الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْكَبِيرَة الْحَادِيَة وَالْخَمْسُونَ الاستطالة على الضَّعِيف والمملوك وَالْجَارِيَة وَالزَّوْجَة وَالدَّابَّة
لِأَن الله تَعَالَى قد أَمر بِالْإِحْسَانِ إِلَيْهِم بقوله تَعَالَى {واعبدوا الله وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئا وبالوالدين إحساناً وبذي الْقُرْبَى واليتامى وَالْمَسَاكِين وَالْجَار ذِي الْقُرْبَى وَالْجَار الْجنب والصاحب بالجنب وَابْن السَّبِيل وَمَا ملكت أَيْمَانكُم إِن الله لَا يحب من كَانَ مختالاً فخوراً} قَالَ الواحدي فِي قَوْله تَعَالَى واعبدوا الله وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئا أخبرنَا أَحْمد بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم المهرجاني بِإِسْنَادِهِ عَن معَاذ بن جبل رضي الله عنه قَالَ كنت رَدِيف النَّبِي صلى الله عليه وسلم على حمَار فَقَالَ يَا معَاذ قلت لبيْك وَسَعْديك يَا رَسُول الله قَالَ هَل تَدْرِي مَا حق الله على الْعباد وَمَا حق الْعباد على الله قلت الله وَرَسُوله أعلم قَالَ فَإِن حق الله على الْعباد أَن يعبدوه وَلَا يشركوا بِهِ شَيْئا وَحقّ الْعباد على الله أَن لَا يعذب من لَا يُشْرك بِهِ شَيْئا وَعَن ابْن مَسْعُود رضي الله عنه قَالَ أَتَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَعْرَابِي فَقَالَ يَا نَبِي الله أوصني قَالَ لَا تشرك بِاللَّه شَيْئا وَإِن قطعت وَحرقت وَلَا تدع الصَّلَاة لوَقْتهَا فَإِنَّهَا ذمَّة الله وَلَا تشرب الْخمر فَإِنَّهَا مِفْتَاح كل شَرّ
قَوْله وبالوالدين إحساناً يُرِيد الْبر بهما مَعَ اللطف ولين الْجَانِب وَلَا يغلظ لَهما الْجَواب وَلَا يحد النظر إِلَيْهِمَا وَلَا يرفع صَوته عَلَيْهِمَا بل يكون بَين أَيْدِيهِمَا مثل العَبْد بَين يَدي السَّيِّد تذللاً لَهما قَوْله وبذي الْقُرْبَى قَالَ يصلهم ويتعطف عَلَيْهِم واليتامى يرفق بهم ويدنيهم وَيمْسَح رؤوسهم وَالْمَسَاكِين ببذل يسير ورد جميل وَالْجَار ذِي الْقُرْبَى يَعْنِي الَّذِي بَيْنك وَبَينه قرَابَة فَلهُ حق الْقَرَابَة وَحقّ الْجوَار وَحقّ الْإِسْلَام وَالْجَار الْجنب هُوَ الَّذِي لَيْسَ بَيْنك وَبَينه قرَابَة يُقَال رجل جنب إِذا كَانَ غَرِيبا متباعداً أَهله وَقوم أجانب والجنابة الْبعد عَن عَائِشَة رضي الله عنها أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ مَا زَالَ جِبْرِيل يوصيني بالجار حَتَّى ظَنَنْت أَنه سيورثه وَعَن أنس بن مَالك رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِن الْجَار ليتعلق بالجار يَوْم الْقِيَامَة يَقُول يَا رب أوسعت على أخي هَذَا واقترب عَليّ أمسي طاوياً ويمسي هَذَا شبعان سَله لم أغلق بَابه عني وحرمني مَا قد أوسعت بِهِ عَلَيْهِ والصاحب بالجنب قَالَ ابْن عَبَّاس وَمُجاهد هُوَ الرفيق فِي السفر لَهُ حق الْجوَار وَحقّ الصُّحْبَة وَابْن السَّبِيل هُوَ الضَّعِيف يجب إقراؤه إِلَى أَن يبلغ حَيْثُ يُرِيد وَقَالَ ابْن عَبَّاس هُوَ عَابِر السَّبِيل تؤويه وتطعمه حَتَّى يرحل عَنْك وَمَا ملكت أَيْمَانكُم يُرِيد الْمَمْلُوك يحسن رزقه وَيَعْفُو عَنهُ فِيمَا يُخطئ قَوْله إِن الله لَا يحب من كَانَ مختالاً فخوراً قَالَ ابْن عَبَّاس يُرِيد بالمختال الْعَظِيم فِي نَفسه الَّذِي لَا يقوم بِحُقُوق الله والفخور هُوَ الَّذِي يفخر على عباد الله بِمَا خوله الله من كرامته وَمَا أعطَاهُ من نعمه عَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ بَيْنَمَا رجل شَاب مِمَّن كَانَ قبلكُمْ يمشي فِي حلَّة مختالاً فخوراً إِذْ ابتلعته الأَرْض فَهُوَ يتجلجل فِيهَا حَتَّى تقوم السَّاعَة وَعَن أُسَامَة قَالَ سَمِعت
