الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَعَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما قَالَ مَا من أحد لم يحج وَلم يؤد زَكَاة مَاله إِلَّا سَأَلَ الرّجْعَة عِنْد الْمَوْت فَقيل لَهُ إِنَّمَا يسْأَل الرّجْعَة الْكفَّار قَالَ وَإِن ذَلِك فِي كتاب الله تَعَالَى {وأنفقوا من مَا رزقناكم من قبل أَن يَأْتِي أحدكُم الْمَوْت فَيَقُول رب لَوْلَا أخرتني إِلَى أجل قريب فَأَصدق} أَي أؤدي الزَّكَاة وأكن من الصَّالِحين أَي أحج {وَلنْ يُؤَخر الله نفساً إِذا جَاءَ أجلهَا وَالله خَبِير بِمَا تَعْمَلُونَ} قيل فيمَ تجب الزَّكَاة قَالَ بِمِائَتي دِرْهَم وَقيمتهَا من الذَّهَب قيل فَمَا يُوجب الْحَج قَالَ الزَّاد وَالرَّاحِلَة وَعَن سعيد بن جُبَير رضي الله عنه قَالَ مَاتَ لي جَار مُوسر لم يحج فَلم أصل عَلَيْهِ
الْكَبِيرَة الثَّامِنَة عقوق الْوَالِدين
قَالَ الله تَعَالَى {وَقضى رَبك أَلا تعبدوا إِلَّا إِيَّاه وبالوالدين إحسانا} أَي براً بهما وشفقة وعطفاً عَلَيْهِمَا {إِمَّا يبلغن عنْدك الْكبر أَحدهمَا أَو كِلَاهُمَا فَلَا تقل لَهما أُفٍّ وَلَا تنهرهما} أَي لَا تقل لَهما بتبرم إِذا كبرا وأسنا وَيَنْبَغِي أَن تتولى خدمتهما مَا توليا من خدمتك على أَن الْفضل للمتقدم وَكَيف يَقع التَّسَاوِي وَقد كَانَا يحْملَانِ أذاك راجين حياتك وَأَنت إِن حملت أذاهما رَجَوْت مَوْتهمَا ثمَّ قَالَ الله تَعَالَى {وَقل لَهما قولاً كَرِيمًا} أَي ليناً لطيفاً {واخفض لَهما جنَاح الذل من الرَّحْمَة وَقل رب ارحمهما كَمَا ربياني صَغِيرا} وَقَالَ الله تَعَالَى {إِن اشكر لي ولوالديك إِلَيّ الْمصير}
فَانْظُر رَحِمك الله كَيفَ قرن شكرهما بشكره قَالَ ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما ثَلَاث آيَات نزلت مقرونة بِثَلَاث لَا تقبل مِنْهَا وَاحِدَة بِغَيْر قرينتها أَي (إِحْدَاهمَا) قَول الله تَعَالَى {أطِيعُوا الله وَأَطيعُوا الرَّسُول} فَمن أطَاع الله وَلم يطع الرَّسُول لم يقبل مِنْهُ (الثَّانِيَة) قَول الله تَعَالَى {وَأقِيمُوا الصَّلَاة وَآتوا الزَّكَاة} فَمن صلى وَلم يزك لم يقبل مِنْهُ (الثَّالِثَة) قَول الله تَعَالَى {إِن اشكر لي ولوالديك} فَمن شكر الله وَلم يشْكر لوَالِديهِ لم يقبل مِنْهُ وَلذَا قَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم رضى الله فِي رضى الْوَالِدين وَسخط الله فِي سخط الْوَالِدين وَعَن ابْن عَمْرو رضي الله عنهما قَالَ جَاءَ رجل يسْتَأْذن النَّبِي صلى الله عليه وسلم فِي الْجِهَاد مَعَه فَقَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَحَي والداك قَالَ نعم قَالَ ففيهما فَجَاهد مخرج فِي الصَّحِيحَيْنِ فَانْظُر كَيفَ فضل بر الْوَالِدين وخدمتهما على الْجِهَاد وَفِي الصَّحِيحَيْنِ أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ أَلا أنبئكم بأكبر الْكَبَائِر الْإِشْرَاك بِاللَّه وعقوق الْوَالِدين فَانْظُر كَيفَ قرن الْإِسَاءَة إِلَيْهِمَا وَعدم