الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أحمد بن محمد، أوصى أنه يشهدُ أن لا إله إلَاّ الله وحده لا شريك له، وإنَّ محمداً عبده ورسوله.
ورواها أيضاً ولده عبد الله كذلك.
مرضه:
قال عبد الله: سمعت أبي، يقول: استكملت سبعاً وسبعين سنة، ودخلتُ في ثمانٍ، فحُمَّ من ليلته، ومات اليوم العاشر.
وقال صالح (1): صار الفتح (2) بن سهل إلى الباب (3) ليعوده فحجبتُه، وأتى ابنُ علي بن الجعد فحجبتُه، وكَثُرَ الناس. فقال: ما ترى؟ قلت: تأذنُ لهم، فيدعون لك.
قال: أستخير الله، فجعل الناس يدخلون عليه أفواجاً، حتى تمتلىء الدار، وكثر الناس، وامتلأ الشارع، وأغلقنا باب الزقاق -إلى قوله- (4): وجعلَ يُحَرِّكُ لسانه، ولم يَئِنَّ إلَاّ في الليلة التي تُوفي فيها. ولم يزل يُصلي قائماً، أُمسِكُهُ فيركَعُ ويسجد، وأرفعه في ركوعه. واجتمعت عليه أوجاعُ الحصر، وغير ذلك، ولم يزل عقلُهُ ثابتاً.
قال المَرُّوذي: مَرِضَ تسعة أيام، وكان ربما أذِنَ للناس، فيدخلون عليه أفواجاً، يُسلمون ويرُدُّ بيده، وتسامع الناسُ وكثروا، وسمع السلطان بكثرة الناس، فوَكَّل السلطان ببابه وبباب الزقاق الرابطة وأصحاب
(1) ساقطة من (ب).
(2)
في (د): الفضل.
(3)
" إلى الباب " ساقط من (د).
(4)
" إلى قوله " ساقطة من (ب).
الأخبار، ثم أغلق باب الزقاق، فكان الناس في الشوارع والمساجد، حتى تعطَّل بعضُ الباعة. وكان الرجل إذا أراد أن يدخل إليه، ربما دخل من بعض الدور وطرز (1) الحاكة. ورُبَّما تَسَلَّق.
وجاءه حاجب بن طاهرٍ، فقال: إن الأمير يُقرِئُك السلام، وهو يشتهي أن يراك. فقال: هذا مِمَّا أكرَهُ، وأميرُ المؤمنين قد أعفاني ممَّا أكرَهُ.
وجاء بنو هاشم فدخلوا عليه، وجَعَلُوا يبكون عليه (2). وجاء قومٌ من القضاة وغيرهم، فلم يُؤذَن لهم " ودخل عليه شيخ، فقال: اذكر وقوفك بين يديّ الله، فشَهِقَ أبو عبد الله، وسالت دموعُه.
وأدخلت تحته الطَّسْتَ، فرأيت بولَه دماً عبيطاً. فقلت للطبيب، فقال: هذا رجلٌ قد فتَّت الحُزْنُ والغَمُّ جوفَه.
واشتدَّت علتُه يوم الخميس ووَضَّأتُهُ، فقال: خلِّلْ بين (3) الأصابع، فلما كان ليلة (4) الجمعة، ثَقُلَ، وقُبِضَ صدر النهار.
الخلال: أخبرني عصمة بن عصام، حدثنا حنبل، قال: أعطى بعضُ ولد الفضل بن الربيع أبا عبد الله، وهو في الحبس ثلاث شعرات، فقال: هذه من شعر النبي صلى الله عليه وسلم، فأوصى أبو عبد الله عند موته أن يُجعل على كل عينٍ شعرةٌ، وشعرةٌ على لسانه. ففُعِل ذلك به عند موته.
(1) الموضع الذي تُنسج فيه الثياب.
(2)
من قوله: " فقال: هذا ممَّا أكره " إلى هنا ساقط من (ب).
(3)
ليست في " السير ".
