الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
2378 ـ كنّاز بن حصن، ويقال ابن حصين، أبو مرثد الغنوى:
هكذا ذكره ابن عبد البر، وقال: قال ابن إسحاق: هو كناز بن حصن بن يربوع بن عمرو بن يربوع بن خرشة بن سعد بن طريف بن جلّان بن غنم بن غنى بن يعصر بن سعد بن قيس بن عيلان بن مضر.
شهد بدرا هو وابنه مرثد بن أبى مرثد، وهما حليفا حمزة بن عبد المطلب، وهو من كبار الصحابة. وروى عنه واثلة بن الأسقع، وقال فى ترجمته فى الكنى: وقد قيل اسم أبى مرثد: حصن بن كناز، والأول أكثر وأشهر ـ يعنى كناز بن حصن ـ وقيل ابن خلان أو جلان بن غنى. قال: وأما أبو مرثد، فآخى رسول الله صلى الله عليه وسلم، بينه وبين عبادة ابن الصامت، وشهد بدرا وسائر المشاهد، مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومات سنة اثنتى عشرة فى خلافة أبى بكر، وهو ابن ست وستين سنة، وكان فيما قيل رجلا طوالا، كثير الشعر، صحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبو مرثد الغنوى، وابنه مرثد بن أبى مرثد، وابنه أنيس ابن مرثد بن أبى مرثد. يعد أبو مرثد فى الشاميين.
2379 ـ كوكبرى بن أبى الحسن على بن بكتكين، الملك المعظم، مظفر الدين. صاحب إربل:
ذكرناه فى هذا الكتاب للمآثر الحسنة التى صنعها بظاهر مكة، منها عمارته للأعلام التى هى حد عرفة من جهة مكة، وهى ثلاثة، سقط منها واحد إلى جهة المغمّس، وآثاره باقية إلى الآن، وتاريخ عمارته لذلك، فى شعبان سنة خمس وستمائة [ ..... ](1) ومنها عمارته للعلمين اللذين هما حد الحرم من جهة مكة، وتاريخ
2378 ـ انظر ترجمته فى: (طبقات ابن سعد 2/ 4، 3/ 34، 413، طبقات خليفة 8، التاريخ الكبير ترجمة 1031، التاريخ الصغير 1/ 116، المعرفة ليعقوب 3/ 167، تاريخ أبى زرعة 478، الجرح والتعديل ترجمة 990، الثقات لابن حبان 3/ 354، حلية الأولياء 2/ 19، الاستيعاب ترجمة 2258، إكمال ابن ماكولا 7/ 178، الجمع لابن القيسرانى 2/ 412، أسد الغابة ترجمة 4504، الكاشف ترجمة 4741، التجريد 2/ 281، تهذيب التهذيب 8/ 448، الإصابة ترجمة 7477، تقريب التهذيب 2/ 136، تهذيب الكمال 4997).
2379 ـ انظر ترجمته فى: (مرآة الزمان 8/ 680 ـ 683، تكملة المنذرى 3/ 2498، ووفيات الأعيان 4/ 113 ـ 121، تاريخ الإسلام 97 ـ 99، العبر 5/ 121 ـ 122، دول الإسلام 2/ 102، نثر الجمان 2/ 32، البداية والنهاية 13/ 137، النجوم الزاهرة 6/ 282، شذرات الذهب 5/ 138 ـ 140، سير أعلام النبلاء 22/ 334).
(1)
ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.
عمارته لها سنة ست عشرة وستمائة، [ ...... ](2) ومنها بئران بعرفة، لا ماء فيهما الآن، وتاريخ عمارته لهما سنة خمس وستمائة، وفى الحجر المكتوب لعمارته لكل من البئرين، أنه أنشأ كلا من البئرين.
ومنها عمارته لبئر ميمون بن الحضرمى، أخى العلاء بن الحضرمى بأعلا مكة، فى السبيل المعروف الآن بسبيل الست، وذلك فى سنة أربع وستمائة.
ومنها إصلاحه للعقبة التى عند باب مكة، المعروفة بباب الشّبيكة، واتساعه هذه المحجة، وذلك فى سنة سبع وستمائة.
ومنها إصلاحه للعقبة المعروفة بعقبة المتكا، بطريق العمرة، وعمارته للموضع الذى يقال له المتكا، وذلك فى سنة خمس وستمائة.
