الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْكَبِيرَة الرَّابِعَة فِي ترك الصَّلَاة
قَالَ الله تَعَالَى {فخلف من بعدهمْ خلف أضاعوا الصَّلَاة وَاتبعُوا الشَّهَوَات فَسَوف يلقون غياً إِلَّا من تَابَ وآمن وَعمل صَالحا} قَالَ ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما لَيْسَ معنى أضاعوها تركوها بِالْكُلِّيَّةِ وَلَكِن أخروها عَن أَوْقَاتهَا وَقَالَ سعيد بن الْمسيب إِمَام التَّابِعين رحمه الله هُوَ أَن لَا يُصَلِّي الظّهْر حَتَّى يَأْتِي الْعَصْر وَلَا يُصَلِّي الْعَصْر إِلَى الْمغرب وَلَا يُصَلِّي الْمغرب إِلَى الْعشَاء وَلَا يُصَلِّي الْعشَاء إِلَى الْفجْر وَلَا يُصَلِّي الْفجْر إِلَى طُلُوع الشَّمْس فَمن مَاتَ وَهُوَ مصر على هَذِه الْحَالة وَلم يتب وعده الله بغي وَهُوَ وَاد فِي جَهَنَّم بعيد قَعْره خَبِيث طعمه وَقَالَ الله تَعَالَى فِي آيَة أُخْرَى {فويل للمصلين الَّذين هم عَن صلَاتهم ساهون} أَي غافلون عَنْهَا متهاونون بهَا وَقَالَ سعد بن أبي وَقاص رضي الله عنه سَأَلت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم عَن الَّذين هم عَن صلَاتهم ساهون قَالَ هُوَ تَأْخِير الْوَقْت أَي تَأْخِير الصَّلَاة عَن وَقتهَا سماهم مصلين لكِنهمْ لما تهاونوا وأخروها عَن وَقتهَا وعدهم بويل وَهُوَ شدَّة الْعَذَاب وَقيل هُوَ وَاد فِي جَهَنَّم لَو سيرت فِيهِ جبال الدُّنْيَا لذابت من شدَّة حره وَهُوَ مسكن من يتهاون بِالصَّلَاةِ ويؤخرها عَن وَقتهَا إِلَّا أَن يَتُوب إِلَى الله تَعَالَى ويندم على مَا فرط وَقَالَ الله تَعَالَى فِي آيَة أُخْرَى
{يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تلهكم أَمْوَالكُم وَلَا أَوْلَادكُم عَن ذكر الله وَمن يفعل ذَلِك فَأُولَئِك هم الخاسرون} قَالَ الْمُفَسِّرُونَ المُرَاد بِذكر الله فِي هَذِه الْآيَة الصَّلَوَات الْخمس فَمن اشْتغل بِمَالِه فِي بَيْعه وشرائه ومعيشته وضيعته وَأَوْلَاده عَن الصَّلَاة فِي وَقتهَا كَانَ من الخاسرين وَهَكَذَا قَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم أول مَا يُحَاسب بِهِ العَبْد يَوْم الْقِيَامَة من عمله الصَّلَاة فَإِن صلحت فقد أَفْلح وأنجح وَإِن نقصت فقد خَابَ وخسر وَقَالَ الله تَعَالَى مخبراً عَن أَصْحَاب الْجَحِيم {مَا سلككم فِي سقر قَالُوا لم نك من الْمُصَلِّين وَلم نك نطعم الْمِسْكِين وَكُنَّا نَخُوض مَعَ الخائضين وَكُنَّا نكذب بِيَوْم الدين حَتَّى أَتَانَا الْيَقِين فَمَا تنفعهم شَفَاعَة الشافعين} وَقَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم الْعَهْد الَّذِي بَيْننَا وَبينهمْ الصَّلَاة فَمن تَركهَا فقد كفر وَقَالَ قَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم بَين العَبْد وَبَين الْكفْر ترك الصَّلَاة حديثان صَحِيحَانِ
