المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

الجهل، لأنه له اختياراتٌ بناها على الأحاديث بناءً لا يعرفه - العواصم والقواصم في الذب عن سنة أبي القاسم - جـ ٤

[ابن الوزير]

فهرس الكتاب

- ‌الجزء الرابع

- ‌الثالث عشر: أنَّ جميع أئمة الفنون المُبرِّزين فيها قد شاركوا المحدثين في عدم ممارسة علم الكلام

- ‌الطائفة الأولى: من قال بأن المعارف ضرورية

- ‌الطائفة الثانية: من يقول: إنَّ المعارف ضروريةٌ مطلقاً

- ‌الوجه الثاني: أن اللطف المقرب مجرد دعوى

- ‌الوجه الثاني: من الأصل أن الآية في الظن المعارض للعلم

- ‌قلت: كلَاّ، فإنَّ الله تعالى قد سمَّى الظن علماً

- ‌الوجه الرابع: من الجواب وهو التحقيق

- ‌الجواب من وجوه

- ‌الوجه الثالث: إنا نعلمه ما نعرِفُه بِفِطَرِ العقول

- ‌الجواب الرابع: أن نقول: النظر في ذلك واجبٌ كالصلاة

- ‌فإن قيل: قد وَرَدَ في السمع وجوبُ البيان على العلماء

- ‌الجواب من وجوه:

- ‌الوجه الثاني: أنا نخصُّ هذا العام بفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌الجواب الخامس: أنها وردت نصوصٌ تقتضي العلم أو الظن

- ‌فإن قالوا: وفي ترك علم الكلام مضرة أيضاً

- ‌الجواب: أنَّ تسمية تجويز المضرة المرجوح خوفاً غيرُ مسلم

- ‌قلتُ: هي أمران:

- ‌الجواب من وجهين

- ‌الوجه الأول: معارضة

- ‌الوجه الأول: أن السائل جهل المقصود بالنبوة

- ‌قلنا: معاذ الله

- ‌الطائفة الثانية: أهل النظر في علم الكلام

- ‌القاعدة الأولى: إن الله سبحانه موصوفٌ بالإثبات والنفي

- ‌القاعدة الثانية: أن ما أخبر به الرسول عن ربِّه فإنَّه يجب الإيمان به

- ‌القاعدة الثالثة: إذا قال القائل: ظاهر النصوص مرادٌ أو ليس بمراد

- ‌إن هذه الطريق لا يحصل بها المقصود لوجوهٍ:

- ‌الوجه الثاني: أن هؤلاء ينفُون صفات الكمال بمثل هذه الطريق

- ‌الوجه الثالث: أن سالكي هذه الطريقة متناقضون

- ‌الفصل الثالث: في الإشارة إلى حُجة من كفَّر هؤلاء

- ‌ التنبيه على معرفتين:

- ‌المعرفة الأولى: أن شرط التكفير بمخالفة السمع أن يكون ذلك السمعُ المخالفُ معلوماً علماً ضرورياً من جهة اللفظ، ومن جهة المعنى

- ‌أحدهما: ما عَلِمَهُ العامة مع الخاصة

- ‌ثانيهما: ما لا يعرف تواتره إلَاّ الخاصة

- ‌الشرط الثاني: أن يكون معنى المتواتر معلوماً بالضرورة

- ‌المعرفة الثانية: أن التكفير سمعي محضٌ لا مدخل للعقل فيه، وذلك من وجهين:

- ‌الوجه الأول: أنه لا يكفر بمخالفة الأدلة العقلية وإن كانت ضروريةٌ

- ‌الوجه الثاني: أنَّ الدليل على الكفر والفِسْقِ لا يكون إلَاّ سمعياً قطعياً

- ‌فصلٌ في شيوخه:

- ‌رحلته وحفظه:

- ‌حكاية موضوعة:

- ‌وصيتُه:

- ‌مرضه:

- ‌المنامات:

- ‌ فضلِهِ وتألُّهِهِ وشمائله:

- ‌ومن آدابه:

- ‌ومن كرمه:

- ‌تركه للجهات جُملةَ:

- ‌أيُّ فرقٍ بين الخلقِ والحدوث حتى يكفر القائل بأحدِهما دون الآخر

- ‌الجواب: من وجهينِ

- ‌ الوجه الثالث: وهو التكفير بمآل المذهب

- ‌الوجه الثاني: لو سلَّمنا أنه دلَّ على ذلك دليلٌ سمعي خَفِي لكان معارضاً بما هو أوضح منه

- ‌الوجه الثالث: إنا نعلم بالضرورة منهم ضِدَّ ما ألزموهم

- ‌الوجه الرابع: أنا لو كفرنا بذلك لأمكن المعتزلة، والشيعة، والظاهرية تكفير من لم يقُل بحدوث القرآن

- ‌الوجه الخامس: أن النصوص قد تواترت بمروق الخوارج

- ‌الوجه السابع: أنه قد ورد من الأدلة السمعية ما يُعارضُ ذلك الظن

- ‌وأما قول من يقولُ: ما الفرق بين الخلق، والجعل، والحُدُوث

- ‌قلت: الذي فهمته مِنْ تكرارِ النظر في عباراتهم ومقاصدهم أحد وجهين، أو كلاهما:

- ‌الوجه الأول: أنهم رأوا للحدوث معنيين: حدوثاً نسبيّاً، وحدوثاً مُطلقاً

- ‌الوجه الثاني: أنهم لما رأوا القول بخلقه شعار المعتزلة المنكرين لصحة الكلام من الله تعالى، رأوا لفظ الحدوث يقارب لفظ الخلق ويُوهِمُه

- ‌قلنا: يقولون: إن عمومها مخصوصٌ بإجماع الفريقين

- ‌أمَّا المعتزلة

الفصل: الجهل، لأنه له اختياراتٌ بناها على الأحاديث بناءً لا يعرفه

الجهل، لأنه له اختياراتٌ بناها على الأحاديث بناءً لا يعرفه أكثرهم، وربما زاد على كبارهم.

قلت: ما أحسِبُهم يظنُّونه مُحدِّثاً وبس (1)، بل يتخيَّلُونه من بابة محدثي زماننا، ووالله لقد بلغ في الفقه خاصة رُتبة الليث، ومالك، والشافعي، وأبي يوسف، وفي الزهد والورع رتبة الفضيل، وإبراهيم بن أدهم، وفي الحفظ رُتبة شعبة، ويحيى القطان، وابن المديني، ولكن الجاهل لا يعلم رتبة نفسه، فكيف يعرف رتبة غيره؟!!.

‌حكاية موضوعة:

لم يستح (2) ابن الجوزي من إيرادها، فقال: أخبرنا ابن ناصر، أخبرنا ابن الطيوري (3)، أخبرنا عبد الله بن محمد بن الحسين، أخبرنا القاضي همام بن محمد الأُبُلِّي، أخبرنا أحمد بن علي بن حسين بن الخطيب، حدثنا الحسين بن بكر الوراق، أخبرنا أبو الطيب محمد بن جعفر، حدثنا عبد الله بن أحمد، قال: لمَّا أُطلِقَ أبي من المحنة، خشي أن يجيء إليه إسحاق بن راهويه، فرحل إليه. فلما بلغ الرَّيَّ، دخل مسجداً، فجاء مطرٌ كأفواه القِرَبِ. فقالوا له: اخرُج من المسجد لنغلقه، فأبى، فقالوا: اخرُجْ أو تُجَرَّ برجلك، فقلت: سلاماً، فخرجت، والمطر والرعد، ولا أدري أين (4) أضع رجلي، فإذا رجل قد خرج من داره، فقال: يا هذا: أين تمر؟ فقلت: لا أدري. قال: فأدخلني إلى

(1)" بس " بمعنى: كفى وحسب، قال في " اللسان ": فارسية.

(2)

في (أ) و (د): لم يستحيي.

(3)

في (ب): " الطنبوري " وهو تحريف.

(4)

في (د): أن.

ص: 244

بيتٍ فيه كانونُ فحم ولُبُود (1) ومائدة، فأكلتُ. فقال: من أين أنت؟ قلت: من بغداد، فقال: تعرف أحمد بن حنبل؟ فقلت: أنا هو، فقال: وأنا إسحاق بن راهويه.

إنما قال الذهبي: إنها موضوعة، لأن أحمد، وإسحاق صديقان يتعارفان من قبل المحنة، وهذا أمرٌ لا يخفى على مثل (2) ابن الجوزي، فلعلَّه سها وما تأمل والله أعلم.

قال الذهبي: سعيد بن عمرو البرذعي: سمعت أبا زُرعة، يقول: كان أحمد لا يرى الكتابة عن أبي نصر التَّمار، ولا يحيى بن معين، ولا أحدٍ (3) ممن امتُحِنَ فأجاب.

