الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَكم غسلت عَنْك الْأَذَى بِيَمِينِهَا
وَمَا حجرها إِلَّا لديك سَرِير
…
وتفديك مِمَّا تشتكيه بِنَفسِهَا
وَمن ثديها شرب لديك نمير
…
وَكم مرة جاعت وأعطتك قوتها
حناناً وإشفاقا وَأَنت صَغِير
…
فآها لذِي عقل وَيتبع الْهوى
وآها لأعمى الْقلب وَهُوَ بَصِير
…
فدونك فارغب فِي عميم دعائها
فَأَنت لما تَدْعُو إِلَيْهِ فَقير
حُكيَ أَنه كَانَ فِي زمن النَّبِي صلى الله عليه وسلم شَاب يُسمى عَلْقَمَة وَكَانَ كثير الاجتهاد فِي طَاعَة الله فِي الصَّلَاة وَالصَّوْم وَالصَّدَََقَة فَمَرض وَاشْتَدَّ مَرضه فَأرْسلت امْرَأَته إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِن زَوجي عَلْقَمَة فِي النزع فَأَرَدْت أَن أعلمك يَا رَسُول الله بِحَالهِ فَأرْسل النَّبِي
صلى الله عليه وسلم عماراً وصهيباً وبلالاً وَقَالَ امضوا إِلَيْهِ ولقنوه الشَّهَادَة فَمَضَوْا إِلَيْهِ ودخلوا عَلَيْهِ فوجدوه فِي النزع فَجعلُوا يلقنونه (لَا إِلَه إِلَّا الله) وَلسَانه لَا ينْطق بهَا فأرسلوا إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يخبرونه أَنه لَا ينْطق لِسَانه بِالشَّهَادَةِ فَقَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم هَل من أَبَوَيْهِ أحد حَيّ قيل يَا رَسُول الله أم كَبِيرَة السن فَأرْسل إِلَيْهَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَقَالَ للرسول قل لَهَا إِن قدرت على الْمسير إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَإِلَّا فقري فِي الْمنزل حَتَّى يَأْتِيك قَالَ فجَاء إِلَيْهَا الرَّسُول فَأَخْبرهَا بقول رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَت نَفسِي لنَفسِهِ فدَاء أَنا أَحَق بإتيانه فتوكأت وَقَامَت على عَصا وَأَتَتْ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَسلمت فَرد عليها السلام وَقَالَ لَهَا يَا أم عَلْقَمَة أصدقيني وَإِن كذبتي جَاءَ الْوَحْي من الله
تَعَالَى كَيفَ كَانَ حَال ولدك عَلْقَمَة قَالَت يَا رَسُول الله كثير الصَّلَاة كثير الصيام كثير الصَّدَقَة قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَمَا حالك قَالَت يَا رَسُول الله أَنا عَلَيْهِ ساخطة قَالَ وَلم قَالَت يَا رَسُول كَانَ يُؤثر عَليّ زَوجته ويعصيني فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِن سخط أم عَلْقَمَة حجب لِسَان عَلْقَمَة عَن الشَّهَادَة ثمَّ قَالَ يَا بِلَال انْطلق واجمع لي حطباً كثيراً قَالَت يَا رَسُول الله وَمَا تصنع قَالَ أحرقه بالنَّار بَين يَديك قَالَت يَا رَسُول الله وَلَدي لَا يحْتَمل قلبِي أَن تحرقه بالنَّار بَين يَدي قَالَ يَا أم عَلْقَمَة عَذَاب الله أَشد وَأبقى فَإِن سرك أَن يغْفر الله لَهُ فارضي عَنهُ فوالذي نَفسِي بِيَدِهِ لَا ينْتَفع عَلْقَمَة بِصَلَاتِهِ وَلَا بصيامه وَلَا بِصَدَقَتِهِ مَا دمت عَلَيْهِ ساخطة فَقَالَت يَا رَسُول الله إِنِّي أشهد الله تَعَالَى وَمَلَائِكَته وَمن حضرني من الْمُسلمين أَنِّي قد رضيت عَن وَلَدي عَلْقَمَة فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم انْطلق يَا بِلَال إِلَيْهِ وَانْظُر هَل يَسْتَطِيع أَن يَقُول لَا إِلَه إِلَّا الله أم لَا فَلَعَلَّ أم عَلْقَمَة تَكَلَّمت بِمَا لَيْسَ فِي قَلبهَا حَيَاء مني فَانْطَلق فَسمع عَلْقَمَة من دَاخل الدَّار يَقُول (لَا إِلَه إِلَّا الله) فَدخل بِلَال فَقَالَ يَا هَؤُلَاءِ إِن سخط أم عَلْقَمَة حجب لِسَانه عَن الشَّهَادَة وَأَن رِضَاهَا أطلق لِسَانه ثمَّ مَاتَ عَلْقَمَة من يَوْمه فحضره رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَأمر بِغسْلِهِ وكفنه ثمَّ صلى عَلَيْهِ وَحضر دَفنه ثمَّ قَامَ على شَفير قَبره وَقَالَ يَا معشر الْمُهَاجِرين وَالْأَنْصَار من فضل زَوجته على أمه فَعَلَيهِ لعنة الله وَالْمَلَائِكَة وَالنَّاس أَجْمَعِينَ لَا يقبل الله مِنْهُ صرفاً وَلَا عدلاً إِلَّا أَن يَتُوب إِلَى الله عز وجل وَيحسن إِلَيْهَا وَيطْلب رِضَاهَا فرضى الله فِي رِضَاهَا وَسخط الله فِي سخطها فنسأل الله أَن يوفقنا لرضاه وَأَن يجنبنا سخطه إِنَّه جواد كريم رؤوف رَحِيم