وَفِي صَحِيح البُخَارِيّ أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ من فَاتَتْهُ صَلَاة الْعَصْر حَبط عمله وَفِي السّنَن أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ من ترك الصَّلَاة مُتَعَمدا فقد بَرِئت مِنْهُ ذمَّة الله وَقَالَ صلى الله عليه وسلم أمرت أَن أقَاتل النَّاس حَتَّى يَقُولُوا لَا إِلَه إِلَّا الله ويقيموا الصَّلَاة ويؤتوا الزَّكَاة فَإِذا فعلوا ذَلِك عصموا مني دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالهمْ إِلَّا بِحَقِّهَا وحسابهم على الله مُتَّفق عَلَيْهِ وَقَالَ صلى الله عليه وسلم من حَافظ عَلَيْهَا كَانَت لَهُ نوراً وبرهاناً وَنَجَاة يَوْم الْقِيَامَة وَمن لم يحافظ عَلَيْهَا لم تكن لَهُ نوراً وَلَا برهاناً وَلَا نجاة يَوْم الْقِيَامَة وَكَانَ يَوْم الْقِيَامَة مَعَ فِرْعَوْن وَقَارُون وهامان وَأبي بن خلف وَقَالَ عمر رضي الله عنه أما أَنه لَا حَظّ لأحد فِي الْإِسْلَام أضاع الصَّلَاة قَالَ بعض الْعلمَاء رحمهم الله وَإِنَّمَا يحْشر تَارِك الصَّلَاة مَعَ هَؤُلَاءِ الْأَرْبَعَة لِأَنَّهُ إِنَّمَا يشْتَغل عَن الصَّلَاة بِمَالِه أَو بِملكه أَو بوزارته أَو بتجارته فَإِن اشْتغل بِمَالِه حشر مَعَ قَارون وَإِن اشْتغل بِملكه حشر مَعَ فِرْعَوْن وَإِن اشْتغل بوزارته حشر مَعَ هامان وَإِن اشْتغل بتجارته حشر مَعَ أبي بن خلف تَاجر الْكفَّار بِمَكَّة وروى الإِمَام أَحْمد عَن معَاذ بن جبل رضي الله عنه أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ من ترك صَلَاة مَكْتُوبَة مُتَعَمدا فقد بَرِئت مِنْهُ ذمَّة الله عز وَجل
وروى الْبَيْهَقِيّ بِإِسْنَادِهِ أَن عمر بن الْخطاب رضي الله عنه قَالَ جَاءَ رجل إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَ يَا رَسُول الله أَي الْأَعْمَال أحب إِلَى الله تَعَالَى فِي الْإِسْلَام قَالَ الصَّلَاة لوَقْتهَا وَمن ترك الصَّلَاة فَلَا دين لَهُ وَالصَّلَاة عماد الدين وَلما طعن عمر بن الْخطاب رضي الله عنه قيل لَهُ الصَّلَاة يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ قَالَ نعم أما أَنه لَا حَظّ لأحد فِي الْإِسْلَام أضاع الصَّلَاة وَصلى رضي الله عنه وجرحه يثعب دَمًا وَقَالَ عبد الله بن شَقِيق التَّابِعِيّ رضي الله عنه كَانَ أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لَا يرَوْنَ شَيْئا من الْأَعْمَال تَركه كفر غير الصَّلَاة وَسُئِلَ عَليّ رضي الله عنه عَن امْرَأَة لَا تصلي فَقَالَ من لم يصل فَهُوَ كَافِر وَقَالَ ابْن مَسْعُود رضي الله عنه من لم يصل فَلَا دين لَهُ وَقَالَ ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما من ترك صَلَاة وَاحِدَة مُتَعَمدا لَقِي الله تَعَالَى وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَان وَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم من لَقِي الله وَهُوَ مضيع للصَّلَاة لم يعبأ الله بِشَيْء من حَسَنَاته أَي مَا يفعل وَمَا يصنع بحسناته إِذا كَانَ مضيعاً للصَّلَاة وَقَالَ ابْن حزم لَا ذَنْب بعد الشرك أعظم من تَأْخِير الصَّلَاة عَن وَقتهَا وَقتل مُؤمن بِغَيْر حق وَقَالَ إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ من ترك الصَّلَاة فقد كفر وَقَالَ أَيُّوب السّخْتِيَانِيّ مثل ذَلِك وَقَالَ عون بن عبد الله إِن العَبْد إِذا أَدخل قَبره سُئِلَ عَن الصَّلَاة أول شَيْء يسْأَل عَنهُ فَإِن جَازَت لَهُ نظر فِيمَا دون ذَلِك من عمله وَإِن لم تجز لَهُ لم ينظر فِي شَيْء من عمله بعد وَقَالَ صلى الله عليه وسلم إِذا صلى العَبْد الصَّلَاة فِي أول الْوَقْت صعدت إِلَى السَّمَاء وَلها نور حَتَّى تَنْتَهِي إِلَى الْعَرْش فتستغفر لصَاحِبهَا إِلَى يَوْم الْقِيَامَة