الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَالَ الْعلمَاء وَيحرم رفع الصَّوْت بإفراط بالبكاء وَأما الْبكاء على الْمَيِّت من غير ندب وَلَا نياحة فَلَيْسَ بِحرَام روينَا فِي صَحِيح البُخَارِيّ وَمُسلم عَن ابْن عمر رضي الله عنهما أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم عَاد سعد بن عبَادَة وَمَعَهُ عبد الرَّحْمَن بن عَوْف وَسعد بن أبي وَقاص وَعبد الله بن مَسْعُود رضي الله عنهم فَبكى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَلَمَّا رأى الْقَوْم بكاء رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بكوا فَقَالَ أَلا تَسْمَعُونَ أَن الله لَا يعذب بدمع الْعين وَلَا بحزن الْقلب وَلَكِن يعذب بِهَذَا أَو يرحم وَأَشَارَ إِلَى لِسَانه وروينا فِي صَحِيحهمَا عَن أُسَامَة بن زيد أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَ سعد مَا هَذَا يَا رَسُول الله قَالَ هَذِه رَحْمَة جعلهَا الله فِي قُلُوب عباده وَإِنَّمَا يرحم الله من عباده الرُّحَمَاء وروينا فِي صَحِيح البُخَارِيّ عَن أنس رضي الله عنه أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم دخل على ابْنه إِبْرَاهِيم وَهُوَ يجود بِنَفسِهِ فَجعلت عينا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم تَذْرِفَانِ فَقَالَ لَهُ عبد الرَّحْمَن بن عَوْف وَأَنت يَا رَسُول الله قَالَ يَا ابْن عَوْف إِنَّهَا رَحْمَة ثمَّ أتبعهَا بِأُخْرَى فَقَالَ إِن الْعين لتدمع وَالْقلب يحزن وَلَا نقُول إِلَّا مَا يُرْضِي رَبنَا وَأَنا بِفِرَاقِك يَا إِبْرَاهِيم لَمَحْزُونُونَ وَأما الْأَحَادِيث الصَّحِيحَة أَن الْمَيِّت يعذب ببكاء أَهله عَلَيْهِ فَلَيْسَتْ على ظَاهرهَا وإطلاقها بل هِيَ مؤولة وَاخْتلف الْعلمَاء فِي تَأْوِيلهَا على أَقْوَال أظهرها وَالله أعلم أَنَّهَا مَحْمُولَة على أَن يكون لَهُ سَبَب فِي الْبكاء إِمَّا أَن يكون قد أوصاهم بِهِ أَو غير ذَلِك قَالَ أَصْحَاب الشَّافِعِي وَيجوز قبل الْمَوْت وَبعده وَلَكِن قبله أولى للْحَدِيث الصَّحِيح فَإِذا وَجَبت فَلَا تبكين باكية وَقد نَص الشَّافِعِي وَالْأَصْحَاب أَنه يكره الْبكاء بعد الْمَوْت كَرَاهَة تَنْزِيه وَلَا يحرم وتأولوا حَدِيث فَلَا تبكين باكية على الْكَرَاهَة وَالله أعلم
فصل
وَإِنَّمَا كَانَ للنائحة هَذَا الْعَذَاب واللعنة لِأَنَّهَا تَأمر بالجزع وتنهى عَن الصَّبْر وَالله وَرَسُوله قد أَمر بِالصبرِ والاحتساب ونهيا عَن الْجزع والسخط قَالَ الله تَعَالَى {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا اسْتَعِينُوا بِالصبرِ وَالصَّلَاة إِن الله مَعَ الصابرين}
قَالَ عَطاء عَن ابْن عَبَّاس يَقُول إِنِّي مَعكُمْ أَنْصُركُمْ وَلَا أخذلكم قَالَ الله تَعَالَى {ولنبلونكم} أَي لنعاملنكم مُعَاملَة المبتلى لِأَن الله يعلم عَاقِبَة الْأُمُور فَلَا يحْتَاج إِلَى الِابْتِلَاء ليعلم الْعَاقِبَة وَلكنه يعاملهم مُعَاملَة من يَبْتَلِي فَمن صَبر أثابه على صبره وَمن لم يصبر لم يسْتَحق الثَّوَاب وَقَول الله بِشَيْء من الْخَوْف والجوع قَالَ ابْن عَبَّاس يَعْنِي خوف الْعَدو والجوع يَعْنِي المجاعة والقحط وَنقص من الْأَمْوَال يَعْنِي الخسران وَالنُّقْصَان فِي المَال وهلاك الْمَوَاشِي والأنفس بِالْمَوْتِ وَالْقَتْل وَالْمَرَض والشيب والثمرات يَعْنِي الْحَوَائِج وَأَن لَا تخرج الثَّمَرَة كَمَا كَانَت تخرج ثمَّ ختم الْآيَة بتبشير الصابرين ليدل على أَن من صَبر على هَذِه المصائب كَانَ على وعد الثَّوَاب من الله تَعَالَى فَقَالَ تَعَالَى {وَبشر الصابرين} ثمَّ نعتهم فَقَالَ الَّذين إِذا أَصَابَتْهُم مُصِيبَة أَي نالتهم نكبة مِمَّا ذكر وَلَا يُقَال فِيمَا أُصِيب بِخَير مُصِيبَة قَالُوا إِنَّا لله عبيد الله فيصنع بِنَا مَا يَشَاء وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُون بِالْهَلَاكِ وبالفناء وَمعنى الرُّجُوع إِلَى الله الرُّجُوع إِلَى انْفِرَاده بالحكم إِذْ قد ملك فِي الدُّنْيَا قوماً الحكم فَإِذا زَالَ حكم الْعباد رَجَعَ الْأَمر إِلَى الله عز وجل وَعَن عَائِشَة رضي الله عنها أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ مَا من مُصِيبَة يصاب بهَا الْمُؤمن إِلَّا كفر الله بهَا عَنهُ حَتَّى الشَّوْكَة يشاكها رَوَاهُ مُسلم وَعَن عَلْقَمَة بن مرْثَد بن سابط عَن أَبِيه قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم من أُصِيب بمصيبة فليذكر مصيبته بِي فَإِنَّهَا أعظم المصائب وَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِذا مَاتَ ولد العَبْد يَقُول الله للْمَلَائكَة قبضتم ولد عَبدِي فَيَقُولُونَ حمدك واسترجع فَيَقُول الله تَعَالَى ابْنُوا لعبدي بَيْتا فِي الْجنَّة وسموه بَيت الْحَمد وَعَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ يَقُول الله تَعَالَى مَا لعبدي عِنْدِي جَزَاء إِذا قبضت صَفيه من أهل