الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إلى التظاهر بالشر،. والوثوب على أهل الأموال بالكر دون الفَرّ، وما أفاده خَيْر الباطن شيئاً مع شر الظاهر، ولا أعاده الدخول في الظلم لا إلى نجاسة الهلاك دون ما للنجاة من الطاهر. وقابل شخص المنيّة واعتنق، وخانه الزمان فأودعه السجن إلى أن اختنق.
بُرْناق الأمير سيف الدين المحمدي.
كان قد ورد إلى دمشق، ولمّا أُمسك الأمير سيف الدين جَرَكتمر المارداني في دمشق عند قدومه من الحجاز في سنة اثنتين وستين وسبع مئة جَهّز الأمير سيف الدين بُرناق معه إلى مصر، ولما عاد من ذلك رُسم له بنيابة قلعة دمشق، فلبس تشريفه بدار السعادة وتوجه إلى القلعة، وذلك في يوم الاثنين سادس عشري صفر سنة اثنتين وستين وسبع مئة، فأقام بها إلى أن توفي رحمه الله تعالى في عشية الأربعاء حادي عشر شعبان سنة اثنتين وستين وسبع مئة.
الألقاب والأنساب
ابن برق: والي دمشق شهاب الدين أحمد بن أبي بكر، والده أبو بكر بن أحمد.
ابن البُرْطاسي: شرف الدين عيسى بن عمر.
البرلّسي: برهان الدين إبراهيم بن أحمد ناظر بيت المال.
ابن البرهان: الطبيب محمد بن إبراهيم.
البَرَواني: الأمير علم الدين سنجر، وابنه بهاء الدين محمد بن القاسم.
البزاغي: التاجر الشاعر أحمد بن خليل.
بُزْلار بضم الميم الموحّدة وبعدها زاي ساكنة ولام وألف وراء: الأمير سيف الدين أمير سلاح الناصري أحد أمراء المئات ومُقَدّمي الألوف بالقاهرة.
كان قد وَرَدَ إلى دمشق في البريد نهار الجمعة عاشر شهر رجب الفرد سنة اثنتين وخمسين وسبع مئة ليُحلِّف الأمير سيف الدين أيْتِمش نائب دمشق والعساكر بها للسلطان الملك الصالح صالح ابن السلطان الملك الناصر محمد، ونول بالقصر الأبلق، وحلّف الناس، واحتفلوا بأمره، وقدّموا له أشياء مليحة، كل أحدٍ من المراء والمتعممين، وعاد ومعه شيء كثير من الخيل والقِماش وغير ذلك.
ولم يزل بمصر على حاله إلى أن توفي رحمه الله تعالى، وورد خبره إلى دمشق في أوائل ذي القعدة سنة ستّ وخمسين وسبع مئة.
وهو الذي ساعد الأمير سيف الدين طاز على إمساك بيبغاروس في سنة اثنتين وخمسين وسبع مئة لمّا كانوا في طريق الحجاز، وكان يُحدّث نَفْسَه بنيابة دمشق، فسبقه الأجل وأخذه على عَجَل.
بَزُوجبي بالباء الموحدة والزاي المفتوحة والواو الساكنة والجيم والياء: الأمير سيف الدين أحد أمراء العشرات بدمشق.
كان قد تقدّم في أيام قوصون وأعطاه طبلخاناه، فلمّا زالت دولة قوصون أُخرج إلى دمشق بطّالاً، ورُتّب له على سوق الغنم، في كل عشرون درهماً، وأقام إلى أن حَضَر الملك الصالح صالح إلى دمشق فأعطي عشرة، فأقام عليها إلى أن توفي رحمه الله تعالى يوم الثلاثاء سادس عشر شعبان سنة ست وخمسين وسبع مئة بدمشق، وتوفي ابنه بعده بجمعة واحدة.
بَشْتَاك بفتح الباء الموحدة وسكون الشين المعجمة وتاء ثالثة الحروف وبعدها ألف وكاف: الأمير سيف الدين الناصري.
قرّبه السلطان وأدناه وأعلى محلّه، وكان يسمّيه بعد موت بكتمر الساقي بالأمير في غيبته، وكان زائد التيه والصلف، لا يُكلّم أستاذ داره وكاتبه إلا بترجمان. وكانَ يَعرف بالعربي ولا يتكلّم به، وكان إقطاعه سبع عشرة طبلخاناه، اكبر من إقطاع قوصون، وما يعلم قوصون بذلك.
ولما مات الأمير سيف الدين بكتمر الساقي ورثه في جميع أحواله، في داره وإصطبله الذي على بركة الفيل، وفي امرأته أم أمير أحمد، واشترى جاريته خُوبي بستة آلاف دينار، وسيأتي ذكرها إن شاء الله تعالى، واخذ ابن بكتمر عنده. وكانت الشرقية تُحمى له بعد بكتمر الساقي.
وزاد أمرُه وعظُمَ وثقل على السلطان، وأراد الفتك به فما تمكّن، توجّه
إلى الحجاز، وأنفق في الأمراء وأهل الركب والفقراء والمجاورين بمكة والمدينة شيئاً كثيراً إلى الغابة، وأعطى من الألف دينار إلى الدينار على مراتب الناس وطبقاتهم. ولمّا عاد من الحجاز لم يَدْرِ به السلطان إلا وقد حضر إليه في نفر قليل من مماليكه، وقال: إنْ أردت إمساكي فها أنا قد جئت إليك برقبتي. فكَابَره السلطان وطيّب خاطرَهُ، ورُمي بأوابد ودواهي من أولاد الزنا، وكان السبب في تقدّمه أن قال السلطان يوماً لمجد الدين السلامي: يا مجد الدين، أريد أن تُحضر من البلاد مملوكاً يشبه بوسعيد - يعني ملك التتار -. فقال: هذا مملوكك بشتاك يشبهه، وكان ذلك سبباً لتقدمه.