أبو عوانة: سمعتُ الميموني، يقول: صحَّ عندي أن أحمد لم يحضُر أبا نصرٍ التَّمار لمَّا مات. فحسبتُ أن ذلك لإجابته في المحنة.

وعن حجاج بن الشاعر، سمع أحمد يقول: لو حدثت عن أحدٍ ممن أجاب، لحدثت عن أبي معمرٍ وأبي كُريب (4).

قلت: لأن أبا معمر الهذلي نَدِمَ، ومقت نفسه، والآخر أجْرَوْا له دينارين بعد الإجابة، فردهما مع فقره.

أحمد بن علي الأبَّار: حدثنا يحيى بن عثمان الحربي، سمعت

(1) جمع لِبْد، ولِبْدَة، ولُبٍدة، وهي كل شعر أو صوف متلبد.

(2)

ساقطة من (ب).

(3)

في (ب): " أحداً "، وهو خطأ.

(4)

في (ب): كرب.

ص: 245

بشر بن الحارث، يقول: وددت أن رؤوسهم خُضِبَت بدمائهم، وأنهم لم يُجيبوا.

نقل أبو علي بن البناء، عن شيخٍ (1)، عن آخر، أن هذه الأبيات لأحمد في علي بن المديني:

يا ابن المديني الذي عُرِضت له

دنيا فجاد بدينه ليَنَالَهَا

ماذا دَعَاكَ إلى انتحال مقالةٍ

قد كنتَ تزعُمُ كافراً مَنْ قالَها

أمرٌ بَدَا لك رُشْدُهُ فَتَبِعْتَهُ

أم زهرةُ الدنيا أردتَ نَوالَهَا

ولقد عَهِدْتُكَ مرَّةً مُتشدداً

صعب المقالةِ للتي تُدْعَى لها

إنَّ المُرَزَّى من يُصابُ بدينِه

لا من يُرَزَّى ناقةً وفِصَالَها (2)

قال الذهبي في ترجمة ابن المديني: قيل ليحيى بن معين. ارتدَّ ابنُ المديني؟ فقال: ما ارتدَّ ولكن خاف، فقال: انتهى (3).

قال الذهبي: قال صالح: قال لى أبي: كانت أُمُّك تغزل غزلاً دقيقاً، فتبيع الأستار (4) بدرهمين أو نحوها، وكان ذلك قوتنا.

قال صالح: كنَّا ربما اشترينا الشيء، فنستُرُه منه لئلَاّ يُوَبِّخَنا عليه.

الخلال: أخبرنا المروذي، قال: رأيت أحمد بن عيسى المصري ومعه قوم (5) من المحدثين، دخلوا على أبي عبد الله بالعسكر، فقال له

(1)" عن شيخ " ساقط من (ب).

(2)

الأبيات غير منسوبة في " تهذيب الكمال " ورقة 983، و" تاريخ بغداد " 11/ 469 - 470، و" طبقات الشافعية " 2/ 148، و" تذهيب التهذيب " 3/ 69/1. ويستبعد أن تكون للإمام أحمد وفي السنة مجاهيل.

(3)

11/ 57.

(4)

في (أ): " الأستان "، وفي (ب):" الأستاب "، والمثبت من " السير ".

(5)

ساقطة من (ب).

ص: 246

أحمد: يا أبا عبد الله، ما هذا الغم؟ الإسلام حنيفية سمحة، وبيتٌ واسع. فنظر إليهم، وكان مُضطجعاً، فلمَّا خرجوا، قال: ما أريدُ أن يدخل عليَّ هؤلاء.

الخلال: أخبرنا محمد بن علي السِّمسَار، حدَّثني إسحاق بن هانىء، قال لي أبو عبد الله: بكِّر حتى نُعارِضَ بشيءٍ من الزُّهد. فبكَّرتُ إليه، وقلت لأم ولده: أعطيني حصيراً ومِخَدة، وبسطتُ في الدِّهليز، فخرج ومعه الكتب والمِحْبَرة، فقال: ما هذا؟! فقلت: لتجلس عليه، فقال: ارفعه، الزهد لا يحسن إلَاّ بالزهد. فرفعته، وجلس على التراب.

وقال الميموني: كان منزل أبي عبد الله ضيقاً صغيراً، وينام في الحرِّ في أسفله.

وقال لي عمُّه: ربما قلت له تنام فوق، فلا يفعل. وقد رأيت موضع مضجعه وفيه شاذكونة (1) وبرذعة (2)، قد غلب عليها الوسخ، وقيل: كان على بابه مِسْحٌ من شعر.

