الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الملك المنصور نور الدين عمر بن على بن رسول الكردى
ملك اليمن بعد موت الملك المسعود، وبعث إلى الملك الكامل هدية جليلة، وقال:«أنا نائب السلطان على البلاد» ، فأقرّه عليها.
وعمر هذا أول من ملك اليمن من بنى رسول، وبويع له بها سنة تسع وعشرين، وخطب له بمكة فيها أيضا، ودامت مملكته إلى أن قتل فى سنة سبع وأربعين وستمائة. وملك بعده ابنه الملك المظفر شمس الدين يوسف.
وحجّ نور الدين هذا فى سنة إحدى وثلاثين وستمائة على النجب.
وبعث فى سنة ثنتى وثلاثين إلى الكعبة قناديل من ذهب وفضة، وحجّ أيضا فى سنة تسع وثلاثين، وأبطل المكوس والجبايات من مكة، وكتب ذلك تجاه الحجر الأسود، فاستمر ذلك حتى أزاله ابن المسيب لما تولى مكة سنة ست وأربعين وستمائة، وأعاد المكوس والجبايات، وصام شهر رمضان بمكة.
واتفق فى سنة ثلاث وأربعين وستمائة، وقيل أربع وأربعين وستمائة، أن هاجت ريح شديدة مزّقت كسوة الكعبة وألقتها، وبقيت الكعبة عارية، فأراد عمر بن رسول أن يكسوها، فامتنع من ذلك شيخ الحرم عفيف الدين منصور بن منعة البغدادى، وقال:«لا يكون ذلك إلا من الديوان» ـ يعنى الخليفة ـ وكساها ثيابا من قطن مصبوغة بالسواد، وركب عليها الطرز القديمة. والله سبحانه وتعالى أعلم.
* * *
الملك الناصر أبو شادى داود
ابن الملك المعظم أبى الفتح عيسى بن الملك العادل سيف الدين أبى بكر محمد بن نجم الدين أبى الشكر أيوب بن شادى بن مروان الكردى الأيوبى.
ولد فى تاسع عشر جمادى الآخرة سنة ثلاث وستمائة، وحفظ القرآن وعمره تسع سنين، وقال الشعر وهو ابن عشر سنين، وبرع فى كل فن من علوم الأدب والحكمة وغير ذلك.
وولى سلطنة دمشق بعد موت أبيه ـ وهو فى الحادية عشرة من عمره ـ أول ذى الحجة سنة أربع وعشرين وستمائة، وأقبل على اللهو، فطلب منه عمه السلطان الملك الكامل قلعة الشّوبك، فامتنع، فتنكر عليه، وعزم على المسير إليه ونزعه من سلطنته.
وأخذ الناصر فى ظلم الرعية وأخذ أموالهم، والانهماك فى اللعب، واستدعى عمه الملك الأشرف شاه أرمن موسى، فقدم عليه من الشرق وحكّمه فى المملكة، فآل الأمر أن حاصر الملك الكامل دمشق حتى أخذ الناصر، وعوضه عن دمشق بالكرك والشوبك والصلت والبلقاء والأغوار جميعها، ونابلس وأعمال القدس وبيت جبريل، وكانت هذه الأعمال يومئذ عامرة جليلة القدر، ثم نزل الناصر عن الشوبك لعمه الكامل، وتسلم الكامل دمشق أول شعبان سنة ست وعشرين.
فأقام الناصر بالكرك، وكانت له قصص وأنباء، ذكرتها فى «التاريخ الكبير المقفى» ، آلت به أن تشتت فى البلاد، وموته فى إحدى قرى دمشق يوم السادس والعشرين من جمادى الأولى سنة ست وخمسين وستمائة، فدفن بصالحية دمشق.
وحجّ فى سنة ثلاث وخمسين وستمائة، وسبب حجه أنه لما تنكّر له الملك الصالح نجم الدين أيوب بن الكامل (1)، بعث إليه الأمير فخر الدين يوسف بن شيخ الشيوخ صدر الدين بن حمويه على العساكر، فهزمه وأوقع الحوطة على بلاده، ونازل الكرك حتى طلب منه الأمان فرحل عنه وقد ضاقت الأمور بالناصر، فخرج إلى حلب ومعه جواهر جليلة قيمتها ما ينيف على مائة ألف دينار، فبعثها إلى الخليفة المستعصم بالله ببغداد، لتكون عنده وديعة، فقبضت من رسوله، وكتب الخط الشريف بقبضها، فشقّ ذلك على أولاده، وخرجوا عن طاعته، ولحق بعضهم بالملك الصالح نجم الدين أيوب بمصر، وسلمه الكرك.
فجرت أمور آلت بالناصر إلى مسيره إلى بغداد لطلب وديعته، فمنعه الخليفة من الدخول إليها، ومطله بالجوهر، لما أيس من ذلك سار إلى مكة من طريق العراق، وحجّ، فلما قدم المدينة النبوية تعلق بأستار الحجرة بحضرة الناس، وقال: «اشهدوا أن هذا مقامى من رسول الله صلى الله عليه وسلم داخلا عليه، مستشفعا به إلى ابن عمه المستعصم فى أن يرد علىّ وديعتى، فأعظم الناس ذلك، وجرت عبراتهم، وارتفع ضجيجهم بالبكاء، وكتب بصورة ما جرى مكتوب فى يوم السبت ثامن عشر من ذى الحجة، وتسلمه أمير حاج العراق، ومضى الناصر معه إلى بغداد، فعوّض عن الجوهر بشيء تافه، وعاد إلى الشام مقهورا.
* * *
(1) انظر: (خطط المقريزى 2/ 236، ابن إياس 1/ 96، السلوك 1/ 296. 342، تاريخ الإسحاقى 189).