلم.
وأما آخر من ولى ذلك من خزاعة: فخليل بن حبشية، كما سبق.
وذكر الزبير: أن خليلا جعل إلى أبى غبيشان فتح البيت وإغلاقه، وأن قصيا اشترى ولاية البيت من أبى غبشان بزق خمر أو قعود، وقيل: بكبش وزق خمر. فقال الناس: أخسر من صفقة أبى غبشان، فصارت مثلا.
وأما خبر عمرو بن عامر، الذى تنسب إليه خزاعة على ما قيل. وخبر بنيه.
فمنه أنه كان يقال له: مزيقيا؛ لأنه كان يلبس فى كل يوم حلتين، ثم يمزقهما لئلا يلبسهما غيره. وكان ملك مأرب وهى بلاد سبأ المذكورة فى القرآن العظيم، ثم تحول منها بعد أن باع أمواله بها لما أخبرته به طريفة الكاهنة من خرابها بسيل العرم.
وكان تحوله عنها بولده وولد ولده، وساروا حتى نزلوا بلاد عك، وكان بينهم وبين عك حروب، ثم رحلوا عنها، فتفرقوا فى البلاد على ما ذكر ابن هشام.
وفى بعض الأخبار ما يقتضى: أن تفرقهم كان بمكة لما أصابهم من الحماء. والله أعلم. وخبر عمرو بن عامر وبنيه وخبر خزاعة أكثر من هذا.
* * *