ابْن عمر يَقُول سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول من جر ثَوْبه خُيَلَاء لم ينظر الله إِلَيْهِ يَوْم الْقِيَامَة هَذَا مَا ذكره الواحدي وَكَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم عِنْد خُرُوجه من الدُّنْيَا فِي آخر مَرضه يُوصي بِالصَّلَاةِ وبالإحسان إِلَى الْمَمْلُوك وَيَقُول الله الله الصَّلَاة وَمَا ملكت أَيْمَانكُم وَفِي الحَدِيث حسن الملكة يمن وَسُوء الملكة شُؤْم وَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لَا يدْخل الْجنَّة سيء الملكة قَالَ أَبُو مَسْعُود رضي الله عنه كنت أضْرب مَمْلُوكا لي بِالسَّوْطِ فَسمِعت صَوتا من ورائي اعْلَم أَبَا مَسْعُود أَن الله أقدر عَلَيْك مِنْك على هَذَا الْغُلَام قَالَ قلت يَا رَسُول الله لَا أضْرب مَمْلُوكا لي بعده أبداً وَفِي رِوَايَة سقط السَّوْط من يَدي من هَيْبَة رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَفِي رِوَايَة فَقلت هُوَ حر لوجه الله فَقَالَ أما إِنَّك لَو لم تفعل لَلَفَحَتْك النَّار يَوْم الْقِيَامَة رَوَاهُ مُسلم وروى مُسلم أَيْضا من حَدِيث ابْن عمر رضي الله عنهما قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم من ضرب غُلَاما لَهُ حداً لم يَأْته أَو لطمه فكفارته أَن يعتقهُ وَمن حَدِيث حَكِيم بن حزَام قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِن الله يعذب الَّذين يُعَذبُونَ النَّاس فِي الدُّنْيَا وَفِي الحَدِيث من ضرب بِسَوْط ظلما اقْتصّ مِنْهُ يَوْم الْقِيَامَة وَقيل لرَسُول الله صلى الله عليه وسلم كم نعفو عَن الْخَادِم قَالَ فِي الْيَوْم سبعين مرة وَكَانَ فِي يَد النَّبِي صلى الله عليه وسلم يَوْمًا سواك فَدَعَا خَادِمًا لَهُ فَأَبْطَأَ عَلَيْهِ فَقَالَ لَوْلَا
الْقصاص لضربتك بِهَذَا السِّوَاك وَكَانَ لأبي هُرَيْرَة رضي الله عنه جَارِيَة زنجية فَرفع يَوْمًا عَلَيْهَا السَّوْط فَقَالَ لَوْلَا الْقصاص لأغشيتكيه وَلَكِن سأبيعك لمن يوفيني ثمنك اذهبي فَأَنت حرَّة لوجه الله وَجَاءَت امْرَأَة إِلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَقَالَت يَا رَسُول الله إِنِّي قلت لأمتي يَا زَانِيَة قَالَ وَهل رَأَيْت عَلَيْهَا ذَلِك قَالَت لَا أما أَنَّهَا ستستقيد مِنْك يَوْم الْقِيَامَة فَرَجَعت إِلَى جاريتها فأعطتها سَوْطًا وَقَالَت اجلديني فَأَبت الْجَارِيَة فأعتقتها ثمَّ رجعت إِلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرته بِعتْقِهَا فَقَالَ عَسى أَي عَسى أَن يكفر عتقك لَهَا مَا قذفتها بِهِ وَفِي الصَّحِيحَيْنِ أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ من قذف مَمْلُوكه وَهُوَ بَرِيء مِمَّا قَالَه جلد يَوْم الْقِيَامَة حدا إِلَّا أَن يكون كَمَا قَالَ وَفِي الحَدِيث للمملوك طَعَامه وَكسوته وَلَا يُكَلف مَا لَا يُطيق وَكَانَ صلى الله عليه وسلم يوصيهم عِنْد خُرُوجه من الدُّنْيَا وَيَقُول الله الله فِي الصَّلَاة وَمَا ملكت أَيْمَانكُم أطعموهم مِمَّا تَأْكُلُونَ وَاكْسُوهُمْ مِمَّا تكتسون وَلَا تُكَلِّفُوهُمْ من الْعَمَل مَا لَا يُطِيقُونَ فَإِن كلفْتُمُوهُمْ فَأَعِينُوهُمْ وَلَا تعذبوا خلق الله فَإِنَّهُ ملككم إيَّاهُم وَلَو شَاءَ لملكهم إيَّاكُمْ وَدخل جمَاعَة على سلمَان الْفَارِسِي رضي الله عنه وَهُوَ أَمِير على الْمَدَائِن فوجدوه يعجن عجين أَهله فَقَالُوا لَهُ أَلا تتْرك الْجَارِيَة تعجن فَقَالَ رضي الله عنه إِنَّا