الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
نال الوجاهة والصدارة وأصبح والناملُ تُومي إليه بالإشارة.
لم يزل على حاله إلى أن نزلت به الداهية الصمّا وأنزلته من عزته الشمّا، وتوفي رحمه الله تعالى سنة أربع عشرة وسبع مئة.
أحمد بن فَرْح
بالحاء المهملة، ابن أحمد بن محمد: الإمام الحافظ الزاهد، بقية السلف، شهاب الدين أبو العباس اللخمي الإشبيلي الشافعي.
أسره الفرنج سنة ست وأربعين وست مئة، وخُلّص وقَدِمَ مصر سنة بضع وخمسين.
وتفقه على الشيخ عز الدين بن عبد السلام. وسمع من شيخ الشيوخ شرف الدين الأنصاري الحموي، والمعين أحمد بن زين الدين، وإسماعيل بن عزون والنجيب بن الصقيل، وابن عِلاّن، بدمشق عن ابن عبد الدائم وخَلْق.
وعُني بالحديث وأتقن ألفاظه وعرف رواته وحفاظه، وفهم معانيه، وانتقد لآليه، وكان من كبار أئمة هذا الشأن وممن يجري فيه وهو طلق اللسان، هذا إلى
ما فيه من ديانة، وورع وصيانة، وكانت له حلقة أشغال بُكرةً بالجامع الأموي يلازمها ويحوم عليه من الطلبة حوائمها.
سمع عليه الشيخ شمس الدين الذهبي واستفاد منه، وروى منه في تصانيفه عنه، وعُرضت عليه مشيخة دار الحديث النورية فأباها ولم يقبل حبَاها، وكان بزيّ الصوفية، ومعه فقاهة بالشامية.
ولم يزل على حاله حتى أحزن الناسَ ابنُ فرح، وتقدم إلى الله وسَرَح، وشيّع الخلق جنازته، وتولّوا وضْعَه في القبر وحيازته.
وتوفي رحمه الله تعالى تاسع جمادى الآخرة سنة تسع وتسعين وست مئة.
ومولده سنة خمس وعشرين وست مئة.
وله قصيدة غزلية في صفات الحديث، سمعها منه الدمياطي واليونيني، وسمع منه البرزالي والمقاتلي والنابلسي وأبو محمد بن الوليد. ومات بتربة أم الصالح بالإسهال. والقصيدة المذكورة:
غرامي صحيحٌ والرَّجا فيك مُعْضَلُ
…
وحُزني ودَمعي مُطْلَق ومسَلسَلُ
وصَبري عنكم يشهَد العقلُ أنه
…
ضعيفٌ ومتروك وذُلّي أجملُ
ولا حَسَنٌ إلا سَماعُ حديثكم
…
مُشافهةً تُملى عليّ فأنقُلُ
وأمري موقوف عليك وليس لي
…
على أحدٍ إلاّ عليك المُعوَّلُ
ولو كان مرفوعاً إليك لكنت لي
…
على رغم عُذّالي ترق وتُعذَلُ
وعَذْل عَذولي منكرٌ لا أسيغه
…
وزُورٌ وتدليسٌ يُرَدُّ ويُهمَلُ
أقضّي زماني فيك متّصل الأسى
…
ومنقطعاً عمّا به أتوصّلُ
وها أنا في أكفان هَجرك مُدرج
…
تكلّفني ما لا أطيق فأحملُ
وأجريتَ دمعي بالدماء مدبَّجاً
…
وما هو إلا مُهْجَتي تتحلَّلُ
فمتفقٌ جفني وسهدي وعبرتي
…
ومفترَقٌ صَبْري وقلبي المبلبل
ومؤتلِفٌ شجوي ووجدي ولوعتي
…
ومختلفٌ حظي وما منك آمُلُ
خذ الوجد عني مسنداً ومعنعَنا
…
فغيري موضوع الهوى يتحيّل
وذي نبذٌ من مبهم الحب فاعتبر
…
وغامضه إن رمت شرحاً أحول
عزيزٌ بكم صبّ ذليلٌ لغيركم
…
ومشهور أوصاف المحب التذلّل
غريبٌ يُقاسي البُعد عنكِ وما له
…
وحقِّ الهوى عن داره متحوَّلُ
فرفقاً بمقطوع الوسائل ما له
…
إليك سبيلٌ لا ولا عنك نعدلُ
فلا زلت في عز منيع ورفعةٍ
…
وما ولت تعلو بالتجني فأنزل
أُورّي بسُعدى والرباب وزينبٍ
…
وأنت الذي تُعنى وأنت المؤمَّل
فخذ أوّلاً من آخرٍ ثم أولاً
…
من النصف منه فهو فيه مكمّلُ
أبرّ إذا أقسمت أني بحبّه
…
أهيم وقلبي بالصبابة يُشغَل
وقد ذكرت شرحها في الجزء الثلاثين من تذكرتي.