الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ابن عدى، وزيد بن الدثنة، وعبد الله بن طارق، فغدر بهم الذين أرسلوا إليهم، واستصرخوا عليهم هذيلا، فقتل مرثد وعاصم وخالد، بعد أن قاتلوا، وألقى خبيب وعبد الله وزيد بأيديهم بعد أن سلّموا إليهم أنفسهم، ثم استشهد خبيب.
وكان مرثد يحمل الأسرى من مكة، حتى يأتى بهم المدينة لشدته وقوته، وكان بمكة بغىّ يقال لها عناق، وكانت صديقة له فى الجاهلية وكان وعد رجلا يحمله من أسرى مكة، قال: فجئت حتى انتهيت إلى حائط من حيطان مكة، فى ليلة قمراء، قال: فجاءت عناق فأبصرت سواد ظلى بجانب الحائط، فلما انتهت إلىّ عرفتنى، فقالت: مرثد؟ قلت: مرثد. قالت: مرحبا وأهلا، هلم، فبت عندنا الليلة، قال: قلت: يا عناق، إن الله حرم الزنا، قالت: يا أهل الخباء، هذا الرجل الذى يحمل الأسرى، قال: فاتبّعنى ثمانية رجال، وسلكت الخندمة، فانتهيت إلى كهف أو غار فدخلته، وجاءوا حتى قاموا على رأسى، وأعماهم الله عنى، ثم رجعوا ورجعت إلى صاحبى فحملته، وكان رجلا ثقيلا، حتى انتهيت إلى الإذخر، ففككت عنه كبله، ثم جعلت أحمله حتى قدمنا المدينة، فأتيت رسول اللهصلى الله عليه وسلم، فقلت: يا رسول الله، أنكح عناقا؟ فأمسك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم يرد علىّ شيئا، حتى نزلت هذه الآية:(الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلَّا زانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً، وَالزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُها إِلَّا زانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ)[النور: 3] قرأها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال: لا تنكحها.
ومن حديث مرثد الغنوى، عن النبى صلى الله عليه وسلم، أنه قال:«إن سركم أن تقبل صلاتكم، فليؤمكّم خياركم، فإنهم وفد فيما بينكم وبين ربكم» رواه أبو عبد الرحمن الشامى، وأنكر ابن عبد البر رواية القاسم عنه، قال: وهو عندى وهم وغلط، لأن من قتل فى حياة النبىصلى الله عليه وسلم ومغازيه، لم يدركه القاسم المذكور، ولا رآه، فلا يجوز أن يقال فيه حدثنى، لأنه منقطع، أرسله القاسم أبو عبد الرحمن، عن مرثد بن أبى مرثد هذا، إلا أن يكون رجلا آخر، وافق اسمه واسم أبيه.
2420 ـ مروان بن الحكم بن أبى العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف ابن قصى بن كلاب القرشى الأموى:
2420 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 2399، الإصابة ترجمة 7931، أسد الغابة ترجمة 4848، طبقات ابن سعد 5/ 35، نسب قريش 159، 160، طبقات خليفة 1984، التاريخ الكبير 7/ 368، المعارف 353، الجرح والتعديل 8/ 271، تاريخ الطبرى 5/ 530، 610، مروج الذهب 3/ 285، أنساب العرب 87، الكامل 4/ 191، تهذيب الأسماء واللغات 1، 2/ 87، تهذيب الكمال 1315، تاريخ الإسلام 3/ 70، تذهيب التهذيب 2/ 34، البداية والنهاية 8/ 239، 257، تهذيب التهذيب 10/ 91، النجوم الزاهرة 1/ 164، 169، خلاصة تذهيب الكمال 318، شذرات الذهب 1/ 73).
أمير مكة والمدينة، وصاحب مصر والشام، وغير ذلك من البلاد، يكنى أبا عبد الملك، وقبل أبا القاسم، وقيل أبا الحكم.
ولد بمكة، وقيل بالطائف، على عهد النبى صلى الله عليه وسلم، سنة اثنتين من الهجرة على ما قيل. وقيل ولد يوم أحد، قاله مالك. وقيل ولد يوم الخندق، ولم يسمع من النبىصلى الله عليه وسلم.