وجرّده السلطان لإمساك الأمير سيف الدين تَنْكز، فحضر إلى دمشق بعد إمساكه هو وعشرة أمراء، ونزلوا القصر الأبلق، وفي خدمته الأمير سيف الدين أرقطاي وبَرسْبُغا وطاجار الدوادار وغيره. وحال نَزوله حلّف الأمراء كلهم للسلطان ولذريته، واستخرج ودائع تنكز وعرض حواصله ومماليكه وجواريه وخيله وكل ما يتعلق به، ووسّط طَغاي وجُنْغاي ملوكَيْ تنكز في سوق الخيل، ووسّط أوران أيضاً بحضوره يوم المواكب، وأقام بدمشق خمسة عشر يوماً أو حولها، وعاد إلى مصر، وبقي في نفسه من دمشق وما يجسر يفاتح في ذلك السلطان، فلمّا مرض السلطان وأشرف على الموت ألبس الأمير سيف الدين قوصون مماليكه، فدخل بشتاك وعرّف السلطان ذلك، فقال له: افعل أنت مثله، ثم إنه جمع بينهما وتصالحا قُدّامه، ونصّ السلطان على أنّ المُلك بعده لولده المنصور أبي بكر، فلم يوافق بشتاك، وقال: ما أريد إلاّ سيدي أحمد.
ولمّا مات السلطان وسُجّي، قام قوصون إلى الشُّبّاك، وطلب بشتاك، وقال: يا أمير تعالَ، أنا ما يجيء مني سلطان، لأني كنتُ أبيعُ الطسما والبُرغالي والكشاتوين. وأنت اشتريت مني، وأهل بلاد يعرفون ذلك مني، وأنتَ ما يجيء منك سُلطان لأنك كنت تبيع البوزا وأنا اشتريت منك، وأهل البلاد يعرفون ذلك منّا، ولا يكون سلطاناً من بيع الطسما والبُرغالي ولا مَن عُرف ببيع البوزا، وهذا أستاذنا هو الذي أوصى لمن هو أخبرُ به من أولاده، وهذا هو في ذمته وما يسعنا إلاّ امتثال أمره حيّاً وميتاً، وأنا فما أخالفك إن أردت أحمد أو غيره، ولو أردت تعمل كل يوم سلطاناً ما خالفتك. فقال بشتاك: كل هذا صحيح والأمر أمرك. وأحضر المصحف وحلفا عليه بعضاً لبعض، وتعانقا وتباوسا، ثم قاما إلى رِجلَيّ السلطان فقبلاهما ووضعا أبا بكر ابن السلطان على الكرسي، وباسا له الأرض، وحلفا له وسمّياه المنصور.
ثم إن بشتاك طلب من السلطان الملك المنصور نيابة دمشق، فرسم له بذلك وكتب تقليده، وبرّز إلى ظاهر القاهرة، وبقي هناك يومين ثلاثة، ثم إنه طلع إلى السلطان ليودّعه، فوثب عليه الأمير سيف الدين قطلوبغا الفخري، وأمسك سيفه، وتكاثروا عليه فأمسكوه وجهّزوه إلى الإسكندرية واعتقلوه بها، ثم إنه قُتل في الحبس في أول سلطنة الأشرف كُجُك في شهر ربيع الآخر تقريباً سنة اثنتين وأربعين وسبع مئة.
وكان رحمه الله تعالى شاباً أبيض اللون ظريفاً، مديد القامة نحيفاً، خفيف
اللحية كأنها عِذار، أوليقة عنبر دار بها البركار، على حركاته رشاقة، وفي سكناته لباقة، حَسَنَ العمّة يتعمّم الناسُ أنموذجها، وكأنهم يتناولون منها حلوى فالوذجها، إلا أنه رحمه الله كان غيرَ عفيف الفرج، زائد الهرج والمرج، لم يعفّ عن مليحة ولا قبيحة، ولم يدعْ أحداً يفوته ولو كانت بفرد عينٍ صحيحة، يمسك حتى نساء الفلاّحين، ومن هي من زوجات الملاّحين، واشتهر بذلك ورُمي فيه بأوابد، وأثار الناس عليه من ذلك لبؤاتٍ لوابد.
وكان زائد البذخ، منهمكاً على ما يقتضيه عنفوان الشبيبة والشرخ، كثير الصلف والتيه، لا يُظهر الرحمة ولا الرأفة في تأتّيه.
ولمّا توجه بأولاد السلطان ليفرجهم في دمياط رأيته في كل يوم يذبح لسَماطه خمسين رأس غنم، وفرساً لا بد منه، خارجاً عن الإوز والدجاج. وأخبرني سيف الدين طغاي مملوك الأمير شرف الدين حسين بن جندر، وكان أمير مجلس عنده قال: لنا راتبٌ في كل يوم من الفحم برسم المشوي مبلغ عشرين درهماً خارجاً عن الطوارئ، وأطلق له السلطان في كل بقجة قماش من اللفافة إلى الخف إلى القميص واللباس والملوطة والبغلَطاق والقباء، والقباء الفوقاني بوجه إسكندري على سنجاب طري بطرز زركش رقيق وكلوتة وشاش، ولم يزل يأخذها إلى أن مات السلطان، وأطلق له في يوم واحد ثمن قرية " يبنى " بساحل الرملة مبلغ ألف درهم، وهو أول أمير أمسك بعد وفاة الملك الناصر، وما أغنى المسكين عنه مالُه، وأوبقته في السجن أعماله. وقلتُ أنا فيه: