الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حَتَّى يفرغ من صلَاته وروى البُخَارِيّ عَن حُذَيْفَة بن الْيَمَان رضي الله عنه أَنه رأى رجلا يُصَلِّي وَلَا يتم رُكُوع الصَّلَاة وَلَا سجودها فَقَالَ لَهُ حُذَيْفَة صليت وَلَو مت وَأَنت تصلي هَذِه الصَّلَاة مت على غير فطْرَة مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم وَفِي رِوَايَة أبي دَاوُد أَنه قَالَ مُنْذُ كم تصلي هَذِه الصَّلَاة قَالَ مُنْذُ أَرْبَعِينَ سنة قَالَ مَا صليت مُنْذُ أَرْبَعِينَ سنة شَيْئا وَلَو مت مت على غير فطْرَة مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم وَكَانَ الْحسن الْبَصْرِيّ يَقُول يَا ابْن آدم أَي شَيْء يعز عَلَيْك من دينك إِذا هَانَتْ عَلَيْك صَلَاتك وَأَنت أول مَا تسْأَل عَنْهَا يَوْم الْقِيَامَة كَمَا تقدم من قَول النَّبِي صلى الله عليه وسلم أول مَا يُحَاسب العَبْد يَوْم الْقِيَامَة من عمله صلَاته فَإِن صلحت فقد أَفْلح وأنجح وَإِن فَسدتْ فقد خَابَ وخسر فَإِن انْتقصَ من الْفَرِيضَة شَيْء يَقُول الله تَعَالَى انْظُرُوا هَل لعبدي من تطوع فيكمل بِهِ مَا انْتقصَ من الْفَرِيضَة ثمَّ يكون سَائِر عمله كَذَلِك فَيَنْبَغِي للْعَبد أَن يستكثر من النَّوَافِل حَتَّى يكمل بِهِ مَا انْتقصَ من فَرَائِضه وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق
فصل
فِي عُقُوبَة تَارِك الصَّلَاة (فِي جمَاعَة) مَعَ الْقُدْرَة قَالَ الله تَعَالَى {يَوْم يكْشف عَن سَاق وَيدعونَ إِلَى السُّجُود فَلَا يَسْتَطِيعُونَ خاشعة أَبْصَارهم ترهقهم ذلة وَقد كَانُوا يدعونَ إِلَى السُّجُود وهم سَالِمُونَ}
وَذَلِكَ يَوْم الْقِيَامَة يَغْشَاهُم ذل الندامة وَقد كَانُوا فِي الدُّنْيَا يدعونَ إِلَى السُّجُود قَالَ إِبْرَاهِيم التَّيْمِيّ يَعْنِي إِلَى الصَّلَاة الْمَكْتُوبَة بِالْأَذَانِ وَالْإِقَامَة وَقَالَ سعيد بن الْمسيب كَانُوا يسمعُونَ حَيّ على الصَّلَاة حَيّ على الْفَلاح فَلَا يجيبون وهم أصحاء سَالِمُونَ وَقَالَ كَعْب الْأَحْبَار وَالله مَا نزلت هَذِه الْآيَة إِلَّا فِي الَّذين تخلفوا عَن الْجَمَاعَة فَأَي وَعِيد أَشد وأبلغ من هَذَا لمن ترك الصَّلَاة فِي الْجَمَاعَة مَعَ الْقُدْرَة على إتيانها وَأما من السنة فَمَا ثَبت فِي الصَّحِيحَيْنِ أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ لقد هَمَمْت أَن آمُر بِالصَّلَاةِ فتقام ثمَّ آمُر رجلاً فيؤم النَّاس ثمَّ أَنطلق معي بِرِجَال مَعَهم حزم من حطب إِلَى قوم لَا يشْهدُونَ الصَّلَاة فِي الْجَمَاعَة فَأحرق بُيُوتهم عَلَيْهِم بالنَّار وَلَا يتوعد بحرق بُيُوتهم عَلَيْهِم إِلَّا على ترك وَاجِب مَعَ مَا فِي الْبيُوت من الذُّرِّيَّة وَالْمَتَاع وَفِي صَحِيح مُسلم أَن رجلاً أعمى أَتَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَقَالَ يَا رَسُول الله لَيْسَ لي قَائِد يقودني إِلَى الْمَسْجِد وَسَأَلَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَن يرخص لَهُ أَن يُصَلِّي فِي بَيته فَرخص لَهُ فَلَمَّا ولى دَعَاهُ فَقَالَ هَل تسمع النداء بِالصَّلَاةِ قَالَ نعم قَالَ فأجب وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد عَن عَمْرو بن أم مَكْتُوم أَنه أَتَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَقَالَ يَا رَسُول الله إِن الْمَدِينَة كَثِيرَة الْهَوَام وَالسِّبَاع وَأَنا ضَرِير الْبَصَر شاسع الدَّار أَي بعيد الدَّار ولي قَائِد لَا يلائمني فَهَل لي رخصَة أَن أُصَلِّي فِي بَيْتِي فَقَالَ هَل تسمع النداء قَالَ نعم قَالَ فأجب فَإِنِّي لَا أجد لَك رخصَة فَهَذَا رجل ضَرِير الْبَصَر شكى مَا يجد من الْمَشَقَّة فِي مَجِيئه إِلَى الْمَسْجِد وَلَيْسَ لَهُ قَائِد يَقُودهُ إِلَى الْمَسْجِد وَمَعَ هَذَا لم يرخص لَهُ النَّبِي صلى الله عليه وسلم فِي الصَّلَاة فِي بَيته فَكيف بِمن يكون صَحِيح الْبَصَر سليماً لَا عذر لَهُ وَلِهَذَا لما سُئِلَ ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما عَن رجل يَصُوم النَّهَار وَيقوم اللَّيْل وَلَا يُصَلِّي فِي جمَاعَة وَلَا يجمع فَقَالَ إِن مَاتَ على هَذَا فَهُوَ فِي النَّار
وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَة رضي الله عنه لِأَن تمتلئ أذن ابْن آدم رصاصا مذاباً خير لَهُ من أَن يسمع النداء وَلَا يُجيب وَرُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم من سمع الْمُنَادِي بِالصَّلَاةِ فَلم يمنعهُ من اتِّبَاعه عذر قيل وَمَا الْعذر يَا رَسُول الله قَالَ خوف أَو مرض لم تقبل مِنْهُ الصَّلَاة الَّتِي صلى يَعْنِي فِي بَيته وَأخرج الْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه عَن ابْن عَبَّاس أَيْضا قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَثَلَاثَة لعنهم الله من تقدم قوماً وهم لَهُ كَارِهُون وَامْرَأَة باتت وَزوجهَا عَلَيْهَا ساخط وَرجل سمع حَيّ على الصَّلَاة حَيّ على الْفَلاح ثمَّ لم يجب وَقَالَ عَليّ بن أبي طَالب رضي الله عنه لَا صَلَاة لِجَار الْمَسْجِد إِلَّا فِي الْمَسْجِد قيل وَمن جَار الْمَسْجِد قَالَ من سمع الْأَذَان وروى البُخَارِيّ فِي صَحِيحه عَن عبد الله بن مَسْعُود رضي الله عنه قَالَ من سره أَن يلقى الله غَدا مُسلما يَعْنِي يَوْم الْقِيَامَة فليحافظ على هَؤُلَاءِ الصَّلَوَات الْخمس حَيْثُ يُنَادي بِهن فَإِن الله شرع لنبيكم سنَن الْهدى وإنهن من سنَن الْهدى وَلَو أَنكُمْ صليتم فِي بُيُوتكُمْ كَمَا يُصَلِّي هَذَا المتخلف فِي بَيته لتركتم سنة نَبِيكُم وَلَو تركْتُم سنة نَبِيكُم لَضَلَلْتُمْ وَلَقَد رَأَيْتنَا وَمَا يتَخَلَّف عَنْهَا إِلَّا مُنَافِق مَعْلُوم النِّفَاق أومريض وَلَقَد كَانَ الرجل يُؤْتى بِهِ يهادى بَين رجلَيْنِ حَتَّى يُقَام فِي الصَّفّ أَو حَتَّى يَجِيء إِلَى الْمَسْجِد لأجل صَلَاة الْجَمَاعَة