وقد روى عن النبى صلى الله عليه وسلم حديث الحديبية بطوله، وروى عن زيد بن ثابت، وعبد الرحمن بن الأسود بن عبد يغوث، وعثمان بن عفان، وعلى بن أبى طالب، وأبى هريرة، وبسرة بنت صفوان.
روى عنه سعيد بن المسيب، وسهل بن سعد الساعدى، وابنه عبد الملك، وجماعة.
روى له الجماعة، إلا مسلما.
وذكر ابن عبد البر، أنه لم ير النبى صلى الله عليه وسلم، لأنه خرج إلى الطائف طفلا لا يعقل، قال: وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان قد نفى أباه الحكم إليها، فلم يزل بها حتى ولى عثمان ابن عفان، فرده عثمان، فقدم المدينة هو وولده فى خلافة عثمان، وتوفى أبوه، فاستكتبه عثمان رضى الله عنه، وكتب له فاستولى عليه إلى أن قتل عثمان رضى الله عنه.
ثم قال ابن عبد البر: وكان معاوية لما صار الأمر إليه، ولاه المدينة، ثم رجع له إلى المدينة مكة والطائف، ثم عزله عن المدينة سنة ثمان وأربعين، وولاها سعيد بن أبى العاص، فأقام عليها أميرا إلى سنة أربع وخمسين، ثم عزله وولىّ مروان، ثم عزله، وولىّ الوليد بن عتبة، انتهى.
وكان مروان بعد موت معاوية بن يزيد بن معاوية بن أبى سفيان، أجمع على المسير لابن الزبير بمكة، ليبايعه بالخلافة، ويأخذ منه الأمان لبنى أمية، فلواه عن ذلك عبيد الله ابن زياد، لما قدم من العراق هاربا، وعاب ذلك عليه كثيرا، وأعانه عليه بعض أعراب الشام اليمانية، لأنهم كرهوا انتقال الخلافة من الشام إلى الحجاز، وكان رئيسهم حسان ابن مالك بن بحدل الكلبى سيد قحطان، يطلب الخلافة لخالد بن يزيد بن معاوية، لأنه من أخوال أبيه، فأماله أصحابه عن ذلك لصغر خالد، وحملوه على المبايعة لمروان، على شروط يلتزمها مروان لحسان وخالد، منها: أن تكون إمرة حمص لخالد، وأن تكون له الخلافة بعد مروان، وأن لا يفصل أمرا دون حسان وقومه، فبايعوه على ذلك، لثلاث خلون من ذى القعدة سنة أربع وستين بالجابية.
وقيل إن بنى أمية بايعوا مروان قبلها بتدمر، وقيل بالأردن، وسار مروان من الجابية، قاصدا الضحاك بن قيس الفهرى، وكان بمرج راهط فى الغوطة، ومعه أعراب الشام القيسية، وقد بايعوه لابن الزبير، فتحاربوا، وكان الحرب بينهم سجالا، ثم قتل الضحاك فى ثمانين رجلا من أشراف الشام، وجمع كثير من قيس، لم يقتل منهم مثلهم فى وقعة قط، وذلك فى المحرم سنة خمس وستين من الهجرة، وقيل فى آخر سنة أربع وستين.
واستوسق الأمر بالشام لمروان، وسار إلى مصر فملكها، واستناب عليها ولده عبد العزيز، والد عمر بن عبد العزيز، وأخرج عنها عامل ابن الزبير، فبعث إليه ابن الزبير جيشا مع أخيه مصعب، فجهز له مروان، عمرو بن سعيد الأشدق، ليقاتله قبل دخوله إلى الشام، فالتقيا، فانهزم مصعب.
ولما عاد مروان من مصر، أخذ حسان بن مالك بالرغبة والرهبة، حتى بايع لعبد الملك بن مروان بعد أبيه، ثم عبد العزيز بن مروان، ونقض ما كان عقد من اليبعة لخالد بن يزيد، ثم لعمرو بن سعيد، على ما قيل، وكان مسير مروان إلى مصر وعوده منها، فى سنة خمس وستين، وفيها مات مروان بدمشق.
واختلف فى سبب موته، فقيل مات حتف أنفه، وقيل قتلته زوجته أم خالد بن يزيد، وكان زوجها يضع منه عند أهل الشام.