الْبر وَالْإِحْسَان بالإشراك وَفِي الصَّحِيحَيْنِ أَيْضا أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ لَا يدْخل الْجنَّة عَاق وَلَا منان وَلَا مدمن خمر وَعنهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَو علم الله شَيْئا أدنى من الأف لنهى عَنهُ فليعمل الْعَاق مَا شَاءَ أَن يعْمل فَلَنْ يدْخل الْجنَّة وليعمل الْبَار مَا شَاءَ أَن يعْمل فَلَنْ يدْخل النَّار وَقَالَ صلى الله عليه وسلم لعن الله الْعَاق
لوَالِديهِ وَقَالَ صلى الله عليه وسلم لعن الله من سب أَبَاهُ لعن الله من سب أمه وَقَالَ صلى الله عليه وسلم كل الذُّنُوب يُؤَخر الله مِنْهَا مَا شَاءَ إِلَى يَوْم الْقِيَامَة إِلَّا عقوق الْوَالِدين فَإِنَّهُ يعجل لصَاحبه يَعْنِي الْعقُوبَة فِي الدُّنْيَا قبل يَوْم الْقِيَامَة وَقَالَ كَعْب الْأَحْبَار رحمه الله إِن الله ليعجل هَلَاك العَبْد إِذا كَانَ عاقاً لوَالِديهِ ليعجل لَهُ الْعَذَاب وَإِن الله ليزِيد فِي عمر العَبْد إِذا كَانَ باراً بِوَالِديهِ ليزيده براً وَخيرا وَمن برهما أَن ينْفق عَلَيْهِمَا إِذا احتاجا فقد جَاءَ رجل إِلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَقَالَ يَا رَسُول الله إِن أبي يُرِيد أَن يحتاح مَالِي فَقَالَ صلى الله عليه وسلم أَنْت وَمَالك لأَبِيك وَسُئِلَ كَعْب الْأَحْبَار عَن عقوق الْوَالِدين مَا هُوَ قَالَ هُوَ إِذا أقسم عَلَيْهِ أَبوهُ أَو أمه لم يبر قسمهما وَإِذا أمره بِأَمْر لم يطع أَمرهمَا وَإِذا سألاه شَيْئا لم يعطهما وَإِذا ائتمناه خانهما وَسُئِلَ ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما عَن أَصْحَاب الْأَعْرَاف من هم وَمَا الْأَعْرَاف فَقَالَ أما الْأَعْرَاف فَهُوَ جبل بَين الْجنَّة وَالنَّار وَإِنَّمَا سمي الْأَعْرَاف لِأَنَّهُ مشرف على الْجنَّة وَالنَّار وَعَلِيهِ أَشجَار وثمار وأنهار وعيون وَأما الرِّجَال الَّذين يكونُونَ عَلَيْهِ فهم رجال خَرجُوا إِلَى الْجِهَاد بِغَيْر رضَا آبَائِهِم وأمهاتهم فَقتلُوا فِي الْجِهَاد فَمَنعهُمْ الْقَتْل فِي سَبِيل الله عَن دُخُول النَّار ومنعهم عقوق الْوَالِدين عَن دُخُول الْجنَّة فهم على الْأَعْرَاف حَتَّى يقْضِي الله فيهم أمره
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ أَن رجلاً جَاءَ إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَ يَا رَسُول الله من أَحَق النَّاس مني بِحسن الصُّحْبَة قَالَ أمك قَالَ ثمَّ من قَالَ أمك قَالَ ثمَّ من قَالَ أمك قَالَ ثمَّ من قَالَ أَبوك ثمَّ الْأَقْرَب فَالْأَقْرَب فحض على بر الْأُم ثَلَاث مَرَّات وعَلى بر الْأَب مرة وَاحِدَة وَمَا ذَاك إِلَّا لِأَن عناءها أَكثر وشفقتها أعظم مَعَ مَا تقاسيه من حمل وطلق وولادة ورضاعة وسهر ليل رأى ابْن عمر رضي الله عنهما قد حمل أمه على رقبته وَهُوَ يطوف بهَا حول الْكَعْبَة فَقَالَ يَا ابْن عمر أَترَانِي جَازَيْتهَا قَالَ وَلَا بِطَلْقَة وَاحِدَة من طلقاتها وَلَكِن قد أَحْسَنت