الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أول من يخْتَصم يَوْم الْقِيَامَة الرجل وَامْرَأَته وَالله مَا يتَكَلَّم لسانها وَلَكِن يداها ورجلاها يَشْهَدَانِ عَلَيْهَا بِمَا كَانَت تعنت لزَوجهَا فِي الدُّنْيَا وَيشْهد على الرجل يَده وَرجله بِمَا كَانَ يولي زَوجته من خير أَو شَرّ ثمَّ يدعى بِالرجلِ وخدمه مثل ذَلِك فَمَا يُؤْخَذ مِنْهُم دوانيق وَلَا قراريط وَلَكِن حَسَنَات هَذَا الظَّالِم تدفع إِلَى هَذَا الْمَظْلُوم وسيئات هَذَا الْمَظْلُوم تحمل على هَذَا الظَّالِم ثمَّ يُؤْتى بالجبارين فِي مَقَامِع من حَدِيد فَيُقَال سوقوهم إِلَى النَّار وَكَانَ شُرَيْح القَاضِي يَقُول سَيعْلَمُ الظَّالِمُونَ حَتَّى من انتقصوا أَن الظَّالِم ينْتَظر الْعقَاب والمظلوم ينْتَظر النَّصْر وَالثَّوَاب وَرُوِيَ أَنه إِذا أَرَادَ الله بِعَبْدِهِ خيراً سلط الله عَلَيْهِ من يَظْلمه وَدخل طَاوس الْيَمَانِيّ على هِشَام بن عبد الْملك فَقَالَ لَهُ اتَّقِ الله يَوْم الْأَذَان قَالَ هِشَام وَمَا يَوْم الْأَذَان قَالَ قَالَ الله تَعَالَى {فَأذن مُؤذن بَينهم أَن لعنة الله على الظَّالِمين} فَصعِقَ هِشَام فَقَالَ طَاوس هَذَا ذل ذَا الصفة فَكيف بذل المعاينة يَا رَاضِيا باسم الظَّالِم كم عَلَيْك من الْمَظَالِم السجْن جَهَنَّم وَالْحق الْحَاكِم
فصل
فِي الحذر من الدُّخُول على الظلمَة ومخالطتهم ومعونتهم قَالَ الله تَعَالَى {وَلَا تركنوا إِلَى الَّذين ظلمُوا فتمسكم النَّار} والركون هَهُنَا السّكُون إِلَى الشَّيْء والميل إِلَيْهِ بالمحبة قَالَ ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما لَا تميلوا كل الْميل فِي الْمحبَّة ولين الْكَلَام والمودة وَقَالَ السدي وَابْن زيد لَا تداهنوا الظلمَة وَقَالَ عِكْرِمَة هُوَ أَن يطيعهم ويودهم وَقَالَ أَبُو الْعَالِيَة لَا ترضوا بأعمالهم فتمسكم النَّار فيصيبكم لفحها وَمَا لكم من دون الله من أَوْلِيَاء وَقَالَ ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما مَا لكم من مَانع يمنعكم من عَذَاب الله ثمَّ لَا تنْصرُونَ لَا تمْنَعُونَ من عَذَابه وَقَالَ الله تَعَالَى {احشروا الَّذين ظلمُوا وأزواجهم} أَي أشباههم وأمثالهم وأتباعهم وَعَن ابْن مَسْعُود رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم سَيكون أُمَرَاء يَغْشَاهُم غواش أَو حواش من النَّاس يظْلمُونَ ويكذبون فَمن دخل عَلَيْهِم
وَصدقهمْ بكذبهم وَأَعَانَهُمْ على ظلمهم فَلَيْسَ مني وَلست مِنْهُ وَمن لم يدْخل عَلَيْهِم وَلم يُعِنْهُمْ على ظلمهم فَهُوَ مني وَأَنا مِنْهُ وَعنهُ رضي الله عنه عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم من أعَان ظَالِما سلط عَلَيْهِ وَقَالَ سعيد بن الْمسيب رحمه الله لَا تملأوا أعينكُم من أعوان الظلمَة إِلَّا بإنكار من قُلُوبكُمْ لِئَلَّا تحبط أَعمالكُم الصَّالِحَة وَقَالَ مَكْحُول الدِّمَشْقِي يُنَادي مُنَاد يَوْم الْقِيَامَة أَيْن الظلمَة وأعوانهم فَمَا يبْقى أحد مد لَهُم حبراً أَو حبر لَهُم دَوَاة أَو بري لَهُم قَلما فَمَا فَوق ذَلِك إِلَّا حضر مَعَهم فَيجْمَعُونَ فِي تَابُوت من نَار فيلقون فِي جَهَنَّم وَجَاء رجل خياط إِلَى سُفْيَان الثَّوْريّ فَقَالَ إِنِّي رجل أخيط ثِيَاب السُّلْطَان هَل أَنا من أعوان الظلمَة فَقَالَ سُفْيَان