الخلال: حدثنا المروذي، عن إسحاق بن إبراهيم النيسابوري، قال لي الأمير: إذا حلَّ إفطارُ أبي عبد الله، فأرنيه. قال: فجاؤوا برغيفين: خبز وخُبَّازة، فأريته الأمير، فقال: هذا لا يجيبنا إذا كان هذا يُعِفُّه.

قال المروذي: قال أبو عبد الله في أيام عيدٍ: اشتروا لنا أمس

(1) بفتح الذال، وهي ثيابٌ غِلاظٌ مُضَرِّبة تعمل في اليمن. انظر " القاموس المحيط "(الشاذكونة).

(2)

أي: الحِلْس يُلقى تحت الرَّحْلِ.

ص: 247

باقِلَّى، فأيُّ شيءٍ كان به من الجودة، وسمعته يقول: وجدتُ البرد في أطرافي، ما أراه إلَاّ من إدامي الملح والخَلِّ.

قال أحمد بن محمد بن مسروق. قال لي عبد الله بن أحمد: دخل عليَّ أبي يَعُودني في مرضي، فقلت: يا أبةِ، عندنا شيء مما كان يَبَرُّنا به المتوكل أفأحُجُّ منه؟ قال: نعم. قلت: فإذا كان هذا عندك هكذا، فلِمَ لا (1) تأخذُ منه؟ قال: ليس هو عندي حرام (2)، ولكن تنزَّهتُ عنه. رواه الخُلدِي (3) عنه.

فصل:

قال ابنُ الجوزي: كان الإمام لا يرى وضع الكتب، ويَنْهَى عن كتبة كلامه ومسائله. ولو رأي ذلك، لكانت له تصانيفُ كثيرةٌ، وصنَّف " المسند " وهو ثلاثون ألف حديث، وكان يقول لابنه عبد الله: احتفظ بهذا " المسند "، فإنه سيكون للناس إماماً (4). " والتفسير " وهو مئةٌ

(1) ساقطة من (ب).

(2)

كذا الأصول و" السير ".

(3)

تحرفت في الأصول إلى " الخدري "، والتصويب من " السير ".

(4)

قال الحافظ أبو موسى المديني في " خصائص المسند " ص 21: وهذا الكتاب أصل كبير، ومرجع وثيق لأصحاب الحديث، انتقي من حديث كثير، ومسموعات وافرة، فجُعل إماماً ومعتمداً، وعند التنازع ملجأً ومستنداً " ويبلغ عدد أحاديثه أكثر من ثلاثين ألف حديث.

وقال ابن كثير في " الباعث الحثيث ": وكذلك يوجد في " مسند " الإمام أحمد من الأسانيد والمتون شيءٌ كثير مما يوازي كثيراً من أحاديث مسلم، بل والبخاري أيضاً، وليست عندهما، ولا عند أحدهما، بل ولم يُخْرجه أحد من أصحاب الكتب الأربعة، وهم أبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجة ".

قلت: ولم يتوخَّ الإمام أحمد الصحة في " مسنده " هذا، بل روى فيه الصحيح، والحسن، والضعيف، يُعلم ذلك من دراسة الأسانيد والتخريج. وقد قال ابن الجوزي في =

ص: 248

وعشرون ألفاً، و" الناسخ والمنسوخ "، و" التاريخ "، و" حديث شعبة "، و" المقدَّم والمؤخر في القرآن "، و" جوابات القرآن "، و" المناسك " الكبير والصغير، وأشياء أُخَرَ.

قلت: وكتاب " الإيمان "، وكتاب " الأشربة "، ورأيتُ له ورقةً من كتاب " الفرائض ". فتفسيره المذكور شيءٌ لا وجود له. ولو وُجِدَ، لاجتهد الفضلاء في تحصيله، ولاشتهر، ثم لو ألَّف تفسيراً، لما كان يكون أزيدَ من عشرة آلاف أثر، ولاقتضى أن يكون في خمس مجلدات.

فهذا تفسير ابن جرير الذي جَمَعَ فيه فأوعى لا يبلُغُ عشرين ألفاً. وما ذكر تفسير أحمد أحدٌ (1) سوى أبي الحسين بن المنادي. فقال في " تاريخه ": لم يكن أحدٌ أروى في الدنيا عن أبيه من عبد الله بن أحمد، لأنه سَمِعَ منه " المسند " وهو ثلاثون ألفاً، و" التفسير " وهو مئةٌ وعشرون ألفاً، سَمِعَ ثلثيه والباقي وِجادة (2).