وقد ذكر ابن خلكان له ترجمة كبيرة، تشتمل على جملة من محاسنه. وذكرنا هنا شيئا من ذلك للتعريف بحاله:
كان والده زين الدين على المعروف بكجك مالكا لإربل، وبلاد كثيرة من تلك النواحى، ففرقها، ولم يبق له سوى إربل، فلما توفى، ولى موضعه ولده مظفر الدين المذكور، وعمره أربع عشرة سنة، وكان أتابكه مجاهد الدين قايماز، فأقام مدة، ثم تعصب عليه مجاهد الدين، وكتب محضرا، أنه ليس أهلا لذلك، وشاور الديوان العزيز فى أمره، واعتقله، وأقام أخاه زين الدين أبا المظفر يوسف، وكان أصغر منه، ثم أخرج مظفر الدين المذكور من البلاد، فتوجه إلى بغداد فلم يحصل له بها مقصود، فانتقل إلى الموصل، ومالكها يومئذ سيف الدين غازى بن مودود، فاتصل بخدمته، وأقطعه مدينة حران، فانتقل إليها، وأقام بها مدة. ثم اتصل بخدمة السلطان صلاح الدين، وحظى عنده، وتمكن منه، وزاده فى الإقطاع: الرها وشميساط، وزوّجه أخته الست ربيعة خاتون بنت أيوب، وشهد معه مواقف كثيرة، وأبان فيها عن نجدة وقوة نفس وعزمة، وثبت فى مواضع لم يثبت فيها غيره، على ما تضمنه تواريخ: العماد الأصبهانى، وابن شداد، وغيرهما، وشهرة ذلك تغنى عن الإطالة فيه، ولو لم تكن له إلا وقعة حطين لكفته، لأنه وقف هو وتقى الدين صاحب حماة، وانكسر العسكر بأسره.
ثم لما سمعوا بوقوفهما تراجعوا، حتى كانت النصرة للمسلمين، وفتح الله سبحانه عليهم. ثم لما كان السلطان صلاح الدين منازلا عكا بعد استيلاء الفرنج عليها، وردت عليها ملوك الشرق تنجده وتخدمه، وكان فى جملتهم زين الدين يوسف، أخو مظفر
(2) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.
الدين، وهو يومئذ صاحب إربل، فأقام قليلا ثم مرض، وتوفى ثامن عشرى شهر رمضان سنة ست وثمانين وخمسمائة بالناصرة، وهى قرية بالقرب من عكا، يقال إن المسيح عليه السلام، ولد بها، على الاختلاف الذى فى ذلك.
فلما توفى، التمس مظفر الدين من السلطان، أن ينزل عن حران والرها وشميساط، ويعوضه إربل، فأجابه إلى ذلك، وضم إليه شهرزور، فتوجه إليها، ودخل إربل فى ذى الحجة سنة ست وثمانين وخمسمائة، هذه خلاصة أمره.
وأما سيرته، فلقد كان له فى فعل الخير غرائب، لم يسمع أن أحدا فعل فى ذلك، مثل فعله، لم يكن فى الدنيا شيء أحب إليه من الصدقة، كان له كل يوم قناطير مقنطرة من الخبز، يفرقها على المحاويج فى عدة مواضع من البلد، يجتمع فى كل يوم خلق كثير، يفرق عليهم فى أول النهار، وكان إذا نزل من الركوب، يكون قد اجتمع خلق كثير عند الدار، فيدخلهم إليه، ويدفع لكل واحد كسوة، على قدر الفصل من الشتاء والصيف، أو غير ذلك، ومع الكسوة شيء من الذهب، من الدينار والاثنين والثلاثة، وأقل وأكثر، وكان قد بنى أربع خانقاهات، للزمنى والعميان، وملأها من هذين الصنفين، وقرر لهم ما يحتاجون إليه كل يوم، وكان يأتيهم بنفسه فى كل عصرية اثنين وخميس، ويدخل عليهم، ويدخل إلى كل واحد فى بيته، ويسأله عن حاله، ويتفقده بشيء من النفقة، وينتقل من واحد إلى واحد حتى يدور على الجميع، وهو يباسطهم ويمزح معهم، ويجبر قلوبهم، وبنى دارا للنساء الأرامل، ودارا للصغار والأيتام، ودارا للملاقيط، ورتب فيها جماعة من المراضع، وكل مولود يلتقط، يحمل إليهن فيرضعنه، وأجرى على أهل كل دار ما يحتاجون إليه فى كل يوم، وكان يدخل أيضا إليهن ويتفقد أحوالهن، ويعطيهن النفقات، زيادة على المقرر لهن، وكان يدخل إلى البيمارستان، ويقف على مريض مريض، يسأله عن مبيته وكيفية حاله وما يشتهيه، وكان له دار مضيف، يدخل إليها كل قادم إلى البلد، من فقيه أو فقير أو غيرهما.