بل أَنْت من الظلمَة أنفسهم وَلَكِن أعوان الظلمَة من يَبِيع مِنْك الإبرة والخيوط وَقد رُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَنه قَالَ أول من يدْخل النَّار يَوْم الْقِيَامَة السواطون الَّذين يكون مَعَهم الأسواط يضْربُونَ بهَا النَّاس بَين يَدي الظلمَة وَعَن ابْن عمر رضي الله عنهما قَالَ الجلاوزة وَالشّرط كلاب النَّار يَوْم الْقِيَامَة الجلاوزة أعوان الظلمَة وَقد رُوِيَ أَن الله تَعَالَى أوحى إِلَيّ مُوسَى عليه السلام أَن مر بني إسرائيل أَن لَا يَتْلُوا من ذكري فَإِنِّي أذكر من ذَكرنِي وَأَن ذكري إيَّاهُم أَن ألعنهم وَفِي رِوَايَة فَإِنِّي أذكر من ذَكرنِي مِنْهُم باللعنة وَجَاء عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَنه قَالَ لَا يقف أحدكُم فِي موقف يضْرب فِيهِ رجل مظلوم فَإِن اللَّعْنَة تنزل على من حضر ذَلِك الْمَكَان إِذا لم يدفعوا عَنهُ وَرُوِيَ عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَنه قَالَ أَتَى رجل فِي قَبره فَقيل لَهُ إِنَّا
ضاربوك مائَة ضَرْبَة فَلم يزل يتشفع إِلَيْهِم حَتَّى صَارُوا إِلَى ضَرْبَة وَاحِدَة فضربوه فالتهب الْقَبْر عَلَيْهِ نَارا فَقَالَ لم ضربتموني هَذِه الضَّرْبَة فَقَالُوا إِنَّك صليت صَلَاة بِغَيْر طهُور ومررت بِرَجُل مظلوم فَلم تنصره فَهَذَا حَال من لم ينصر الْمَظْلُوم مَعَ الْقُدْرَة على نَصره فَكيف حَال الظَّالِم وَقد ثَبت فِي الصَّحِيحَيْنِ عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَنه قَالَ انصر أَخَاك ظَالِما أَو مَظْلُوما فَقَالَ يَا رَسُول الله أنصره إِذا كَانَ مَظْلُوما فَكيف أنصره إِذا كَانَ ظَالِما قَالَ تَمنعهُ من الظُّلم فَإِن ذَلِك نَصره وَمِمَّا حُكيَ قَالَ بعض العارفين رَأَيْت فِي الْمَنَام رجلاً مِمَّن يخْدم الظلمَة والمكاسين بعد مَوته بِمدَّة فِي حَالَة قبيحة فَقلت لَهُ مَا حالك قَالَ شَرّ حَال فَقلت إِلَى أَيْن صرت قَالَ إِلَى عَذَاب الله قلت فَمَا حَال الظلمَة عِنْده قَالَ شَرّ حَال أما سَمِعت قَول الله عز وجل {وَسَيعْلَمُ الَّذين ظلمُوا أَي مُنْقَلب يَنْقَلِبُون} وَمِمَّا حُكيَ قَالَ بَعضهم رَأَيْت رجلاً مَقْطُوع الْيَد من الْكَتف وَهُوَ يُنَادي من رَآنِي فَلَا يظلمن أحداً فتقدمت إِلَيْهِ فَقلت لَهُ يَا أخي مَا قصتك قَالَ يَا أخي قصَّة عَجِيبَة وَذَلِكَ أَنِّي كنت من أعوان الظلمَة فَرَأَيْت يَوْمًا صياداً وَقد اصطاد سَمَكَة كَبِيرَة فأعجبتني فَجئْت إِلَيْهِ فَقلت أَعْطِنِي هَذِه السَّمَكَة فَقَالَ لَا أعطيكها أَنا آخذ بِثمنِهَا قوتاً لِعِيَالِي فضربته وأخذتها مِنْهُ قهراً ومضيت بهَا قَالَ فَبينا أَنا أَمْشِي بهَا حاملها إِذْ عضت على إبهامي عضة قَوِيَّة فَلَمَّا جِئْت بهَا إِلَى بَيْتِي وألقيتها من يَدي ضربت على إبهامي وآلمتني ألماً شَدِيدا حَتَّى لم أنم من شدَّة الْوَجْه والألم وورمت يَدي فَلَمَّا أَصبَحت أتيت الطَّبِيب وشكوت إِلَيْهِ الْأَلَم فَقَالَ هَذِه بَدْء الآكلة أقطعها وَإِلَّا تقطع يدك فَقطعت إبهامي ثمَّ ضربت على يَدي فَلم أطق النوم وَلَا الْقَرار من شدَّة الْأَلَم فَقيل لي إقطع كفك فقطعته وانتشر الْأَلَم إِلَى الساعد وآلمني ألماً شَدِيدا وَلم أطق الْقَرار وَجعلت أستغيث من شدَّة الْأَلَم فَقيل لي اقطعها إِلَى الْمرْفق فقطعتها