= " صيد الخاطر ": ومن نظر في كتاب " العلل " الذي صنفه أبو بكر الخلال، رأي أحاديث كثيرة كلها في " المسند "، وقد طعن فيها أحمد. ونقلتُ من خط القاضي أبي يعلى محمد بن الحسين الفراء في مسألة النبيذ، قال: إنما روى أحمد في " مسنده " ما اشتهر، ولم يقصد الصحيح ولا السقيم، ويدل على ذلك أن عبد الله قال: قلت لأبي: ما تقول في حديث ربعي بن خِراش عن حذيفة؟ قال: الذي يرويه عبد العزيز بن أبي رَوَّاد؟ قلت: نعم، قال: الأحاديث بخلافه، قلت: قد ذكرته في " المسند "، قال: قصدت في " المسند " المشهور، فلو أردت أن أقصِدَ ما صَحَّ عندي، لم أروِ من هذا " المسند " إلَاّ الشيء بعد الشيء اليسير، ولكنك يا بني تعرف طريقتي في الحديث، لستُ أخالف ما ضعف من الحديث إذا لم يكن في الباب شيءٌ يدفعه. قال القاضي: وقد أخبر عن نفسه كيف طريقه في " المسند "، فمن جعله أصلاً للصحة، فقد خالفه، وتَرَكَ مَقصِدَه.

(1)

ساقطة من (د).

(2)

الوِجادة: هي أن يَجِدَ الشخص أحاديث بخط راويها، سواء لَقِيَه أو سَمِعَ منه، أم لم يلقه ولم يسمع منه، أو أن يَجِدَ أحاديث في كتب المؤلفين المعروفين، ففي هذه الأنواع كلها لا يجوز له أن يرويها عن أصحابها، بل يقول: وجدت بخط فلان، إذا عرف الخط، =

ص: 249

ابن السَّمَّاك: حدثنا حنبل، قال: جمعنا أحمد بن حنبل، أنا وصالح وعبد الله، وقرأنا عليه " المسند " ما سمعه غيرُنا. وقال: هذا الكتاب: جمعته وانتقيته من أكثر (1) من سبع مئة ألفٍ وخمسين ألفاً (2)، فما اختلف المسلمون فيه من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، فارجعوا إليه، فإن وجدتموه فيه، وإلَاّ فليس بحجة.

قلت: في " الصحيحين " أحاديث قليلة، ليست في " المسند "، لكن قد يقال: لا تَرِدُ على قوله، فإنَّ المسلمين ما اختلفوا فيها (3)، ثم ما يلزم من هذا القول: أن ما يوجد فيه يكون حجةً، ففيه جملة من الأحاديث الضعيفة مما يسُوغُ نقلُها، ولا يجب الاحتجاج بها. وفيه أحاديثُ معدودة شِبْهُ موضوعة ولكنها قطرةٌ في بحر (4). وفي (5) غضون " المسند " زيادات جمّة لعبد الله بن أحمد.

قال ابن الجوزي: وله -يعني: أبا عبد الله- من المصنفات كتاب " نفي التشبيه " مجلدة، وكتاب " الإمامة " مجلدة صغيرة، وكتاب

= ووَثِقَ منه، أو يقول: قال فلان، أو نحو ذلك، والذي عليه المحققون من أهل العلم وجوب العمل بها عند حصولِ الثقة بما يجدُه القارىء، أي: يَثِقُ بأن هذا الخبر أو الحديث بخطِّ الشيخ الذي يعرفه، أو يَثِقُ بأن الكتاب الذي ينقُلُ منه ثابت النسبة إلى مؤلِّفِه الثقةِ المأمون، وأن يكون إسنادُ الخبر صحيحاً.

(1)

" من أكثر" ساقط من (ب).

(2)

" وخمسين ألفاً " ساقط من (ب).

(3)

ساقطة من (ب).

(4)

للحافظ ابن حجر رسالة ردَّ بها على من ادعى أنَّ في " المسند " أحاديث موضوعة وسمها بـ " القول المسدد في الذب عن مسند أحمد " وهي مطبوعة في الهند.

(5)

" في " ساقطة من (ب).

ص: 250

" الرد على الزنادقة " ثلاثة أجزاء، وكتاب " الزهد "(1) مجلد كبير (2)، وكتاب " الرسالة في الصلاة " -قلت: هو موضوعٌ على الإمام- قال: وكتاب " فضائل الصحابة "(3) مجلدة.

