الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباب الخامس
فى الأحاديث الدالة على أن مكة المشرفة أفضل من غيرها من البلاد، وأن الصلاة فيها أفضل من غيرها، وغير ذلك من فضلها
(1).
أما الأخبار الواردة فى تفضيل مكة: فإن منها ما روينا عن عبد الله بن عدى بن الحمراء رضى الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على راحلته بالحزورة بمكة ـ يقول لمكة: «والله إنك لخير أرض الله، وأحب أرض الله إلى الله، ولولا أنى أخرجت منك ما خرجت» . أخرجه الترمذى، وصححه (2). وأخرجه ابن حبان فى صحيحه.
وروينا نحوه من حديث أبى هريرة، وابن عباس، وعبد الله بن عمرو ابن العاص رضى الله عنهم.
فأما حديث أبى هريرة: ففى سنن النسائى، وأنكر صحته مولانا شيخ الإسلام قاضى القضاة شهاب الدين أبو الفضل أحمد بن حجر، وبرهن على ذلك. وذكرنا برهانه فى الأصل.
وحديث ابن عباس رضى الله عنهما: فى الترمذى، وقال: حسن صحيح غريب.
وحديث عبد الله بن عمرو رضى الله عنهما: فى كتاب الفاكهى بإسناد فيه من لم أعرفه. و «الحزورة» مخففة على وزن قسورة.
وأما الأحاديث الواردة فى تفضيل الصلاة فى المسجد الحرام على غيره من المساجد:
(1) انظر: (شفاء الغرام 1/ 74 ـ 79).
(2)
أخرجه الترمذى فى السنن حديث (3925) من طريق قتيبة، حدثنا الليث، عن عقيل، عن الزهرى، عن أبى سلمة، عن عبد الله بن عدى بن حمراء الزهرى، قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم واقفا على الحزورة فقال: «والله إنك لخير أرض الله وأحب أرض الله إلى الله، ولولا أنى أخرجت منك ما خرجت» . قال أبو عيسى: هذا حديث حسن غريب صحيح، وقد رواه يونس عن الزهرى نحوه. ورواه محمد بن عمرو عن أبى سلمة عن أبى هريرة عن النبى صلى الله عليه وسلم، وحديث الزهرى عن أبى سلمة عن عبد الله بن عدى بن حمراء عندى أصح.
وأخرجه ابن ماجة فى سننه، المناسك 3108، والدارمى فى سننه، السير 2510، وأحمد فى المسند، مسند الكوفيين حديث رقم 18240.
فعدة أحاديث، ومن أصحها: حديثان: حديث جابر بن عبد الله الأنصارى، وحديث عبد الله بن الزبير رضى الله عنهم.
وحديث جابر فى ابن ماجة بإسناد صحيح (1). وفى مسند أحمد (2).
وحديث ابن الزبير فى مسند الطيالسى، وفيه:«أن الصلاة فى المسجد الحرام تفضل على الصلاة فى غيره بمائة ألف» وفى بعض طرقه: «تفضل بمائة صلاة» وفى بعضها «بألف صلاة» .
وحديث جابر: كحديث ابن الزبير الذى فى الطيالسى.
وحديث ابن الزبير: فى صحيح ابن حبان. وصححه ابن عبد البر. وقال: إنه الحجة عند التنازع.
وقد حسب النقاش المفسر فضل الصلاة فى المسجد الحرام: عمر خمس وخمسين سنة وستة أشهر وعشرين ليلة، وصلاة يوم وليلة ـ وهى خمس صلوات فى المسجد الحرام ـ عمر مائتى سنة وسبع وسبعين سنة وتسعة أشهر وعشر ليال. انتهى.
وهذا الفضل يعم الفرض والنفل بمكة، كما هو مذهب الشافعى.
ويختص بالفرض على مشهور المذهب.
ولا يسقط هذا التضاعف شيئا من الفوائت، كما يتخيله كثير من الجهال، نبه على ذلك النووى.
وللعلماء خلاف فى المسجد الحرام: هل المراد به مسجد الجماعة الذى يحرم على الجنب الإقامة فيه، أو المراد به الحرم كله، أو الكعبة؟ .
ذكر هذه الأقوال المحب الطبرى.
(1) أخرجه ابن ماجة فى سننه، كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، حديث رقم (1406) من طريق إسماعيل بن أسد، حدثنا زكريا بن عدى، أنبأنا عبيد الله بن عمرو، عن عبد الكريم، عن عطاء، عن جابر أن رسول اللهصلى الله عليه وسلم قال:«صلاة فى مسجدى أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام وصلاة فى المسجد الحرام أفضل من مائة ألف صلاة فيما سواه» .
(2)
أخرجه أحمد بن حنبل فى المسند، حديث رقم (14847) من طريق أحمد بن عبد الملك، حدثنا عبيد الله بن عمرو، عن عبد الكريم، عن عطاء عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «صلاة فى مسجدى هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه، إلا المسجد الحرام، وصلاة فى المسجد الحرام أفضل من مائة ألف صلاة فيما سواه.
وجاء حديث فى تفضيل الصوم بمكة على غيرها من البلاد. رويناه فى سنن ابن ماجة وغيرها بإسناد غير ثابت من حديث ابن عباس رضى الله عنهما (1).
ورويناه من حديثه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: «من حج من مكة ماشيا حتى يرجع إليها كتب الله له بكل خطوة سبعمائة حسنة من حسنات الحرم» .
فقال بعضهم لابن عباس: «وما حسنات الحرم؟ قال: كل حسنة بمائة ألف حسنة» أخرجه الحاكم. وصحح إسناده.
وروينا عن الحسن البصرى: أنه قال: «صوم يوم بمكة بمائة ألف يوم، وصدقة درهم بمائة ألف، وكل حسنة بمائة ألف» . انتهى.
وقال المحب الطبرى: إن فيما تقدم من أحاديث مضاعفة الصلاة والصوم بمكة دليلا على اطراد التضعيف فى جميع الحسنات، إلحاقا بهما، قال: ويؤيد ذلك قول الحسن. انتهى.
* * *
(1) أخرجه ابن ماجة فى سننه، كتاب المناسك، حديث رقم (3117) من طريق محمد بن أبى عمر العدنى، حدثنا عبد الرحيم بن زيد العمى، عن أبيه، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: قال رسول اللهصلى الله عليه وسلم: «من أدرك رمضان بمكة فصام وقام منه ما تيسر له كتب الله له مائة ألف شهر رمضان فيما سواها وكتب الله له بكل يوم عتق رقبة وكل ليلة عتق رقبة وكل يوم حملان فرس فى سبيل الله وفى كل يوم حسنة وفى كل ليلة حسنة» .
وفى سنده عبد الرحيم بن زيد العمى، ضعفه على بن المدينى، وقال يحيى بن معين: كذاب خبيث، وقال البخارى: تركوه، وقال أبو زرعة: واه، ضعيف الحديث، وقال أبو حاتم الرازى: يترك حديثه، منكر الحديث، وقال أبو داود: ضعيف.
وزيد العمى أبوه قال يحيى بن معين: يكتب حديثه وهو ضعيف، وقال ابن المدينى: ضعيف، وقال أبو داود: ليس بذاك، وقال أحمد والدار قطنى: صالح.