الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْكَبِيرَة التَّاسِعَة هجر الْأَقَارِب
قَالَ الله تَعَالَى {وَاتَّقوا الله الَّذِي تساءلون بِهِ والأرحام} أَي وَاتَّقوا الْأَرْحَام أَن تقطعوها وَقَالَ الله تَعَالَى {فَهَل عسيتم إِن توليتم أَن تفسدوا فِي الأَرْض وتقطعوا أَرْحَامكُم أُولَئِكَ الَّذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أَبْصَارهم} وَقَالَ الله تَعَالَى {الَّذين يُوفونَ بِعَهْد الله وَلَا ينقضون الْمِيثَاق وَالَّذين يصلونَ مَا أَمر الله بِهِ أَن يُوصل ويخشون رَبهم وَيَخَافُونَ سوء الْحساب} وَقَالَ الله تَعَالَى {يضل بِهِ} أَي بِالْقُرْآنِ {كثيراً وَيهْدِي بِهِ كثيراً وَمَا يضل بِهِ إِلَّا الْفَاسِقين الَّذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون مَا أَمر الله بِهِ أَن يُوصل ويفسدون فِي الأَرْض أُولَئِكَ هم الخاسرون} أعظم ذَلِك مَا بَين العَبْد وَبَين الله مَا عَهده الله على العبيد وَفِي الصَّحِيحَيْنِ أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ لَا يدْخل الْجنَّة قَاطع رحم فَمن قطع أَقَاربه الضُّعَفَاء وهجرهم وتكبر عَلَيْهِم وَلم يصلهم ببره وإحسانه وَكَانَ غَنِيا وهم فُقَرَاء فَهُوَ دَاخل فِي هَذَا الْوَعيد محروم عَن دُخُول الْجنَّة إِلَّا أَن يَتُوب إِلَى الله عز وجل وَيحسن إِلَيْهِم وَقد ورد فِي الحَدِيث عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَنه قَالَ
من كَانَ لَهُ أقَارِب ضعفاء وَلم يحسن إِلَيْهِم وَيصرف صدقته إِلَى غَيرهم لم يقبل الله مِنْهُ صدقته وَلَا ينظر إِلَيْهِ يَوْم الْقِيَامَة وَإِن كَانَ فَقِيرا وصلهم بزيارتهم والتفقد لأحوالهم لقَوْل النَّبِي صلى الله عليه وسلم صلوا أَرْحَامكُم وَلَو بِالسَّلَامِ وَقَالَ صلى الله عليه وسلم من كَانَ يُؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر فَليصل رَحمَه وَفِي الحَدِيث عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَنه قَالَ لَيْسَ الْوَاصِل بالمكافئ وَلَكِن الْوَاصِل الَّذِي من إِذا قطعت رَحمَه وَصلهَا وَقَالَ صلى الله عليه وسلم يَقُول الله تَعَالَى أَنا الرَّحْمَن وَهِي الرَّحِم فَمن وَصلهَا وصلته وَمن قطعهَا قطعته وَعَن عَليّ بن الْحُسَيْن رضي الله عنهما أَنه قَالَ لوَلَده يَا بني لَا تصحبن قَاطع رحم فَإِنِّي وجدته ملعوناً فِي كتاب الله فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع وَرُوِيَ عَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه أَنه جلس يحدث عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَ أحرج على كل قَاطع رحم إِلَّا قَامَ من عندنَا فَلم يقم أحد إِلَّا شَاب من أقْصَى الْحلقَة فَذهب إِلَى عمته لِأَنَّهُ كَانَ قد صارمها مُنْذُ سِنِين فصالحها فَقَالَت لَهُ عمته مَا جَاءَ بك يَا ابْن أخي فَقَالَ إِنِّي جَلَست إِلَى أبي هُرَيْرَة صَاحب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَ أحرج كل قَاطع رحم إِلَّا قَامَ من عندنَا فَقَالَت لَهُ عمته ارْجع إِلَى أبي هُرَيْرَة واسأله لم ذَلِك فَرجع إِلَيْهِ وَأخْبرهُ بِمَا جرى لَهُ مَعَ عمته وَسَأَلَهُ لم لَا يجلس عنْدك قَاطع رحم فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَة إِنِّي سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول إِن الرَّحْمَة لَا تنزل على قوم فيهم قَاطع رحم وَحكي أَن رجلاً من الْأَغْنِيَاء حج إِلَى بَيت الله الْحَرَام فَلَمَّا وصل إِلَى مَكَّة أودع من مَاله ألف دِينَار عِنْد رجل كَانَ موسوماً بالأمانة وَالصَّلَاح إِلَى أَن يقف بِعَرَفَات فَلَمَّا وقف بِعَرَفَات
وَرجع إِلَى مَكَّة وجد الرجل قد مَاتَ فَسَأَلَ أَهله عَن مَاله علم أَنه لم يكن لَهُم بِهِ علم فَأتى عُلَمَاء مَكَّة فَأخْبرهُم بِحَالهِ وَمَاله فَقَالُوا لَهُ إِذا كَانَ نصف اللَّيْل فأت زَمْزَم وَانْظُر فِيهَا وناد يَا فلَان باسمه فَإِن كَانَ من أهل الْجنَّة فسيجيبك بِأول مرة فَمضى الرجل ونادى فِي زَمْزَم فَلم يجبهُ أحد فجَاء إِلَيْهِم وَأخْبرهمْ فَقَالُوا (إِنَّا لله وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُون) نخشى أَن يكون صَاحبك من أهل النَّار اذْهَبْ إِلَى أَرض الْيمن فَفِيهَا بِئْر يُسمى برهوت يُقَال أَنه على فَم جَهَنَّم فَانْظُر فِيهِ بِاللَّيْلِ وناد يَا فلَان فَإِن كَانَ من أهل النَّار فسيجيبك مِنْهَا فَمضى إِلَى الْيمن وَسَأَلَ عَن الْبِئْر فَدلَّ عَلَيْهَا فَأَتَاهَا بِاللَّيْلِ وَنظر فِيهَا ونادى يَا فلَان فَأَجَابَهُ فَقَالَ أَيْن ذهبي قَالَ دَفَنته فِي الْموضع الْفُلَانِيّ من دَاري وَلم ائْتمن عَلَيْهِ وَلَدي فأتهم وَاحْفِرْ هُنَاكَ تَجدهُ فَقَالَ لَهُ مَا الَّذِي أنزلك هَهُنَا وَكُنَّا نظن بك الْخَيْر فَقَالَ كَانَ لي أُخْت فقيرة هجرتهَا وَكنت لَا أحنو عَلَيْهَا فعاقبني الله سُبْحَانَهُ بِسَبَبِهَا وأنزلني الله هَذِه الْمنزلَة وتصديق ذَلِك فِي الحَدِيث الصَّحِيح قَوْله صلى الله عليه وسلم لَا يدْخل الْجنَّة قَاطع يَعْنِي قَاطع رحم كالأخت وَالْخَالَة والعمة وَبنت الْأُخْت وَغَيرهم من الْأَقَارِب فنسأل الله التَّوْفِيق لطاعته إِنَّه جواد كريم