الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لم يزل في حاله، على صحته وانتحاله، إلى أن هانت من بان مصعب حياته، وتسلطت عليه من ثمرة الموت جناته.
وتوفي رحمه الله تعالى في شوال سنة ست وتسعين وست مئة.
ومولده سنة اثنتين وعشرين وست مئة.
ومن شعره ما كتبه في كمال الدين بن النجار وكيل بيت المال:
وكنا عهدنا أرض جلق روضة
…
بها الحسن يجري مطلقاً في عنانه
خشينا بها عين الكمال تصيبها
…
فما زال حتى ساءها بلسانه
أحمد بن إبراهيم بن عبد الرحمن
الشيخ القدوة عماد الدين بن العارف الواسطي الشافعي الصوفي نزيل دمشق.
لقي المشايخ وتعبد، ترك الرئاسة وتزهد، وقطع العلائق وتجرد، وكتب المنسوب حتى أخمل الحدائق، وأتى في طرسه بكل سطر على العقد فائق.
وكان يرتزق بنسخه، ويتبلغ منه بصيد فخه، ولا يحب الخوانق، ولا الاحتجاز ولو في دانق.
وتفقه للشافعي، ونظر في الروضة والرافعي، وكان عنده أدب يتحلى بقلائده وتتجلى محاسنه في فرائده، واختصر دلائل النبوة، والسيرة لابن
إسحاق مع القدرة والقوة، وتسلك به جماعة، ألف الضراعة من الرضاعة، ونابذ الاتحادية وأرباب المعقول، وقال فيهم ما أحبّ أن يقول.
عاش بضعاً وسبعين سنة، وعينه من الانقطاع عن الدنيا وسنة، ولم يزل على حاله إلى أن التقمته الأرض، وأودعته بطنها إلى يوم العرض.
وتوفي رحمه الله تعالى سنة إحدى عشرة وسبع مئة بالبيمارستان الصغير.
ومولده في سنة سبع وخمسين وست مئة بواسط، ومن شعره..
أحمد بن إبراهيم
ابن الزبير بن محمد بن إبراهيم بن عاصم.
الإمام العلامة المقرئ المحدّث النحوي الحافظ المنشئ، عالم الأندلس.
طلب العلم في صغره، وتلا بالسبع على الشيخ علي بن محمد الشاري، صاحب ابن عبيد الله الحجري، وعلى إسماعيل بن يحيى الأزدي العطار صاحب ابن حسنون.
وسمع من سعد بن محمد الحفار، ويحيى بن أبي الغصن، وإسحاق بن إبراهيم بن عامر الطوسي - فتح الطاء -، ومحمد بن عبد الرحمن بن جوير البلنسي، وإبراهيم بن محمد الكماد، والوزير عبد الرحيم بن عبد المنعم بن الغرس، وأحمد بن محمد السراج، المؤرخ أحمد بن يوسف بن فرتون، ومحمد بن أحمد بن خليل السكوني الكاتب، والقاضي محمد بن عبد الله الأزدي، والقاضي يحيى بن أحمد بن عبد الرحمن بن المُرابط، والحافظ أبي يعقوب المحساي، وطائفة سواهم.
قال لي العلامة شيخنا أثير الدين رحمه الله: كان يحرر اللغة، ويعلمني المنطق، يعني النطق بها. وكان أفصح عالم رأيته، وأشفعه على خلق الله تعالى.
وقال الشيخ شمس الدين الذهبي فيما أخبرني به: من مسموعاته السنن الكبير للنسائي سمعه من أبي الحسن الشاري بسماعه من أبي محمد بن عبد الله الحجري عن أبي جعفر البطروجي سماعاً متصلاً بينه وبين المصنف ستة، وعني بالحديث عناية
تامة، ونظر في الرجال، وفهم وأتقن، وجمع وألف. أخذ عنه أبو حيان وأبو القاسم محمد بن سهل الوزير، وأبو عبد الله محمد بن القاسم بن رمان، والزاهد أبو عمرو ابن المرابط وأبو القاسم بن عمران السبتي انتهى.
قلت: كان المذكور علامة عصره، وفريد دهره، ووحيد قطره. هو في القراءات عالمها الدرب، وبحرها الذي يبعث درة للمغترب.
وفي الحديث حافظه، وجامعه إذا رأى غيره وهو لافظه.
وفي أسماء الرجال جهبذها الناقد والساهر في شأنها وطرف النجم راقد.
والتاريخ قيم هذا الفن، وقانص ما سنح منه وما عنّ. وجمع تاريخاً ذيل به على ابن بشكوال في الصلة، وجعل النسخة بذلك إلى زمانه متصلة.
وفي النحو فريد فنونه المتشعبة، أفانينه المتلعبة، نظر فيه ودقق، وبحث وحقق، وحذف كثيراً من الفضول ومزق، وغاظ قلوب مناظريه وحرق.
وله مشاركة في أصولي الفقه والدين، وقوة نظرية فتت في عضد الملحدين.
وكان صباراً على محنه، واقفاً على أطلال الجلد ودمنه، يضحك تبسماً، ويشارك أصحابه في الخير مقسما، وعنده ورع زائد، وله عقل إلى الصواب قائد. ارتحل