الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثالث: في الإشارة إلى حُجة من كفَّر هؤلاء
، وما يَرِدُ عليها واعلم أنه لا يصلُح (1) إيراد الحُجَّة على التكفير إلَاّ بعد معرفة (2) مذاهبهم، وإيراد الحجة على بُطلان قولهم، لأن التكفير فرع البطلان، وقد تقدم من كلام ابن تيمية ما إذا رآه من ليس له خوض في علم الكلام، ودِرْيَةٌ بفنِّ النظر تطلَّع إلى معرفة الأدلَّةِ من الجانبين، وقد اشتمل كلام ابن تيمية على الإشارة إلى زُبْدَةِ أدلة المعتزلة، والشيعة، والأشعرية، ولكنه على وجهٍ لا يُفِيْدُ إلَاّ الخاصة، ولا يعرِفُه إلَاّ أهل الدِّرية، لكونه أدخل ذلك في ضمن الردِّ عليهم، ولم يُميِّزه عن غيره، ولا شكَّ أن كلام هذه الطوائف العظيمة، أعني: الشيعة والمعتزلة والأشعرية في هذه المسألة هو المشهور في هذه الأعصار، وخاصة في هذه الديار حتى لا يكاد يخفى على أحدٍ، ولا يختص ببلد دون بلد، فلذلك (3) تركت التطويل بذكره مستوفى خوف الإملال، ولم أُحِبَّ ذكر اليسير منه خشية الإخلال، وإنما ذكرت كلام متكلمي أهل الحديث لغرابته في ديارنا، وظهور جهل صاحب الابتداء به.
وأما معرفة مذاهبهم، فقد تقصَّاها علَاّمة المعتزلة عبد الحميد بن أبي الحديد في " شرح نهج البلاغة " لكنه طوَّله تطويلاً كثيراً، واقتصرت منه على المقصود هنا.
وأقول (4): قال الشيخ: واعلم أن التكفير المجمع على صحته
(1) في (ش): يصح.
(2)
في (د): إيراد.
(3)
في (أ): ولذلك.
(4)
في (ب): فأقول.
هو تكذيبُ خبر الله عز وجل: أو خَبَرِ رسوله (1) صلى الله عليه وسلم المعلوم لفظه بالتواتر، ومعناه بالنصوصية الجلية، فَمَنْ كفَّرهم جعلهم مكذبين لما هو كذلك عنده من السمع، وهو قوله تعالى:{ليس كمثلِه شيءٌ وهو السميعُ البصيرُ} [الشورى: 11]، وقد تقدم في كلام ابن تيمية في الفصل الثاني جوابهم عن هذا، وإنما أوردته مستوفىً لأجل معرفة هذه النكتة، والمخالفون (2) يعكسون السؤال على المعتزلة، ويوردون (3) عليهم ممَّا يخالفونه من الآيات القرآنية ما هو (4) أكثر من هذه الآية وأصرح، فما أجابت به (5) المعتزلة أجابوا بمثله.
وقد صنف قاضي القضاة عبد الجبار بن (6) أحمد المعتزلي كتاباً كبيراً في تأويل متشابه القرآن، من وقف عليه عَلِمَ كم خالفت المعتزلة منه، وفي ما تقدَّم من كلام ابن تيمية كفايةٌ في هذا المعنى لمن أنصف وفهم معناه وتأمَّله.
وذكر ابن عبد السلام كلاماً نفيساً في عَدَمِ التكفير، وإعذار الغالطين في كتابه " القواعد " (7) موضعُه رأسُ الثُّلث الأول من القواعد تقريراً أو (8) قبله بقليل ما لفظُه:
(1) في (ب): رسول الله.
(2)
في (أ): والمخالفين، والتصويب من النسخ الأخرى.
(3)
في (ش): ويروون.
(4)
في (ش): بما.
(5)
ساقطة من (ب).
(6)
ساقطة من (ب).
(7)
انظر 711 - 173، وقد تقدمت ترجمة ابن عبد السلام في 3/ 135.
(8)
في (ب) و (ش): و.