(4)
في (ب): يوم.
الخلال: حدثنا المَرُّوذي، قال: أُخْرِجَتِ الجنازة عند منصَرَفِ الناس من الجمعة.
أحمد في " مسنده ": حدثنا أبو عامر، حدثنا هشام بن سعد، عن سعيد بن أبي هلال، عن ربيعة بن سيف، عن عبد الله بن عمرو، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:" ما مِن مسلمٍ يموتُ يومَ الجمعة إلَاّ وقاه الله فتنة القبر "(1).
قال صالح بنُ أحمد: فُرِغَ من غَسلِه، وكفَّنَّاه، وحضر نحوُ مئةٍ من بني هاشمٍ، ونحنُ نكفنُه. وجعلوا يُقَبَِّلون جبهته حتى رفعناه على السرير.
قال عبد الله: صلَّى على أبي محمد بن عبد الله بن طاهر، غلبنا على الصلاة عليه، وقد كُنَّا صلينا عليه نحن والهاشميون في الدار.
(1) هو في " المسند " 2/ 169، وأخرجه الترمذي (1074) من طريق عبد الرحمن بن مهدي، وأبي عامر العقدي، كلاهما عن هشام بن سعد، بهذا الإسناد. وقال: هذا حديث غريب، ليس إسناده بمتصل، ربيعة بن سيف إنما يروي عن أبي عبد الرحمن الحُبلي، عن عبد الله بن عمرو، ولا نعرف لربيعة بن سيف سماعاً من عبد الله بن عمرو.
قلت: ووصله -كما في " المقاصد الحسنة " ص 429 - الطبراني وأبو يعلى من حديث ربيعة، عن عياض بن عقبة الفهري، عن عبد الله بن عمرو.
وله طريق أخرى عند أحمد 2/ 176 من طريق بقية، عن معاوية بن سعيد، عن أبي قبيل، عن عبد الله بن عمرو بن العاص رفعه:" من مات يوم الجمعة أو ليلة الجمعة، وُقيّ فتنة القبر".
وفي الباب عن أنس عند أبي يعلى (4113)، وفي سنده وافد -بالفاء أو القاف- بن سلامة، ويزيد الرقاشي، وهما ضعيفان.
وعن جابر عند أبي نعيم في " الحلية " 3/ 155 - 156، وفي سنده عمر بن موسى بن وجيه الحمصي، وهو متروك، وبعضهم اتهمه.
وعن علي عند الديلمي في " مسنده " كما في " المقاصد الحسنة " ص 429، فالحديث يتقوَّى بهذه الشواهد.
قال صالح: ولم يعلم الناس بصلاة محمد بن عبد الله بن طاهر عليه، فلما كان في الغد عَلِمُوا، فجعلوا يجيئون، فيُصَلُّون على القبر. ومكث الناس ما شاء الله، يأتون، فيُصلُّون على القبر (1).
الخلال: حدثنا محمد بن حصن، قال: بَلَغني أن أحمد بن حنبل لما مات، فوَصَلَ الخبرُ إلى " الشاش " سعى بعضهم إلى بعض، فقالوا: قوموا حتى نُصلِّي على أحمد بن حنبل كما صلَّى النبي صلى الله عليه وسلم، على النجاشي فَخَرَجُوا إلى المصلى فَصَلُّوا عليه.
قال الخلالُ: سمعت عبد الوهَّاب الورَّاق، يقول: ما بلغنا أن جمعاً في الجاهلية ولا الإسلام مثله -يعني: من شهد الجنازة- حتى بلغنا أن الموضع مُسِحَ وحُزِرَ على الصحيح، فإذا هو نحوٌ من ألفِ ألفٍ وَحَزَرْنا على القبور نحواً من ستين ألف امرأة، وفتح الناس أبواب المنازل في الشوارع والدُّروب، ينادون من أراد الوضوء. ثم روى الذهبي نحو هذا من سبع طرق.
