الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المتكلمين، ثم عن شيخ الاعتزال أبي القاسم الكعبي (1)، ثم عن أذكى الخائضين في هذا العلم باتفاق العارفين، فما سبب تخصيص المعترض (2) للمحدثين إلَاّ شدة جهله، وقلَّة تمييزه (3).
الوجه الرابع: من الجواب وهو التحقيق
، وقد مرَّ في الوجه الأول طرفٌ منه، وهو أن نقول: قد أكمل الله الحجة على المكلفين بخلق العقول، وبعث (4) الرُّسل مبشرين ومنذرين، فتمَّت حُجَّته سبحانه عقلاً وسمعاً، قال الله تعالى:{لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُل} [النساء: 165].
وقال: {قَدْ جَاءَكُمْ بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظ} [الأنعام: 104].
وقال: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَشَاقُّوا الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا} [محمد: 32]. فأخبر عن الكافرين بأنه قد تبين لهم الهدى، وما كفرُوا إلَاّ بعد ذلك.
(1) هو شيخ المعتزلة الأستاذ أبو القاسم عبد الله بن أحمد بن محمود البلخي الكعبي الخراساني صاحب التصانيف الكثيرة في الكلام، المتوفى سنة 319 هـ. وله تصنيف في الطعن على المحدثين يدل على كثرة اطلاعه وتعصبه، اشتمل على الغضِّ من أكابرهم، وتتبع مثالبهم، سواء كان ذلك عن صحة أم لا، وسواء كان ذلك قادحاً أم غير قادح حتى إنه سرد كتاب الكرابيسي في المدلسين، فأفاد أنَّ التدليس بأنواعه عيب عظيم، وحسبك ممن يذكر شعبة فيمن يُعدُّ كثير الخطأ، وعقد باباً أورد فيه ما يرويه مما ليس له معنى بزعمه، وباباً فيما يرويه متناً متناقضاً لسوء فهمه. " لسان الميزان " 3/ 255 - 256.
(2)
في (ش): تخصيصك أيها المعترض.
(3)
في (ش): شدة جهلك وقلة تمييزك.
(4)
في (ش): وبعثة.
وفي آية أخرى: {وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ} [النمل: 14].
وقال تعالى {وَقَالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ لَوْلَا يُكَلِّمُنَا اللَّهُ أَوْ تَأْتِينَا آيَةٌ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِثْلَ قَوْلِهِمْ تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ قَدْ بَيَّنَّا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ} [البقرة: 118].
وقال تعالى: {كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ} [البقرة: 28].
فمن قال لنا: إنَّه ما عَرَفَ الدليل ..
قلنا له: انظُر بعقلك في معجزات المرسلين، أو (1) في السماوات والأرضين، وعجائب مخلوقات ربِّ العالمين تعلم صحة ما جاؤوا به من الهُدى والدِّين.
فإن قال: إنِّي قد نظرتُ، فلم أعرف قطعنا على كذبه كما يقطع المتكلمون على ذلك بعد مناظرتهم له وكفره (2)، وإنما قطعنا بذلك لخبر الله تعالى حيث يقول:{قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَة} [الأنعام: 149]، وقوله:{لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّة} [النساء: 165]، وقوله:{مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى} [محمد: 25]، أو (3) قوله:{وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ} [النمل: 14] وغير ذلك.
فإن قلت: قد يكون في الناس من هو بليد، لا يستطيع النظر إلَاّ
(1) في (ش): و.
(2)
في (ش): بكفره.
(3)
ساقطة من (ب)، وفي (ش): و.