واختلف فى سبب قتلها له، وفى صفته، فأما السبب، فقيل إن مروان كان استعار من خالد سلاحا إلى مصر، فلما عاد منها، طالبه به خالد، فامتنع مروان من رده، فألح عليه خالد فى طلبه، فقال له مروان، وكان فاحشا: يا ابن الربوخ، يا أهل الشام، إن أم هذا ربوخ، يا ابن الرطبة. وقيل: إن خالدا دخل على مروان وعنده جماعة، فمشى بين الصفين، فقال مروان: إنه والله لأحمق، تعال يا ابن الرطبة الإست، يغض به ليضعه من أعين أهل الشام. وقيل: إن مروان لما عزم على نقض البيعة التى وقعت لخالد من بعده، وأن يبايع لابنيه: عبد الملك وعبد العزيز، دخل عليه خالد وكلمه فى ذلك وأغلظ له، فغضب مروان وقال له: تكلمنى يا ابن الرطبة! فدخل خالد على أمه، فقبّح لها تزوجيها بمروان، وشكى لها ما ناله منه، فأمرته بكتم حاله، ووعدته بكفاية مروان.
فلما دخل عليها مروان، قال لها: هل قال لك خالد فىّ شيئا؟ قالت له: هو أشد تعظيما لك من أن يقول فيك شيئا، وتركته أياما، ثم غطت وجهه وهو نائم بوسادة، وجلست عليها مع جواريها حتى مات. وقيل: إنها أعدت له لبنا مسموما، وسقته
إياه، فلما استقر فى جوفه، بقى يجود بنفسه، ويشير إلى أم خالد برأسه، أنها قتلته. فقالت لبنيه عبد الملك ومن معه: بأبى أنت، حتى عند النزع لم يشتغل عنى! إنه يوصيكم بى. ومات وهو ابن ثلاث وستين، وقيل: ابن إحدى وستين. وكانت خلافته تسعة أشهر، وقيل: عشرة أشهر إلا أياما. وكان أحمر الوجه، قصيرا، أوقص، كبير الرأس واللحية، دقيق الرّقبة، وكان فقهيا، وهو أول من قدّم الخطبة على صلاة العيد، حين رأى الناس ينصرفون بعد صلاة العيد عن خطبته بالمدينة، أيام ولايته لها عن معاوية، فأنكر ذلك عليه أبو سعيد الخدرى رضى الله عنه.
قال ابن عبد البر: ونظر إليه علىّ يوما، فقال له: ويلك وويل أمة محمد منك، ومن بنيك إذا شابت ذراحك! قال: وكان مروان يقال له: خيط باطل. وضرب يوم الدار على قفاه فخرّ لفيه، فلما بويع بالإمارة، قال فيه أخوه عبد الرحمن بن الحكم، وكان ماجنا شاعرا محسنا، وكان لا يرى رأى مروان (1) [من الطويل]:
فو الله ما أدرى وإنى لسائل
…
حليلة مضروب القفا كيف تصنع (2)
لحى الله قوما أمّروا خيط باطل
…
على الناس يعطى من (3) يشاء ويمنع
وقيل: إنما قال أخوه عبد الرحمن ذلك، حين ولاه معاوية أمر المدينة، وكان كثيرا ما يهجوه، ومن قوله فيه (4) [من الطويل]:
وهبت نصيبى منك يا مرو كله
…
لعمرو ومروان الطويل وخالد
فكل ابن أم زائد غير ناقص
…
وأنت ابن أم ناقص غير زائد
وقال مالك بن الريب يهجو مروان بن الحكم (5)[من الطويل]:
لعمرك ما مروان يقضى أمورنا
…
ولكنّما تقضى لنا بنت جعفر
فياليتها كانت علينا أميرة
…
وليتك يا مروان أمسيت ذا حر
ومروان معدود فى الصحابة، على مذهب من يشترط فيه المعاصرة، وإن لم تتفق الرؤية، وكان فقيها. وقال عروة: كان مروان لا يتهم فى الحديث. انتهى.
وهو الذى قتل طلحة بن عبيد الله، أحد العشرة يوم الجمل بسهم رماه به.
(1) الأبيات فى الاستيعاب.
(2)
فى الاستيعاب: «يصنع» .
(3)
فى الاستيعاب: «ما» .
(4)
الأبيات فى الاستيعاب.
(5)
الأبيات فى الاستيعاب.