الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباب الثالث
فى ذكر
حرم مكة
(1)
وسبب تحريمه
، وتحديده، وعلاماته، وحدوده، وما يتعلق بذلك من ضبط ألفاظ فى حدوده، ومعانى بعض أسمائها.
حرم مكة: ما أحاط بها، وأطاف بها من جوانبها، جعل الله تعالى حكمه حكمها فى الحرمة؛ تشريفا لها. أشار إلى ذلك الماوردى، وابن خليل، والنووى.
وسبب تحريمه ـ على ما قيل ـ: أن آدم عليه السلام خاف على نفسه حين أهبط إلى الأرض، فبعث الله تعالى ملائكة لحراسته، فوقفت فى مواضع أنصاب الحرم من كل جانب. فصار ما بين آدم وموقف الملائكة حرما، وغير ذلك فى سبب تحريمه.
وللحرم
علامات بينة، وهى أنصاب مبنية من جميع جوانبه، إلا من جهة الجعرانة، وجدة، فلا بناء فيهما.
والخليل عليه السلام أول من نصبها، بدلالة جبريل عليه السلام، ثم قصى بن كلاب، ثم نصبتها قريش، بعد أن نزعتها قبل هجرة النبى صلى الله عليه وسلم.
وأمر عليه الصلاة والسلام بنصبها عام الفتح، ثم عمر، ثم عثمان، ثم معاوية، رضى الله عنهم، ثم عبد الملك بن مروان. هذا ما ذكره الأزرقى فيمن نصبها.
وقيل: إن إسماعيل نصبها.
وقيل: إن عدنان بن أدد أو من نصبها، ونصبها المهدى العباسى.
وفى خلافة الراضى العباسى: عمر العلمان الكبيران، اللذان فى جهة التّنعيم بالأرض لا بالجبل، وذلك: فى سنة خمس وعشرين وثلاثمائة.
وفى سنة ست عشرة وستمائة: عمر العلمان ـ اللذان هما حد الحرم من جهة عرفة، من قبل المظفر ـ صاحب إربل.
وعمرا فى سنة ثلاث وثمانين وستمائة من قبل المظفر صاحب اليمن.
(1) انظر: (شفاء الغرام 1/ 54).
وجميع حدود الحرم مختلف فيها؛ لأن فى حده من جهة الطائف على طريق عرفة من بطن «نمرة» أربعة أقوال: نحو ثمانية عشر ميلا، على ما ذكر أبو الوليد الباجى المالكىرحمه الله تعالى.
وأحد عشر ميلا على ما ذكره الأزرقى، والفاكهى، وابن خرداذبة الخراسانى فى كتابه «المسالك والممالك» .
وتسعة أميال ـ بتقديم التاء ـ ذكره ابن أبى زيد فى النوادر.
وسبعة ـ بتقديم السين ـ ذكره الماوردى، والشيخ أبو إسحاق الشيرازى، والنووى.
وفيما قالوا: نظر قوى. يقتضى بعد استقامة قولهم، كما سيأتى بيانه إن شاء الله تعالى.
وذكر النووى: أن الأزرقى تفرد بما قاله فى ذلك.
ولم يتفرد به؛ لموافقة الفاكهى، وابن خرداذبة له عليه. ولا أعلم له فى ذلك مخالفا قبل من ذكرنا. والله أعلم.
وفى حده من جهة العراق: أربعة أقوال: سبعة أميال ـ بتقديم السين ـ وثمانية، وعشرة، وستة.
وفى حده من جهة الجعرانة (1): قولان: تسعة ـ بتقديم التاء ـ وبريد.
وفى حده من جهة التنعيم (2) أربعة أقوال: ثلاثة، ونحو أربعة، وأربعة، وخمسة.
وفى حده من جهة جدة قولان: عشرة، ونحو ثمانية عشر، على ما ذكره الباجى.