وعلى الجملة، فما كان يمنع منها كل من قصد الدخول إليها، ولهم الراتب الدّارّ فى الغداء والعشاء، وإذا عزم الإنسان على السفر، أعطوه نفقة على ما يليق لمثله، وبنى مدرسة رتب فيها فقهاء من الفريقين، من الشافعية والحنفية، وكان فى كل وقت يأتيها بنفسه، ويعمل السماط بها، ويبيت بها، ويعمل السماع، وإذا طاب وخلع شيئا من ثيابه، سير للجماعة بكرة شيئا من الإنعام، ولم يكن له لذة سوى السماع، فإنه كان لا يتعاطى المنكر، ولا يمكّن من إدخاله البلد، وبنى للصوفية خانقاتين فيهما خلق كثير، من المقيمين والواردين، ويجتمع فيهما فى أيام المواسم من الخلق، ما يعجب الإنسان من
كثرتهم، ولهما أوقاف كثيرة، تقوم بجميع ما يحتاج إليه ذلك الخلق، ولا بد عند سفر كل واحد من نفقة يأخذها، وكان ينزل بنفسه إليهم، ويعمل عندهم السماعات فى كثير من الأوقات.
وكان يسيّر فى كل سنة دفعتين، جماعة من أمنائه إلى بلاد الساحل، ومعهم جملة مستكثرة من المال، يفتكّ بها أسرى المسلمين من أيدى الكفار، فإذا وصلوا إليه، أعطى كل واحد شيئا، وإن لم يصلوا، فالأمناء يعطونهم بوصية منه فى ذلك، وكان يقيم فى كل سنة سبيلا للحاج، ويسيّر معه جميع ما تدعو حاجة المسافر إليه فى الطريق، ويسيّر صحبته أمينا، صحبته خمسة أو ستة آلاف دينار، ينفقها بالحرمين على المحاويج وأرباب الرواتب.
وله بمكة حرسها الله تعالى آثار جميلة وبعضها باق إلى الآن. وهو أول من أجرى الماء إلى جبل عرفات ليلة الوقوف، وغرم عليه جملة كثيرة، وعمل فى الجبل مصانع للماء، فإن الحاج كانوا يتضررون من عدم الماء هناك، وبنى له تربة أيضا هناك.
وذكر شيئا من صفة المولد، ثم قال: وقد ذكرت فى ترجمة الحافظ أبى الخطاب بن دحية، وصوله إلى إربل، وعمله كتاب «التنوير فى مولد السراج المنير» لما رأى اهتمام مظفر الدين به، وأنه أعطاه ألف دينار، غير ما غرم عليه مدة إقامته من الإقامات الوافرة، وكان رحمه الله إذا أكل شيئا من الطعام وغيره واستطاب به، لا يختص به، بل إذا كان أكل لقمة طيبة من زبدية، قال لبعض الجنادرة: احمل هذه إلى الشيخ فلان أو فلانة، ممن هم عنده مشهورون بالصلاح، وكذلك يعمل فى سائر المأكول من الفاكهة والحلوى وغير ذلك من المطاعم والمشارب والكسا.
وكان كريم الأخلاق، كثير التواضع، حسن العقيدة، سالم البطانة، شديد الميل إلى أهل السنة والجماعة، لا ينفق عنده من أرباب العلوم، سوى الفقهاء والمحدّثين، ومن عداهما لا يعطيهم شيئا إلا تكلفا، وكذلك الشعراء، لا يقول بهم، ولا يعطيهم إلا إذا قصدوه، فما كان يضيع قصدهم، وكان يميل إلى علم التاريخ، وعلى خاطره منه شيء يذاكر به.
ولم يزل رحمه الله تعالى مؤيدا فى مواقفه ومصافّاته مع كثرتها، لم ينقل أنه انكسر فى مصافّ قط، ولو استقصيت فى تعداد محاسنه، لطال الشرح فى ذلك، وفى شهرة معروفة، غنية عن الإطالة.
ثم قال: وكانت ولادته بقلعة الموصل، ليلة الثلاثاء سابع عشرى المحرم سنة تسع