قال أبو بكرٍ البيهقيُّ: بلغني عن أبي القاسم البغويِّ أن ابن طاهرٍ أمر أن يُحزَرَ الخلقُ، فاتفقوا على سَبْعِ مئةِ ألف.
قال صالح: ودخل عليه سوَّارٌ القاضي، فجَعَلَ يُبَشِّرُهُ ويخبرُه بالرُّخص، وذكر عن معتمر أن أباه، قال له عند موته: حدثني بالرخص.
وفي جزء محمد بن عبد الله بن علم: الذي سمعناه، قال: سمعت عبد الله بن أحمد، يقول: لما حَضَرَتْ أبي الوفاةُ، جلستُ عنده
(1) من قوله: " ومكث " إلى هنا ساقط من (ب).
وبيدي الخِرقةُ لأفتقد (1) بها لحيته، فجعل يَغرَقُ، ثم يُفيقُ، ثم يفتحُ عينيه، ويقول بيده هكذا (2) لا بَعدُ لا بعد، ثلاث مرات. فلمَّا كان في الثالثة، قلت له: يا أبة، أيُّ شيء هذا الذي لَهِجْتَ به في هذا الوقت؟ فقال: يا بني، ما تدري؟ قلت: لا. قال: إبليس لعنه الله قائم، بحذائي، وهو عاضٌّ على أنامله، يقول: يا أحمد فُتَّني، وأنا أقول: لا بعد حتى أموت.
فهذه حكاية غريبة، تفرَّد بها ابن عَلم، فالله أعلم.
وقد أنبأنا الثقة، عن أبي المكارم التيمي، أخبرنا الحداد، أخبرنا أبو نُعيم، أخبرنا أبي، حدثنا (3) أحمد بن محمد بن عمر، قال: سُئِلَ عبد الله بن أحمد: هل عَقَلَ أبوك عند المعاينة؟ قال: نعم. كنا نُوَضِّئُه، فجعل يُشِيُر بيده، فقال لي صالح: أيُّ شيءٍ يقول؟ فقلت، هو ذا يقول: خلِّلوا أصابعي، فخلَّلْنا أصابعه ثم ترك (4) الإشارة، فمات من ساعته.
وقال صالحٌ: جعل أبي يحرِّك لسانه إلى أن تُوفي.
قال صالح: لم يحضُر أبي عند غَسلِه غريبٌ، فأردنا أن نُكفِّنَه، فغلبنا (5) عليه بنو هاشم، وجعلوا يبكون عليه، ويأتون بأولادهم فيُكبونهم عليه ويقبلونه.
(1) في " السير ": لأشُدَّ.
(2)
في (ب): هكذا بيده.
(3)
في (ب): أخبرنا.
(4)
في (ب): فترك.
(5)
في (د): فغلب.
أقول: هذا دليلٌ على شدة موالاته لأهل البيت، وقيامه بحق القرابة، وقد وصفه بذلك الإمام المنصور بالله، فقال في " المجموع المنصوري " في الدعوة العامة إلى جَيْلان ودَيْلَمان ما لفظُه: وأما أحمد بن حنبل، فيكفيك في الاستقصاء عن أمره أنه ذُكِرَ له الحديث المُطَرَّقُ بعليِّ بن موسى بن جعفر، قال: أخبرني موسى العبد الصالح، عن أبيه جعفر (1) بن محمد الصادق، عن أبيه محمد بن علي باقر علم الأنبياء، عن أبيه عليِّ بن الحسين زين العابدين، عن أبيه الحسين بن علي (2) سيد شباب أهل الجنة، عن أبيه علي بن أبي طالب سيد العرب، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم سيد الأوَّلين والآخرين، إنه قال:" الإيمان قولٌ باللسان، واعتقادٌ بالقلب، وعملٌ بالجوارح ". فذكر هذا السند لأحمد بن حنبل، فقال: لو قُرِىءَ هذا على مجنونٍ لبرأ من جنونه (3).
(1) في (ب): " عن أبيه عن جعفر " وهو خطأ.