(1) الجعرانة: بكسر أوله إجماعا ثم إن أصحاب الحديث يكسرون عينه ويشدّدون راءه، وأهل الإتقان والأدب يخطئونهم ويسكّنون العين ويخّففون الراء، وقد حكى عن الشافعى أنه قال: المحدّثون يخطئون فى تشديد الجعرانة وتخفيف الحديبية
وقال أبو العباس القاضى: أفضل العمرة لأهل مكة ومن جاورها من الجعرانة لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم اعتمر منها، وهى من مكة على بريد من طريق العراق، فإن أخطأ ذلك فمن التنعيم. انظر: معجم البلدان «الجعرانة» .
(2)
التنعيم: بالفتح ثم السكون، وكسر العين المهملة، وياء ساكنة، وميم: موضع بمكة فى الحل، وهو بين مكة وسرف، على فرسخين من مكة وقيل على أربعة، وسمى بذلك لأن جبلا عن يمينه يقال له نعيم وآخر عن شماله يقال له ناعم، والوادى نعمان. وبالتنعيم مساجد حول مسجد عائشة وسقايا على طريق المدينة، منه يحرم المكيون بالعمرة.
وفى حده من جهة اليمن قولان: سبعة ـ بتقديم السين ـ وستة، على ما وجدت بخط المحب الطبرى فى كتابه «القرى» رأيته فى غير نسخة منه.
ووقع لبعض الحنفية فى حدود الحرم ما يستغرب جدّا وذلك مذكور فى أصله.
وقد اعتبرت: مقدار الحرم من جهاته المعروفة بحبل مقدر على ذراع اليد. وهو المعتبر فى مسافة القصر، على ما ذكره المحب الطبرى، فنذكر ذلك.
وهو: أن من جدر باب المسجد الحرام ـ المعروف بباب بنى شيبة ـ إلى العلمين اللذين هما علامة حد الحرم فى جهة عرفة: سبعة ـ بتقديم السين ـ وثلاثين ألف ذراع ومائتى ذراع وعشرة أذرع وسبعى ذراع باليد. ومن عتبة باب المعلاة إلى العلمين المشار إليهما خمسة وثلاثون ألف ذراع وثلاثة وثمانون ذراعا وثلاثة أسباع ذراع بذراع اليد. وأما حد الحرم من جهة العراق: فإن من جدر باب بنى شيبة إلى العلمين اللذين بجادة طريق وادى نخلة: سبعة وعشرون ألف ذراع ومائة ذراع واثنين وخمسين ذراعا باليد.
ومن عتبة باب المعلاة إلى العلمين المشار إليهما: خمسة وعشرون ألف ذراع وخمسة وعشرون ذراعا باليد.
وأما حد الحرم من جهة التنعيم: فإن من جدر باب المسجد الحرام ـ المعروف بباب العمرة ـ إلى أعلام الحرم فى هذه الجهة التى بالأرض، لا التى بالجبل: اثنى عشر ألف ذراع وأربعمائة ذراع وعشرين ذراعا باليد.
ومن عتبة باب الشبيكة إلى الأعلام المشار إليها: عشرة آلاف ذراع وثمانمائة ذراع واثنا عشر ذراعا.
وأما حد الحرم من جهة اليمن: فإنه من جدر باب المسجد الحرام ـ المعروف بباب إبراهيم ـ إلى علامة حد الحرم فى جهة اليمن: أربعة وعشرين ألف ذراع وخمسمائة ذراع وتسعة أذرع ـ بتقديم التاء ـ وأربعة أسباع ذراع.
ومن عتبة باب الماجن إلى حد الحرم فى هذه الجهة: اثنان وعشرون ألف ذراع وثمانمائة ذراع وستة وسبعون ذراعا ـ بتقديم السين ـ وأربعة أسباع ذراع.
وقال ابن خرداذبة: طول الحرم حول مكة ـ كما يدور ـ سبعة وثلاثون ميلا. وهى التى تدور بأنصاب الحرم. انتهى.
وهى فائدة حسنة، إن صحت. والله تعالى أعلم.
و «نفار» المذكورة فى حد الحرم من جهة التنعيم: بنون وفاء وألف وراء مهملة.
ووقع فى حد الحرم من جهة العراق «خل» بخاء معجمة.
وقال النووى: فيه «جل» بجيم. ولعله تصحيف.
ووقع فى حد الحرم «لبر» وهى بكسر اللام وإسكان الباء الموحدة وضبطها ابن خليل بفتح اللام والباء.
* * *