وَالله يثيبك على الْقَلِيل كثيراً وَعَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَرْبَعَة نفر حق على الله أَن لَا يدخلهم الْجنَّة وَلَا يذيقهم نعيمها مدمن خمر وآكل الرِّبَا وآكل مَال الْيَتِيم ظلماً والعاق لوَالِديهِ إِلَّا أَن يتوبوا وَقَالَ صلى الله عليه وسلم الْجنَّة تَحت أَقْدَام الْأُمَّهَات وَجَاء رجل إِلَى أبي الدَّرْدَاء رضي الله عنه فَقَالَ يَا أَبَا الدَّرْدَاء إِنِّي تزوجت امْرَأَة وَإِن أُمِّي تَأْمُرنِي بِطَلَاقِهَا فَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاء سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول الْوَالِد أَوسط أَبْوَاب الْجنَّة فَإِن شِئْت فأضع ذَلِك الْبَاب أَو احفظه وَقَالَ صلى الله عليه وسلم ثَلَاث دعوات مستجابات لَا شك فِيهِنَّ دَعْوَة الْمَظْلُوم ودعوة الْمُسَافِر ودعوة الْوَالِد على وَلَده وَقَالَ
صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْخَالَة بِمَنْزِلَة الْأُم أَي فِي الْبر وَالْإِكْرَام والصلة وَالْإِحْسَان وَعَن وهب بن مُنَبّه قَالَ إِن الله تَعَالَى أوحى إِلَيّ مُوسَى صلوَات الله وَسَلَامه عَلَيْهِ يَا مُوسَى وقر والديك فَإِن من وقر وَالِديهِ مددت فِي عمره ووهبت لَهُ ولداً يوقره وَمن عق وَالِديهِ فصرت فِي عمره ووهبت لَهُ ولداً يعقه وَقَالَ أَبُو بكر بن أبي مَرْيَم قَرَأت فِي التَّوْرَاة أَن من يضْرب أَبَاهُ يقتل وَقَالَ وهب قَرَأت فِي التَّوْرَاة على من صك وَالِده الرَّجْم وَعَن عَمْرو بن مرة الْجُهَنِيّ قَالَ جَاءَ رجل إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَ يَا رَسُول الله أَرَأَيْت إِذا صليت الصَّلَوَات الْخمس وَصمت رَمَضَان وَأديت الزَّكَاة وَحَجَجْت الْبَيْت فَمَاذَا لي فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم من فعل ذَلِك كَانَ مَعَ النَّبِيين وَالصديقين وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ إِلَّا أَن يعق وَالِديهِ وَقَالَ صلى الله عليه وسلم لعن الله الْعَاق وَالِديهِ وَجَاء عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ رَأَيْت لَيْلَة أسرِي بِي أَقْوَامًا فِي النَّار معلقين فِي جُذُوع من نَار فَقلت يَا جِبْرِيل من هَؤُلَاءِ قَالَ الَّذين يشتمون آبَاءَهُم وأمهاتهم فِي الدُّنْيَا وَرُوِيَ أَنه من شتم وَالِديهِ ينزل عَلَيْهِ فِي قَبره جمر من نَار بِعَدَد كل قطر ينزل من السَّمَاء إِلَى الأَرْض ويروى أَنه إِذا دفن عَاق وَالِديهِ عصره الْقَبْر حَتَّى تخْتَلف فِيهِ أضلاعه وَأَشد النَّاس عذَابا يَوْم الْقِيَامَة ثَلَاثَة الْمُشرك وَالزَّانِي والعاق لوَالِديهِ وَقَالَ بشر مَا من رجل يقرب من أمه حَيْثُ يسمع كَلَامهَا إِلَّا كَانَ أفضل من الَّذِي يضْرب بِسَيْفِهِ فِي سَبِيل الله وَالنَّظَر إِلَيْهَا أفضل من كل شَيْء وَجَاء رجل وَامْرَأَة إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يختصمان فِي صبي لَهما فَقَالَ الرجل يَا رَسُول