(2)
" بن علي " ساقطة من (ب).
(3)
أخرجه ابن ماجة (65)، وأبو نعيم في " أخبار أصبهان " 1/ 138، والخطيب في " تاريخه " 5/ 418 - 419 و10/ 343 - 344 و11/ 47 و51 من طريق أبي الصلت الهروي عن علي بن موسى الرضا، بهذا الإسناد. ولفظ أبي نعيم: " حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الله المعدَّل، حدثنا أبو علي أحمد بن علي الأنصاري، حدثنا أبو الصلت عبد السلام بن صالح الهروي قال: كنت مع علي بن موسى الرضا
…
قال: حدثني أبي العدل الصالح موسى بن جعفر -إلى- حدثني أبي عليٌّ بن أبي طالب رضوان الله عليهم قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما الإيمان؟ قال: " معرفةٌ بالقلب، وإقرارٌ باللسان، وعملٌ بالأركان " وقال أبو علي: قال لي أحمد بن حنبل: إن قرأت هذا الإسناد على مجنونٍ بَرِىء من جنونه، وما عيب هذا الحديث إلَاّ جودة إسناده.
وقول الإمام أحمد تارة روي من قول أبي الصلت كما في ابن ماجة، وتارة من قول عبد الله بن طاهر بلفظ:" هذا سعوط المجانين إذا سعط به المجنون برأ " كما في " تاريخ بغداد " 5/ 418 - 419.
قال البوصيري في " مصباح الزجاجة " ورقة 6: قلت: أبو الصلت هذا متفق على ضعفه، واتهمه بعضهم، تابعه محمد بن سهل بن عامر البجلي، ومحمد بن زياد السلمي عن =
قال الإمام المنصور بالله عليه السلام: فهذا يكفيك عن التفتيش عن صحة ولاءه، وذكر موالاة بقية أئمة (1) الفقهاء الأربعة إلى آخر ما ذكره - فهذا عارضٌ ثم نعود إلى سيرته.
قال الذهبي: أخبرنا إسحاق بن أبي بكر، أخبرنا ابن خليل، حدثنا اللبان، عن الحداد، أخبرنا أبو نعيم، سمعت ظفر بن أحمد، حدثني الحسين بن علي، حدثني أحمد بن الورَّاق، حدثني عبد الرحمن بن محمد (ح) وأخبرنا ابن الفراء، أخبرنا ابن قدامة، أخبرنا ابن خُضير، أخبرنا ابن يوسف، أخبرنا البرمكي، أخبرنا ابن مردك، حدثنا عبد الرحمن بن أبي حاتم، حدثني أبو بكر محمد بن عباس المكي، سمعت الوركاني جار أحمد بن حنبل، قال: يوم مات أحمد أسلم (2) عشرون ألفاً. وفي رواية ظفر: عشرةُ آلاف من اليهود والنصارى والمجوس.
هذه حكاية منكرة، تفرَّد بنقلها هذا المكي عن هذا الوركاني، ولا يعرف، وماذا بالوركاني المشهور محمد بن جعفر الذي مات قبل أحمد بن حنبل بثلاث عشرة سنة، وهو الذي قال فيه أبو زرعة: كان جاراً لأحمد بن حنبل. ثم العادة والعقل تُحيلُ وقوع مثل هذا. وهو إسلام ألوفٍ من الناس بموت وليٍّ لله (3)، ثم لا ينقُلُ ذلك إلَاّ مجهولٌ لا
= علي بن موسى الرضا.
وأخرجه الخطيب في " تاريخه " 1/ 255 - 256 من طريق علي بن غراب، ومحمد بن سهل بن عامر البجلي، و9/ 386 من طريق أحمد بن عامر بن سليمان الطائي، ثلاثتهم عن علي بن موسى بن جعفر، به ..
(1)
ساقطة من (ب).
(2)
في (ب): أسلم يوم مات أحمد بن حنبل.
(3)
في (ب) و (د): الله.