الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولم يزل على حاله إلى أن مال من ابن العماد عموده، وحان خموده من اشتعال الشيب وجموده. توفي - رحمة الله تعالى - سنة سبع مئة.
ومولده سنة اثنتي عشرة وست مئة بالجبل.
أحمد بن عبد الدائم
ابن يوسف بن قاسم بن عبد الله بن عبد الخالق بن ساهل أمره شهاب الدين الكناني الشارمساحي، أبو يوسف.
كان هجاماً هجا، وجاماً للأعراض رجا، أبى إلى دمشق في أيام القاضي الخوئي فيما أظن، ودفع إليه ورقة فيها هجوه، فلما رآها دفعها إليه وأعادها عليه، فردها إليه ثانياً، فقال: يا مولانا كأنك ذاهل؟ فقال: بل عالم غير جاهل، فقال: ما الذي حملك على هذا؟ قال: رأيت الناس قد أجمعوا على كرهك، ووفود الشعراء على حرمك، ولست مجيداً في النظم فأعرف، واسمي أحمد فما أصرف، ولو مدحتك أعطيتني قليلاً ولم يعلم بي أحد، ولم يكن لي في الشهرة مُلتَحَد، فإذا هجوتك عَزرتني، وطوّفت بي وشهرتني، فيقال: هذا الذي هجا قاضي القضاة، وقابله بما لا ارتضاه، فأحس القاضي رحمه الله تعالى صِلَتَه وأسناها، وعلم أن هذا له طِباعٌ لا ينتهي عن الشر ولا يتناهى.
ولمّا عُزل القاضي شمس الدين محمد بن عدلان عن القضاء عند ورد الملك الناصر
من الكرك، صنع قصيدة، فتح فيها من الخجو القبيح وصيدَه، فاجتمع به وقال له: يا سيّدنا.
والله ما سرَّني عزلُ ابنِ عدلان.
فقال له الشيخ شمس الدين: حاشاكم يا مولانا جزاكم الله خيراً، فقال: من غير صَفعٍ ولا والله أرضاني.
فقال: قبَحك الله يا نَجِس. وله تلك القصيدة التي أولها:
متى يسمعُ السلطانُ شكوى المدارس
…
وأوقافُها ما بين عافٍ ودارس
وكان الشيخ العلاّمة أثير الدين قد توجَّه إلى الإسكندرية، فوقع الشَّناعُ أنه غرق في النيل، ودفن بقربه " بولة " وهي قرية على شاطئ النيل، فقال أبياتاً منها:
وقَد دَفنوا ذلك الخراء ببولةٍ
…
وحُقً لذاك المَيتِ تلك المقابرُ
أنشدني من لفظه لنفسه شيخنا العلاّمة أبو حّيان، قال: أنشدني المذكور لنفسه بدمياط سنة أربع وتسعين من قصيدة:
فُحَجّبةً بين التَّرائب والحَشا
…
فدمعي لها طلقٌ وقلبي بها رَهنُ
وحالُ الهوى ما ليس يُدرَك كُنههُ
…
وهل هو وهمٌ يعتري القلب أو وهن
ومسلكُه بالطَّرفِ سَهلٌ وإنما
…
له مَنهَج أعيا القُلوبَ به حُزنُ
لديه الأماني بالمنايا مَشُوَبةٌ
…
وفيه الرّجا والخوفُ واليأسُ والأمنُ
وكم مَهلَكٍ فيه يقينٌ لعاشقٍ
…
ومَطلبُه من دونهِ في الورى ظنٌ