قلت: وفيه زياداتٌ لابنه عبد الله، ولأبي بكرٍ القطيعي صاحبه.

وقد دوَّن عنه كبار تلامذته مسائل وافرةً في عدة مجلدات، كالمَرُّوذي، والأثرم، وحرْب، وابن هانىء (4)، والكوسج، وأبي طالب، وفُوران، وبدرٍ المغازلي، وأبي يحيى الناقد، ويوسف بن محمد الحربي، وعبدوس العطار، ومحمد بن موسى بن مُشَيش (5)، ويعقوب بن بُختان، ومُهَنَّا الشامي، وصالح بن أحمد، وأخيه (6)، وابن عمهما حنبل، وأبي الحارب أحمد بن محمد الصائغ، والفضل بن زياد، وأبي الحسن الميموني، والحسن بن ثواب، وأبي داود السِّجستاني (7)، وهارون الحمال، والقاضي أحمد بن محمد البِرْتي، وأيوب بن إسحاق بن (8) سافري، وهارون المستملي، وبِشْرِ بن موسى، وأحمد بن

(1) طبع بمصر.

(2)

: ساقطة من (ب).

(3)

طبع في مجلدين في مؤسسة الرسالة، بتحقيق وصي الدين بن محمد عباس.

(4)

هو إسحاق بن إبراهيم بن هانىء النيسابوري، المتوفى سنة 275 هـ، وقد طبعت في جزأين في مجلد في المكتب الإسلامي سنة 1400 هـ بتحقيق الأستاذ زهير الشاويش. ونشر أيضاً بتحقيقه " مسائل أحمد " رواية ابنه عبد الله سنة 1401 هـ.

(5)

في (أ): موسى.

(6)

في " الأصول ": " وأخوه "، والمثبت من " السير ".

(7)

هو الإمام الحافظ أبو داود سليمان بن الأشعث السجستاني، صاحب " السنن "، المتوفى سنة 275 هـ، وقد طبعت " مسائل أحمد " بروايته سنة 1353 هـ بعناية السيد محمد رشيد رضا رحمه الله.

(8)

ساقطة من الأصول، ومثبتة من " السير " وغيره.

ص: 251

القاسم صاحب أبي عُبيد، ويعقوبَ بنِ العباس الهاشمي، وحُبَيْش بن سِندي، وأبي الصقر يحيى بن يزداد الورَّاق، وأبي جعفر محمدِ بن يحيى الكَحَّال، ومحمد بن حبيب البَرَّاز، ومحمد بن موسى النَّهْرُتيري، ومحمد بن أحمد بن واصل المقرىء، وأحمد بن أصرم المُزَني، وعبدوس الحربي قديمٌ، عنده عن أحمد نحوٌ من عشرة آلاف مسألةٍ لم يُحَدِّث بها، وإبراهيم الحربي، وأبي جعفر محمد بن الحسين بن هارون بن بَدِينا، وجعفر بن محمد بن الهُذيل الكوفي، وكان يُشبهونه في الجلالة بمحمد بن عبد الله بن نمير، وأبي شيبة إبراهيم بن أبي بكر بن أبي شيبة، ومحمد بن عبد الله مُطيَّن (1)، وجعفر بن أحمد (2) الواسطي، والحسن بن علي الإسكافي، والحسن بن علي بن بحر بن برِّي القطَّان، والحُسين بن إسحاق التُّسْتَري، والحسن بن محمد بن الحارث السِّجِسْتَاني، قال الخلَاّلُ: يقرُبُ من أبي داود في المعرفة وبصر الحديث والتفقه - وإسماعيل بن عمر السِّجزي (3) الحافظ، وأحمد بن الفُرات الرازي الحافظ. وخلقٍ سوى هؤلاء، سماهم الخلال في أصحاب أبي عبد الله نَقَلُوا المسائل الكثيرة والقليلة.

وجمع الخلال سائر ما عند هؤلاء من أقوال أحمد، وفتاويه، وكلامه في العلل، والرجال، والسنة، والفروع، حتى حصل عنده من ذلك ما لا يوصف كثرةً. ورحل إلى النواحي في تحصيله، وكتب عن نحوٍ من مئةِ نفس من أصحاب الإمام. ثم كتب كثيراً من ذلك عن أصحاب

(1) في (د): " بن مطين " وهو خطأ.

(2)

في (ب): محمد.

(3)

في (ب): الشجري.

ص: 252