الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومنه:
نحن نسعى والسعيُ غيرُ مفيدٍ
…
إنْ أراد الإلهُ منعَ المغانم
وإذا ما الإله قدّر شيئاً
…
جاء سعياً إلى الفتى وهو نائم
قلت: شعر جيّد.
أحمد بن نصر الله بن باتكين
محيي الدين القاهري.
سمع حرز الأماني على سديد الدين عيسى بن أبي الرحم إمام جامع الحاكم.
كان شاعراً قادراً، ناظماً في فن الأدب ماهراً، كتب إلى أدباء عصره، وراجعه شعراء دهره، وكانت تدور بينهم كؤوس الأدب، لا كؤوس الجَنَب.
وأنشدني من لفظه العلاّمة أثير الدين، قال: أنشدني لنفسه:
أقسمتُ بالله وآياته
…
يمينَ برٍّ صادق لا يمينْ
لو زِدْتَ قلبي فوق ذا من أذىً
…
ما كنت عندي غير عيني اليمين
وأنشدني، قال: أنشدني لنفسه:
يا حفنَ مقلته سكرتَ فعربد
…
كيف اشتهيتَ على فؤادي الكمد
ورميتَ عن قوس الفتور فأصبحت
…
غَرَضاً لأسهمكَ القلوب فسدّدِ
لم تغضضِ الجفْن الكحيل تغاضياً
…
إلاّ لتقتلنا بسهم مغمَدِ
من لم يَبتْ بعذاب حُبّك قلبه
…
متنعّماً لا فاز منك بموعدِ
للصبّ أسوةُ خالٍ خدّك إنه
…
متنعّمٌ في جَمره المتوقّد
قلت: هذا يشبه قول عفيف الدين التلمساني:
قلبي المنعّم في هواك بناره
…
إنْ كان غيري في الهوى متألّم
للصبّ أسوةُ خالٍ خدّك إنه
…
في جمره متوقّداً متنعِّم
وكتب أبو الحسين الجزار إليه مُلغزاً:
وما شيءٌ له نقشٌ ونفسٌ
…
ويؤكل عَظْمه ويحكّ جلده
يؤدّبه الفتى إدراك سُؤْلٍ
…
وقد يلقى به ما لا يؤدّه
ويأخذ منه أكثره بحقٍّ
…
ولكن عند آخره يردّه
فكتب الجواب إليه محيي الدين المذكور:
أمولاي الأديب دعاء عبد
…
ودود لا يحول الدهرَ ودّه
يرى محض الثناء عليك فَرضاً
…
ولا يثني عِنان الشكر بُعده
لقد أهديتَ لي لغزاً بديعاً
…
يضلّ عن اللبيب لديه رُشده
وقد أحكمتَه دُرّاً نَضيداً
…
يُشنِّف مسمعي بالدُّرّ عقده
فشطرُ اللغز أخماسٌ ثلاث
…
للغزكَ إنْ تُردْ يوماً أحدُّه
وباقيه مع التصحيف كسْبٌ
…
إذا ما زدته حرفاً تعُدّه
هما ضدان يقتتلان وهْناً
…
ويضطجعان في فرْش تمدُّه
هما جيشان من زنجٍ ورومٍ
…
يُقابل كل قرنٍ منه ضدُّه
تقوم الحرب فيه كل حينٍ
…
ولا تَدْمى من الوقعات جُندُه
ويشتدّ القتال به طويلاً
…
ويحكم بالأصاغر فيه عقدُه
ويقتل ملكه في كل حينٍ
…
ويبعثه النشاط فيستردُّه
وما يُنجي الهمامَ به حُسام
…
وقد ينجي من الإتلاف بنده
ونصر الله في الهَيجا سجالٌ
…
فمن شاء الإله به يمدُّه
وهذا كلُّه حَسْبَ اجتهادي
…
وغاية فكرة الإنسان جُهْدُه
ونقلت من خطِّ الحافظ اليغموري قال: أنشدني محيي الدين أبو العبّاس الكاتب المصري لنفسه:
يا ناظراً في البيوت أعمى
…
عن كل خيرٍ وكل برِّ
أسود كالفحم فهو مأوى
…
كل شرار وكل شرِّ
ونفخ هذا الوزير فيه
…
أحرقَ كل الورى بجمرِ
ولم يزل محيي الدين المذكور على حاله إلى أن فرّق الموت بينه وبين ذويه، وتصرّف الوارث فيما كان يحتويه.
وتوفي رحمه الله تعالى سنة عشر وسبع مئة.
وكان المذكور قد تناثرت أطرافه وحاق به تبذيره وإسرافه، فأصبح